فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب الحثِّ على صلاة الوتر وبيان أنه سُنة مؤكدة وبيان وقته.

رقم الحديث -203 بكسر الواو لغة الحجاز وتميم وتفتح في لغة غيرهم، ووقته ما بين فعل فرض العشاء وطلوع الفجر الصادق، وأقله ركعة، وأكمله على الصحيح إحدى عشر ركعة ( وبيان أنه سنة متوكدة) أتى به من باب التفعل إيماء إلى مبالغة تأكده، كيف وقد قيل بوجوده ( وبيان وقته) الذي ينبغي فعله فيه اتباعاً مؤكداً.


رقم الحديث 1132 ( عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: قال: الوتر) أي صلاته ( ليس بحتم) أي فرض ( كصلاة المكتوبة) في كونها حتماً مفروضاً بل هي سنة، وفي الصحيح: لما سأله عن الصلوات المفروضات فقال خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال لا إلا أن تطوّع.
الحديث ( ولكن سن) بفتح المهملة وتشديد النون ( رسول الله) إن كان سن ماضياً فالعائد محذوف، وإن كان مصدراً فهي بمعنى المفعول مضاف لمرفوعه بعد تحويل إسناده عنه إلى الضمير، ثم بين ما استند إليه في ذلك فقال ( قال إن الله وتر) أي واحد ذاتاً وصفة وفعلاً ( يحب الوتر) ومن ثمة كان كل من مرات الطواف والسعي والرمي وتسبيحات الصلاة وصلاة الوتر وغيرها كذلك ( فأوتروا يا أهل القرآن) قال الخطابي: تخصيصه أهل القرآن بالأمر به يدل على عدم وجوبه إذ لو كان واجباً لعمهم وغيرهم، وأهل القرآن في العرف هم القراء والحفاظ دون العوام ( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن) وقدم هذا الحديث مع تأخره رتبة عما بعده من أحاديث الباب لتعلقه بصدر الترجمة من الحث وتأكيد الندب، للرد على القائلين بوجوبه.


رقم الحديث 1133 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: من) للتبعيض ( كل الليل قد أوتر رسول الله) أي صلاة في جميع أبعاضه في أوقات متعددة كما أشارت إلى ذلك بقولها على سبيل البدل بإعادة العامل ( من أول الليل ومن أوسطه ومن آخره) مرادها جميع أجزائه لا خصوص الجزء الأول والجزء الأوسط مثلاً دون ما بينهما، كما يدل على إرادة ذلك قولهاأول الحديث من كل الليل، ويجوز كون من ابتدائية، وكونها ظرفية.
وجوَّز في من الثانية كونها بيانية لمعنى البعضية، أو لكل بناء على أنها ابتدائية ( وانتهى وتره) أي فله الوتر ( إلى السحر) فكان يفعله فيه غالباً كما يعلم من روايات أخر، وإنما حملناه على هذا ليفيد فائدة لا تعلم من سابقه وهو قوله وآخره ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1134 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) فيسن جعله الأقل منه والأكمل بعد صلاة الليل التي يريد فعلها فيه من راتبة أو تراويح أو تهجد أو نفل مطلق، وكأن حكمة ذلك أن الوتر أفضل من هذه الصلوات الليلية، فندب وقوعه عقبها ليختم عمله بالأفضل فتعود عليه بركته ويجوز نفعه، وما ورد من صلاته أول الليل محمول على بيان الجواز ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1135 ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيّ قال: أوتروا قبل أن تصبحوا.
رواه مسلم)
ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه وهو قريب من حديث ابن عمر الآتي.


رقم الحديث 1136 ( وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يصلي صلاته بالليل) أي التهجد وبين التهجد والوتر عموم خصوص من وجه، فالوتر المأتي به بعد النوم جامع للأمرين، وقبل النوم وتر لا غير، والنفل بعد النوم من غير الوتر تهجد لا غير ( وهي معترضة بين يديه) أي بينه وبين القبلة ( فإذا بقي) أي من صلاته الليلية ( الوتر) أي صلاته ( أيقظها) فتوضأت ( فأوترت، رواه مسلم) .
( وفي رواية له) أي عنها أيضاً ( فإذا بقي الوتر قال: قومي) فيه بيان لإجمال قوله أيقظها في الرواية السابقة، إذ هو محتمل للإيقاظ بالقول وغيره كتحريكها ( فأوتري يا عائشة) وفي الإتيان بالفاء إيماء إلى طلب المبادرة بالوتر عقب الاستيقاظ لئلا يغلب عليه كسل النوم لو تماهل عنه فيفوته.


رقم الحديث 1137 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: بادروا الصبح بالوتر) أفاد زيادة على ما أفاده حديثه السابق من تأخير الوتر عن النفل المبالغة في تأخيره حتى طلب أن يبدر بفعله قبل طلوع الفجر، ومثله حديث أبي سعيد ( رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح) ووقع في «الجامع الصغير» في رمز مخرّجيه علامة مسلم بدل علامة أبي داود ولعله من قلم الناسخ.


رقم الحديث 1138 ( وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: من خاف) أي ظن أو توهم( أن لا يقوم) أي يستقيظ من نومه ( من آخر الليل) أي فيه أو استيقاظ مبتدأ منه ( فليوتر أوله) احتياطاً ومسارعة لأداء العبادة ( ومن طمع) بحسب عادته أو لوجود من يوقظه ( أن يقوم) أي في القيام ( آخره) أي الليل ( فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة) أي شهدها الملائكة المتعاقبون والذين ينزلون بالنفحات الإلهية والفيوض الربانية الدلول عليهم بقوله «إذا بقي ثلث الليل ينزل ربنا» الحديث ( وذلك) أي الوقت ( أفضل) أوقاته وضح فعلها حينئذ أفضل من فعلها في باقي الأوقات، قال أصحابنا: لو تعارض صلاة الجماعة في وتر رمضان والتأخير إلى آخر الليل فالتأخير أفضل من الجماعة فيه ( رواه مسلم) .
26