فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل الجهاد

رقم الحديث 1335 ( وعنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة) الباء فيه للسببية، أي: جعل الله ذلك سبباً لدخولهم إياها ( صانعه) بالنصب على الاتباع وبالرفع بالابتداء، أو النصب بتقدير أعني على القطع ( يحتسب في صنعه الخير) أي: يقصد بعمله التقرب إلى الله به وإثابته ( والرامي به ومنبله) بصيغة اسم الفاعل من التنبيل، قال في النهاية: يجوز أن يراد به الذي يرد النبل على الرامي من الهدف.
اهـ، وقال ابن رسلان: فالضمير عائد إلى الرامي، يقال: نبلته إذا ناولته السهم ليرمي به العدو، وقال البغوي: هو الذي يناول الرامي النبل، وهو يكون على وجهين: أحدهما: أن يقوم بجنب الرامي أو خلفه، فيناوله النبل واحداً بعد واحد.
عمرو الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من رمى بسهم في سبيل الله فقصر أو بلغ كان ذلك له نوراً يوم القيامة" وأخرج الحاكم في المستدرك من حديث أبي نجيح السلمي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من رمى بسهم في سبيل الله فله عدل محرر ومن بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة في الجنة" وأخرج ابن حبان من حديث كعب بن مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من رمى بسهم في سبيل الله كان كمن أعتق رقبة" أورد ذلك كله في الجامع الكبير.


رقم الحديث 1340 ( وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً) بفتح الخاء المعجمة والمهملة وسكون النون بينهما، وآخره قاف بوزن جعفر، حفير حول أسوار المدينة معرب كندة، كذا في القاموس، وهو هنا كناية أو مجاز مرسل عن البعد ( كما بين السماء والأرض) قال السيوطي في كتابة للهيئة السنية: أخرج ابن راهويه في مسنده، والبزار بسند صحيح وأبو الشيخ عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام" وأخرج أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي، وحسنه وابن ماجه وابن أبي عاصم في الستة وأبو يعلى وابن خزيمة ( أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله الرجل) ( ال) فيه للعهد الذهني نحوها في داخل السوق ( يقاتل للمغنم) أي: لأجل الغنيمة ( والرجل يقاتل ليذكر) أي: بين الناس ويشتهر ( والرجل يقاتل ليرى) بصيغة المجهول ( مكانه) نائب الفاعل، أي: مرتبته في الشجاعة ( وفي رواية) أي: لهما وهي التي أوردها المصنف في باب الإِخلاص، وقال: متفق عليه ( الرجل يقاتل شجاعة) أي: تحمله شجاعته على لقاء الأقران كما في رواية ( ويقاتل حمية) بفتح المهملة وكسر الميم وتشديد التحتية، أي: أنفة وغيرة ومحاماة عن نحو العشيرة ( ويقاتل غضباً) أي: للعقب القائم به ( فمن) من هؤلاء الأنواع معدود ( في سبيل الله) موعود بالثواب المرتب على المقاتلة فيه ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قاتل لتكون كلمة الله) أي: كلمة التوحيد، أي: لتكون الملة الحنيفية ( هي) ضمير فصل أتى به؛ لإفادة الحصر ( العليا فهو في سبيل الله) دون من قاتل لغرض دنيوي من طلب مغنم، أو حمية أو قاتل للرياء والسمعة ( متفق عليه) والحاصل أن المثاب من قاتل الكفار إيماناً واحتساباً، لا المقاتل لغرض دنيوي أو عرض دني.


رقم الحديث 1345 ( وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلاً) لم يسمه ابن رسلان في شرحه ( قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة) بكسر المهملة وبالتحتية، أراد مفارقة الوطن، والذهاب في ثانيهما: أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم فيوقعوا بهم وهم غارون، فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم، فإن كان من العدو طلب كانوا مستعدين للقائهم، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة، وقيل: يحتمل أن يكون عن قوم قفلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوهم من هو أكبر منهم عدداً، وقفلوا يستضيفوا إليهم عددا آخر من أصحابهم، ثم يكروا على عدوهم.
اهـ والمعنى الأول مذكور في الأصل ( رواه أبو داود بإسناد جيد) ورواه أحمد والحاكم في المسند، كما في الجامع الصغير ( القفلة: الرجوع) فيه تجوز والمراد أنها المرة منه وإلا فالرجوع هو المقفول.
في المصباح: قفل من سفره قفولاً من باب رجع، والاسم القفل بفتحتين ( والمراد الرجوع من الغزو بعد فراغه ومعناه) أي: ومعنى الحديث بجملته ( أنه يثاب في رجوعه بعد فراغه من الغزو) كما يثاب في ذهابه إليه لما في القفول من المعاني السابقة الداعية للإِثابة.


رقم الحديث 1351 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تتمنوا لقاء العدو) لئلا تفتتنوا عند لقائهم ( فإذا لقيتموهم) أي: إذا لقوكم لا عن طلب منكم، وتعرض له ( فاصبروا) أي: فأنتم حينئذ معانون، لأنكم مبتلون، وقريب منه حديث "لا تطلب الإِمارة به ثم زيد في عددهم، فأخبر به ثانياً ( المطعون) أي: الذي أصابه الطاعون، وهو وخز الجن ومحله ما لم يسمع به ببلد فيقدم عليه للنهي عن ذلك ( والمبطون) من مات بمرض البطن، وقيل: بالإِسهال ( والغريق) أي: منِ مات بالغرق ( وصاحب الهدم) أي: من مات تحته ( والشهيد في سبيل الله) المقاتل إيماناً واحتساباً ( متفق عليه) ورواه مالك والترمذي.