فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فَضلِ الذِّكْرِ والحثِّ عليه

رقم الحديث 1414 ( وعن سعد بن أبي وقاص) بفتح الواو والقاف المشددة آخره صاد مهملة هي كنية مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري ( رضي الله عنه قال: جاء أعرابي) هو ساكن البادية عربياً كان أو لا ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: علمني كلاماً أقوله) بالرفع جملة في موضع الصفة لكلام لنكارته، ولم يقيد القول بحال ولا زمان إيماءً إلى أن المطلوب قول يكون شأنه العموم ( قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له) قدمها على ما بعدها لأنها أشرف قرائنها، ولذا جعلت كلمة الإِسلام ومفتاح الجنة خصوصاً، وقد ضم إليها ما يزيد في تأكيد مدلولها من التوحيد بالحال المفردة فالجملة ( الله أكبر كبيراً) فصل هذه الجملة عما قبلها إيماءً، إلى استقلال كل جملة فيما سأل، وكبيراً بالموحدة منصوب على أنه مفعول مطلق عامله الوصف ( والحمد لله كثيراً) بالمثلثة إعرابه كإعراب كبيراً، ووصل هذه الجملة بما قبلها لمشاركتها لها في الدلالة على اتصاف الباري بأوصاف الكمال، ولما لم يشاركها فيه ما بعد فصلها كما يأتي، وبين كبيراً بالموحدة وكثيراً بالمثلثة جناس مصحف ومنه حديث "ارفع إزارك فإنه أنقى وأبقى وأتقى" ( وسبحان الله رب) أي: مالك وخالق ( العالمين) بفتح اللام اسم جمع لعالم لاختصاصه بالعقلاء من الجن والإِنس والملك، وعموم دلالة عالم على ما سوى الله تعالى من سائر الأجناس، والجمع لا يكون أخص من مفرده ( ولا حول) بالفتح أو الرفع أي: عن المعصية ( ولا قوة) بالفتح أو النصب أو الرفع عطفاً على حول على الوجه الأول وبما عدا النصب على الثاني، أي: على الإِتيان بالطاعة ( إلا بالله العزيز) أي: الذي لا يغالب في مراده ( الحكيم) الموقع للأشياء مواقعها بحسب حكمته البالغة، وفي الختم بهذين الاسمين رد لما اشتهر من ختم الحوقلة بالعلي العظيم كما بيناه سابقاً ، ومناسبة هذين للحوقلة أظهر؛ لأن شأن من كان عزيزاً حكيماً أن لا يصدر خير ولا يندفع شر إلاّ بقوته ( قال) أي: الأعرابي ( فهؤلاء) أي: الجمل ( لربي) لما فيها الثناء عليه مع إثبات الوحدانية له دون غيره بالجملة الأولى، وتنزيهه عما لا يليق به بالجملتين الأخيرتين ( فمالي) أي: فأي شيء أدعو به مما يعود لي بنفع ديني أو دنيوي؟ ( قال: قل اللهم اغفر لي) بدأ به، لأنه من باب التخلية بالمعجمة، وما بعده من قبيل التحلية بالمهملة.
والأول مقدم على الثاني كما تقدم نظيره في حكمة تقديم التسبيح على التحميد، وإنما قدمه في هذا الخبر على التسبيح لأنه لما شارك التكبير في إثبات الكمال، لذي الجلال ولذا عطفت جملته على جملة التكبير اقتضى قرنه به فتأخر عنه التسبيح ( وارحمني واهدني وارزقني) من عطف بعض أفراد الخاص على العام، لأن المراد بالرحمة غايتها من إرادة التفضل أو نفسه على الخلاف السابق مراراً، وخصا بالذكر لاشتمالهما على مهم الدين وهو الهداية التي هي الإِيصال إلى مرضاة الله تعالى، ومهم الدنيا من الرزق الذي ينتفع به، وبه قوام البدن وفي حصوله ستر الوجه عن الابتذال للغير ( رواه مسلم) قال الحافظ في تخريج أحاديث الأذكار بعد أن أخرجه وذكر أن مسلماً رواه قال: ورواه البزار، لكن وقع عنده العلي العظيم بدل العزيز الحكيم.


رقم الحديث 1417 ( وعن عبد الله بن الزبير) بضم الزاي القرشي الأسدي ( رضي الله عنهما أنه) بالفتح بدلاً مما قبله بدل اشتمال ( كان يقول دبر) بالنصب على الظرفية المكانية، لكونه شبيهاً بالمكان أي خلف ( كل صلاة حين يسلم) بدل من الظرف قبله، أي: عقب السلام ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله) فصل جملة الحوقلة عن الجملة قبلها، لأنها جنس آخر من الثناء وإن كان مدلولها ملزوماً لمدلول ما قبلها ( لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه) جملة حالية من مقدر أي أقوالها حال كوننا غير عابدين غيره، وفصل الضمير الممكن اتصاله، للدلالة على الحصر الذي لا يحصل إلاّ به، لأن المتصل لا يقع بعد إلا ( له النعمة) بكسر النون الخفض والدعة والمال وجمعها نعم وأنعم والتنعم الترفه.
والاسم النعمة بالفتح قاله في القاموس وشرعاً الأمر المسلتذ المحمود العاقبة.
مقتبس من قوله تعالى: ( وما بكم من نعمة فمن الله) ( وله الفضل) ضد النقص أي: له دون غيره الكمال المطلق فلا يعتريه النقص بوجه ( وله الثناء الحسن) بالمثلثة والنون والمد والتقييد بالحسن إطناب، فإن الثناء على الصحيح مختص بالجميل والذي في ضده نثاء بتقديم النون.
وقيل: بل يستعمل فيهما، وعليه العز بن عبد السلام والحديث يشهد له ( لا إله إلا الله مخلصين) تقدم نظيره آنفاً ( له الدين) فلا نعبد معه غيره ( ولو كره الكافرون) الواو الداخلة على لو، وإن الوصلية قيل: عاطفة على مقدر، وقيل: حالية، وصنيع السعد التفتازاني يدل على الثاني ( قال ابن الزبير) هو موصول بسند الحديث الموقوف قبله ( وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلل بهن) فيه تغليب له على باقي ما ذكر معه، لشرفه عليه أو لما كان ما معه أحوال مما ذكر فيه صار هو المقصود الأصلي وغيره كالقيد له ( دبر كلل صلاة) أي: مكتوبة كما في نسخة معتمدة من الرياض ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 1418 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين) من إضافة الصفة إلى الموصوف ( أتوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور) بضمتين جمع دثر أي الأموال الكثيرة ( بالدرجات العلا) بضم ففتح جمع عليا ( والنعيم المقيم) أي: الذي لا ينقطع ولا ينقضي وبينوا وجه ذلك بقولهم على سبيل الاستئناف البياني ( يصلون كما نصلي) ما يحتمل كونها مصدرية، وكونها موصولاً اسمياً، والعائد محذوف فالتشبيه على الأول في الفعل وعلى الثاني في المفعول ( ويصومون كما نصوم) أي: فساوونا في الأجر المرتب عليهما ( ولهم ذكوان بالمعجمة السمان الزيات الما سئل عن كيفية ذكرهن قال: يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر) قال: في فتح إلاله ما أفهمه.
كلامه من أن الإتيان بها مختلطات لا بكل نوع على حدته غير معمول به بالنسبة للأكمل، إذ هو أن يأتي بكل عدد على حدته.
قال القاضي عياض: وهو أولى من تأويل أبي صالح ( حتى يكون) اسمها مضمر يرجع لما دل عليه الكلام، أي: حتى يكون المأتي به ( منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين) قال البرماوي: هو منصوب في أكثر الروايات، ويروى بالرفع على أنه اسم كان.
والأول أظهر وأنه خبرها، وهو محتمل لما تقدم من أن المراد أن يكون من المجموع هذا العدد أو من كل من المركب من هذه الأنواع والثاني أقرب لكلامه ( متفق عليه) أخرجه البخاري في الصلاة، وكذا مسلم ورواه النسائي في اليوم والليلة، وللحديث طرق انفرد ببعضها مسلم عن البخاري في صحيحه، وذلك كرجاء بن حيوة عن أبي صالح، فقد أخرجه مسلم في صحيحه في الصلاة، والبخاري في الأدب المفرد ( وزاد مسلم في روايته) للحديث من طريق رجاء بن حيوة عن أبي صالح ( فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا) أي المؤمنون ( أهل الأموال بما فعلنا) فيه إطلاق الفعل على القول؛ لأنه فعل اللسان ( ففعلوا مثله) أي: فساوونا في العبادة التي فوقتنا عليهم لو أتينا بها دونهم وزادوا علينا بالعبادة المالية ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) المشار إليه إما الفضل الذي أرشدهم إليه - صلى الله عليه وسلم - وأن به يسبقون أي: ذلك الفضل بيده فله أن يخص به قائلاً دون قائل، فلا عليكم إن شركوكم في القول فإن الثواب المذكور مقصور على الفقراء، وأما تفضيل الجامعين بين عبادة البدن والمال.
ويبتني عليه الخلاف هل الفقير الصابر أفضل أو الغني الشاكر؟ الجمهور على الثاني لتعدي نفعه وقصور نفع الأول ( الدثور) بضمتين ( جمع دثر بفتح الدال) المهملة ( وإسكان الثاء المثلثة) وذلك كفلوس جمع فلس ( وهو) أي الدثر ( المال الكثير) تقدم بسط ذلك في حديث أبي ذر بقريب منه في شكوى فقراء المهاجرين من تقدم الأغنياء عليهم في ذلك في باب بيان كثرة طرق الخير.


رقم الحديث 1419 ( وعنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من سبح الله في دبر) بضم الدال المهملة والموحدة أي عقب ( كل صلاة) أي: مكتوبة ولا يضر الفصل بين المكتوبة والذكر عقبها بالراتبة ( ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين) العدد منصوب على المفعولية المطلقة ( وقال تمام المائة) منصوب على أنه مفعول له أي: لإتمامها ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه) تقدم أنه جمع خطيئة ( وإن كانت) أي: الخطايا في الكثرة ( مثل زبد البحر) وتقرر مراراً أن المكفر بالطاعات صغائر الذنوب المتعلقة بحق الله سبحانه ( رواه مسلم) وروى النسائي من حديث أبي هريرة "من سبح دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة وهلل مائة تهليلة غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر".


رقم الحديث 1420 ( وعن كعب بن عجرة) سبقت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: معقبات) قال المصنف: قال الهروي: قال شمر: معناه تسبيحات تفعل أعقاب الصلاة: وقال أبو الهيثم: سميت معقبات؛ لأنها تفعل مرة بعد أخرى.
اهـ قال العاقولي: وهي صفة أقيمت مقام المبتدأ الموصوف المحذوف، وخبره ( لا يخيب) من الخيبة، وهي الحرمان والخسران ( قائلهن أو) للشك بينه وبين قوله ( فاعلهن) والقول فعل اللسان، فيجوز إطلاق الفعل عليه، ولا يطلق عليه غالباً إلا إذا صار القول مستمراً ثابتاً، راسخاً رسوخ الفعل، ويحتمل أن تكون هذه الجملة صفة معقبات وقوله ( ديز كل صلاة مكتوبة) صفة أخرى أو خبر آخر أو متعلق بقائلهن ( ثلاثاً وثلاثين تسبيحة) مفعول مطلق للقائلين، نحو ضربته مائة ضربة.
ووقع في المصابيح بالرفع فجوز العاقولي إعرابه خبراً آخر لمعقبات، أو لمبتدأ محذوف أي: هن ثلاث وثلاثون ( وثلاثاً وثلاثين تحميدة وأربعاً وثلاثين تكبيرة رواه مسلم) وفي الجامع الصغير بعد أن أورده بلفظ "وثلاث وثلاثون تكبيرة" رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وفي الجامع الكبير بعد إيراده بلفظ "وأربع وثلاثون تكبيرة في دبر كل صلاة مكتوبة" ذكر مخرجيه المذكورين، وزادوا: ابن حبان في صحيحه.


رقم الحديث 1425 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول) على تقدير الجار أي: من قوله: ( في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) الصحيح أن رب منادى بحذف حرف النداء لا صفة لقوله اللهم عند سيبويه.
قال مكي: لأنه قد تغير بما في آخره، وقال أبو البقاء: لأن الميم تمنع من ذلك.
قال السفاقسي: يحتمل أن يريد لأنها فاصلة بين النعت والمنعوت، أو لأنها غيرته كما قال مكي، وقال بعضهم: لأنه لما اتصلت به الميم صار بمنزلة صوت نحو يا هناه، ويحتمل أن يكون هذا مراد مكي بقوله قد تغير بما في آخره، وأجاز المبرد والزجاج وصفه اهـ.
فيحتمل أن يكون قوله ربنا صفة اللهم ( اغفر لي) حذف المعمول طلباً للتعميم ( متفق عليه) زاد مسلم قوله: "يتأول القرآن" أي: "يكثر" ذلك مبيناً ما هو المراد من قوله تعالى: ( فسبح بحمد ربك واستغفره) أي: أتى بمقتضاه وهو وإن لم يقيد بحال من الأحوال، لكنه - صلى الله عليه وسلم - جعله في أفضل الأحوال، وهو الصلاة ليكون أبلغ في الامتثال، وأظهر في التعظيم والإِجلال، قال المصنف: ومعنى وبحمدك أي: وبتوفيقك لي وهدايتك وفضلك على سبحتك، لا بحولي وقوتي ففيه شكر الله تعالى على هذه النعمة والاعتراف بها، والتفويض إليه تعالى وأن كل الإِفضال له.
اهـ، وفي الحديث ندب هذا الذكر حال الركوع والسجود.


رقم الحديث 1426 ( وعنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس) بضم أولهما، وهو الأكثر، وبفتحه وهو الأقيس، وهما اسمان وضعا للمبالغة في النزاهة، والطهارة عن كل ما لا يليق بجلاله تعالى وكبريائه وعظمته وإفضاله، أي: ركوعي وسجودي لمن هو البالغ في النزاهة والطهارة المبلغ الأعلى ( رب الملائكة) الذين هم أعظم العوالم وأطوعهم لله تعالى وأدومهم على عبادته، ومن ثم أضيفت التربية إليهم بخصوصهم، ولا يستفاد منها فضل الملائكة على بني آدم لما تقرر، من أن سببها كونهم أعظم خلق الله فيما ذكر.
( والروح) جبريل لقوله تعالى: ( نزل به الروح الأمين) أو أعظم الملائكة خلقاً، أو حاجب لله تعالى يقوم بين يديه يوم القيامة، وهو أعظم الملائكة لو فتح فاه لوسع جميع الملائكة، فالخلق ينظرون إليه فمن مخافته لا يرفعون طرفهم إلى من فوقه، أو ملك له عشرة آلاف جناح، جناحان منهما ما بين المشرق والمغرب، له ألف وجه في كل وجه ألف لسان وعينان وشفتان، يسبحان الله إلى يوم القيامة.
أقوال هذه بعضها، وثمة أقوال أخر في تعيينه واتفقت على عظمه ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 1427 ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأما الركوع) بالرفع مبتدأ خبره ( فعظموا فيه الرب) أي: بذكر الثناء عليه والمبالغة في التنزيه والتقديس وأفضله: سبحان ربي العظيم وبحمده، وأقل السنة مرة، وأقل الكمال ثلاث، والأكمل إحدى عشرة، ويسن أن يأتي معه بقوله: "اللهم لك ركعت " الخ ويقدم عليه التسبيح، فإن اقتصر على أحدهما اقتصر على التسبيح، وثلاث تسبيحات معه أفضل من الاقتصار على التسبيح ( وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فيه فقمن) بفتح القاف والميم مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وبكسر الميم وصف يثنى ويجمع ويؤنث.
وكذا قمين أي: حقيق ( أن يستجاب لكم فيه) لما فيه من القرب المعنوي، المشار إليه بحديث "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" الحديث الآتي عقبه، ومن ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر فيه من الدعاء ( رواه مسلم) وهو قطعة من حديث وأوله "إلاّ أني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً".
فأما الركوع الخ، وقال المصنف في الأذكار وهذا الحديث هو مقصود الفصل ، وهو تعظيم الرب سبحانه وتعالى في الركوع يأتي لفظ كان، ولكن الأفضل أن يجمع بين الأذكار الواردة فيه إن تمكن من ذلك، بحيث لا يشق على غيره، فإن أراد الاقتصار فيستحب التسبيح ويستحب إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضاً آخر، وهكذا حتى يكون فاعلاً لجميعها.
وكذا ينبغي في أذكار جميع الأبواب اهـ ملخصاً.


رقم الحديث 1428 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أقرب ما يكون العبد من ربه) أقرب مبتدأ مضاف للمصدر المنسبك من ما وصلتها، والخبر محذوف وجوباً، أي: أقرب ما يكون العبد من ربه قرباً معنوياً حاصل إذا كان ( وهو ساجد) الجملة الحالية سادة مسد الخبر المحذوف، فلذا وجب حذفه.
والدليل على أنها ليست خبراً أن الجملة الواقعة خبراً لا يدخلها الواو، وأخذ منه رد القول بالجهة لله تعالى عن ذلك ( فأكثروا الدعاء) أي: فيه لأنه من مواطن الإِجابة، وظاهر أنه أولاً يقدم الذكر الوارد فيه وأفضله سبحان ربي الأعلى وبحمده، وأقل السنة مرة والكمال ثلاث، وأكمل ما يكون إحدى عشرة، ويزيد عليه قوله: اللهم لك سجدت الخ ( رواه مسلم) ورواه أبو داود والنسائي.


رقم الحديث 1429 ( وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده) تشريعاً للأمة أو لغيره مما تقدم قريباً ( اللهم اغفر لي ذنبي كله) توكيد للإِحاطة والشمول أتى به، لدفع توهم أن المراد به ذنب مخصوص، ولبيان أن العوم المفاد من إضافته مراد ( دقه) بكسر الدال المهملة، أي: صغيره وقدم سلوكاً للترقي في السؤال الدال على التدريج في ترجي الإِجابة، أو إشارة إلى أن الكبائر إنما تنشأ غالباً عن الصغائر، أو الإِصرار عليها وعدم المبالاة بها فهي وسيلة، والوسيلة من حقها التقدم ( وجله) بكسر الجيم أي: كبيره ( وأوله) وفي نسخة بحذف الواو ( وآخره وعلانيته) بتخفيف التحتية اسم مصدر علن ( وسره.
رواه مسلم)
.