فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل قيام الليل

رقم الحديث 1179 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: إذا قام أحدكم من الليل) أي لأجل قيامه أو فيه ( فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين) لإذهاب ما قد يبقى في الجسد من كسل النوم فتشد الأعصاب وتقوى الأعضاء من فتورها فتتوجه بكمال نشاط لصلاة الليل ( رواه مسلم) ورواه أحمد.


رقم الحديث 1180 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله إذا قام من الليل) للتهجد( افتتح صلاته بركعتين خفيفتين) لإذهاب أثر النوم وليدخل الصلاة بكمال النشاط/ والفتور أثر النوم طبع البشر فلا نقص فيه كسائر العوارض والأمراض ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 1181 ( وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله إذا فاتته الصلاة من الليل) المفعولة تهجداً ( من) تعليلية ( وجع أو غيره) كاشتغاله بأهم منه ( صلى من النهار) أي فيه ( ثنتي عشرة ركعة) يحتمل أنه يأتي بها قضاء لما فاته من نافلة الليل، فيؤخذ منه ندب قضاء النفل المؤقت، ويحتمل أنه لحوز ثوابه عوضاً عما فات من صلاة الليل لا قضاء عنه وعليه جرى ابن حجر في «شرح المشكاة» ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 1182 ( وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله: من نام من حزبه) بكسر المهملة وسكون الزاي.
قال في «النهاية» : هو ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد، والحزب النوبة في ورود الماء اهـ.
( أو عن شيء منه) أي ولو يسيراً ( فقرأه فيما) أي في وقت ( بين صلاة الفجر وصلاة الظهر) الظرف في محل الصفة لما، ويجوز كونها موصولة صفة لمحذوف: أي في الوقت الذي بين الوقت المذكور ( كتب) بالبناء للمجهول ( له كأنما قرأه من الليل) فيه استحباب تدارك النفل المؤقت، وأن ما ترك لعذر وقضى كتب بمحض الفضل كثواب المؤدي، وأتى بالكاف إيماء إلى نقص ثواب القضاء ولو لعذر عن ثواب الأداء ( رواه مسلم) والحديث سبق في باب المحافظة على الأعمال.


رقم الحديث 1183 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: رحم الله) جملة خبرية لفظاً دعائية معنى عدل عنها إلى الخبرية تفاؤلاً بالإجابة كأنها حصلت وأخبر عنها بما يخبر به عن الحاصل.. وفيه مزيد حث على الإتيان بما يذكر بالدعاء لفاعله ( رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته) للصلاة، فيه تعاون على البر والتقوى وإيثار اتباع الأمر الإلهي على الهوى النفساني ( فإن أبت) أي امتنعت من القيام ( نضح) أي رش ( في وجهها الماء) ليذهب عنها النوم الغالب لها ( رحم الله امرأة قامت من الليل) تتهجد ( فصلت وأيقظت زوجها) للصلاة ( فإن أبى) أي امتنع من أن يقوم ( نضحت في وجهه الماء.
رواه أبو داود بإسناد صححي)
ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في «المستدرك» كذا في «الجامع الصغير» ، ورواه الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري عن رسول الله قال «ما من رجل يستيقظ من الليل فيوقظ امرأته، فإن غلبها النوم نضح في وجهها الماء، فيقومان في بيتهما فيذكران الله عزّ وجل ساعة من الليل إلا غفر لهما» وهذا الحديث مطلق يشمل ذكر الله تعالى في الصلاة وخارجها كما في الآية، والنضح بالنون والضاد المعجمة وإهمال الحاء وإعجامها، قال في «فتح الباري» : قال الأصمعي: النضح بالمعجمة أكثر منه بالمهملة، وسوّى بينهما أبو زيد، وقال ابن كيسان: بالمعجمة لما ثخن، وبالمهملة لما رق: أي من الطيب ونحوه.


رقم الحديث 1184 ( وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله: إذا أيقظ الرجل أهله) هو أعم من امرأته، وفيه فضيلة أمر الرجل أهله بصلاة النوافل والتطوعات كما في الفرض ( من) جوف ( الليل فصلياً) أي كلاهما جميعاً، فعند النسائي «فصلياً جميعاً» ففيه اقتداءالمرأة بزوجها في النافلة، وفيه مشروعية الجماعة فيها، وقال ابن رسلان: قد يقال لا دلالة في جميعا على الجماعة لصدقه على فعلهما النافلة جماعة ومنفردين ( أو) شك من الراوي ( صلى) أي كل منهما ( ركعتين جميعاً) هكذا وقع/ ووجه الكلام فصلياً جميعاً أو صلى كل منهما منفرداً ركعتين ( كتب) بالإفراد وكذا هو بخط ابن رسلان في شرحه لسنن أبي داود، وفي نسخة من «الرياض» كتباً بألف التثنية ( في) جملة ( الذاكرين والذاكرات) أي المذكورين في قوله تعالى: { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات} ( الأحزاب: 35) وذكر الجلالة وكثيراً ليس في الراوية، وهذا من تفسير الكتاب بالسنة ( رواه أبو داود بإسناد صحيح) قال ابن رسلان: ورواه ابن حبان في «صحيحه والحاكم» ، وهذا الحديث من جملة الحديث قبله من حيث المعنى، ولعل الإتيان به على احتمال أن الرواية أو صلى بإفراد الفعل أفاد ظاهرها ترتب ثواب الرجل لإيقاظ امرأته على إيقاظها وصلاته سواء أصلت هي أم لا، والله أعلم.


رقم الحديث 1185 ( وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: إذا نعس أحدكم) قال في «المصباح» : حقيقة النعاس الوسن من غير نوم، يقال نعس ينعس من باب قتل والاسم منه النعاس، وقال الفقهاء: علامة النعاس سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهم معناه ( في الصلاة) التي تقوم بها بالليل ( فليرقد) ندباً ( حتى يذهب عنه النوم) وذلك أن لب الصلاة الخشوع والخضوع والحضور مع الله عزّ وجل، وإنما يكون ذلك مع النشاط وصحة اللب وسلامته من الكسل، وعلل الأمر بالرقاد بقوله ( فإن أحدكم إذا صلى) أي دخل في الصلاة ( وهو ناعس) حال من فاعل صلى ( لعله يذهب يستغفر) جملة لعل واسمها وخبرها في محل الخبر لإن، قال القاضي عياض: أي يدعو ( فيسبّ نفسه) بسبب غلبة النعاس وتلجلج اللسان عند إرادة النطق ( متفق عليه) ورواه مالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه.


رقم الحديث 1186 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا قام أحدكم من الليل) يتهجد ( فاستعجم القرآن) والتبس ( على لسانه فلم يدر) من النعاس القائم به ( ما يقول) من القرآن أو الذكر ( فليضطجع) لأن غلبة النعاس عليه تمنعه من تدبر القرآن، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها ( رواه مسلم) ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وختم الباب بهذين الحديثين إعلاماً بأن محل فضل القيام ما لم يكن في مثل هذا الحال، والله أعلم.
13