فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ

رقم الحديث 751 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.



رقم الحديث 752 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ.
حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.



رقم الحديث 754 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَإِذَا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ وَكَانَ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.



رقم الحديث 755 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يُلَبِّي وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.



رقم الحديث 757 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالسُّقْيَا وَهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ دَقِيقًا وَخَبَطًا، فَقَالَ هَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَلَى يَدَيْهِ أَثَرُ الدَّقِيقِ وَالْخَبَطِ فَمَا أَنْسَى أَثَرَ الدَّقِيقِ وَالْخَبَطِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ: أَنْتَ تَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: ذَلِكَ رَأْيِي.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ، وَيَحِلَّ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ.


( مالك عن جعفر) الصادق ( ابن محمد) الباقر ( عن أبيه) محمد بن علي بن الحسين وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك المقداد ولا عليًا لكنه في الصحيحين وغيرهما من طرق بنحوه ( أن المقداد بن الأسود) الصحابي الشهير البدري ( دخل على علي بن أبي طالب بالسقيا) بضم السين وإسكان القاف مقصور قرية جامعة بطريق مكة وفي البخاري عن سعيد بن المسيب أن ذلك كان بعسفان ( وهو ينجع) بفتح التحتية وسكون النون وفتح الجيم وعين مهملة من نجع كمنع وبضم أوله وكسر الجيم من أنجع أي يسقي ( بكرات له) جمع بكرة بالفتح والضم ولد الناقة أو الفتى منها أو الثني إلى أن يجذع أو ابن المخاض إلى أن يثنى أو ابن اللبون أو الذي لم يبزل ( دقيقًا وخبطًا) بفتح المعجمة والموحدة ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق أو غيره ويوخف بالماء ويسقى للإبل ويقال نجعت البعير إذا سقيته المديد وهو أن يسقيه الماء بالبزر أو السمسم أو الدقيق واسم المديد النجوع ( فقال) المقداد لعلي ( هذا عثمان بن عفان) أمير المؤمنين ( ينهى عن أن يقرن) بفتح أوله وكسر ثالثه أي الإنسان مبني للفاعل أو بضم أوله وفتح الراء مبني للمفعول والنائب قوله ( بين الحج والعمرة فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط) لاستعجاله لأنه كبر عليه نهيه عن أمر أباحه المصطفى ( فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه) فأطلق اليدين أولاً على ما يشمل الذراعين ( حتى دخل على عثمان بن عفان فقال أنت تنهى عن أن يقرن) بالبناء للمفعول أو الفاعل أي الإنسان ( بين الحج والعمرة) ولمسلم عن سعيد بن المسيب فقال علي ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عثمان دعنا عنك فقال إني لا أستطيع أن أدعك ( فقال عثمان ذلك رأيي فخرج علي مغضبًا) لأن معارضة النص بالرأي شديدة عندهم ( وهو يقول لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معًا) وللنسائي والإسماعيلي فقال عثمان تراني أنهى الناس وأنت تفعله قال ما كنت أدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد وللنسائي أيضًا ما يشعر بأن عثمان رجع عن النهي ولفظه فلبى علي وأصحابه بالعمرة فلم ينههم عثمان فقال علي ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع قال بلى وله من وجه آخر عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بهما جميعًا ولمسلم عن عبد الله بن شقيق قال أي عثمان بلى ولكن كنا خائفين قال الحافظ هي رواية شاذة فقد روى الحديث مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وهما أعلم من ابن شقيق فلم يقولا ذلك والتمتع والقران إنما كانا في حجة الوداع ولا خوف فيها وفي الصحيحين عن ابن مسعود كنا آمن ما يكون وقال القرطبي قوله خائفين أي من أن يكون من أفرد أكثر أجرًا ممن تمتع وهو جمع حسن على بعده انتهى.
وفي البخاري عن مروان بن الحكم شهدت عثمان وعليًا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما فلما رأى ذلك علي أهل بهما لبيك بحجة وعمرة قال ما كنت أدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد ففيه أنه نهى عن القران والتمتع معًا أو عطف مساوٍ على ما مر أن السلف كانوا يطلقون على القران تمتعًا لأن القارن يتمتع بترك السفر مرتين وفي قصة عثمان وعلي من الفوائد إشاعة العالم ما عنده من العلم وإظهاره ومناظرة ولاة الأمور وغيرهم في تحقيقه لمن قوي على ذلك لقصد مناصحة المسلمين والبيان بالفعل مع القول وجواز الاستنباط من النص لأن عثمان لم يخف عليه جواز القران والتمتع وإنما نهى عنهما ليعمل بالأفضل كما وقع لعمر لكن خشي على أن يحمل غيره النهي على التحريم فأشاع جواز ذلك فكل منهما مجتهد مأجور وفيه أن المجتهد لا يلزم مجتهدًا آخر بتقليده لعدم إنكار عثمان مع أنه الإمام حينئذ على علي رضي الله عنهما ( قال مالك الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة) أحرم بهما معًا أو أردفه بطوافها ( لم يأخذ من شعره شيئًا ويحلل) بكسر اللام ( من شيء) لأنه محرم ( حتى ينحر هديًا إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر) برمي جمرة العقبة ( مالك عن محمد بن عبد الرحمن) بن نوفل أبي الأسود يتيم عروة ( عن سليمان بن يسار) أحد الفقهاء التابعي ( أن رسول الله) أرسله سليمان وقد مر أن أبا الأسود وصله عن عروة عن عائشة أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج إلى الحج) في تسعين ألفًا ويقال مائة ألف وأربعة عشر ألفًا ويقال أكثر من ذلك حكاه البيهقي وهذا في عدة الذين خرجوا معه وأما الذين حجوا معه فأكثر المقيمين بمكة والذين أتوا من اليمن مع علي وأبي موسى وفي حديث إن الله وعد هذا البيت أن يحجه في كل سنة ستمائة ألف إنسان فإن نقصوا كملهم الله بالملائكة قال الحافظ في تسديد القوس هذا الحديث ذكره الغزالي ولم يخرجه شيخنا العراقي ( فمن أصحابه من أهل بحج) مفرد وهم أكثرهم ( ومنهم من جمع الحج والعمرة) قرن بينهما ( ومنهم من أهل بعمرة) فقط ( فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل) حتى كان يوم النحر ( وأما من كان أهل بعمرة فحلوا) لما طافوا وسعوا وحلقوا أو قصروا من لم يسق هديًا بإجماع ومن ساقه عند مالك والشافعي وجماعة قياسًا على من لم يسقه ولأنه يحل من نسكه فوجب أن يحل له كل شيء وقال أبو حنيفة وأحمد وجماعة لا يحل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر لما في مسلم عن عائشة مرفوعًا من أحرم بعمرة ولم يهد فليتحلل ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه ومن أهل بحج فليتم حجه وهو ظاهر فيما قالوه وأجيب بأن هذه الرواية مختصرة من الرواية الأخرى الآتية في الموطأ والصحيحين عن عائشة مرفوعًا من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا فهذه مفسرة للمحذوف من تلك وتقديرها ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهلل بالحج مع العمرة ولا يحل حتى ينحر هديه وهذا التأويل متعين جمعًا بين الروايتين لاتحاد القصة والراوي ( مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك) جائز ( له ما لم يطف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة) فإن طاف وصلى ركعتيه فليس له الإرداف ولا ينعقد وأولى إن سعى لها ولا قضاء عليه ولا دم لأنه كالعدم لأنه يصح الإهلال بالحج بعد سعي العمرة وقبل حلاقها لكن يحرم عليه الحلق حتى يفرغ من الحج وعليه الهدي فلو حلق وجب عليه هدي وفدية ( وقد صنع ذلك ابن عمر حين قال) كما رواه الإمام بعد ذلك عن نافع عنه أنه قال حين خرج إلى مكة معتمرًا في الفتنة ( إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) من التحلل حين حصرنا بالحديبية زاد في الرواية الآتية فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة عام الحديبية ثم نظر عبد الله في أمره فقال ما أمرهما إلا واحد ( ثم التفت إلى أصحابه فقال) مخبرًا لهم بما أدى إليه نظره ( ما أمرهما إلا واحد) بالرفع أي في حكم الحصر فإذا جاز التحلل في العمرة مع أنها غير محدودة بوقت فهو في الحج أجوز وفيه العمل بالقياس ( أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة) فأدخل الحج عليها قبل أن يعمل شيئًا من عملها وهو جائز باتفاق وإنما أشهد بذلك ولم يكتف بالنية لأنه أراد الإعلام لمن يريد الاقتداء به ( قال) ابن عمر محتجًا على إدخال الحج على العمرة ( وقد أهل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي بعضهم كما في حديث عائشة ( عام حجة الوداع بالعمرة ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة) التي أهل بها أي يدخلها عليها ( ثم لا يحل) من كل شيء حرم على المحرم ( حتى يحل منهما جميعًا) يوم النحر بتمام طواف الإفاضة.


رقم الحديث 757 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَى الْمَوْقِفِ.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.



رقم الحديث 759 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَدَا يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ مِنًى فَسَمِعَ التَّكْبِيرَ عَالِيًا، فَبَعَثَ الْحَرَسَ يَصِيحُونَ فِي النَّاسِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا التَّلْبِيَةُ.


( قطع التلبية)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن عوف الثقفي) الحجازي الثقة وليس له عن أنس ولا غيره سوى هذا الحديث الواحد ( أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة ( من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق ( في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم ( قال كان يهل المهل منا) أي يرفع صوته بالتلبية ( فلا ينكر عليه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية موسى بن عقبة لا يعيب أحدنا صاحبه وفي مسلم عن ابن عمر غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر ( ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) بالبناء للفاعل فيهما أي النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسخة بالبناء للمفعول كذا قال بعض الشراح واقتصر الحافظ على الثاني قال الشيخ ولي الدين ظاهر كلام الخطابي أن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذا الحديث وأن السنة في الغدو من منى إلى عرفات التلبية فقط وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية بل على جوازه فقط لأن غاية ما فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على التكبير وذلك لا يدل على استحبابه فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها وقال غيره يحتمل أن تكبيره هذا كان ذكرًا يتخلل التلبية من غير ترك لها وفيه بعد وهذا الحديث رواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي العيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وتابعه موسى بن عقبة عن محمد عند مسلم ورواه من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه كنا مع رسول الله في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهل فأما نحن فنكبر قال قلت والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله يصنع وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل منهما والذي كان يصنعه هو التلبية ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب) جده الأعلى وفيه انقطاع لأن محمدًا لم يدرك عليًا ( كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت) زالت ( الشمس من يوم عرفة قطع التلبية قال مالك وذلك) أي فعل علي ( الأمر الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة النبوية وقاله ابن عمر وعائشة وجماعة وقال الجمهور يلبي حتى يرمي جمرة العقبة لما في الصحيحين عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة ثم اختلفوا فقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري والشافعي يقطعها مع أول حصاة لظاهر قوله حتى بلغ الجمرة وقال أحمد وإسحاق يلبي إلى فراغ رميها لرواية أبي داود حديث الفضل لبى حتى رمى جمرة العقبة ولابن خزيمة عن الفضل أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة قال ابن خزيمة حديث صحيح مفسر لما أبهم في الرواية الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى الجمرة أي أتم رميها ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن) عمته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف) بعرفة بعد الزوال ففي فعلها وفعل علي ذلك وهما بالمكانة من النبي صلى الله عليه وسلم أقوى دليل على ترك العمل بحديث الفضل وإن كان صحيحًا قال أبو عبد الملك والمعنى في ذلك والله أعلم أن التلبية إجابة فهو يجيب إلى الأخذ في انتهاء المناسك ثم بعد ذلك التكبير والتهليل على ما بين عليه السلام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم) ويستمر على ذلك ( حتى يطوف بالبيت و) يسعى ( بين الصفا والمروة ثم) بعد السعي ( يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا) أي ذهب ( ترك التلبية) هذا في الحج ( وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) وبه قال مالك في المحرم من الميقات كما يأتي ( مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت) لعدم مشروعيتها في الطواف ولذا كرهها ابنه سالم ومالك وقال ابن عيينة ما رأيت أحدًا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب وأجازه الشافعي سرًا وأحمد وكان ربيعة يلبي إذا طاف وقال إسماعيل القاضي لا يزال الرجل ملبيًا حتى يبلغ الغاية التي يكون إليها استجابته وهي الوقوف بعرفة قاله أبو عمر ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني ثقة علامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة تكنى أم علقمة مقبولة الرواية ( عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة) بفتح النون وكسر الميم موضع قيل من عرفات وقيل بقربها خارج عنها ( ثم تحولت إلى الأراك) موضع بعرفة من ناحية الشام ( قالت وكانت عائشة تهل) تلبي ( ما كانت في منزلها) الموضع الذي نزلت فيه ( و) يهل ( من كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف) بعرفة ( تركت الإهلال) التلبية ( قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة) كما فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة) فتأتي مكة تفعل العمرة ثم تعود إلى المدينة لقوله تعالى { { الحج أشهر معلومات } } فيستحب تخليص أشهره كلها للحج وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك ( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري ( أن عمر بن عبد العزيز) الإمام العادل ( غدًا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس) بفتحتين جمع حارس أي الأعوان ( يصيحون) يصرخون ( في الناس أيها الناس إنها التلبية) فلا تبدلوها بالتكبير وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر على من كبر يومئذ لبيان الجواز.