فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّرْدِ

رقم الحديث 1749 حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ.


( مالك عن موسى بن ميسرة) الديلي بكسر الدال وسكون التحتية مولاهم أبي عروة المدني ثقة أثنى عليه مالك ووصفه بالفضل مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة ( عن سعيد) بكسر العين ( ابن أبي هند) الفزاري ثقة مات سنة ست عشرة ومائة وقيل بعدها ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنرد) بفتح النون وسكون الراء ودال مهملتين قطع ملونة من خشب البقس وعظم الفيل وغير ذلك ( فقد عصى الله ورسوله) لأنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويشغل القلب فيحرم اللعب به باتفاق السلف بل حكى بعضهم عليه الإجماع ونوزع وقيل سبب حرمته أن واضعه سابور بن أردشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يومًا والسواد والبياض بالليل والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان لأجلها واللعب بها بالكسب فصار من يلعب به حقيقًا بالوعيد لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله وهذا الحديث رواه أبو داود وغيره من طريق وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي ووهم من عزاه لمسلم إنما روي حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه قال النووي معناه في حال أكله منه فشبه اللعب في تحريمه بتحريم آكله وقال غيره هو كناية عن تذكيته وهي حرام فدل على تحريم اللعب به وهو نص حديث مالك فقد عصى الله ورسوله ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) العلامة الثقة عن أمه مرجانة مولاة عائشة مقبولة ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إنه بلغها أن أهل بيت في دارها كانوا سكانًا فيها وعندهم نرد فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها) أي النرد ( لأخرجنكم من داري وأنكرت ذلك عليهم) لأنه حرام ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا وجد أحدًا من أهله يلعب بالنرد ضربه) تعزيرًا على فعله الحرام ( وكسرها) لئلا يعود إلى اللعب بها هو أو غيره ( قال يحيى سمعت مالكًا يقول لا خير في الشطرنج) بكسر الشين وفتحها مع الإعجام والإهمال أربع لغات حكاها ابن مالك فالإعجام من المشاطرة كأن كل لاعب له شطر من القطع والإهمال من تسطير الرقعة بيوتًا عند التعبية وتعقب ذلك ابن بري بأن الأسماء الأعجمية لا تشتق من الأسماء العربية وبأنها خماسية واشتقاقها من الشطر يوجب أنها ثلاثية فتكون النون والجيم زائدتين وهذا بين الفساد ( وكرهها) تحريمًا وعليه الجمهور ونوزع صاحب البيان في إبقاء الكراهة على التنزيه ( وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية) استدلالاً { { فماذا بعد الحق إلا الضلال } } استفهام تقرير أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وقع في الضلال وقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الشطرنج وعليه الأئمة الثلاثة وحكى البيهقي إجماع الصحابة على ذلك قال بعضهم فمن نقل عن أحد منهم أنه رخص فيه فهو غالط فالبيهقي وغيره من علماء الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالاً بلا إسناد وإجماعهم كاف في الحجة وقد ورد فيه أحاديث وإن كان في بعضها ضعف وإرسال فذلك لا يمنع من الاستشهاد به والاعتبار لا سيما مع كثرة الطرق واشتهارها فما كان منها صالحًا فهو حجة بانفراده وما كان معللاً فإنه يقوى بتعدد طرقه وتغاير شيوخ مرسله وبالقياس على النرد بجامع الضد بل هو كما قال ابن عمر ومالك وغيرهما شر منه لأنه أبلغ في إفساد القلوب من النرد لاحتياجه إلى فكر وتقدير وحساب النقلات قبل النقل بخلاف النرد يلعب صاحبه ثم يحسب وذهب الشافعي إلى كراهته تنزيهًا على الصحيح المشهور عنه ما لم يواظب عليها وتعتبر بالعرف ولم يلعب مع معتقد تحريمه أو يكن على شكل الحيوان أو يهذي عليها بل حفظ اللسان عن الخنا والفحش والسفه وما لم يقترن به قمار ولم يلعبه على الطريق ولم يؤخر به صلاة وإلا حرم في الجميع زاد بعض الشافعية وما لم يلعبه مع الأراذل ولم يؤثر نحو حقد أو ضغينة أو يؤدي إلى إشارة للفظ لا يرضي.


رقم الحديث 1750 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَلَغَهَا: أَنَّ أَهْلَ بَيْتٍ فِي دَارِهَا كَانُوا سُكَّانًا فِيهَا، وَعِنْدَهُمْ نَرْدٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوهَا لَأُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ دَارِي، وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.


( مالك عن موسى بن ميسرة) الديلي بكسر الدال وسكون التحتية مولاهم أبي عروة المدني ثقة أثنى عليه مالك ووصفه بالفضل مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة ( عن سعيد) بكسر العين ( ابن أبي هند) الفزاري ثقة مات سنة ست عشرة ومائة وقيل بعدها ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنرد) بفتح النون وسكون الراء ودال مهملتين قطع ملونة من خشب البقس وعظم الفيل وغير ذلك ( فقد عصى الله ورسوله) لأنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويشغل القلب فيحرم اللعب به باتفاق السلف بل حكى بعضهم عليه الإجماع ونوزع وقيل سبب حرمته أن واضعه سابور بن أردشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يومًا والسواد والبياض بالليل والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان لأجلها واللعب بها بالكسب فصار من يلعب به حقيقًا بالوعيد لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله وهذا الحديث رواه أبو داود وغيره من طريق وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي ووهم من عزاه لمسلم إنما روي حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه قال النووي معناه في حال أكله منه فشبه اللعب في تحريمه بتحريم آكله وقال غيره هو كناية عن تذكيته وهي حرام فدل على تحريم اللعب به وهو نص حديث مالك فقد عصى الله ورسوله ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) العلامة الثقة عن أمه مرجانة مولاة عائشة مقبولة ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إنه بلغها أن أهل بيت في دارها كانوا سكانًا فيها وعندهم نرد فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها) أي النرد ( لأخرجنكم من داري وأنكرت ذلك عليهم) لأنه حرام ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا وجد أحدًا من أهله يلعب بالنرد ضربه) تعزيرًا على فعله الحرام ( وكسرها) لئلا يعود إلى اللعب بها هو أو غيره ( قال يحيى سمعت مالكًا يقول لا خير في الشطرنج) بكسر الشين وفتحها مع الإعجام والإهمال أربع لغات حكاها ابن مالك فالإعجام من المشاطرة كأن كل لاعب له شطر من القطع والإهمال من تسطير الرقعة بيوتًا عند التعبية وتعقب ذلك ابن بري بأن الأسماء الأعجمية لا تشتق من الأسماء العربية وبأنها خماسية واشتقاقها من الشطر يوجب أنها ثلاثية فتكون النون والجيم زائدتين وهذا بين الفساد ( وكرهها) تحريمًا وعليه الجمهور ونوزع صاحب البيان في إبقاء الكراهة على التنزيه ( وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية) استدلالاً { { فماذا بعد الحق إلا الضلال } } استفهام تقرير أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وقع في الضلال وقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الشطرنج وعليه الأئمة الثلاثة وحكى البيهقي إجماع الصحابة على ذلك قال بعضهم فمن نقل عن أحد منهم أنه رخص فيه فهو غالط فالبيهقي وغيره من علماء الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالاً بلا إسناد وإجماعهم كاف في الحجة وقد ورد فيه أحاديث وإن كان في بعضها ضعف وإرسال فذلك لا يمنع من الاستشهاد به والاعتبار لا سيما مع كثرة الطرق واشتهارها فما كان منها صالحًا فهو حجة بانفراده وما كان معللاً فإنه يقوى بتعدد طرقه وتغاير شيوخ مرسله وبالقياس على النرد بجامع الضد بل هو كما قال ابن عمر ومالك وغيرهما شر منه لأنه أبلغ في إفساد القلوب من النرد لاحتياجه إلى فكر وتقدير وحساب النقلات قبل النقل بخلاف النرد يلعب صاحبه ثم يحسب وذهب الشافعي إلى كراهته تنزيهًا على الصحيح المشهور عنه ما لم يواظب عليها وتعتبر بالعرف ولم يلعب مع معتقد تحريمه أو يكن على شكل الحيوان أو يهذي عليها بل حفظ اللسان عن الخنا والفحش والسفه وما لم يقترن به قمار ولم يلعبه على الطريق ولم يؤخر به صلاة وإلا حرم في الجميع زاد بعض الشافعية وما لم يلعبه مع الأراذل ولم يؤثر نحو حقد أو ضغينة أو يؤدي إلى إشارة للفظ لا يرضي.


رقم الحديث 1751 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ ضَرَبَهُ وَكَسَرَهَا قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الشَّطْرَنْجِ، وَكَرِهَهَا، وَسَمِعْتُهُ يَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا، وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْبَاطِلِ، وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: { { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } }

( مالك عن موسى بن ميسرة) الديلي بكسر الدال وسكون التحتية مولاهم أبي عروة المدني ثقة أثنى عليه مالك ووصفه بالفضل مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة ( عن سعيد) بكسر العين ( ابن أبي هند) الفزاري ثقة مات سنة ست عشرة ومائة وقيل بعدها ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنرد) بفتح النون وسكون الراء ودال مهملتين قطع ملونة من خشب البقس وعظم الفيل وغير ذلك ( فقد عصى الله ورسوله) لأنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويشغل القلب فيحرم اللعب به باتفاق السلف بل حكى بعضهم عليه الإجماع ونوزع وقيل سبب حرمته أن واضعه سابور بن أردشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يومًا والسواد والبياض بالليل والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان لأجلها واللعب بها بالكسب فصار من يلعب به حقيقًا بالوعيد لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله وهذا الحديث رواه أبو داود وغيره من طريق وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي ووهم من عزاه لمسلم إنما روي حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه قال النووي معناه في حال أكله منه فشبه اللعب في تحريمه بتحريم آكله وقال غيره هو كناية عن تذكيته وهي حرام فدل على تحريم اللعب به وهو نص حديث مالك فقد عصى الله ورسوله ( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) العلامة الثقة عن أمه مرجانة مولاة عائشة مقبولة ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إنه بلغها أن أهل بيت في دارها كانوا سكانًا فيها وعندهم نرد فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها) أي النرد ( لأخرجنكم من داري وأنكرت ذلك عليهم) لأنه حرام ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا وجد أحدًا من أهله يلعب بالنرد ضربه) تعزيرًا على فعله الحرام ( وكسرها) لئلا يعود إلى اللعب بها هو أو غيره ( قال يحيى سمعت مالكًا يقول لا خير في الشطرنج) بكسر الشين وفتحها مع الإعجام والإهمال أربع لغات حكاها ابن مالك فالإعجام من المشاطرة كأن كل لاعب له شطر من القطع والإهمال من تسطير الرقعة بيوتًا عند التعبية وتعقب ذلك ابن بري بأن الأسماء الأعجمية لا تشتق من الأسماء العربية وبأنها خماسية واشتقاقها من الشطر يوجب أنها ثلاثية فتكون النون والجيم زائدتين وهذا بين الفساد ( وكرهها) تحريمًا وعليه الجمهور ونوزع صاحب البيان في إبقاء الكراهة على التنزيه ( وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية) استدلالاً { { فماذا بعد الحق إلا الضلال } } استفهام تقرير أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وقع في الضلال وقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الشطرنج وعليه الأئمة الثلاثة وحكى البيهقي إجماع الصحابة على ذلك قال بعضهم فمن نقل عن أحد منهم أنه رخص فيه فهو غالط فالبيهقي وغيره من علماء الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالاً بلا إسناد وإجماعهم كاف في الحجة وقد ورد فيه أحاديث وإن كان في بعضها ضعف وإرسال فذلك لا يمنع من الاستشهاد به والاعتبار لا سيما مع كثرة الطرق واشتهارها فما كان منها صالحًا فهو حجة بانفراده وما كان معللاً فإنه يقوى بتعدد طرقه وتغاير شيوخ مرسله وبالقياس على النرد بجامع الضد بل هو كما قال ابن عمر ومالك وغيرهما شر منه لأنه أبلغ في إفساد القلوب من النرد لاحتياجه إلى فكر وتقدير وحساب النقلات قبل النقل بخلاف النرد يلعب صاحبه ثم يحسب وذهب الشافعي إلى كراهته تنزيهًا على الصحيح المشهور عنه ما لم يواظب عليها وتعتبر بالعرف ولم يلعب مع معتقد تحريمه أو يكن على شكل الحيوان أو يهذي عليها بل حفظ اللسان عن الخنا والفحش والسفه وما لم يقترن به قمار ولم يلعبه على الطريق ولم يؤخر به صلاة وإلا حرم في الجميع زاد بعض الشافعية وما لم يلعبه مع الأراذل ولم يؤثر نحو حقد أو ضغينة أو يؤدي إلى إشارة للفظ لا يرضي.