فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْجُمُعَةِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ

رقم الحديث 909 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى.
ثُمَّ يَغْدُو إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ
قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَأَنَّ الصَّلَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ.
وَإِنْ وَافَقَتِ الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ.
وَلَكِنَّهَا قَصُرَتْ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ: فِي إِمَامِ الْحَاجِّ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْضَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنَّهُ لَا يُجَمِّعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ.


( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو) بمعجمة يذهب وقت الغدوة ( إذا طلعت الشمس إلى عرفة) اتباعًا لما رواه هو وغيره من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فروى أحمد عن ابن عمر أنه كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمنى وفي الصحيحين عن أنس صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم التروية بمنى وفي مسلم عن جابر فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وركب صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وفي أبي داود والترمذي وأحمد والحاكم عن ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى ولأحمد عنه صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى خمس صلوات ولابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن الزبير قال من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر وما بعدها والفجر بمنى ثم يغدون إلى عرفة وقد استحب ذلك الأئمة الأربعة وغيرهم وأما قول أنس عند الشيخين افعل كما يفعل أمراؤك فإشارة إلى متابعة أولي الأمر والاحتراز عن مخالفة الجماعة وأن ذلك ليس بواجب وأن الأمراء إذ ذاك ما كانوا يواظبون على صلاة الظهر ذلك اليوم بمكان معين ( قال مالك والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الإمام لا يجهر بالقراءة في الظهر يوم عرفة) لأن الظهر سرية وأنه يخطب بالناس يوم عرفة بجامع نمرة يعلمهم فيها ما يفعلونه بعد ذلك وفي حديث جابر في مسلم وغيره حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي خطب الناس فقال إن دماءكم الحديث ففيه أنه يستحب للإمام أن يخطب يوم عرفة في هذا الموضع وبه قال الجمهور وهو قول المدنيين والمغاربة من المالكية وهو المشهور في المذهب خلافًا للعراقيين ومر تأويله فقول النووي خالف فيها المالكية فيه نظر فإنما هو قول العراقيين منهم والصحيح خلافه واتفق الشافعية أيضًا على استحبابها خلافًا لما يوهمه عياض والقرطبي وفي حديث جابر المذكور حجة للمالكية وغيرهم أن خطبة عرفة فردة إذ ليس فيه أنه خطب خطبتين وما روي في بعض طرقه أنه خطب خطبتين ضعيف قاله البيهقي وغيره ثم لا يرد أنه لم يبين في خبر جابر شيئًا من المناسك في هذه الخطبة فينافي قول الفقهاء أنه يعلمهم في خطب الحج ما يحتاجون إليه إلى الخطبة الأخرى لأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بفعله للمناسك عن بيانه بالقول لأنه أوضح واعتنى بما أهمه في الخطبة التي قالها والخطباء بعده ليست أفعالهم قدوة ولا الناس يعتنون بمشاهدتها ونقلها فاستحب لهم البيان بالقول ( وإن الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر وإن وافقت الجمعة فإنما هي ظهر ولكنها قصرت من أجل السفر) للإجماع على أن حجته صلى الله عليه وسلم كانت يوم الجمعة وفي مسلم وغيره في حديث جابر بعد ذكر الخطبة ثم أذن بلال ثم قام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصلِ بينهما شيئًا ( قال مالك في إمام الحاج إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم النحر أو بعض أيام التشريق) التي بعد يوم النحر ( إنه لا يجمع) بالتثقيل لا يصلي الجمعة ( في شيء من تلك الأيام) لأنه خلاف السنة ولأنه لا جمعة على مسافر.