فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب بلال بن رباح، مولى أبي بكر، رضي الله عنهما

( بابُُ مَناقِبِ بِلاَلِ بنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)

ورباح، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وَاسم أمه حمامة، كَانَت لبَعض بني جمح، وَقد مضى بَيَانه فِي الْبيُوع فِي: بابُُ الشِّرَاء وَالْبيع مَعَ الْمُشْركين، وَذكر ابْن سعد أَنه كَانَ من مولدِي الشراة، وَكَانَ أَبُو بكر اشْتَرَاهُ بِخمْس أَوَاقٍ.

وقالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث مضى فِي صَلَاة اللَّيْل، والدف، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْفَاء: السّير اللين، وَيُقَال: الخفق، وَإِنَّمَا قَالَ: بَين يَدي، ليبين أَنه يفعل ذَلِك.



[ قــ :3577 ... غــ :3754 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبِي سلَمَةَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ الْمُنْكَدِرِ أخْبَرَنَا جابِرُ ابنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ كانَ عُمَرُ يَقُولُ أبُو بَكْرٍ سَيِّدُنا وأعْتَقَ سَيِّدَنا يَعْنِي بِلاَلاً.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عمر أطلق على بِلَال بالسيادة وَهِي منقبة عَظِيمَة وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، وَاسم أبي سَلمَة دِينَار.
قَوْله: ( وَأعْتق سيدنَا) السَّيِّد الأول حَقِيقَة، وَالسَّيِّد الثَّانِي مجَاز، لِأَنَّهُ قَالَه تواضعاً، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَنه من سادة هَذِه الْأمة وَلَيْسَ أَنه أفضل من عمر، وَقيل: إِن السِّيَادَة لَا تثبت إلاَّ فَضِيلَة.





[ قــ :3578 ... غــ :3755 ]
- حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ قَيْسٍ أنَّ بِلالاً قَالَ لأبي بَكْرٍ إنْ كُنْتَ اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فأمْسِكْنِي وإنْ كُنْتَ إنَّما اشْتَرَيْتَنِي لله فدَعْنِي وعَمَلَ الله.


مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَدَعْنِي وَعمل الله) لِأَن كَلَامه هَذَا يدل على أَن قَصده التجرد إِلَى الله والاشتغال بِعَمَلِهِ، وَهُوَ منقبة غير قَليلَة.

وَابْن نمير هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَقد ذكر غير مرّة، وَمُحَمّد بن عبيد الطنافسي مر فِي بَدْء الْخلق وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَقيس هُوَ ابْن حَازِم.

قَوْله: ( إِن كنت اشتريتني؟) إِلَى آخِره هَذِه القَوْل من بِلَال كَانَ فِي خلَافَة أبي بكر، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة أَحْمد عَن أبي أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل بِلَفْظ: قَالَ بِلَال لأبي بكر حِين توفّي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَدَعْنِي) أَي: فاتركني، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: فذرني، وَهُوَ بِمَعْنى: دَعْنِي.
قَوْله: ( وَعمل الله) أَي: مَعَ عمل الله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَدَعْنِي وعملي لله، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: فذرني أعمل لله، وَذكر الْكرْمَانِي: أَرَادَ بِلَال أَن يُهَاجر من الْمَدِينَة فَمَنعه أَبُو بكر إِرَادَة أَن يُؤذن فِي مَسْجِد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِنِّي لَا أُرِيد الْمَدِينَة بِدُونِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا أتحمل مقَام رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَالِيا عَنهُ.
.

     وَقَالَ  ابْن سعد فِي ( الطَّبَقَات) : أَن بِلَالًا قَالَ: رَأَيْت أفضل عمل الْمُؤمن الْجِهَاد، فَأَرَدْت أَن أرابط فِي سَبِيل الله، وَأَن أَبَا بكر قَالَ لِبلَال: أنْشدك الله وحقي، فَأَقَامَ مَعَه بِلَال حَتَّى توفّي، فَلَمَّا مَاتَ أذن لَهُ عمر، فَتوجه إِلَى الشَّام مُجَاهدًا، وَتُوفِّي بهَا فِي طاعون عمواس سنة ثَمَان عشرَة، وَقيل: مَاتَ سنة عشْرين، وَالله أعلم.