فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا طار الشيء في المنام

( بابٌُ إذَا طارَ الشَّيْءُ فِي المَنامِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا طَار الشَّيْء من الرَّائِي فِي مَنَامه الَّذِي لَيْسَ من شَأْنه أَن يطير، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: يعبر بِحَسب مَا يَلِيق لَهُ، والترجمة لَيست فِيمَا إِذا رأى أَنه يطير.
قَالَ المعبرون: من رأى أَنه يطير فَإِنَّهُ كَانَ إِلَى جِهَة السَّمَاء من غير تعريج ناله ضَرَر، فَإِن غَابَ فِي السَّمَاء وَلم يرجع مَاتَ، وَإِن رَجَعَ أَفَاق من مَرضه، وَإِن كَانَ يطير عرضا سَافر ونال رفْعَة بِقدر طيرانه، فَإِن كَانَ بجناح فَهُوَ مَال أَو سُلْطَان يُسَافر فِي كنفه، وَإِن كَانَ بِغَيْر جنَاح فَهُوَ يدل عل التَّعْزِير فِيمَا يدْخل فِيهِ.



[ قــ :6663 ... غــ :7033 ]
- حدّثني سَعِيدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ، حدّثنا أبي، عنْ صالحٍ، عنِ أبي عُبَيْدَةَ بنِ نَشِيطٍ قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ الله بنُ عبدِ الله: سألْتُ عبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، عنْ رُؤْيا رسولِ الله الّتي ذَكَرَ؟ .

فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ذكِرَ لي أنَّ رسولَ الله قَالَ: بَيْنما أَنا نَائِمٌ رأيْتُ أنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُما وكَرِهْتُهُما، فأذِنَ لِي فَنَفَخْتُهمَا فَطارَا، فأوَّلْتُهُما كَذّابَيْنِ يَخْرُجانِ فَقَالَ عُبَيْدُ الله: أحَدُهُما العَنْسيُّ الّذِي قَتَلَهُ فَيَرُوزُ باليَمَنِ والآخَرُ مُسَيْلِمَةُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَنَفَخْتهمَا فطَارَا وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَإِسْكَان الرَّاء الْكُوفِي، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عَوْف، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن عُبَيْدَة بِضَم الْعين اسْمه عبد الله بن عُبَيْدَة بن نشيط بِفَتْح النُّون وَكسر الشين الْمُعْجَمَة على وزن عَظِيم، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: عَن أبي عُبَيْدَة، بالكنية وَالصَّوَاب ابْن عُبَيْدَة عبد الله أَخُو مُوسَى بن عُبَيْدَة، يُقَال: بَينهمَا فِي الْولادَة ثَمَانُون سنة، وَعبد الله الْأَكْبَر قَتله الحرورية بِقديد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَيُقَال: فيهمَا الربذي بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالذال الْمُعْجَمَة الْقرشِي العامري مَوْلَاهُم، وينسبون أَيْضا إِلَى الْيمن وَلَيْسَ لعبد الله هَذَا فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة.

وَمضى الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي فِي قصَّة الْعَنسِي، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ذكر لي على صِيغَة الْمَجْهُول، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: فَمَا حكم هَذَا الحَدِيث حَيْثُ لم يُصَرح باسم الذاكر؟ قلت: غَايَته الرِّوَايَة عَن صَحَابِيّ مَجْهُول الِاسْم، وَلَا بَأْس بِهِ، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول.

قَوْله: سواران تَثْنِيَة سوار.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى إسوران، وَفِي التَّوْضِيح وَقع هُنَا إسوران بِالْألف وَفِيمَا مضى وَيَأْتِي بِدُونِ الْألف وَهُوَ الْأَكْثَر عِنْد أهل اللُّغَة،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين فِي بابُُ النفخ.
قَوْله: فَوضع فِي يَده سِوَارَيْنِ، كَذَا عِنْد الشَّيْخ أبي الْحسن، وَعند غَيره: إسوران، وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ صَاحب التَّوْضِيح وَالَّذِي فِي الْأُصُول: سواران، بِحَذْف الْألف وَإِن كَانَ ابْن بطال ذكره بإثباتها،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: السوار بِالضَّمِّ وَالْكَسْر.
قَوْله: ففظعتهما بِكَسْر الظَّاء الْمُعْجَمَة أَي: استعظمت أَمرهمَا.
قَوْله: كَذَّابين قَالَ الْمُهلب: أَولهمَا بالكذابين لِأَن الْكَذِب إِخْبَار عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ بِهِ وَوَضعه فِي غير مَوْضِعه، والسوار فِي يَده لَيْسَ فِي مَوْضِعه لِأَنَّهُ لَيْسَ من حلي الرِّجَال، وَكَونه من ذهب مشْعر بِأَنَّهُ شَيْء يذهب عَنهُ وَلَا بَقَاء لَهُ، والطيران عبارَة عَن عدم ثبات أَمرهمَا والنفخ إِشَارَة إِلَى زَوَالهَا بِغَيْر كلفة شَدِيدَة لسُهُولَة النفخ على النافخ.
قَوْله: فَقَالَ عبيد الله هُوَ الْمَذْكُور فِي السَّنَد.
قَوْله: الْعَنسِي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون اسْمه الْأسود الصَّنْعَانِيّ وَكَانَ يُقَال لَهُ ذُو الْحمار لِأَنَّهُ علم حمارا إِذا قَالَ لَهُ اسجد؟ يخْفض رَأسه، قَتله فَيْرُوز الديلمي، ومسيلمة بن حبيب الْحَنَفِيّ الْيَمَانِيّ وَكَانَ صَاحب نيرنجات، وَهُوَ أول من أَدخل الْبَيْضَة فِي القارورة: قَتله وَحشِي قَاتل حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة مُسْتَوفى.