فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدعاء بعد الصلاة

( بابُُ الدُّعاءِ بَعْدَ الصلاَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء بعد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة.



[ قــ :5996 ... غــ :6329 ]
- ( حَدثنِي إِسْحَاق أخبرنَا يزِيد أخبرنَا وَرْقَاء عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالُوا يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات وَالنَّعِيم الْمُقِيم قَالَ كَيفَ ذَاك قَالُوا صلوا كَمَا صلينَا وَجَاهدُوا كَمَا جاهدنا وأنفقوا من فضول أَمْوَالهم وَلَيْسَت لنا أَمْوَال قَالَ أَفلا أخْبركُم بِأَمْر تدركون من كَانَ قبلكُمْ وتسبقون من جَاءَ بعدكم وَلَا يَأْتِي أحد بِمثل مَا جئْتُمْ إِلَّا من جَاءَ بِمثلِهِ تسبحون فِي دبر كل صَلَاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله تسبحون فِي دبر كل صَلَاة إِلَى آخِره وَإِسْحَق هُوَ ابْن مَنْصُور وَقيل ابْن رَاهَوَيْه وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن هرون وورقاء مؤنث الأورق ابْن عمر الْيَشْكُرِي وَسمي بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات السمان والْحَدِيث من أَفْرَاده قَالَ صَاحب التَّوْضِيح هَذَا الحَدِيث سلف فِي الصَّلَاة قلت الَّذِي سلف فِي الصَّلَاة تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَأَيْنَ ذَا من ذَاك قَوْله أهل الدُّثُور بِضَم الدَّال والثاء الْمُثَلَّثَة وَهِي الْأَمْوَال الْكَثِيرَة.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير الدُّثُور جمع دثر وَهُوَ المَال الْكثير يَقع على الْوَاحِد والاثنين وَالْجمع.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي الدثر الخصب قلت هَذَا الْمَعْنى فِي غير هَذَا الحَدِيث وَهُوَ فِي حَدِيث طهنة قَوْله وَابعث راعيها فِي الدثر وَهُوَ الخصب والنبات الْكثير قَوْله بالدرجات جمع دَرَجَة قَالَ الْجَوْهَرِي الدرجَة وَاحِدَة الدَّرَجَات وَهِي الطَّبَقَات من الْمَرَاتِب قلت المُرَاد هُنَا الْمَرَاتِب فِي الْجنَّة قَوْله وَالنَّعِيم أَرَادَ بِهِ مَا أنعم الله عز وَجل بِهِ عَلَيْهِم قَوْله قَالَ كَيفَ ذَاك أَي قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ ذَاك الَّذِي يَقُولُونَهُ قَوْله قَالُوا ويروى قَالَ قَوْله من فضول أَمْوَالهم أَي من زِيَادَة أَمْوَالهم قَوْله تسبحون إِلَى آخِره قيل هَذِه الْكَلِمَات مَعَ سهولتها كَيفَ تَسَاوِي الْأُمُور الشاقة من الْجِهَاد وَنَحْوه وَأفضل الْعِبَادَات أحمزها وَأجِيب بِأَنَّهُ إِذا أدّى حق الْكَلِمَات من الْإِخْلَاص لَا سِيمَا الْحَمد فِي حَال الْفقر وَهُوَ من أفضل الْأَعْمَال مَعَ أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست كُلية إِذْ لَيْسَ كل أفضل أحمز وَلَا الْعَكْس وَقيل مر فِي آخر كتاب صَلَاة الْجَمَاعَة من سبح أَو حمد أَو كبر ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَهَهُنَا قَالَ عشرا وَأجِيب بِأَن الدَّرَجَات كَانَت ثمَّة مُقَيّدَة بالعلا وَكَانَ أَيْضا فِيهِ زِيَادَة فِي الْأَعْمَال من الصَّوْم وَالْحج وَالْعمْرَة زَاد فِي عدد التسابيح والتحاميد وَالتَّكْبِير مَعَ أَن مَفْهُوم الْعدَد لَا اعْتِبَار لَهُ وَاعْلَم أَن التَّسْبِيح إِشَارَة إِلَى نفي النقائص عَن الله تَعَالَى وَهُوَ الْمُسَمّى بالتنزيهات والتحميد إِلَى إِثْبَات الكمالات
( تَابعه عبيد الله بن عمر عَن سمي) أَي تَابع سميا عبيد الله بن عمر الْعمريّ فِي رِوَايَته عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وروى هَذِه الْمُتَابَعَة مُسلم عَن عَاصِم بن النَّضر حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن فُقَرَاء الْمُهَاجِرين أَتَوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحَدِيث بِطُولِهِ فَإِن قلت كَيفَ هَذِه الْمُتَابَعَة وَفِيه تسبحون وتكبرون وتحمدون فِي دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتكبر الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ قلت الْمُتَابَعَة فِي أصل الحَدِيث لَا فِي الْعدَد الْمَذْكُور وَقد قَالُوا أَن وَرْقَاء خَالف غَيره فِي قَوْله عشرا وَأَن الْكل قَالُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ
( وَرَوَاهُ ابْن عجلَان عَن سمي ورجاء بن حَيْوَة) أَي روى الحَدِيث الْمَذْكُور مُحَمَّد بن عجلَان عَن سمي وَعَن رَجَاء بن حَيْوَة وَوَصله مُسلم قَالَ حَدثنَا قُتَيْبَة أخبرنَا اللَّيْث عَن ابْن عجلَان فَذكره مَقْرُونا بِرِوَايَة عبيد الله بن عمر كِلَاهُمَا عَن سمي عَن أبي صَالح قَالَ ابْن عجلَان فَحدثت بِهِ رَجَاء بن حَيْوَة فَحَدثني بِمثلِهِ عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة
( وَرَوَاهُ جرير عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح عَن أبي الدَّرْدَاء) أَي روى الحَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء الْأَسدي الْمَكِّيّ عَن أبي صَالح عَن أبي الدَّرْدَاء عُوَيْمِر الْأنْصَارِيّ وَوَصله النَّسَائِيّ عَن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَن جرير بِهِ قيل فِي سَماع أبي صَالح من أبي الدَّرْدَاء نظر
( وَرَوَاهُ سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي روى الحَدِيث الْمَذْكُور سُهَيْل مصغر سهل عَن أَبِيه أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة وَوَصله مُسلم عَن أُميَّة بن بسطَام أخبرنَا يزِيد بن زُرَيْع أخبرنَا روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم قَالُوا يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات الْعلي وَالنَّعِيم الْمُقِيم إِلَى آخِره ينظر فِيهِ -



[ قــ :5997 ... غــ :6330 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنِ المُسَيَّبِ بنِ رافِعٍ عنْ ورَّادٍ مَوْلى المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ المُغِيرَةُ إِلَى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفْيانَ: أوَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ، إذَا سَلَّمَ: لَا إِلَه إلاَّ الله وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهْوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أللَّهُمَّ لَا مانِعَ لما أعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ.

وَقَالَ شُعَبَةُ: عنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ المُسَيَّبَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَانَ يَقُول فِي دبر كل صَلَاة إِذا سلم) .
وَالْمُسَيب بِفَتْح الْيَاء آخر الْحَرْف الْمُشَدّدَة ابْن رَافع الْكَاهِلِي الصوام القوام، مَاتَ سنة خمسين وَمِائَة، ورواد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء وبالدال الْمُهْملَة مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة وكاتبه.

والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ الذّكر بعد الصَّلَاة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة، قَالَ: أملي عَليّ الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي كتاب أبي مُعَاوِيَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول ... الحَدِيث، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فِي دبر كل صَلَاة) فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: فِي دبر صلَاته.
قَوْله: ( مِنْك) أَي: بذلك وَهَذِه تسمى بِمن الْبَدَلِيَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: { أرضيتم بِالْحَيَاةِ.
.
الْآخِرَة}
( التَّوْبَة: 38) .

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْجد يُفَسر بالغنى وَيُقَال: هُوَ الْحَظ أَو البخت، وَمن بِمَعْنى الْبَدَل أَي: لَا يَنْفَعهُ حَظّ بذلك أَي: بدل طَاعَتك.
.

     وَقَالَ  الرَّاغِب الْأَصْفَهَانِي: قيل: أَرَادَ بالجد الأول أَبَا الْأَب وَأَبا الْأُم أَي: لَا يَنْفَعهُ أجداد نسبه كَقَوْلِه تَعَالَى: { ( 3) فَلَا أَنْسَاب بَينهم} ( الْمُؤْمِنُونَ: 101) وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الِاجْتِهَاد أَي: لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اجْتِهَاده، إِنَّمَا يَنْفَعهُ رحمتك.

قَوْله: ( وَقَالَ شُعْبَة) أَي: بالسند الْمَذْكُور عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر قَالَ: ( سَمِعت الْمسيب) بن رَافع، وَرَوَاهُ أَحْمد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر أخبرنَا شُعْبَة بِهِ، وَلَفظه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سلم قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ ... الحَدِيث.