فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول المقرئ للقارئ حسبك

( بابُُ قَوْل المُقْرِىء لِلقارِىء: حَسْبُكَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول المقرىء وَهُوَ الَّذِي يقرىء غَيره للقارىء الَّذِي يقْرَأ: حَسبك أَي: يَكْفِيك.



[ قــ :4781 ... غــ :5050 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُف حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبرَاهيمَ عنْ عَبِيدَةَ عنْ عبْدِ الله ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ علَيَّ.
قُلْتُ: يَا رسولَ الله! اقْرَأُ عَليْكَ وعَليْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: نعَمْ فَقَرأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتيْتُ إِلَى هاذِه الآيَةَ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَاؤُلاءِ شَهِيداً} ( النِّسَاء: 14) قَالَ: حَسْبُكَ الآنَ، فالْتَفَتُّ إِلَيْه فإِذَا عَيْناهُ تَذْرِفانِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ مَسْعُود: ( حَسبك) وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَسليمَان، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَعبيدَة، بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: السَّلمَانِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مر فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( تَذْرِفَانِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وبالفاء أَي: تسيلان دمعا، من ذرفت الْعين تذرف إِذا سَالَ دمعها.
فَإِن قلت: مَا وَجه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ مَسْعُود: ( حَسبك) عِنْد وُصُوله إِلَى الْآيَة الْمَذْكُورَة؟ قلت: تَنْبِيها على الموعظة وَالِاعْتِبَار فِي هَذِه الْآيَة، وَلِهَذَا بَكَى وبكاؤه إِشَارَة مِنْهُ إِلَى معنى الْوَعْظ لِأَنَّهُ تمثل لنَفسِهِ أهوال يَوْم الْقِيَامَة وَشدَّة الْحَال الداعية لَهُ إِلَى شَهَادَته لأمته بتصديقه وَالْإِيمَان بِهِ وسؤاله الشَّفَاعَة لَهُم ليربحهم من طول الْموقف وأهواله، وَهَذَا أَمر يحِق لَهُ طول الْبكاء والحزن.