فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب البيع والشراء مع النساء

( بابُُ الْبَيْعِ والشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم البيع وَالشِّرَاء بِالنسَاء.



[ قــ :2071 ... غــ :2155 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ قالَتْ عائِشَةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا دخَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَرِي وأعْتِقي فإنَّ الوَلاَءَ لِمَنْ أعْتَقَ ثُمَّ قامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الْعَشِيِّ فأثْنَى على الله بِما هُوَ أهْلُهُ ثمَّ قَالَ مَا بالُ أنَاسٍ يشْتَرِطُونَ شُروطا لَيْسَ فِي كِتَابِ الله منِ اشْتَرَطَ شرْطا لَيْسَ فِي كِتَابِ الله فَهْوَ بَاطِلٌ وإنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شرْطٍ شَرْطُ الله أحَقُّ وأوْثَقُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( اشْترى) ، يُخَاطب بِهِ عَائِشَة، وَالْبيع وَالشِّرَاء كَانَ فِي بَرِيرَة حَيْثُ اشترتها عَائِشَة من أَهلهَا وَصدق البيع وَالشِّرَاء هُنَا من النِّسَاء مَعَ الرِّجَال،.

     وَقَالَ  بَعضهم: شَاهد التَّرْجَمَة مِنْهُ قَوْله: ( مَا بَال رجال يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله؟) لإشعاره بِأَن قصَّة الْمُبَايعَة كَانَت مَعَ رجال، وَكَانَ الْكَلَام فِي ذَلِك مَعَ عَائِشَة زوج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: فِيمَا ذكره بُعد، وَالْأَقْرَب الْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي.

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع عديدة بيناها فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ ذكر البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد.
واستقصينا الْكَلَام فِيهِ من سَائِر الْوُجُوه.

وَقد أَكثر النَّاس فِي حَدِيث عَائِشَة فِي قصَّة بَرِيرَة من الإمعان فِي بَيَانه على اخْتِلَاف أَلْفَاظه وَاخْتِلَاف رُوَاته، وَقد ألف مُحَمَّد بن جرير فِيهِ كتابا، وَلِلنَّاسِ فِيهِ أَبْوَاب أَكْثَرهَا تكلّف وتأويلات مُمكنَة لَا يقطع بِصِحَّتِهَا.

قَوْله: ( فَذكرت لَهُ) ، أَي: للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالَّذِي ذكرت لَهُ عَائِشَة مطويٌّ هُنَا، يُوضحهُ رِوَايَة عمْرَة عَن عَائِشَة، قَالَت: أتتها بَرِيرَة تسألها فِي كتَابَتهَا، فَقَالَت: إِن شِئْت أَعْطَيْت أهلك وَيكون الْوَلَاء لي.
.

     وَقَالَ  أَهلهَا: إِن شِئْت أعطيتهَا مَا بَقِي.
.

     وَقَالَ  سُفْيَان مرّة: إِن شِئْت أعتقيها وَيكون الْوَلَاء لنا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرته ذَلِك، فَقَالَ: ( إبتعيها وأعتقيها فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق) .
الحَدِيث.
.
فَهَذَا كُله مطويٌّ هَهُنَا من أول الْكَلَام إِلَى قَوْله: فَذكرت لَهُ، فَإِن أردْت التَّحْقِيق فَارْجِع إِلَى الْبابُُ الْمَذْكُور فِي كتاب الصَّلَاة، قَوْله: ( وأوثق) ، أَي: أحكم وَأقوى.





[ قــ :07 ... غــ :156 ]
- حدَّثنا حسَّانُ بنُ أبي عَبَّادٍ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ نافِعا يحَدِّثُ عنْ عَبْدِ الله ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ساوَمَتْ بَرِيرَةَ فَخرَجَ إلَى الصَّلاةِ فلَمَّا جاءَ قالَتْ إنَّهُمْ أبَوْا أنْ يَبِيعُوهَا إلاَّ أنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاءَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ.

قُلْتُ لِنافِعٍ حُرّا كانَ زَوْجُهَا أوْ عَبْدا قَالَ مَا يُدْرِينِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ساومت) ، فَإِنَّهَا مَا ساومت إلاَّ أهل بَرِيرَة، وَهُوَ البيع وَالشِّرَاء بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء، و: حسان، على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ: ابْن أبي عباد، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: واسْمه أَيْضا حسان، مر فِي الْعمرَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
قَالَ أَبُو حَاتِم: مُنكر الحَدِيث، وَهُوَ بَصرِي سكن مَكَّة، مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَهَمَّام بن يحيى، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن حَفْص بن عمر.

قَوْله: ( ساومت بَرِيرَة) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبراءين أولاهما مَكْسُورَة: بنت صَفْوَان: كَانَت لقوم من الْأَنْصَار وَكَانَت قبطية، ذكرهَا الذَّهَبِيّ فِي الصحابيات، وَاخْتلف فِي اسْم زَوجهَا، وَالأَصَح أَن أُسَمِّهِ مغيث، بِضَم الْمِيم وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَآخره ثاء مُثَلّثَة، وَقيل: مقسم، وَقيل: معتب اسْم فَاعل من التعتيب.
قَوْله: ( فَخرج) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة، وَقَبله كَلَام مُقَدّر بعد قَوْله: ( ساومت) بَرِيرَة، وَالتَّقْدِير: طلبت عَائِشَة من أهل بَرِيرَة أَن يبيعوها لَهَا، فَقَالُوا: نبيعها لَك على أَن ولاءها لنا، وأرادت أَن تخبر بذلك النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج إِلَى الصَّلَاة فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الصَّلَاة، قَالَت: إِنَّهُم ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( مَا يدريني؟) كلمة مَا استفهامية أَي أَي شَيْء يدريني أَي: يعلمني؟ وَفِيه: خلاف ذَكرْنَاهُ فِي: بابُُ البيع وَالشِّرَاء على الْمِنْبَر.