فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} [البقرة: 228] «من الحيض والحبل»

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} ( الْبَقَرَة: 822) منَ الحَيْضِ والحَمْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَا يحل لَهُنَّ} أَي: للنِّسَاء { أَن يكتمن} أَي: يخفين { مَا خلق الله فِي أرحامهن} من الْحيض وَالْحمل.
كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين.
قَوْله: ( من الْحيض وَالْحمل) وَهُوَ تَفْسِير لما قبله، وَلَيْسَ من الْآيَة، وَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَالْحكم بن عتيبة وَالربيع بن أنس وَالضَّحَّاك وَغير وَاحِد.
قَوْله: ( وَالْحمل) بِالْمِيم، ويروى بِالْبَاء الْمُوَحدَة،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: مَا خلق الله فِي أرحامهن من الْوَلَد أَو من أَو من دم الْحيض، وَذَلِكَ إِذا أَرَادَت الْمَرْأَة فِرَاق زَوجهَا فكتمت حملهَا لِئَلَّا تنْتَظر لطلاقها أَن تضع، وَلِئَلَّا تشفق على الْوَلَد فَيتْرك، أَو كتمت حَيْضهَا.
فَقَالَت وَهِي حَائِض قد طهرت، استعجالاً للطَّلَاق.
انْتهى.
وَفصل أَبُو ذَر بَين قَوْله: { فِي أرحامهن} وَبَين قَوْله: من الْحيض وَالْحمل، بدائرة إِشَارَة إِلَى أَنه أُرِيد بِهِ التَّفْسِير لَا أَنَّهَا قِرَاءَة، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ لَفْظَة: من فِي قَوْله: من الْحيض، وَالْمَقْصُود من الْآيَة أَن أَمر الْعدة لما دَار على الْحيض وَالطُّهْر والإطلاع على ذَلِك يَقع من جِهَة النِّسَاء غَالِبا، جعلت الْمَرْأَة مؤتمنة على ذَلِك.
.

     وَقَالَ  أبي بن كَعْب: إِن من الْأَمَانَة أَن الْمَرْأَة ائتمنت على فرجهَا،.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل: هَذِه الْآيَة تدل على أَن الْمَرْأَة الْمُعْتَدَّة مؤتمنة على رَحمهَا من الْحيض وَالْحمل، فَإِن قَالَت: قد حِضْت كَانَت مصدقة، وَإِن قَالَت: قد ولدت كَانَ مصدقة، إلاَّ أَن تَأتي من ذَلِك مَا يعرف من كذبهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كل مؤتمن فَالْقَوْل قَوْله.



[ قــ :5039 ... غــ :5329 ]
- حدّثنا سليْمانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ عنْ إبرَاهِيمَ عنِ الأسْوَدِ عنْ عائِشةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: لمَّا أَرَادَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَنْفِرَ إذَا صَفِيّةُ على بابُِ خِبائِها كَئِيبَةً.
فَقَالَ لَهَا: عَقْرَى أوْ حَلْقى، إنّكِ لحَابِسَتُنَا، أَكُنْتِ أفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: فانْفِرِي إِذا.

ابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ شَاهدا لتصديق النِّسَاء فِيمَا يدعينه من الْحيض، أَلا ترى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يمْتَحن صَفِيَّة فِي قَوْلهَا وَلَا أكذبها.

وَالْحكم هُوَ ابْن عتيبة، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد.

والْحَدِيث قد مر فِي الْحَج فِي بابُُ التَّمَتُّع.
قَوْله: ( أَن ينفر) أَي: من الْحَج وللحج نفر إِن النَّفر الأول هُوَ الْيَوْم الثَّانِي من أَيَّام التَّشْرِيق، والنفر الثَّانِي هُوَ الْيَوْم الثَّالِث.
قَوْله: ( إِذا) للمفاجأة، وَصفِيَّة هِيَ بنت حييّ أم الْمُؤمنِينَ.
قَوْله: ( كئيبة) أَي: حزينة.
قَوْله: ( عقرى) مَعْنَاهُ: عقر الله جَسدهَا وأصابها وجع فِي حلقها، وَقيل: هُوَ مصدر كدعوى، وَقيل: مصدر بِالتَّنْوِينِ وَالْألف فِي الْكِتَابَة، وَقيل: هُوَ جمع عقير،.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو يُقَال ذَلِك للْمَرْأَة إِذا كَانَت مسوفة مؤذية، وَقيل: الْعَرَب تَقول ذَلِك لمن دهمه أَمر وَهُوَ بِمَعْنى الدُّعَاء لكنه جرى على لسانهم من غير قصد إِلَيْهِ.
قَوْله: ( أَو حلقي) شكّ من الرَّاوِي، وروى بِالتَّنْوِينِ فِي: عقري وحلقي، بجعلهما مصدرين، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة، وَأهل الحَدِيث على ترك التَّنْوِين.
قَوْله: ( لحابستنا) أسْند الْحَبْس إِلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَت سببت توقفهم إِلَى وَقت طَهَارَتهَا عَن الْحيض.
قَوْله: ( أَكنت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
قَوْله: ( أفضت) .
أَي: طفت طواف الزِّيَارَة.
قَوْله: ( أنفري) أَي: إذهبي لِأَن طواف الْوَدَاع سَاقِط عَن الْحَائِض.