فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لحوم الحمر الإنسية

( بابُُُ: { لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم لُحُوم الْحمر الأنسية وَاحْترز بالإنسية عَن الوحشية فَإِنَّهَا تُؤْكَل والإنسية بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون نِسْبَة إِلَى الْإِنْس، وَيُقَال فِيهِ: إنسية بِفتْحَتَيْنِ نِسْبَة إِلَى الْإِنْس بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ ضد الوحشة.

{ فِيهِ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم}
أَي: فِي هَذَا الْبابُُ حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع، وَمضى حَدِيثه مَوْصُولا مطولا فِي الْمَغَازِي فِي أَوَائِل بابُُ غَزْوَة خَيْبَر.



[ قــ :5227 ... غــ :5521 ]
- حدَّثنا صَدَقَةُ أخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنِ ابنِ عمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل الْمروزِي، وَعَبدَة هُوَ ابْن سُلَيْمَان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ.

وَمضى الحَدِيث فِي غَزْوَة خَيْبَر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن عبيد الله إِلَى آخِره.





[ قــ :57 ... غــ :55 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ الله حدَّثني نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ.


هَذَا طَرِيق آخر عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن عبيد الله الْعمريّ إِلَى آخِره.

{ تَابَعَهُ ابنُ المُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ نَافِعٍ،.

     وَقَالَ  أبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ سَالِمٍ}

أَي: تَابع يحيى عبد الله بن الْمُبَارك فِي رِوَايَته عَن عبيد الله الْعمريّ عَن نَافِع، وَأسْندَ هَذِه الْمُتَابَعَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن عبيد الله.
قَوْله: ( وَقَالَ أَبُو أُسَامَة) ، هُوَ حَمَّاد بن أُسَامَة عَن عبيد الله بن عمر الْعمريّ عَن سَالم بن عبد الله بن عمر، وأسنده أَيْضا البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي عَن عبيد الله بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة بِهِ.





[ قــ :58 ... غــ :553 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبَرَنَا مَالِك عَنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ عَبْدِ الله وَالحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ بنِ عَلِيٍّ عَنْ أبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنْهُمْ.
قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنِ المُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَلُحُومِ حُمُرِ الإنْسِيَّةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب النِّكَاح فِي بابُُ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن نِكَاح الْمُتْعَة آخرا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :59 ... غــ :554 ]
- حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا حَمَّادٌ عَنْ عَمْروٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَحَمَّاد بن زيد، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة خَيْبَر بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن.





[ قــ :59 ... غــ :556 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حدَّثني عَدِيٌّ عَنِ البَرَاءِ وَابْنِ أبِي أوْفَى، رَضِيَ الله عَنْهُمْ قَالا: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَيحيى هُوَ الْقطَّان وعدي هُوَ ابْن ثَابت، والبراء هُوَ ابْن عَازِب وَابْن أبي أوفى هُوَ عبد الله وَاسم ابْن أبي أوفى عَلْقَمَة، والْحَدِيث مضى فِي غَزْوَة خَيْبَر بأتم مِنْهُ.





[ قــ :531 ... غــ :557 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ أخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا أبِي عَنْ صَالحٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ أنَّ أبَا إدْرِيسَ أخْبَرَهُ أنَّ أبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لُحُومَ الْحُمُرِ الأهْلِيَّةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْحَاق هُوَ ابْن راهيوه،.

     وَقَالَ  الغساني: وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الزُّهْرِيّ، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَأَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة الْخَولَانِيّ، وَأَبُو ثَعْلَبَة اخْتلف فِي اسْمه وَاسم أَبِيه اخْتِلَافا شَدِيدا فَقيل: جرهم، وَقيل: جرنون، وَقيل: ابْن ناشب، وَقيل: ابْن جرثومة، وَلم يَخْتَلِفُوا فِي صحبته، وَكَانَ بَايع تَحت الشَّجَرَة ثمَّ نزل الشَّام وَمَات فِي خلَافَة مُعَاوِيَة.
وَقيل: مَاتَ فِي سنة خمس وَسبعين فِي ولَايَة عبد الْملك بن مَرْوَان.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن حسن الْحلْوانِي فِي الذَّبَائِح.

{ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابنِ شِهابٍ}
أَي: تَابع صَالحا مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى زبيد قَبيلَة وَوصل النَّسَائِيّ رِوَايَة الزبيدِيّ من طَرِيق بَقِيَّة قَالَ: حَدثنِي الزبيدِيّ.
قَوْله: ( عقيل) ، أَي: وَتَابعه أَيْضا عقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد فِي رِوَايَة عَن الزُّهْرِيّ، وَوصل هَذَا أَحْمد فِي ( مُسْنده) .

{ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابنُ إسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ كُلِّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ}
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة.
أَعنِي: مَالِكًا وَمن مَعَه لم يتَعَرَّضُوا فِي حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْمَذْكُور لذكر الْحمر وَإِنَّمَا قَالُوا: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن كل ذِي نَاب من السبَاع.
أما حَدِيث مَالك فقد رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبابُُ فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع.
وَأما حَدِيث معمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد وَيُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي فوصل حَدِيثهمَا الْحسن بن سُفْيَان من طَرِيق عبد الله بن الْمُبَارك عَنْهُمَا.
وَأما حَدِيث الْمَاجشون بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا.
وَقيل: بضَمهَا وبضم الشين الْمُعْجَمَة وبالواو وبالنون فوصله مُسلم عَن يحيى بن يحيى عَنهُ، والماجشون مُعرب ( ماه وَكَون) يَعْنِي: الْمُشبه بالقمر، وَالْمرَاد بِهِ هُنَا يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي سَلمَة.
واسْمه دِينَار، وَهَكَذَا صرح بِيُوسُف مُسلم فِي ( صَحِيحه) .

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْقرشِي الْمدنِي.
قلت: هُوَ أَيْضا يلقب بالماجشون.
وَلَكِن الْأَصَح مَا قَالَه مُسلم.
وَأما حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار فوصله إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن عَبدة بن سُلَيْمَان وَمُحَمّد بن عبيد كِلَاهُمَا عَنهُ.





[ قــ :53 ... غــ :558 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلامٍ أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ، رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُُكِلَتِ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتْ الحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُُفْنِيَت الْحُمُرُ، فَأمَرَ مُنَادِيا فَنَادَى فِي النَّاسِ: إنَّ الله وَرَسُولَهُ يَنْهيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهْلِيَّةِ فَإنَّها رِجْسٌ فَأُُكْفِئت القُدُورُ وَإنَّها لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين، وَفِي بعض النّسخ صرح بِابْن سِيرِين.

والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل غَزْوَة خَيْبَر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَوَقع فِي مُسلم أَن الَّذِي نَادَى بذلك هُوَ أَبُو طَلْحَة.
فَإِن قلت: وَقع عِنْد النَّسَائِيّ أَن الْمُنَادِي بذلك عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قلت لَعَلَّ عبد الرَّحْمَن نَادَى أَولا بِالنَّهْي مُطلقًا ثمَّ نَادَى أَبُو طَلْحَة ثَانِيًا بِزِيَادَة على ذَلِك.
وَهُوَ قَوْله: ( فَإِنَّهَا رِجْس) إِلَى آخِره.

قَوْله: ( جَاءَهُ جَاءَ) ذكر ثَلَاث مَرَّات.
قَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يَكُونُوا يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الجائين وَاحِدًا فَإِنَّهُ قَالَ: أَولا أكلت فإمَّا لم يسمعهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِمَّا لم يكن أَمر فِيهَا بِشَيْء، وَكَذَا فِي الثَّانِيَة فَلَمَّا قَالَ الثَّالِثَة: ( أفنيت الْخمر) أَي: لِكَثْرَة مَا ذبح مِنْهَا.
ليطبخ صَادف نزُول الإمر بتحريمها.
قلت: ( قَوْله) ( فَإِنَّهَا رِجْس) .
أَي: نجس، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أنس قَالَ: لما افْتتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَيْبَر أَصَابُوا مِنْهَا حمرا فطبخوا مِنْهَا مطبخة فَنَادَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَلا إِن الله وَرَسُوله ينهيانكم عَنْهَا فَإِنَّهَا نجس فأكفؤا الْقُدُور قَوْله: ( فأكفئت) أَي: قلبت قَوْله: ( وَإِنَّهَا لتفور) أَي: لتغلي وَالْوَاو فِيهِ للْحَال.





[ قــ :533 ... غــ :559 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ و:.

قُلْتُ لِ جَابِرِ بنِ زَيْد: يَزْعَمُونَ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَى عَنْ الْحُمُر الأهْلِيَّةِ؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الحَكَمُ بنُ عَمْروٍ الغِفَارِيُّ عِنْدَنا بِالبَصْرَةِ، وَلاكِنْ أبَى ذَاكَ البَحْرُ ابنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأ: { قُلْ لَا أجِدُ فِيما أُوحِي إلَيَّ مُحَرَّما} ( الْأَنْعَام: 145) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن عبيد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَجَابِر بن زيد هُوَ أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ، وَالْحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء الصَّحَابِيّ.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: نزل الْبَصْرَة وَمَات بمرو سنة خمس وَأَرْبَعين.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: بَعثه زِيَاد بن أُميَّة على الْبَصْرَة، واليافي أول ولَايَة زِيَاد على العراقين ثمَّ عَزله عَن الْبَصْرَة وولاه بعض أَعمال خُرَاسَان وَمَات بهَا وَقيل: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة خمسين.

والْحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن إِبْرَاهِيم بن الْحسن عَن حجاج عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار بِمَعْنَاهُ.

قَوْله: ( يَقُول ذَاك) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: ( نهى عَن الْحمر الْأَهْلِيَّة) قَوْله: ( وَلَكِن أَبى) ، أَي: منع ذَلِك القَوْل.
قَوْله: ( الْبَحْر) ، صفة لِابْنِ عَبَّاس سمي بِهِ لسعة علمه وَيُرَاد بِهِ: بَحر الْعلم.

     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ من تَقْدِيم الصّفة على الْمَوْصُوف مُبَالغَة فِي تَعْظِيم الْمَوْصُوف.
قلت: لَا تتقدم الصّفة على الْمَوْصُوف.
بل قَوْله: ( ابْن عَبَّاس) عطف بَيَان لقَوْله: ( الْبَحْر) ويروى: الحبر، سمي بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يزين مَا قَالَه.
قَوْله: ( وَقَرَأَ) ، أَي: ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى: { قل لَا أجد فِيمَا أوحى إليّ محرما} الْآيَة.
يَعْنِي: أَنه اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة لِأَن الْمحرم فِي هَذِه الْآيَة مَا ذكره الله فِيهَا فتقتصر الْحُرْمَة عَلَيْهَا وَمَا وَرَاء ذَلِك فعلى أصل الْإِبَاحَة.

وفقهاء الْأَمْصَار مجمعون على تَحْرِيم الْحمر الْأَهْلِيَّة إلاَّ أَنه رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَبَاحَ أكلهَا، وَرُوِيَ مثله عَن عَائِشَة وَالشعْبِيّ.
فَإِن قلت: قد ذكر فِي أول الْمَائِدَة تَحْرِيم المنخنقة والموقوذة وَمَا ذكر مَعَهُمَا وَهِي خَارِجَة عَن هَذِه الْآيَة.
قلت: المنخنقة وَمَا ذكر مَعهَا دَاخِلَة فِي الْميتَة أَو نقُول: أَن سُورَة الْأَنْعَام مَكِّيَّة فَيجوز أَن لَا يكون حرم فِي ذَلِك الْوَقْت إلاّ مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة.
وَسورَة الْمَائِدَة مَدَنِيَّة وَهِي آخر مَا نزل من الْقُرْآن فَإِن قلت: الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِي تَحْرِيم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة أَخْبَار آحَاد وَالْعَمَل بهَا يُوجب نسخ الْآيَة الْمَذْكُورَة، وَهَذَا لَا يجوز.
قلت: قد خصت من هَذِه الْآيَة أَشْيَاء كَثِيرَة بِالتَّحْرِيمِ غير مَذْكُورَة فِيهَا كالنجاسات والحمر وَلحم القردة فَحِينَئِذٍ يجوز تخصيصها بأخبار الْآحَاد.

وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: اخْتلف فِي تَحْرِيم الْحمر على أَرْبَعَة أَقْوَال: الأول: حرمت شرعا.
الثَّانِي: حرمت لِأَنَّهَا كَانَت جوال الْقرى.
أَي: تَأْكُل الجلة وَهِي النَّجَاسَة.
وَالثَّالِث: أَنَّهَا كَانَت حمولة الْقَوْم.
الرَّابِع: أَنَّهَا حرمت لِأَنَّهَا أفنيت قبل الْقِسْمَة.
فَمنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكلهَا حَتَّى تقسم.
قلت: ذكر الطَّحَاوِيّ هَذِه الْأَقْوَال فَأخْرج فِي القَوْل الأول: عَن اثْنَي عشر نَفرا من الصَّحَابَة فِي تَحْرِيم أكل الْحمر الْأَهْلِيَّة من غير قيد، وَقد ذَكَرْنَاهُمْ فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) وَأخرج فِي القَوْل الثَّانِي: عَن ابْن مَرْزُوق عَن وهب عَن شُعْبَة عَن الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: ذكرت لسَعِيد بن جُبَير حَدِيث ابْن أبي أوفى فِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إيَّاهُم بإكفاء الْقُدُور يَوْم خَيْبَر، فَقَالَ: إِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَت تَأْكُل الْعذرَة.
وَأخرج فِي القَوْل الثَّالِث: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم خَيْبَر عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة إلاَّ من أجل أَنَّهَا ظهر وَأخرج فِي القَوْل الرَّابِع: من حَدِيث عدي بن ثَابت عَن الْبَراء أَنهم أَصَابُوا من الْفَيْء حمرا فذبحوها فَفِيهِ أَنَّهَا كَانَت نهبة وَلم تكن قسمت.

ثمَّ أجَاب عَن الْأَقْوَال الثَّلَاثَة بِحَدِيث أبي ثَعْلَبَة أَنه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله! حَدثنِي مَا يحل لي مِمَّا يحرم عليَّ؟ فَقَالَ: لَا تَأْكُل الْحمار الأهلي رَوَاهُ من حَدِيث مُسلم بن مشْكم كَاتب أبي الدَّرْدَاء عَنهُ، ثمَّ قَالَ: فَكَانَ كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَوَابا لسؤال أبي ثَعْلَبَة إِيَّاه عَمَّا يحل لَهُ مِمَّا يحرم عَلَيْهِ، فَدلَّ ذَلِك على نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة لَا لعِلَّة بل كَانَ التَّحْرِيم فِي نَفسه مُطلقًا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَالَ الطَّحَاوِيّ: لَوْلَا تَوَاتر الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِتَحْرِيم الْحمر الْأَهْلِيَّة لَكَانَ النّظر يَقْتَضِي حلهَا لِأَن كلما حرم من الأهلي الْحَيَوَان أجمع على تَحْرِيمه إِذا كَانَ وحشيا كالخنزير، وَقد أجمع على حل الْحمار الوحشي فَكَانَ النّظر يَقْتَضِي حل الْحمار الأهلي ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل.
قلت: وَمَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع مَرْدُود، فَإِن كثيرا من الْحَيَوَان الأهلى مُخْتَلف فِي نَظِيره من الْحَيَوَان الوحشي كالهر.
قلت: دَعْوَاهُ الرَّد عَلَيْهِ مَرْدُودَة لِأَنَّهُ فهم عكس مَا أَرَادَهُ الطَّحَاوِيّ، لِأَن مُرَاده كلما حرم من الْحَيَوَان الأهلي، أجمع على تَحْرِيمه إِذا كَانَ وحشيا.
وَمثل لذَلِك بالخنزير فَإِنَّهُ مجمع على حرمته من غير فرق بَين كَونه أهليا يَعْنِي: مستأنسا أَو وحشيا غير مستأنس، وَلَيْسَ مُرَاده أَن كلما أجمع على تَحْرِيمه من الوحشي يَقْتَضِي حلّه من الأهلي كالضيون فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ فَلَا يَقْتَضِي حل السنور الأهلي، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكل الهر، وثمنه.
.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب.