فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر} [البقرة: 178] إلى قوله {عذاب أليم} [البقرة: 10]

( بابٌُ: { يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصاصُ فِي الْقَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ} ( الْبَقَرَة: 178) إِلَى قَوْلِهِ: { عَذَابٌ ألِيمٌ} .
عُفِيَ تُرِكَ)


أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر قَوْله تَعَالَى: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} ( الْبَقَرَة: 178) هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْكل غير أبي ذَر، وَفِي رِوَايَته: بابُُ: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص} .
الْآيَة: قَالَ الْفراء: نزلت هَذِه الْآيَة فِي حيين من الْعَرَب كَانَ لأَحَدهمَا طول على الآخر فِي الْكَثْرَة والشرف، فَكَانُوا يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءَهُمْ بِغَيْر مهر، فَقتل الأوضع من الْحَيَّيْنِ من الشريف قَتْلَى، فأقسم الشريف ليقْتلن الذّكر بِالْأُنْثَى وَالْحر بِالْعَبدِ وَأَن يضاعفوا الْجِرَاحَات، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذَا على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ نسخ أَيْضا، نُسْخَة قَوْله تَعَالَى: { وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} ( الْمَائِدَة: 45) إِلَى آخر الْآيَة، فَالْأولى مَنْسُوخَة لَا يعْمل بهَا وَلَا يحكم، وَمذهب أبي حنيفَة: أَن الْحر يقتل بِالْعَبدِ بِهَذِهِ الْآيَة، وَإِلَيْهِ ذهب الثَّوْريّ وَابْن أبي ليلى وَدَاوُد، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَسَعِيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَتَادَة وَالْحكم، وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَعَطَاء وَعِكْرِمَة، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَمَالك: أَن الْحر لَا يقتل بِالْعَبدِ وَالذكر لَا يقتل بِالْأُنْثَى، أخذا بِهَذِهِ الْآيَة، أَعنِي قَوْله: { الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ} ( الْبَقَرَة: 178) وَقد قُلْنَا: إِنَّهَا مَنْسُوخَة.
قَوْله: ( كتب عَلَيْكُم الْقصاص) ، ذكر الواحدي: أَن مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الْمُمَاثلَة والمساواة،.

     وَقَالَ  ابْن الْحصار: الْقصاص الْمُسَاوَاة والمجازاة، وَالْمرَاد بِهِ الْعدْل فِي الْأَحْكَام، وَهَذَا حكم الله عز وَجل الَّذِي لم يزل وَلَا يزَال أبدا، فَلَا نسخ فِيهِ وَلَا تَبْدِيل لَهُ، وَالْمرَاد بِآيَة الْمَائِدَة تبين الْعدْل فِي تكافىء الدِّمَاء فِي الْجُمْلَة وَترك التَّفَاضُل لاجتهاد الْعلمَاء، وعَلى هَذَا فَلَيْسَ بَينهمَا تعَارض قُلْنَا الْأَنْسَب عُمُوم آيَة الْمَائِدَة وفيهَا مُقَابلَة مُطلقَة، وَهَذِه الْآيَة فِيهَا مُقَابلَة مُقَيّدَة، فَلَا يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد، على أَن مُقَابلَة الْحر بِالْحرِّ لَا يُنَافِي مُقَابلَة الْحر بِالْعَبدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ ذكر بعض مَا يَشْمَلهُ الْعُمُوم على مُوَافقَة حكمه، وَذَلِكَ لَا يُوجب تَخْصِيص مَا بَقِي.
قَوْله: ( عُفيَ ترك) أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَوْله: { فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء} أَي: فَمن ترك وصفح لَهُ من الْوَاجِب عَلَيْهِ فِي الْعمد فَرضِي بِالدِّيَةِ { فاتباع بِالْمَعْرُوفِ} أَي: فعلى الْقَتِيل


[ قــ :4251 ... غــ :4498 ]
- ح دَّثنا الحُمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا عَمْروٌ قَالَ سمِعْتُ مجاهِداً قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُولُ كانَ فِي بَني إسْرَائِيلَ القِصاصُ ولَمْ تَكُنْ فِيهِمِ الدِّيَّةُ فَقَالَ الله تَعَالَى لِهاذِهِ الأُمَّةِ: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بالعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لهُ مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ} فالْعَفْوُ أنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العَمْدِ { فاتِّباعٌ بالمعْرُوفِ وأدَاءٌ إلَيْهِ بإحْسانٍ} يَتَّبِعُ بالمَعْرُوفِ ويُؤَدِّي بإحْسانٍ { ذالِكَ تَخْفِيفٌ منْ رَبِّكُمْ ورَحْمَةٌ} مِمَّا كُتبَ عَلَى مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ { فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذالِكَ فَلَهُ عَذَابٌ ألِيمٌ} قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ.


مطابقته لِلْآيَةِ أوضح مَا يكون، والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى أحد أجداده وَهُوَ: حميد بن زُهَيْر، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد الْجَبَّار وَفِي الْقصاص عَن الْحَارِث بن مِسْكين.

قَوْله: ( فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء) ، مَعْنَاهُ: قبُول الدِّيَة فِي الْعمد، وَقيل: فِيمَن قتل وَله وليان فَعَفَا أَحدهمَا فللآخر أَن يَأْخُذ مِقْدَار حِصَّته من الدِّيَة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْعَفو فِي الْآيَة يحْتَاج إِلَى تَفْسِير، وَذَلِكَ أَن ظَاهر الْعَفو يُوجب أَن لَا تبعة لأَحَدهمَا على الآخر، فَمَا معنى الإتباع؟ والإعفاء فَمَعْنَاه: أَن من عُفيَ عَنهُ الدَّم بِالدِّيَةِ فعلى صَاحب الدِّيَة اتِّبَاع، أَي مُطَالبَة بِالدِّيَةِ وعَلى الْقَاتِل أَدَاء الدِّيَة إِلَيْهِ؟.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ وَأَخُوهُ: هُوَ ولي الْمَقْتُول، وَقيل لَهُ: أَخُوهُ، لِأَنَّهُ لابسه من قبل أَنه ولي الدَّم ومطالبه بِهِ أَو ذكره بِلَفْظ الْأُخوة ليعطف أَحدهمَا على صَاحبه بِذكر مَا هُوَ ثَابت بَينهمَا من الجنسية وَالْإِسْلَام.
.

     وَقَالَ : إِن عَفا يتَعَدَّى: بعن، لَا بِاللَّامِ، فَمَا وَجه قَوْله: ( فَمن عَفا لَهُ؟) قلت: يتَعَدَّى: بعن إِلَى الْجَانِي وَإِلَى الذَّنب، فَيُقَال: عَفَوْت عَن فلَان وَعَن ذَنبه.
قَالَ الله تَعَالَى: { عَفا الله عَنْك} ( التَّوْبَة: 43) وَعَفا الله عَنْهَا فَإِذا تعدى إِلَى الذَّنب قيل: عَفَوْت لفُلَان عَمَّا جنى، كَمَا تَقول: عَفَوْت لَهُ ذَنبه وتجاوزت لَهُ عَنهُ، وعَلى هَذَا مَا فِي الْآيَة كَأَنَّهُ قيل فَمن عَفا لَهُ عَن جِنَايَته، فاستغنى عَن ذكر الْجِنَايَة.
قَوْله: ( شَيْء) ، أَي: من الْعَفو، إِنَّمَا قيل ذَلِك للإشعار بِأَن بعض الْعَفو عَن الدَّم أَو عَفْو بعض الْوَرَثَة يسْقط الْقصاص وَلم يجب إِلَّا الدِّيَة.
قَوْله: ( فاتباع بِالْمَعْرُوفِ) ، أَي: فَلْيَكُن اتِّبَاع، أَو: فَالْأَمْر اتِّبَاع، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
قَوْله: ( ذَلِك) ، أَي: الحكم الْمَذْكُور من الْعَفو وَالدية، لِأَن أهل التَّوْرَاة كتب عَلَيْهِم الْقصاص اليته وَحرم عَلَيْهِم الْعَفو واخذ الدِّيَة وعَلى أهل الْإِنْجِيل الْعَفو وَحرم الْقصاص وَالدية وخيرت هَذِه الْأمة بَين الثَّلَاث: الْقصاص وَالدية وَالْعَفو، وتوسعة عَلَيْهِم وتيسيراً.
قَوْله: ( كَمَا كتب على من كَانَ قبلكُمْ) هم أهل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
قَوْله: ( فَمن اعْتدى بعد ذَلِك) ، أَي: بعد التَّخْفِيف وَتجَاوز مَا شرع لَهُ من قتل غير الْقَاتِل أَو الْقَتْل بعد أَخذ الدِّيَة، وَهُوَ معنى قَوْله: ( قتل بعد قبُول الدِّيَة) وَهُوَ على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمَاضِي، وَقع تَفْسِيرا لقَوْله: ( فَمن اعْتدى) .
قَوْله: ( فَلهُ عَذَاب أَلِيم) نوع من الْعَذَاب شَدِيد الْأَلَم فِي الْآخِرَة.





[ قــ :451 ... غــ :4498 ]
- ح دَّثنا الحُمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا عَمْروٌ قَالَ سمِعْتُ مجاهِداً قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُولُ كانَ فِي بَني إسْرَائِيلَ القِصاصُ ولَمْ تَكُنْ فِيهِمِ الدِّيَّةُ فَقَالَ الله تَعَالَى لِهاذِهِ الأُمَّةِ: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بالعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لهُ مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ} فالْعَفْوُ أنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العَمْدِ { فاتِّباعٌ بالمعْرُوفِ وأدَاءٌ إلَيْهِ بإحْسانٍ} يَتَّبِعُ بالمَعْرُوفِ ويُؤَدِّي بإحْسانٍ { ذالِكَ تَخْفِيفٌ منْ رَبِّكُمْ ورَحْمَةٌ} مِمَّا كُتبَ عَلَى مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ { فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذالِكَ فَلَهُ عَذَابٌ ألِيمٌ} قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ.


مطابقته لِلْآيَةِ أوضح مَا يكون، والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى أحد أجداده وَهُوَ: حميد بن زُهَيْر، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد الْجَبَّار وَفِي الْقصاص عَن الْحَارِث بن مِسْكين.

قَوْله: ( فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء) ، مَعْنَاهُ: قبُول الدِّيَة فِي الْعمد، وَقيل: فِيمَن قتل وَله وليان فَعَفَا أَحدهمَا فللآخر أَن يَأْخُذ مِقْدَار حِصَّته من الدِّيَة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْعَفو فِي الْآيَة يحْتَاج إِلَى تَفْسِير، وَذَلِكَ أَن ظَاهر الْعَفو يُوجب أَن لَا تبعة لأَحَدهمَا على الآخر، فَمَا معنى الإتباع؟ والإعفاء فَمَعْنَاه: أَن من عُفيَ عَنهُ الدَّم بِالدِّيَةِ فعلى صَاحب الدِّيَة اتِّبَاع، أَي مُطَالبَة بِالدِّيَةِ وعَلى الْقَاتِل أَدَاء الدِّيَة إِلَيْهِ؟.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ وَأَخُوهُ: هُوَ ولي الْمَقْتُول، وَقيل لَهُ: أَخُوهُ، لِأَنَّهُ لابسه من قبل أَنه ولي الدَّم ومطالبه بِهِ أَو ذكره بِلَفْظ الْأُخوة ليعطف أَحدهمَا على صَاحبه بِذكر مَا هُوَ ثَابت بَينهمَا من الجنسية وَالْإِسْلَام.
.

     وَقَالَ : إِن عَفا يتَعَدَّى: بعن، لَا بِاللَّامِ، فَمَا وَجه قَوْله: ( فَمن عَفا لَهُ؟) قلت: يتَعَدَّى: بعن إِلَى الْجَانِي وَإِلَى الذَّنب، فَيُقَال: عَفَوْت عَن فلَان وَعَن ذَنبه.
قَالَ الله تَعَالَى: { عَفا الله عَنْك} ( التَّوْبَة: 43) وَعَفا الله عَنْهَا فَإِذا تعدى إِلَى الذَّنب قيل: عَفَوْت لفُلَان عَمَّا جنى، كَمَا تَقول: عَفَوْت لَهُ ذَنبه وتجاوزت لَهُ عَنهُ، وعَلى هَذَا مَا فِي الْآيَة كَأَنَّهُ قيل فَمن عَفا لَهُ عَن جِنَايَته، فاستغنى عَن ذكر الْجِنَايَة.
قَوْله: ( شَيْء) ، أَي: من الْعَفو، إِنَّمَا قيل ذَلِك للإشعار بِأَن بعض الْعَفو عَن الدَّم أَو عَفْو بعض الْوَرَثَة يسْقط الْقصاص وَلم يجب إِلَّا الدِّيَة.
قَوْله: ( فاتباع بِالْمَعْرُوفِ) ، أَي: فَلْيَكُن اتِّبَاع، أَو: فَالْأَمْر اتِّبَاع، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
قَوْله: ( ذَلِك) ، أَي: الحكم الْمَذْكُور من الْعَفو وَالدية، لِأَن أهل التَّوْرَاة كتب عَلَيْهِم الْقصاص اليته وَحرم عَلَيْهِم الْعَفو واخذ الدِّيَة وعَلى أهل الْإِنْجِيل الْعَفو وَحرم الْقصاص وَالدية وخيرت هَذِه الْأمة بَين الثَّلَاث: الْقصاص وَالدية وَالْعَفو، وتوسعة عَلَيْهِم وتيسيراً.
قَوْله: ( كَمَا كتب على من كَانَ قبلكُمْ) هم أهل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
قَوْله: ( فَمن اعْتدى بعد ذَلِك) ، أَي: بعد التَّخْفِيف وَتجَاوز مَا شرع لَهُ من قتل غير الْقَاتِل أَو الْقَتْل بعد أَخذ الدِّيَة، وَهُوَ معنى قَوْله: ( قتل بعد قبُول الدِّيَة) وَهُوَ على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمَاضِي، وَقع تَفْسِيرا لقَوْله: ( فَمن اعْتدى) .
قَوْله: ( فَلهُ عَذَاب أَلِيم) نوع من الْعَذَاب شَدِيد الْأَلَم فِي الْآخِرَة.



[ قــ :45 ... غــ :4499 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عبْدِ الله الأنْصارِيُّ حَدثنَا حُمَيْدٌ أنَّ أنْساً حَدَّثَهُمْ عنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كِتابُ الله القِصاصُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الصُّلْح وَفِي الدِّيات وَهنا تَارَة مطولا وَتارَة مُخْتَصرا، وَهَذَا من ثلاثيات البُخَارِيّ، وَهُوَ: السَّادِس عشر.
مِنْهَا.
قَوْله: ( كتاب الله) أَي: حكم الله ومكتوبه، وَكتاب الله مُبْتَدأ، أَو: الْقصاص، خَبره وَيجوز النصب فيهمَا على أَن الأول إغراء وَالثَّانِي بدل مِنْهُ، وَيجوز فِي الثَّانِي الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر أَي: اتبعُوا كتاب الله فِيهِ الْقصاص.





[ قــ :453 ... غــ :4500 ]
- ح دَّثني عبْدُ الله بنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عبْدَ الله بنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ حدَّثنا حُمَيْدٌ عنْ أنَسٍ أنَّ الرُّبَيِّعَ عمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جارِيَةٍ فَطَلَبُوا إليْها العَفْوَ فأبَوْا فَعَرَضُوا الأرْشَ فأبَوْا فأتَوْا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبَوْ إلاَّ القِصاصَ فأمَرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالقِصَاصِ فَقَالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ يَا رسُولَ الله أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لاَ والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُها فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أنَسُ كِتابُ الله القِصاصُ فرَضِيَ القَوْمُ فَعَفَوْا فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ مِنْ عِبادِ الله مَنْ لوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأبَرَّهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ الصُّلْح فِي الدِّيَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن حميد عَن أنس،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الْمزي: لم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود وَذكره خلف، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَالربيع، بِضَم الرَّاء مصغر الرّبيع ضد الخريف وَهِي بنت النَّضر عمَّة أنس، وَالْجَارِيَة الْمَرْأَة الشَّابَّة ( وَأنس بن النَّضر) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة، هُوَ: أَخُو الرّبيع.
قَوْله: ( لَأَبَره) أَي: جعله باراً فِي قسمه وَفعل مَا أَرَادَهُ، قيل: كَيفَ يَصح الْقصاص فِي الْكسر وَهُوَ غير مضبوط؟ وَأجِيب: بِأَن المُرَاد بِالْكَسْرِ: الْقلع، أَو كَانَ كسراً مضبوطاً.
قلت: فِي الْجَواب نظر، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: أَرَادَ بِالْكَسْرِ الْكسر الَّذِي يُمكن فِيهِ الْمُمَاثلَة، وَقيل: مَا امْتنع عَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأنكر الْكسر.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ أَرَادَ لاستشفاع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَيْهِم وَلم يرد بِهِ الْإِنْكَار، أَو أَنه قبل أَن يعرف أَن كتاب الله الْقصاص على التَّعْيِين، وَظن التَّخْيِير بَين الْقصاص وَالدية.