فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تسمية المولود غداة يولد، لمن لم يعق عنه، وتحنيكه

( { كِتابُ العَقِيقَةِ} )
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْعَقِيقَة.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الْعَقِيقَة أَصْلهَا الشّعْر الَّذِي يكون على رَأس الصَّبِي حِين يُولد، وَسميت الشَّاة الَّتِي تذبح عَنهُ فِي تِلْكَ الْحَال عقيقة لِأَنَّهُ يحلق عَنهُ ذَلِك الشّعْر عِنْد الذّبْح.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هِيَ اسْم الشَّاة المذبوحة عَن الْوَلَد، وَسميت بهَا لِأَنَّهَا تعق عَن ذابحها.
أَي: تشق وتقطع، وَيُقَال: وَرُبمَا يُسمى الشّعْر عقيقة بعد الْحلق على الِاسْتِعَارَة، وَإِنَّمَا سمي الذّبْح عَن الصَّبِي يَوْم سابعه عقيقة باسم الشّعْر لِأَنَّهُ يحلق فِي ذَلِك الْيَوْم وعق عَن ابْنه يعق عقا: حلق عقيقته وَذبح عَنهُ شَاة وَتسَمى الشَّاة الَّتِي ذبحت لذَلِك عقيقة.

     وَقَالَ : أصل العق الشق فَكَأَنَّهَا قيل لَهَا: عقيقة.
أَي: مشقوقة وكل مَوْلُود من الْبَهَائِم فشعره عقيقة.


( بابُُُ: { تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُلِمَنْ يَعُقَّ عَنهُ وَتحْنِيكِهِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَسْمِيَة الْمَوْلُود غَدَاة يُولد لمن لم يعق عَنهُ وتحنيكه كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني، وَسَقَطت لَفْظَة عَن عِنْد الْجُمْهُور وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: وَإِن لم يعق عَنهُ بدل: لمن لم يعق عَنهُ وَأَرَادَ بِالْغَدَاةِ الْوَقْت لِأَنَّهَا تطلق وَيُرَاد بهَا مُطلق الْوَقْت ويقهم من قَوْله: ( لمن لم يعق) ، أَنه يُسمى الْمَوْلُود وَقت الْولادَة إِن لم تحصل الْعَقِيقَة وَإِن حصلت يُسمى فِي الْيَوْم السَّابِع وَيفهم من رِوَايَة النَّسَفِيّ أَنه يُسمى وَقت الْولادَة سَوَاء حصلت الْعَقِيقَة أَو لم تحصل وَالْأول أولى لِأَن الْأَخْبَار وَردت فِي التَّسْمِيَة يَوْم السَّابِع لما سَيَجِيءُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَيفهم من رِوَايَة النَّسَفِيّ أَيْضا أَن الْعَقِيقَة غير وَاجِبَة.

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الْفضل أَي: الْعَقِيقَة، فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق: سنة لَا يَنْبَغِي تَركهَا لمن قدر عَلَيْهَا،.

     وَقَالَ  أَحْمد: هِيَ أحب إليّ من التَّصَدُّق بِثمنِهَا على الْمَسَاكِين.

     وَقَالَ  مرّة: إِنَّهَا من الْأَمر الَّذِي لم يزل عَلَيْهِ أَمر النَّاس عندنَا.
.

     وَقَالَ  مَالك: هِيَ من الْأَمر الَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيهِ عِنْدهم،.

     وَقَالَ  يحيى بن سعيد: أدْركْت النَّاس وَمَا يدعونها عَن الْغُلَام وَالْجَارِيَة.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَمِمَّنْ كَانَ يَرَاهَا ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وروى عَن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وروى عَن الْحسن وَأهل الظَّاهِر أَنَّهَا وَاجِبَة، وتأولوا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَعَ الْغُلَام عقيقة) على الْوُجُوب.

     وَقَالَ  ابْن حزم: هِيَ فرض وَاجِب يجْبر الْإِنْسَان عَلَيْهَا إِذا فضل لَهُ من قوته مقدارها وَفِي ( شرح السّنة) وأوجبها الْحسن قَالَ: يجب عَن الْغُلَام يَوْم سابعه فَإِن لم يعق عَنهُ عق عَن نَفسه،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين قَالَ أَبُو وَائِل: هِيَ سنة فِي الذُّكُور دون الْإِنَاث، وَكَذَا ذكره فِي ( المُصَنّف) عَن مُحَمَّد وَالْحسن،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: لَيست بِسنة.
.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْحسن: هِيَ تطوع كَانَ النَّاس يفعلونها ثمَّ نسخت بالأضحى، وَنقل صَاحب ( التَّوْضِيح) عَن أبي حنيفَة والكوفيين: أَنَّهَا بِدعَة وَكَذَلِكَ قَالَ بَعضهم فِي شَرحه وَالَّذِي نقل عَنهُ أَنَّهَا بِدعَة أَبُو حنيفَة.
قلت: هَذَا افتراء فَلَا يجوز نسبته إِلَى أبي حنيفَة وحاشاه أَن يَقُول مثل هَذَا: وَإِنَّمَا قَالَ: لَيست بِسنة فمراده إِمَّا لَيست بِسنة ثَابِتَة، وَإِمَّا لَيست بِسنة مُؤَكدَة وروى عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن قيس.
قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْعَقِيقَة فَقَالَ: لَا أحب العقوق.
قَالُوا: يَا رَسُول الله! ينْسك أَحَدنَا عَمَّن يُولد لَهُ فَقَالَ: من أحب مِنْكُم أَن ينْسك عَن وَلَده فَلْيفْعَل عَن الْغُلَام شَاتَان مكافأتان، وَعَن الْجَارِيَة شَاة، فَهَذَا يدل على الِاسْتِحْبابُُ.

قَوْله: ( وتحنيكه) ، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: تَسْمِيَة الْمَوْلُود.
أَي: فِي بَيَان تحنيك الْمَوْلُود، وَهُوَ مضغ الشَّيْء وَوَضعه فِي فَم الصَّبِي، وَذَلِكَ تحنيكه بِهِ، يُقَال: حنكت الصَّبِي إِذا مضغت التَّمْر أَو غَيره ثمَّ دلكته بحنكه وَالْأولَى فِيهِ التَّمْر فَإِن لم يَتَيَسَّر فالرطب وإلاَّ فشيء حُلْو، وَعسل النَّحْل أولى من غَيره.
ثمَّ مَا لم تمسه النَّار.



[ قــ :5172 ... غــ :5467 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ نَصْرٍ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ؛ حدَّثني بُرَيْدٌ عَنْ أبِي بُرْدَةَ عَنْ أبِي مُوسَى، رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: وُلِدَ لي غُلامٌ فَأتَيْتُ بِهِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسمَّاهُ إبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إلَيَّ وَكَانَ أكْبَرَ وَلَدِ أبِي مُوسَى.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
لِأَنَّهَا فِي تَسْمِيَة الْمَوْلُود وتحنيكه والْحَدِيث يشملها.

وَإِسْحَاق هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن نصر البُخَارِيّ، نزل الْمَدِينَة.
فَالْبُخَارِي: تَارَة يَقُول: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَتارَة ينْسبهُ إِلَى جده، وَهُوَ من أَفْرَاده وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة ابْن عبد الله بن أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء واسْمه عَامر بن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، وَيُرِيد الْمَذْكُور يروي عَن جده أبي مُوسَى.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي كريب، وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَغَيره.

وَفِيه ( حكمان) .

الأول: تَسْمِيَة الْمَوْلُود أَنه يعجل تَسْمِيَة الْمَوْلُود وَلَا ينْتَظر بهَا إِلَى السَّابِع أَلا يرى كَيفَ أسْرع أَبُو مُوسَى بإحضار مولوده إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَماهُ إِبْرَاهِيم،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: تَسْمِيَة الْمَوْلُود حِين يُولد أصح من الْأَحَادِيث فِي تَسْمِيَته يَوْم السَّابِع وَأورد عَلَيْهِ بِمَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي ( صَحِيحَيْهِمَا) عَن عَائِشَة.
قَالَت: عق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْحسن وَالْحُسَيْن، رَضِي الله عَنْهُمَا، يَوْم السَّابِع وسماهما وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِتَسْمِيَة الْمَوْلُود لسابعه، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَبْعَة من السّنة فالصبي يَوْم السَّابِع: يُسمى، ويختن، يماط عَنهُ الْأَذَى، ويثقب أُذُنه ويعق عَنهُ، ويحلق رَأسه، ويلطخ من عقيقته، وَيتَصَدَّق بِوَزْن شعره ذهب أَو فضَّة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( الْأَوْسَط) وَفِي سَنَده ضعف، وَفِيه أَيْضا عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، رَفعه إِذا كَانَ يَوْم السَّابِع للمولود فأهريقوا عَنهُ دَمًا واميطوا عَنهُ الْأَذَى وسموه، وَإِسْنَاده حسن.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: ذهب كثير من النَّاس إِلَى أَن التَّسْمِيَة تجوز قبل ذَلِك.
.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن سِيرِين وَقَتَادَة وَالْأَوْزَاعِيّ: إِذا ولد وَقد تمّ خلقه يُسمى فِي الْوَقْت إِن شَاءَ.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: وَتَسْمِيَة الْمَوْلُود حِين يُولد وَبعد ذَلِك بليلة أَو لَيْلَتَيْنِ وَمَا شَاءَ إِذا لم ينْو الْأَب الْعَقِيقَة عِنْد يَوْم سابعه جَائِز، وَإِن أَرَادَ أَن ينْسك عَنهُ فَالسنة أَن تُؤخر تَسْمِيَته إِلَى يَوْم النّسك وَهُوَ السَّابِع.

وَالْحكم الثَّانِي: تحنيك الْمَوْلُود، وَقد ذَكرْنَاهُ.
فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي تحنيكه؟ قلت: قَالَ بَعضهم: يصنع ذَلِك بِالصَّبِيِّ ليتمرن على الْأكل فيقوى عَلَيْهِ، فيا سُبْحَانَ الله مَا أبرد هَذَا الْكَلَام، وَأَيْنَ وَقت الْأكل من وَقت التحنيك؟ وَهُوَ حِين يُولد وَالْأكل غَالِبا بعد سنتَيْن أَو أقل أَو أَكثر؟ وَالْحكمَة فِيهِ أَنه يتفاءل لَهُ بِالْإِيمَان لِأَن التَّمْر ثَمَرَة الشَّجَرَة الَّتِي شبهها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْمُؤمنِ، وبحلاوته أَيْضا، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ المحنك من أهل الْفضل وَالْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ لِأَنَّهُ يصل إِلَى جَوف الْمَوْلُود من ريقهم أَلا ترى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما حنك عبد الله بن الزبير حَاز من الْفَضَائِل والكمالات مَا لَا يُوصف؟ وَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ عفيفا فِي الْإِسْلَام، وَكَذَلِكَ عبد الله بن أبي طَلْحَة كَانَ من أهل الْعلم وَالْفضل والتقدم فِي الْخَيْر ببركة رِيقه الْمُبَارك.





[ قــ :5173 ... غــ :5468 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عَنْ هِشامٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا.
قَالَتْ: أُُتِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِصَبِيِّ يُحَنِّكُهُ فَبَالَ عَلَيْهِ فَأتْبَعَهُ المَاء.


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث من أَفْرَاده وَأخرجه أَيْضا فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ بَوْل الصّبيان عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة الحَدِيث.





[ قــ :5174 ... غــ :5469 ]
- حدَّثنا إسْحَاقَ بنُ نَصْرٍ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ حدَّثنا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّها حَمَلَتْ بِعَبْدِ الله بنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأنَا مُتِم، فَأتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدَتُهُ بِقُباء، ثُمَّ أتَيْتُ بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَها ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإسْلامِ فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحا شَدِيدا لأنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إنَّ اليَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلا يُولَدُ لَكُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِسْحَاق بن نصر وَشَيْخه قد ذكرا عَن قريب.

والْحَدِيث قد مضى فِي هِجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن زَكَرِيَّاء بن يحيى، وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.

قَوْله: ( وَأَنا متم) ، بِضَم الْمِيم وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، يُقَال: اتمت الحبلى فَهِيَ متم إِذا أتمت أَيَّام حملهَا.
قَوْله: ( قبَاء) ، والفصيح فِيهِ الْمَدّ وَالصرْف وَحكى الْقصر وَكَذَا ترك الصّرْف.
قولهّ ( فِي حجره) بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا.
قَوْله: ( ثمَّ تقل) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْفَاء أَي: بزق.
قَوْله: ( فِي فِيهِ) أَي: فِي فَمه.
قَوْله: ( فبرك عَلَيْهِ) بتَشْديد الرَّاء أَي: دَعَا لَهُ بِالْبركَةِ.
قَوْله: ( أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام) أَي: أول مَوْلُود بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة من أَوْلَاد الْمُهَاجِرين وَإِلَّا فالنعمان بن بشير الْأنْصَارِيّ ولد قبله بعد الْهِجْرَة.



[ قــ :5175 ... غــ :5470 ]
- حدَّثنا مَطَرُ بنُ الفَضْلِ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ أخْبَرَنا عَبْدُ الله بنُ عَوْنٍ عَنْ أنَسٍ بنِ سِيرِينَ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ، رَضِيَ الله عَنهُ.
قَالَ: كَانَ ابنٌ لأبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ.
فَلَمَّا رَجَعَ أبُو طَلْحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أسْكَنُ مَا كَانَ فَقَرَّبَتْ إلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَى ثُمَّ أصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارِ الصَّبِيَّ فَلَمَّا أصْبَحَ أبُو طَلْحَةَ أتَى رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأخُبَرَهُ.
فَقَالَ: أعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا فَوَلَدَتْ غُلاما قَالَ لِي أبُو طَلْحَةَ: احْفَظِيهِ حَتَّى نَأتِيَ بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأتَى بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ.
فَأخَذَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: أمَعَهُ شَيْءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ! تَمْرَاتٌ.
فَأخَذَها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَضَغَهَا ثُمَّ أخَذَ مِنْ فِيه فَجَعَلَها فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ الله.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث ومطر بن الْفضل الْمروزِي وَيزِيد من الزِّيَادَة وَأنس بن سِيرِين أَخُو مُحَمَّد بن سِيرِين.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

قَوْله: ( لأبي طَلْحَة) ، وَهُوَ يزِيد بن سهل زوج أم أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( يشتكي) ، من الاشتكاء من الشكو وَهُوَ الْمَرَض.
قَوْله: ( أم سليم) ، هِيَ: أم أنس بن مَالك.
قَوْله: ( أسكن مَا كَانَ) أَرَادَت بِهِ سُكُون الْمَوْت، وَهُوَ أفعل التَّفْضِيل، وَظن أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا تُرِيدُ سُكُون الشِّفَاء.
قَوْله: ( ثمَّ أصَاب مِنْهَا) أَي: جَامعهَا.
قَوْله: ( وارِ الصَّبِي) أَي: ادفنه من المواراة، ويروى: وأروا الصَّبِي.
قَوْله: ( أعرستم) من الإعراس وَهُوَ الْوَطْء.
يُقَال: أعرس بأَهْله إِذا غشيها، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، أعرستم؟ بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الرَّاء.

     وَقَالَ  عِيَاض: هُوَ غلط لِأَن التَّعْرِيس النُّزُول فِي آخر اللَّيْل، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لُغَة يُقَال: أعرس وعرس إِذا دخل بأَهْله، والأفصح: أعرس، وَهَذَا السُّؤَال للتعجب من صنعهما وصبرهما وسروره بِحسن رضائها بِقَضَاء الله تَعَالَى.
قَوْله: ( احفظيه) هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: احفظه.

وَفِيه: اسْتِحْبابُُ تحنيك الْمَوْلُود عِنْد وِلَادَته وَحمله إِلَى صَالح يحنكه، والتمسية يَوْم وِلَادَته، وتفويض التَّسْمِيَة إِلَى الصَّالِحين، ومنقبة أم سليم من عَظِيم صبرها وَحسن رضائها بِالْقضَاءِ، وجزالة عقلهَا فِي إخفائها مَوته عَن أَبِيه فِي أول اللَّيْل ليبيت مستريحا وَاسْتِعْمَال المعاريض، وأجابة دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَقّهمَا حَيْثُ حملت بِعَبْد الله بن أبي طَلْحَة، وَجَاء من عبد الله عشرَة صَالِحُونَ عُلَمَاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

{ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدَّثنا ابنُ أبِي عَدِيٍّ عَنِ ابنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أنَسٍ، وَسَاقَ الحَدِيثَ} .

أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الحَدِيث الْمَذْكُور دائر بَين الْأَخَوَيْنِ فَالَّذِي مضى عَن أنس بن سِيرِين، وَهَذَا عَن أَخِيه مُحَمَّد بن سِيرِين كِلَاهُمَا رويا عَن أنس بن مَالك فروى البُخَارِيّ هَذَا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى ضد الْمُفْرد عَن مُحَمَّد بن أبي عدي عَن عبد الله بن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك.
قَوْله: ( وسَاق الحَدِيث) ، أَي: الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْمثنى وَسَاقه البُخَارِيّ فِي كتاب اللبَاس فِي بابُُ الخميصة السَّوْدَاء.
قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى.
قَالَ: حَدثنِي ابْن أبي عدي عَن ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس.
قَالَ: لما ولدت أم سليم الحَدِيث.