فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدعاء إذا علا عقبة

(بابُُ الدعاءِ إذَا عَلاَ عَقَبةً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء، إِذا علا، أَي: صعد عقبَة.



[ قــ :6047 ... غــ :6384 ]
- حدّثنا سُليْمانُ بنُ حَرْب حَدثنَا حَمَّادُ بن زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ أبي عُثْمانَ عنْ أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي سَفَرِ فَكُنَّا إذَا عَلَوْنا كَبَّرْنا، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيُّها النَّاسُ: (أرْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ فإنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أصَمَّ وَلَا غائِباً، ولَكِنْ تَدعُونَ سَمِيعاً بَصِيراً، ثُمَّ أتَى عَليَّ وَأَنا أقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الله بن قَيْسٍ! قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه فإنَّها كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّة، أوْ قَالَ: ألاَ أدُلُّكَ عَلى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لَا حَوْل وَلَا قوَّةَ إلاّ بِاللَّه.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (تدعون) فِي موضِعين.
وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وَأَبُو مُوسَى هُوَ لأشعري، وَمضى عَن قريب.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ مَا يكره من رفع الصَّوْت فِي التَّكْبِير فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ... إِلَى آخِره، وَمر أَيْضا فِي غَزْوَة خَيْبَر بأتم مِنْهُ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان إِلَى آخِره.

قَوْله: (إربعوا) بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: إرفقوا بِأَنْفُسِكُمْ يَعْنِي: لَا تبالغوا فِي الْجَهْر.
قَوْله: (أَصمّ) يرْوى: صمًّا، وَلَعَلَّه بِاعْتِبَار مُنَاسبَة غَائِبا.
قَوْله: (سميعاً بَصيرًا) وَمر فِي الْجِهَاد: أَنه مَعكُمْ إِنَّه سميع قريب، وَفِي غَزْوَة خَيْبَر: إِنَّكُم تدعون سميعاً قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ.
قَوْله: (ثمَّ أَتَى عَليّ) بتَشْديد الْيَاء أَي: ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على قَوْله: (أَو قَالَ)
إِلَى آخِره، شكّ من الرَّاوِي، وَسَيَأْتِي فِي كتاب الْقدر من رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن أبي عُثْمَان.
قَوْله بِلَفْظ: ثمَّ قَالَ: يَا عبد الله بن قيس! أَلا أعلمك كلمة ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (كنز) أَي كالكنز فِي كَونه أمرا نفسياً مدخراً مكنوناً عَن أعين النَّاس، وَهِي كلمة استسلام وتفويض إِلَى الله تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: لَا حِيلَة فِي دفع شَرّ وَلَا قُوَّة فِي تَحْصِيل خير إِلَّا بِاللَّه، وَفِي لَفْظَة: لَا حول وَلَا قُوَّة خَمْسَة أوجه ذكرهَا النُّحَاة.
قَوْله: (لَا حول) يجوز أَن يكون مَنْصُوبًا محلا على تَقْدِير: أَعنِي، وَأَن يكون مجروراً على أَنه بدل من قَوْله: (هِيَ كنز) لِأَنَّهَا فِي مَحل الْجَرّ على أَنَّهَا صفة لقَوْله: (على كلمة) وَأَن يكون مَرْفُوعا على تَقْدِير: هُوَ لَا حول وَلَا قُوَّة إلاَّ بِاللَّه.