فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} [التوبة: 51]: قضى

( بابُُ { قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} ( التَّوْبَة: 15) قَضَى.
)


أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { قل لن يصيبنا} .
.
إِلَى آخِره.
قَوْله: قضى، تَفْسِير لقَوْله: كتب، وَأَشَارَ بِهَذِهِ الْآيَة إِلَى أَن الله تَعَالَى أعلم عباده أَن مَا يصيبهم فِي الدُّنْيَا من الشدائد والمحن والضيق وَالْخصب والجدب إِن ذَلِك كُله فعل الله تَعَالَى، يفعل من ذَلِك مَا يَشَاء لِعِبَادِهِ ويبتليهم بِالْخَيرِ وَالشَّر، وَذَلِكَ كُله مَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ.

قَالَ مُجاهِدِ: بِفاتِنِينَ بِمُضِلِّينَ، إلاّ مَنْ كَتَب الله.
أنَّهُ يَصْلَى الجَحِيمَ.

أَي قَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} ( الصافات: 261 361) أَي: مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بمضلين إلاَّ من كتب الله تَعَالَى أَنه يُصَلِّي أَي: يدْخل الْجَحِيم، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد بن حميد بِمَعْنَاهُ من طَرِيق إِسْرَائِيل عَن مَنْصُور فِي هَذِه الْآيَة، قَالَ: لَا يفتنون إلاَّ من كتب عَلَيْهِ الضَّلَالَة.

قَدَّرَ فَهَدَى.
قَدَّرَ الشَّقاءَ والسَّعادَةَ وهَدَى الأنْعامَ لِمَرَاتِعِها.

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { وَالَّذِي قدر فهدى} ( الْأَعْلَى: 3) وَفَسرهُ بقوله: قدر الشَّقَاء والسعادة، وَوَصله الْفرْيَابِيّ عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد.
قَوْله: الْأَنْعَام لمراتعها، لَيْسَ لَهُ تعلق بِمَا قبله بل هُوَ تَفْسِير لمثل قَوْله تَعَالَى: { رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} ( طه: 05) .



[ قــ :6273 ... غــ :6619 ]
- حدّثني إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ أخبرنَا النَّضْرُ حدّثنا داوُدُ بنُ أبي الفُراتِ عنْ عَبْدِ الله بنِ بُرَيْدَةَ عنْ يَحْيَاى بنِ يَعْمَرُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أخْبَرَتْهُ أنَّها سَألَتْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ الطَّاعُونِ.
فَقَالَ: ( كَانَ عَذاباً يَبْعَثُهُ الله عَلى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ الله رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلْدَةٍ يَكُونُ فِيها ويَمْكُثُ فِيها لَا يخْرُجُ مِنَ البَلْدَةِ صابِراً مُحْتَسِباً، يَعْلَمُ أنّهُ لَا يُصِيبُهُ إلاّ مَا كَتَبَ الله لهُ، إلاَّ كانَ لهُ مِثْلُ أجْرِ شَهِيدٍ) .
( انْظُر الحَدِيث 743 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، ونسبته إِلَى حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد منات بن تَمِيم بطن عامتهم بِالْبَصْرَةِ، وَالنضْر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن شُمَيْل، وَدَاوُد بن أبي الْفُرَات بِضَم الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء الْمروزِي تحول إِلَى الْبَصْرَة، وَعبد الله بن بُرَيْدَة مصغر الْبردَة الْأَسْلَمِيّ قَاضِي مرو، وَيحيى بن يعمر بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم الْمِيم وبالراء القَاضِي أَيْضا بمرو، وَالرِّجَال كلهم مروزيون.
وَهُوَ من الغرائب.

والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير وَفِي ذكر بني إِسْرَائِيل وَفِي الطِّبّ عَن إِسْحَاق عَن حبَان.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( الطَّاعُون) الوباء قَالَه أهل اللُّغَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: إِنَّه حب ينْبت فِي الأرفاغ، وَقيل: هُوَ بِئْر مؤلم جدا يخرج غَالِبا من الآباط مَعَ اسوداد حواليه وخفقان الْقلب.
قَوْله: ( رَحْمَة) قيل مَا معنى كَون الْعَذَاب رَحْمَة؟ .
وَأجِيب بِأَنَّهُ وَإِن كَانَ هُوَ محنة فِي الصُّورَة لكنه رَحْمَة من حَيْثُ أَنه يتَضَمَّن مثل أجر الشَّهِيد فَهُوَ سَبَب الرَّحْمَة لهَذِهِ الْأمة.