فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني} [طه: 39]، «تغذى»، وقوله جل ذكره: {تجري بأعيننا} [القمر: 14]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { أَنِ اقْذِفِيهِ فِى التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِى الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّى وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى} تُغَذَّى.
وقَوْلهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: { تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَوْله جلّ ذكره ... إِلَى آخِره.
وَأَشَارَ بالآيتين إِلَى أَن لله تَعَالَى صفة سَمَّاهَا عينا لَيست هُوَ وَلَا غَيره وَلَيْسَت كالجوارح المعقولة بَيْننَا لقِيَام الدَّلِيل على اسْتِحَالَة وَصفه بِأَنَّهُ ذُو جوارح وأعضاء، خلافًا لما يَقُوله المجسمة من أَنه تَعَالَى جسم لَا كالأجسام، وَقيل: على عَيْني أَي: على حفظي، وتستعار الْعين لمعان كَثِيرَة.
قَوْله: تغذى كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَالْمُسْتَمْلِي بِضَم التَّاء وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة بعْدهَا ذال مُعْجمَة من التغذية، وَوَقع فِي نُسْخَة الصغاني بِالدَّال الْمُهْملَة وَلَيْسَ بِفَتْح أَوله على حذف التَّاءَيْنِ فَإِنَّهُ تَفْسِير: تصنع،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هَذَا التَّفْسِير لعبادة، وَيُقَال: صنعت الْفرس إِذا أَحْسَنت الْقيام عَلَيْهِ قَوْله: د ذ أَي: بعلمنا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أما الْعين فَالْمُرَاد مِنْهَا المرآى أَو الْحِفْظ، وبأعيننا أَي: وبمرآى منا، أَو هُوَ مَحْمُول على الْحِفْظ إِذْ الدَّلِيل مَانع عَن إِرَادَة الْعُضْو، وَأما الْجمع فَهُوَ للتعظيم.



[ قــ :7012 ... غــ :7407 ]
- حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيل، حَدثنَا جُوَيْرِيَةُ، عنْ نافِعٍ، عنْ عَبْدِ الله قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النّبيِّ فَقَالَ: إنَّ الله لَا يَخْفَى عَليْكُمْ إنَّ الله لَيْسَ بأعْوَرَ وأشارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ وإنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِئَةٌ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: إِن الله لَيْسَ بأعور وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه لِأَن فِيهِ إِثْبَات الْعين.

وَجُوَيْرِية هُوَ ابْن أَسمَاء.

والْحَدِيث من أَفْرَاده بِهَذَا الْوَجْه، قَالَ الْحَافِظ الْمزي: وَفِي كتاب أبي مَسْعُود: عَن مُسَدّد، بدل: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.
وَالَّذِي فِي الصَّحِيح مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، هَكَذَا مَنْسُوب فِي عدَّة أصُول.

قَوْله: إِن الله لَيْسَ بأعور قيل: فِي إِشَارَته إِلَى الْعين نفي العور وَإِثْبَات الْعين، وَلما كَانَ منزهاً عَن الجسمية والحدقة وَنَحْوهمَا لَا بُد من الصّرْف إِلَى مَا يَلِيق بِهِ.
واحتجت المجسمة بقوله: إِن الله لَيْسَ بأعور وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه على أَن عينه كَسَائِر الْأَعْين.
قُلْنَا: إِذا قَامَت الدَّلَائِل على اسْتِحَالَة كَونه مُحدثا وَجب صرف ذَلِك إِلَى معنى يَلِيق بِهِ وَهُوَ نفي النَّقْص والعور عَنهُ جلت عَظمته، وَأَنه لَيْسَ كمن لَا يرى وَلَا يبصر، بل منتفٍ عَنهُ جَمِيع النقائص والآفات.
قَوْله: أَعور عين الْيُمْنَى من بابُُ إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته.
قَوْله: طافئة أَي: ناتئة شاخصة، ضد راسبة.





[ قــ :7013 ... غــ :7408 ]
- حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حَدثنَا شُعْبَةُ، أخبرنَا قَتادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أنَساً، رَضِي الله عَنهُ، عَنِ النّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا بَعَثَ الله مِنْ نَبِيَ إلاّ أنْذَرَ قَوْمَهُ الأعْوَرَ الكَذَّابَ، إنَّهُ أعْوَرُ وإنَّ ربَّكُمْ لَيْسَ بأعْورَ، مَكْتُوبٌ بَينَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ
انْظُر الحَدِيث 7131
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق.

والْحَدِيث مضى فِي الْفِتَن عَن سُلَيْمَان بن حَرْب.

قَوْله: الْأَعْوَر الْكذَّاب أَي: الدَّجَّال.
قيل: مَعْلُوم أَنه لَيْسَ الرب بدلائل مُتعَدِّدَة.
وَأجِيب: بِأَن ذَلِك مَعْلُوم للْعُلَمَاء، وَالْمَقْصُود أَن يُشِير إِلَى أَمر محسوس تُدْرِكهُ الْعَوام.
<"