فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب القراءة في الظهر


[ قــ :738 ... غــ :759 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيَى عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي قَتَادَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ كانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأُ فِي الرِّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وسورَتَينِ يُطَوِّلُ فِي الأُولى ويُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُسْمِعُ الآيةَ أحْيَانا وكانَ يَقْرَأُ فِي العَصْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وكانَ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى وَكَانَ يُطَوِّلِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ ويُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن.
الثَّانِي: شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن.
الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير.
الرَّابِع: عبد الله ابْن أبي قَتَادَة.
الْخَامِس: أَبوهُ أَبُو قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي، وَهُوَ الْمَشْهُور.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه، وَفِي رِوَايَة الجوزقي، من طَرِيق عبيد الله بن مُوسَى: عَن شَيبَان التَّصْرِيح بالإخبار ليحيى من عبد الله، ولعَبْد الله من أَبِيه، وَكَذَا للنسائي من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى، لَكِن بِلَفْظ التحديث فيهمَا، وَكَذَا لَهُ من رِوَايَة أبي إِبْرَاهِيم القتاد عَن يحيى: حَدثنِي عبد الله، فأمن بذلك تَدْلِيس يحيى.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مكي بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام الدستوَائي وَعَن أبي نعيم عَن هِشَام وَلم يذكر الْقِرَاءَة، وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن همام، وَعَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن الْأَوْزَاعِيّ، أربعتهم عَن يحيى بن أبي كثير بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد ابْن الْمثنى بِهِ، وَعَن الْحسن بن عَليّ، وَعَن مُسَدّد عَن يحيى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة، وَعَن يحيى بن درست وَعَن عمرَان ابْن يزِيد وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن بشر بن هِلَال الصَّواف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( الْأَوليين) تَثْنِيَة الأولى.
قَوْله: ( وسورتين) أَي: فِي كل رَكْعَة سُورَة.
قَوْله: ( يطول) من التَّطْوِيل.
قَوْله: ( فِي الثَّانِيَة) أَي: فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة.
قَوْله: ( وَيسمع الْآيَة) ، وَفِي رِوَايَة: ( ويسمعنا) ، من الإسماع، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة الشيبان، وللنسائي من حَدِيث الْبَراء: ( كُنَّا نصلي خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فنسمع مِنْهُ الْآيَة بعد الْآيَة من سُورَة لُقْمَان والذاريات) ، وَلابْن خُزَيْمَة من حَدِيث أنس نَحوه، وَلَكِن قَالَ: سبح إسم رَبك الْأَعْلَى، وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية.
قَوْله: ( أَحْيَانًا) أَي: فِي أحيان، جمع حِين، وَهُوَ يدل على تكَرر ذَلِك مِنْهُ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دَلِيل على وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي كل رَكْعَة من الْأَوليين من ذَوَات الْأَرْبَع وَالثَّلَاث، وَكَذَلِكَ ضم السُّورَة إِلَى الْفَاتِحَة.
وَفِيه: اسْتِحْبابُُ قِرَاءَة سُورَة قَصِيرَة بكمالها، وَأَنَّهَا أفضل من قِرَاءَة بِقَدرِهَا من الطَّوِيلَة، وَفِي ( شرح الْهِدَايَة) : إِن قَرَأَ بعض سُورَة فِي رَكْعَة وَبَعضهَا فِي الثَّانِيَة، الصَّحِيح أَنه لَا يكره، وَقيل: يكره وَلَا يَنْبَغِي أَن يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ من وسط السُّورَة، وَمن آخرهَا، وَلَو فعل لَا بَأْس بِهِ.
وَفِي النَّسَائِيّ: ( قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سُورَة الْمُؤمنِينَ إِلَى ذكر مُوسَى وَهَارُون، ثمَّ أَخَذته سعلة ركع) .
وَفِي ( الْمُغنِي) : لَا تكره قِرَاءَة آخر السُّورَة وأوسطها فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد، وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة مَكْرُوهَة.
وَفِيه: أَن الْإِسْرَار لَيْسَ بِشَرْط لصِحَّة الصَّلَاة بل هُوَ سنة.
وَفِيه: فِي قَوْله: ( وَكَانَ يطول الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر وَيقصر فِي الثَّانِيَة) مَا يسْتَدلّ بِهِ مُحَمَّد على تَطْوِيل الأولى على الثَّانِيَة فِي جَمِيع الصَّلَوَات، وَبِه قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة، وَعَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف: يُسَوِّي بَين الرَّكْعَتَيْنِ إلاّ فِي الْفجْر، فَإِنَّهُ يطول الأولى على الثَّانِيَة، وَبِه قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة، وجوابهما عَن الحَدِيث: أَن تَطْوِيل الأولى كَانَ بِدُعَاء الاستفتاح والتعود لَا فِي الْقِرَاءَة، وَيطول الأولى فِي صَلَاة الصُّبْح بِلَا خلاف لِأَنَّهُ وَقت نوم وغفلة.
وَفِيه: دَلِيل على جَوَاز الِاكْتِفَاء بِظَاهِر الْحَال فِي الْإِخْبَار دون التَّوَقُّف على الْيَقِين، لِأَن الطَّرِيق إِلَى الْعلم بِقِرَاءَة السُّورَة فِي السّريَّة لَا يكون إلاّ بِسَمَاع كلهَا، وَإِنَّمَا يُفِيد يَقِين ذَلِك لَو كَانَ فِي الجهرية، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذ من سَماع بَعْضهَا مَعَ قيام الْقَرِيبَة على قِرَاءَة بَاقِيهَا، قَالَه ابْن دَقِيق الْعِيد.
وَقيل: يحْتَمل أَن يكون الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُخْبِرهُمْ عقيب الصَّلَاة دَائِما أَو غَالِبا بِقِرَاءَة السورتين.
قلت: هَذَا بعيد جدا.
وَفِيه: مَا اسْتدلَّ بِهِ بعض الشَّافِعِيَّة على جَوَاز تَطْوِيل الإِمَام فِي الرُّكُوع لأجل الدَّاخِل.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَلَا حجَّة فِيهِ لِأَن الْحِكْمَة لَا يُعلل بهَا لخفائها أَو لعدم انضباطها، وَلِأَنَّهُ لم يكن يدْخل فِي الصَّلَاة يُرِيد تَقْصِير تِلْكَ الرَّكْعَة، ثمَّ يطيلها لأجل الْآتِي، وَإِنَّمَا كَانَ يدْخل فِيهَا ليَأْتِي بِالصَّلَاةِ على سنتها من تَطْوِيل الأولى، فافترق الأَصْل وَالْفرع، فَامْتنعَ الْإِلْحَاق.
وَفِيه: مَا اسْتدلَّ فِيهِ أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة بِإِسْقَاط الْقِرَاءَة فِي الْأُخْرَيَيْنِ، لِأَن ذكر الْقِرَاءَة فيهمَا لم يَقع، وَالله أعلم.





[ قــ :739 ... غــ :760 ]
- حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ قَالَ حدَّثنا أبي قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ حدَّثني عُمَارَةُ عنْ أبِي مَعْمَرٍ قَالَ سَألْنَا خَبَّابا أَكَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرأُ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِأيِّ شيءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرابِ لِحْيَتِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعمر هُوَ ابْن حَفْص وَأَبوهُ حَفْص بن غياث، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَعمارَة، بِضَم الْعين: هُوَ ابْن عُمَيْر، وَأَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: عبد الله بن سَخْبَرَة الْأَزْدِيّ الْكُوفِي.
وَقد أخرج البُخَارِيّ هَذَا فِي: بابُُ رفع الْبَصَر إِلَى الإِمَام، عَن مُوسَى عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ.

وَفِيه: الحكم بِالدَّلِيلِ، لأَنهم حكمُوا باضطراب لحيته الْمُبَارَكَة على قِرَاءَته، لَكِن لَا بُد من قرينَة تعْيين الْقِرَاءَة دون الذّكر، وَالدُّعَاء مثلا، لِأَن اضْطِرَاب لحيته يحصل بِكُل مِنْهُمَا، وَكَأَنَّهُم نظروه بالصلوات الجهرية لِأَن ذَلِك الْمحل مِنْهَا هُوَ مَحل الْقِرَاءَة لَا الذّكر وَالدُّعَاء، وَإِذا انْضَمَّ إِلَى ذَلِك قَول أبي قَتَادَة: كَانَ يسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا، قوي الِاسْتِدْلَال.