فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب عقد الثياب وشدها، ومن ضم إليه ثوبه، إذا خاف أن تنكشف عورته

( بابُُ عَقْدِ الثِّيَابِ وشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إلَيْهِ ثَوْبَهُ إذَا خافَ أنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان عقد الْمُصَلِّي ثَوْبه وشدها.
وَفِي بَيَان من ضم إِلَيْهِ ثَوْبه من الْمُصَلِّين إِذا خَافَ أَن تنكشف عَوْرَته، فكلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالتَّقْدِير: خوف انكشاف عَوْرَته، وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فَكَأَن البُخَارِيّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن النَّهْي الْوَارِد عَن كف الثِّيَاب فِي الصَّلَاة مَحْمُول على حَالَة غير الِاضْطِرَار.
فَإِن قيل: مَا وَجه إِدْخَال هَذَا الْبابُُ بَين أَبْوَاب أَحْكَام السُّجُود؟ أُجِيب: من حَيْثُ إِن الْهَوِي إِلَى السُّجُود وَالرَّفْع مِنْهُ يسهلان مَعَ عقد الثِّيَاب وَضمّهَا، بِخِلَاف إرسالها وسدلها.
قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن فِي ضم الثَّوْب أمنا من كشف الْعَوْرَة.



[ قــ :793 ... غــ :814 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قالَ كانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهُمْ عَاقِدُوا أُزُرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُؤُسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسا ( انْظُر الحَدِيث 362 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ إِذا كَانَ الثَّوْب ضيقا: عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حَازِم عَن سهل ... الحَدِيث.
وَأخرج هَهُنَا: عَن مُحَمَّد بن كثير ضد الْقَلِيل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.

قَوْله: ( وهم عاقدو أزرهم) أَصله: عاقدون، فَلَمَّا أضيف سَقَطت النُّون للإضافة، ويروى: ( عاقدي أزرهم) ، ووجهها أَن يكون خبر: كَانَ، محذوفا، أَي: هم كَانُوا عاقدي أزرهم.
وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا على الْحَال.
أَي: هم مؤتزرون حَال كَونهم عاقدي أزرهم، والأزر، بِضَم الْهَمْز وَالزَّاي: جمع إِزَار.
قَوْله: ( من الصغر) أَي: من أجل صغر أزرهم.
قَوْله: ( جُلُوسًا) أَي: جالسين.
كَانَت النِّسَاء متأخرات عَن صف الرِّجَال، فنهين عَن رفع رُؤْسهمْ حَتَّى يَسْتَوِي الرِّجَال جالسين حَتَّى لَا يَقع بصرهن على عَوْرَاتهمْ.

وَفِيه: الِاحْتِيَاط فِي ستر الْعَوْرَة، والتوثق بِحِفْظ الستْرَة.