فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ

باب التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ التَّرَاوِيحُ
[ سـ :1318 ... بـ :759]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ) مَعْنَى ( إِيمَانًا ) تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ مُقْتَصِدٌ فَضِيلَتَهُ ، وَمَعْنَى ( احْتِسَابًا ) أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا يَقْصِدُ رُؤْيَةَ النَّاسِ ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ . وَالْمُرَادُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاتُهَا مُنْفَرِدًا فِي بَيْتِهِ أَمْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ : الْأَفْضَلُ صَلَاتُهَا جَمَاعَةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ فَأَشْبَهَ صَلَاةَ الْعِيدِ . وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ : الْأَفْضَلُ فُرَادَى فِي الْبَيْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ ) .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَيَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنَ الْكَبَائِرِ مَا لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً .




[ سـ :1319 ... بـ :759]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ ، فَيَقُولُ : مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .

قَوْلُهُ : ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِعَزِيمَةٍ ) مَعْنَاهُ : لَا يَأْمُرُهُمْ أَمْرَ إِيجَابٍ وَتَحْتِيمٍ ، بَلْ أَمْرَ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ : فَيَقُولُ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ ) وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي التَّرْغِيبَ وَالنَّدْبَ دُونَ الْإِيجَابِ ، وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّقِيَامَ رَمَضَانَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ .

قَوْلُهُ : ( فَتُوُفِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ) مَعْنَاهُ : اسْتَمَرَّ الْأَمْرُ هَذِهِ الْمُدَّةَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُومُ رَمَضَانَ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا حَتَّى انْقَضَى صَدْرٌ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ، ثُمَّ جَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً ، وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً ، وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ .




[ سـ :1320 ... بـ :760]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) هَذَا مَعَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ ) قَدْ يُقَالُ : إِنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنِ الْآخَرِ ، وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالُ : قِيَامُ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ مُوَافَقَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَعْرِفَتِهَا سَبَبٌ لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ ، وَقِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِمَنْ وَافَقَهَا وَعَرَفَهَا سَبَبٌ لِلْغُفْرَانِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرَهَا .




[ سـ :1321 ... بـ :760]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا أُرَاهُ قَالَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا ) مَعْنَاهُ : يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ .




[ سـ :1322 ... بـ :761]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ قَالَ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . فَفِيهِ : جَوَازُ النَّافِلَةِ جَمَاعَةً ، وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ فِيهَا الِانْفِرَادُ إِلَّا فِي نَوَافِلَ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ : الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَكَذَا التَّرَاوِيحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا سَبَقَ . وَفِيهِ : جَوَازُ النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ أَفْضَلَ ، وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَأَنَّهُ كَانَ مُعْتَكِفًا . وَفِيهِ : جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ إِمَامَتَهُ ، وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ ، وَلَكِنْ إِنْ نَوَى الْإِمَامُ إِمَامَتَهُمْ بَعْدَ اقْتِدَائِهِمْ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لَهُ وَلَهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حَصَلَتْ لَهُمْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَحْصُلُ لِلْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَقَدْ نَوَوْهَا .

وَفِيهِ : إِذَا تَعَارَضَتْ مَصْلَحَةٌ وَخَوْفُ مَفْسَدَةٍ أَوْ مَصْلَحَتَانِ اعْتُبِرَ أَهَمُّهُمَا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ رَأَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ مَصْلَحَةً لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، فَلَمَّا عَارَضَهُ خَوْفُ الِافْتِرَاضِ عَلَيْهِمْ تَرَكَهُ لِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي تُخَافُ مِنْ عَجْزِهِمْ وَتَرْكِهِمْ لِلْفَرْضِ . وَفِيهِ : أَنَّ الْإِمَامَ وَكَبِيرَ الْقَوْمِ إِذَا فَعَلَ شَيْئًا خِلَافَ مَا يَتَوَقَّعُهُ أَتْبَاعُهُ وَكَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ يَذْكُرُهُ لَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَإِصْلَاحًا لِذَاتِ الْبَيْنِ ؛ لِئَلَّا يَظُنُّوا خِلَافَ هَذَا وَرُبَّمَا ظَنُّوا ظَنَّ السُّوءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :1323 ... بـ :761]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ اللَّيْلَةَ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا

قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا قَضَى صَلَاةَ الْفَجْرِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ تَشَهَّدَ ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ ) فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَوَائِدُ مِنْهَا : اسْتِحْبَابُ التَّشَهُّدِ فِي صَدْرِ الْخُطْبَةِ وَالْمَوْعِظَةِ ، وَفِي حَدِيثٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ( الْخُطْبَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ ) .

وَمِنْهَا : اسْتِحْبَابُ قَوْلِ أَمَّا بَعْدُ فِي الْخُطَبِ ، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَشْهُورَةٌ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا فِي الْبُدَاءَةِ فِي الْخُطْبَةِ بِـ ( أَمَّا بَعْدُ ) ، وَذَكَرَ فِيهِ جُمْلَةً مِنَ الْأَحَادِيثِ .

وَمِنْهَا : أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوْعِظَةِ اسْتِقْبَالُ الْجَمَاعَةِ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُقَالُ : جَرَى اللَّيْلَةَ كَذَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الصُّبْحِ ، وَهَكَذَا يُقَالُ : اللَّيْلَةَ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَبَعْدَ الزَّوَالِ يُقَالُ : الْبَارِحَةُ ، وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .




[ سـ :1324 ... بـ :762]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدَةُ عَنْ زِرٍّ قَالَ سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ أُبَيٌّ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي وَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا

فِيهِ حَدِيثُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَذَاهِبِ فِيهَا ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لَيْلَةً مُبْهَمَةً مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأَرْجَاهَا أَوْتَارُهَا ، وَأَرْجَاهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَأَكْثَرُهُمْ أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا تَنْتَقِلُ .

وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ : إِنَّهَا تَنْتَقِلُ فَتَكُونُ فِي سَنَةٍ : لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَفِي سَنَةٍ : لَيْلَةَ ثَلَاثٍ ، وَسَنَةٍ : لَيْلَةَ إِحْدَى ، وَلَيْلَةً أُخْرَى وَهَذَا أَظْهَرُ . وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ فِيهَا ، وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ بَسْطٍ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ كِتَابِ الصِّيَامِ حَيْثُ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ .




[ سـ :1325 ... بـ :762]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ يُحَدِّثُ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ أُبَيٌّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهَا وَأَكْثَرُ عِلْمِي هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَإِنَّمَا شَكَّ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَرْفِ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهَا صَاحِبٌ لِي عَنْهُ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إِنَّمَا شَكَّ شُعْبَةُ وَمَا بَعْدَهُ

قَوْلُهُ : ( وَأَكْثَرُ عِلْمِي ) ضَبَطْنَاهُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَلَّثَةُ أَكْثَرُ .