فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ الْمَنِيحَةِ

باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ
[ سـ :1767 ... بـ :1019]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ نَاقَةً تَغْدُو بِعُسٍّ وَتَرُوحُ بِعُسٍّ إِنَّ أَجْرَهَا لَعَظِيمٌ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ نَاقَةً تَغْدُو بِعُسٍّ وَتَرُوحُ بِعُسٍّ ) ( الْعُسُّ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهُوَ الْقَدَحُ الْكَبِيرُ ، هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ، وَرُوِيَ ( بِعَشَاءٍ ) بِشِينِ مُعْجَمَةٍ مَمْدُودَةٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَكْثَرِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ مُتْقِنِي شُيُوخِنَا ( بِعُسٍّ ) وَهُوَ الْقَدَحُ الضَّخْمُ . قَالَ : وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ ، قَالَ : وَرُوِيَ مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ ( بِعَسَاءٍ ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَفَسَّرَهُ الْحُمَيْدِيُّ بِالْعُسِّ الْكَبِيرِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ . قَالَ : وَضَبَطْنَا عَنْ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ سِرَاجٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا مَعًا ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ الْجَيَّانِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي مَرْوَانَ عَنْهُ إِلَّا بِالْكَسْرِ وَحْدَهُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ بِلَادِنَا أَوْ أَكْثَرِهَا مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( بِعَسَاءٍ ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَمْدُودَةٍ وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَةٌ . وَقَوْلُهُ : ( يَمْنَحُ ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ يُعْطِيهِمْ نَاقَةً يَأْكُلُونَ لَبَنَهَا مُدَّةً ثُمَّ يَرُدُّونَهَا إِلَيْهِ . وَقَدْ تَكُونُ الْمَنِيحَةُ عَطِيَّةً لِلرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا مُؤَبَّدَةً مِثْلَ الْهِبَةِ .




[ سـ :1768 ... بـ :1020]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى فَذَكَرَ خِصَالًا وَقَالَ مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً غَدَتْ بِصَدَقَةٍ وَرَاحَتْ بِصَدَقَةٍ صَبُوحِهَا وَغَبُوقِهَا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً غَدَتْ بِصَدَقَةٍ وَرَاحَتْ بِصَدَقَةٍ صَبُوحَهَا وَغَبُوقَهَا ) وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( مَنِيحَةً ) وَبَعْضِهَا ( مِنْحَةً ) بِحَذْفِ الْيَاءِ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْمِنْحَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْمَنِيحَةُ بِفَتْحِهَا مَعَ زِيَادَةِ الْيَاءِ هِيَ الْعَطِيَّةُ ، وَتَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ وَفِي الثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا ، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَحَ أُمَّ أَيْمَنَ عِذَاقًا أَيْ نَخِيلًا . ثُمَّ قَدْ تَكُونُ الْمَنِيحَةُ عَطِيَّةً لِلرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا وَهِيَ الْهِبَةُ ، وَقَدْ تَكُونُ عَطِيَّةَ اللَّبَنِ أَوَ الثَّمَرَةِ مُدَّةً ، وَتَكُونُ الرَّقَبَةُ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَيَرُدُّهَا إِلَيْهِ إِذَا انْقَضَى اللَّبَنُ أَوِ الثَّمَرُ الْمَأْذُونُ فِيهِ .

وَقَوْلُهُ : ( صَبُوحَهَا وَغَبُوقَهَا ) الصَّبُوحُ - بِفَتْحِ الصَّادِ - الشُّرْبُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، وَالْغَبُوقُ - بِفَتْحِ الْغَيْنِ - أَوَّلَ اللَّيْلِ ، وَالصَّبُوحُ وَالْغَبُوقُ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِ ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هُمَا مَجْرُورَانِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ : ( صَدَقَةٍ ) قَالَ : وَيَصِحُّ نَصْبُهُمَا عَلَى الظَّرْفِ .

وَقَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ ) مَعْنَاهُ : يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ ؟ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .