فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ

باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَةٍ
[ سـ :1868 ... بـ :1078]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ح وَحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ صَلِّ عَلَيْهِمْ

بَابُ الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ

قَوْلُهُ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ ، فَأَتَاهُ أَبِي أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ) هَذَا الدُّعَاءُ وَهُوَ الصَّلَاةُ امْتِثَالٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ وَمَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الدُّعَاءَ لِدَافِعِ الزَّكَاةِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ : هُوَ وَاجِبٌ ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، حَكَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَّاطِيُّ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - ، وَاعْتَمَدُوا الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ ، قَالَ الْجُمْهُورُ الْأَمْرُ فِي حَقِّنَا لِلنَّدَبِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا وَغَيْرَهُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالدُّعَاءِ ، وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ بِأَنَّ وُجُوبَ الدُّعَاءِ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ مِنَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا بِأَنَّ دُعَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَاتَهُ سَكَنٌ لَهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ ، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ فِي صِفَةِ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ : ( آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا ، وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ ) وَأَمَّا قَوْلُ السَّاعِي : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ فَكَرِهَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا كَرَاهَةٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : لَا يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا تَبَعًا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي لِسَانِ السَّلَفِ مَخْصُوصَةٌ بِالْأَنْبِيَاءِ - صَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - ، كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا : ( عَزَّ وَجَلَّ ) مَخْصُوصٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَكَمَا لَا يُقَالُ : مُحَمَّدٌ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا ، لَا يُقَالُ : أَبُو بَكْرٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَمْ مُحَرَّمٌ أَوْ مُجَرَّدُ أَدَبٍ ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ ؛ لِأَنَّهُ شِعَارٌ لِأَهْلِ الْبِدَعِ ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شِعَارِهِمْ ، وَالْمَكْرُوهُ هُوَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَيُقَالُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَتْبَاعِهِ ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَمْنَعُوا مِنْهُ ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا : السَّلَامُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ ، وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَنَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَائِبٌ ، وَلَا يُقَالُ : قَالَ فُلَانٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَمَّا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ لِحَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَسُنَّةٌ فَيُقَالُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكَ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْكُمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .