فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ الْكَمْأَةِ ، وَمُدَاوَاةِ الْعَيْنِ بِهَا

باب فَضْلِ الْكَمْأَةِ وَمُدَاوَاةِ الْعَيْنِ بِهَا
[ سـ :3931 ... بـ :2049]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَعَمْرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ

فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) أَمَّا الْكَمْأَةُ فَبِفَتْحِ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ ، وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ .

وَفِي الْإِسْنَادِ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ ، هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ ، وَالْحَسَنُ الْعُرَنِيُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ، وَبَعْدَهَا نُونٌ مَنْسُوبٌ إِلَى عُرَيْنَةَ .

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ ) فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَثِيرُونَ : شَبَّهَهَا بِالْمَنِّ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُمْ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا عِلَاجٍ ، وَالْكَمْأَةُ تَحْصُلُ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا عِلَاجٍ وَلَا زَرْعِ بِزْرٍ وَلَا سَقْيٍ وَلَا غَيْرِهِ . وَقِيلَ : هِيَ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَقِيقَةً عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ ) قِيلَ هُوَ نَفْسُ الْمَاءِ مُجَرَّدًا ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنْ يُخْلَطَ مَاؤُهَا بِدَوَاءٍ ، وَيُعَالَجَ بِهِ الْعَيْنُ . وَقِيلَ : إِنْ كَانَ لِبُرُودَةِ مَا فِي الْعَيْنِ مِنْ حَرَارَةٍ فَمَاؤُهَا مُجَرَّدًا شِفَاءٌ ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَمُرَكَّبٌ مَعَ غَيْرِهِ ، وَالصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَاءَهَا مُجَرَّدًا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ مُطْلَقًا ، فَيُعْصَرُ مَاؤُهَا ، وَيُجْعَلُ فِي الْعَيْنِ مِنْهُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا وَغَيْرِي فِي زَمَنِنَا مَنْ كَانَ عَمِيَ وَذَهَبَ بَصَرُهُ حَقِيقَةً ، فَكَحَّلَ عَيْنَهُ بِمَاءِ الْكَمْأَةِ مُجَرَّدًا ، فَشُفِيَ وَعَادَ إِلَيْهِ بَصَرُهُ ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْعَدْلُ الْأَيْمَنُ الْكَمَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ صَلَاحٍ وَرِوَايَةٍ لِلْحَدِيثِ ، وَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَاءِ الْكَمْأَةِ اعْتِقَادًا فِي الْحَدِيثِ وَتَبَرُّكًا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .