فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ

باب النَّهْيِ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ
[ سـ :3730 ... بـ :1956]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ جَدِّي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَارَ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا قَالَ فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ح وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : صَبْرُ الْبَهَائِمِ : أَنْ تُحْبَسَ وَهِيَ حَيَّةٌ لِتُقْتَلَ بِالرَّمْيِ وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ مَعْنَى : لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا ، أَيْ لَا تَتَّخِذُوا الْحَيَوَانَ الْحَيَّ غَرَضًا تَرْمُونَ إِلَيْهِ ، كَالْغَرَضِ مِنَ الْجُلُودِ وَغَيْرِهَا ، وَهَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ ، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا ) وَلِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَإِتْلَافٌ لِنَفْسِهِ ، وَتَضْيِيعٌ لِمَالِيَّتِهِ ، وَتَفْوِيتٌ لِذَكَاتِهِ إِنْ كَانَ مُذَكًّى ، وَلِمَنْفَعَتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُذَكًّى .




[ سـ :3733 ... بـ :1958]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا لَعَنْ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا

قَوْلُهُ : ( نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( طَيْرًا ) وَالْمُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْوَاحِدَ يُقَالُ لَهُ : طَائِرٌ ، وَالْجَمْعُ طَيْرٌ ، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ إِطْلَاقُ الطَّيْرِ عَلَى الْوَاحِدِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ جَارٍ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ .

قَوْلُهُ : ( وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ ) هُوَ بِهَمْزِ خَاطِئَةٍ أَيْ : مَا لَمْ يُصِبِ الْمَرْمَى .

وَقَوْلُهُ : ( خَاطِئَةٍ ) لُغَةٌ ، وَالْأَفْصَحُ مُخْطِئَةٌ ، يُقَالُ لِمَنْ قَصَدَ شَيْئًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ غَلَطًا : أَخْطَأَ فَهُوَ مُخْطِئٌ ، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ : خَطِئَ فَهُوَ خَاطِئٌ . وَهَذَا الْحَدِيثُ جَاءَ عَلَى اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ ، حَكَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .