فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ الْآيَةَ

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ الْآيَةَ
[ سـ :3477 ... بـ :1808]
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا فَاسْتَحْيَاهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ

قَوْلُهُ : ( يُرِيدُونَ غِرَّتَهُ ) أَيْ غَفْلَتَهُ .

قَوْلُهُ : ( فَأَخَذَهُمْ سَلَمًا ) ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ ، وَالثَّانِي : بِإِسْكَانِ اللَّامِ مَعَ كَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا ، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ : وَمَعْنَاهُ : الصُّلْحُ ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ : هَكَذَا ضَبَطَهُ الْأَكْثَرُونَ ، قَالَ فِيهِ وَفِي الشَّرْحِ : الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَظْهَرُ ، وَمَعْنَاهَا : أَسَرَهُمْ ، وَالسَّلَمُ الْأَسْرُ ، وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالسِّينِ ، قَالَ : وَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِسْلَامُ وَالْإِذْعَانُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ أَيْ : الِانْقِيَادَ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : هَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْقِصَّةِ ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُؤْخَذُوا صُلْحًا ، وَإِنَّمَا أُخِذُوا قَهْرًا وَأَسْلَمُوا أَنْفُسَهُمْ عَجْزًا ، قَالَ : وَلِلْقَوْلِ الْآخَرِ وَجْهٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ قِتَالٌ ، بَلْ عَجَزُوا عَنْ دَفْعِهِمْ وَالنَّجَاةِ مِنْهُمْ ، فَرَضُوا بِالْأَسْرِ ، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ صُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ .