فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ

باب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ
[ سـ :2707 ... بـ :1444]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَإِنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرَاهُ فُلَانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ

هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالرَّضَاعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا ، وَقَدْ رَضِعَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ بِكَسْرِ الضَّادِ يَرْضَعُهَا - بِفَتْحِهَا - رَضَاعًا . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَيَقُولُ أَهْلُ نَجْدٍ : رَضَعَ يَرْضِعُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ رَضْعًا يَضْرِبُ ضَرْبًا وَأَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ ، وَامْرَأَةٌ مُرْضِعٌ أَيْ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَإِنْ وَصَفْتَهَا بِإِرْضَاعِهِ قُلْتَ : مُرْضِعَةٌ بِالْهَاءِ . ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُهُ الْوِلَادَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَفِي حَدِيثِ قِصَّةِ حَفْصَةَ وَحَدِيثِ قِصَّةِ عَائِشَةَ الْإِذْنُ لِدُخُولِ الْعَمِّ مِنَ الرَّضَاعَةِ عَلَيْهَا . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ قُلْتُ : إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ : إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ

هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى ثُبُوتِ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى ثُبُوتِهَا بَيْنَ الرَّضِيعِ وَالْمُرْضِعَةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ ابْنَهَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا أَبَدًا وَيَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَالْمُسَافَرَةُ ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأُمُومَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفَقَةُ الْآخَرِ ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهَا وَلَا يَعْقِلُ عَنْهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهَا الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فِي هَذِهِ

الْأَحْكَامِ وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَأَوْلَادِ الرَّضِيعِ وَبَيْنَ الرَّضِيعِ وَأَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ وَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَوَلَدِهَا مِنَ النَّسَبِ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمَنْسُوبُ ذَلِكَ اللَّبَنُ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ زَوْجَ الْمَرْأَةِ أَوْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ثُبُوتُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّضِيعِ وَيَصِيرُ وَلَدًا لَهُ وَأَوْلَادُ الرَّجُلِ إِخْوَةَ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتِهِ ، وَتَكُونُ إِخْوَةُ الرَّجُلِ أَعْمَامَ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ عَمَّاتِهِ وَتَكُونُ أَوْلَادُ الرَّضِيعِ أَوْلَادَ الرَّجُلِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ وَابْنُ عُلَيَّةَ فَقَالُوا : لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالرَّضِيعِ . وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ .

وَلَمْ يَذْكُرِ الْبِنْتَ وَالْعَمَّةَ كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَبِ . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي عَمِّ عَائِشَةَ وَعَمِّ حَفْصَةَ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ إِذْنِهِ فِيهِ إِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ ، وَأَجَابُوا عَمَّا احْتُجُّوا بِهِ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ بِإِبَاحَةِ الْبِنْتِ وَالْعَمَّةِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ الْحُكْمِ عَمَّا سِوَاهُ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ دَلِيلٌ آخَرُ ، كَيْفَ وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُرَاهُ فُلَانًا ) لِعَمِّ حَفْصَةَ هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ .




[ سـ :2708 ... بـ :1444]
وَحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ ) هُوَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ .