فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا

باب فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا
[ سـ :1486 ... بـ :863]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ قَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنْ الشَّامِ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَلَمْ يَقُلْ قَائِمًا

بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا

قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ) وَفِي الْأُخْرَى : ( أَنَا فِيهِمْ ) . فِيهِ مَنْقَبَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَجَابِرٍ . وَفِيهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ مِنْ قِيَامٍ . وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ قَالَ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا .

وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَشْتَرِطُ أَرْبَعِينَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ رَجَعُوا أَوْ رَجَعَ مِنْهُمْ تَمَامُ أَرْبَعِينَ فَأَتَمَّ بِهِمُ الْجُمُعَةَ ، وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ( بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ . . . الْحَدِيثَ ) وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ انْتِظَارُهَا فِي حَالِ الْخُطْبَةِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ .




[ سـ :1487 ... بـ :863]
وَحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي الطَّحَّانَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ وَأَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدِمَتْ سُوَيْقَةٌ قَالَ فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَيْهَا فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَنَا فِيهِمْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

قَوْلُهُ : ( إِذَا أَقْبَلَتْ سُوَيْقَةٌ ) هُوَ تَصْغِيرُ سُوقٍ ، وَالْمُرَادُ الْعِيرُ الْمَذْكُورَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ أَوِ التِّجَارَةَ ، لَا تُسَمَّى عِيرًا إِلَّا هَكَذَا ، وَسُمِّيَتْ سُوقًا لِأَنَّ الْبَضَائِعَ تُسَاقُ إِلَيْهَا ، وَقِيلَ : لِقِيَامِ النَّاسِ فِيهَا عَلَى سُوقِهِمْ . قَالَ الْقَاضِي : وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ أَنَّ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الَّتِي انْفَضُّوا عَنْهَا إِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، وَظَنُّوا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الِانْفِضَاضِ عَنِ الْخُطْبَةِ ، وَأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ .

قَالَ الْقَاضِي : هَذَا أَشْبَهُ بِحَالِ الصَّحَابَةِ ، وَالْمَظْنُونِ بِهِمْ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَدَعُونَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَكِنَّهُمْ ظَنُّوا جَوَازَ الِانْصِرَافِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ . قَالَ : وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَوْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا خَطَبَ قَطُّ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَهَا .




[ سـ :1489 ... بـ :864]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا

قَوْلُهُ : ( انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا هَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ إِنْكَارَ الْمُنْكَرِ وَالْإِنْكَارَ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ إِذَا خَالَفُوا السُّنَّةَ . وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ بِالْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى : أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ مَعَ قَوْلِهِ : فَاتَّبِعُوهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي .