فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ ، وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ

باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ كَانُوا مُشْرِكِينَ
[ سـ :1738 ... بـ :998]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَى وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَى وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءُ ) اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَوْجُهٍ : قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : رُوِّينَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنْ شُيُوخِنَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا مَعَ كَسْرِ الْبَاءِ ، وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ ، قَالَ الْبَاجِيُّ : قَرَأْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ الْبَرَوِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ : وَعَلَيْهِ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ بِالْمَشْرِقِ وَقَالَ لِي الصُّورِيُّ : هِيَ بِالْفَتْحِ ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ الرَّاءَ وَأَلْزَمَهَا حُكْمَ الْإِعْرَابِ فَقَدْ أَخْطَأَ . قَالَ : وَبِالرَّفْعِ قَرَأْنَاهُ عَلَى شُيُوخِنَا بِالْأَنْدَلُسِ ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ يُعْرَفُ بِقَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ قِبْلِي الْمَسْجِدِ ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ هَذَا الْحَرْفَ ( بَرِيحَاءَ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ، وَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ أَبِي بَجَرٍ عَنِ الْعُذْرِيِّ وَالسَّمَرْقَنْدِيِّ ، وَكَانَ عِنْدَ ابْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْبَحْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ ( بِيرَحَاءَ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ، وَضَبَطَهُ الْحُمَيْدِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ ( بَيْرَحَاءَ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ ، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ : جَعَلْتُ أَرْضِي ( بَارِيحَا لِلَّهِ ) . وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِهِمْ فِي هَذَا الْحَرْفِ بِالْقَصْرِ ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالْوَجْهَيْنِ ، وَبِالْمَدِّ وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْأَصِيلِيِّ ، وَهُوَ حَائِطٌ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ ، وَلَيْسَ اسْمَ بِئْرٍ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي .

قَوْلُهُ : ( قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ) إِلَى آخِرِهِ . فِيهِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ ، كَمَا يُقَالُ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ . وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِخِّيرٍ التَّابِعِيُّ لَا يُقَالُ : اللَّهُ يَقُولُ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : قَالَ اللَّهُ ، أَوِ اللَّهُ قَالَ ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ مُضَارِعًا . وَهَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ ، وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى طَرَفٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ ، وَكَأَنَّ مَنْ كَرِهَهُ ظَنَّ أَنَّهُ يَقْتَضِي اسْتِئْنَافَ الْقَوْلَ ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ ، وَهَذَا ظَنٌّ عَجِيبٌ ، فَإِنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومٌ وَلَا لَبْسَ فِيهِ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْإِنْفَاقِ مِمَّا يُحِبُّ ، وَمُشَاوَرَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّدَقَاتِ وَوُجُوهِ الطَّاعَاتِ وَغَيْرِهَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : ( بَخٍ ) بِإِسْكَانِ الْخَاءِ وَتَنْوِينِهَا مَكْسُورَةٍ ، وَحَكَى الْقَاضِي الْكَسْرَ بِلَا تَنْوِينٍ ، وَحَكَى الْأَحْمَرُ التَّشْدِيدَ فِيهِ . قَالَ الْقَاضِي : وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ فَإِذَا كُرِّرَتْ فَالِاخْتِيَارُ تَحْرِيكُ الْأَوَّلِ مُنَوَّنًا ، وَإِسْكَانُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : مَعْنَاهُ تَعْظِيمُ الْأَمْرِ وَتَفْخِيمُهُ ، وَسُكِّنَتِ الْخَاءُ فِيهِ كَسُكُونِ اللَّامِ فِي هَلْ وَبَلْ . وَمَنْ قَالَ : ( بَخٍ ) بِكَسْرِهِ مُنَوَّنًا شَبَّهَهُ بِالْأَصْوَاتِ كَصَهٍ وَمَهٍ ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : بَخٍ بَخٍ . وَبَهٍ بَهٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ : بَخٍ كَلِمَةٌ تُقَالُ إِذَا حُمِدَ الْفِعْلُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : تُقَالُ عِنْدَ الْإِعْجَابِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَالٌ رَابِحٌ . فَضَبَطْنَاهُ هُنَا بِوَجْهَيْنِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ ، وَقَالَ الْقَاضِي : رِوَايَتُنَا فِيهِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ : بِالْمُوَحَّدَةِ ، وَاخْتَلَفَتِ الرُّوَاةُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِمَا ، فَمَنْ رَوَاهُ بِالْمُوَحَّدَةِ فَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ ، وَمَنْ رَوَاهُ ( رَايِحٌ ) بِالْمُثَنَّاةِ فَمَعْنَاهُ رَايِحٌ عَلَيْكَ أَجْرُهُ وَنَفْعُهُ فِي الْآخِرَةِ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَجَانِبِ إِذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ .

وَفِيهِ أَنَّ الْقَرَابَةَ يُرْعَى حَقُّهَا فِي صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا إِلَّا فِي أَبٍ بَعِيدٍ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَجْعَلَ صَدَقَتَهُ فِي الْأَقْرَبِينَ فَجَعَلَهَا فِي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعَانِ مَعَهُ فِي الْجَدِّ السَّابِعِ .




[ سـ :1740 ... بـ :999]
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ مَيْمُونَةَ حِينَ أَعْتَقَتِ الْجَارِيَةَ : ( لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ ) فِيهِ : فَضِيلَةُ صِلَةِ الْأَرْحَامِ ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْأَقَارِبِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ ، وَهَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَخْوَالَكِ بِاللَّامِ ، وَوَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْأَصِيلِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ : أَخَوَاتِكِ بِالتَّاءِ ، قَالَ الْقَاضِي : لَعَلَّهُ أَصَحُّ ، بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ : أَعْطَيْتِهَا أُخْتَكِ ، قُلْتُ : الْجَمِيعُ صَحِيحٌ وَلَا تَعَارُضَ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ كُلَّهُ .

وَفِيهِ : الِاعْتِنَاءُ بِأَقَارِبِ الْأُمِّ إِكْرَامًا بِحَقِّهَا وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي بِرِّهَا . وَفِيهِ : جَوَازُ تَبَرُّعِ الْمَرْأَةِ بِمَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا .




[ سـ :1741 ... بـ :1000]
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ قَالَتْ فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ إِنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَجْزِي عَنِّي وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ قَالَتْ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بَلْ ائْتِيهِ أَنْتِ قَالَتْ فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتِي حَاجَتُهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ قَالَتْ فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا لَهُ ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْأَلَانِكَ أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ قَالَتْ فَدَخَلَ بِلَالٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هُمَا فَقَالَ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَزَيْنَبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الزَّيَانِبِ قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً قَالَ قَالَتْ كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ) فِيهِ : أَمْرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ رَعِيَّتَهُ بِالصَّدَقَةِ وَفِعَالِ الْخَيْرِ ، وَوَعْظُهُ النِّسَاءَ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ . وَالْمَعْشَرُ : الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ صِفَتُهُمْ وَاحِدَةٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ مُفْرَدٌ ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَيُقَالُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا ، وَاللَّامُ مَكْسُورَةٌ فِيهِمَا ، وَالْيَاءُ مُشَدَّدَةٌ .

قَوْلُهَا : ( فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَجْزِي عَنِّي ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ يَكْفِي ، وَكَذَا قَوْلُهَا بَعْدُ : أَتَجْزِي الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا ؟ بِفَتْحِ التَّاءِ .

وَقَوْلُهَا : " أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى زَوْجَيْهِمَا " هَذِهِ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ ، فَيُقَالُ : عَلَى زَوْجَيْهِمَا ، وَعَلَى زَوْجِهِمَا ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِمَا وَهِيَ أَفْصَحُهُنَّ ، وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَكَذَا قَوْلُهَا : ( وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا ) وَشِبْهُ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مِنْهُ وَاحِدٌ .

قَوْلُهُمَا : ( وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِمَا ) قَدْ يُقَالُ : إِنَّهُ إِخْلَافٌ لِلْوَعْدِ ، وَإِفْشَاءٌ لِلسِّرِّ . وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ عَارَضَ ذَلِكَ جَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَوَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ مُحَتَّمٌ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ، وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ بُدِئَ بِأَهَمِّهَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ ) .

فِيهِ : الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَأَنَّ فِيهَا أَجْرَيْنِ .

قَوْلُهُ : ( فَذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ) الْقَائِلُ فَذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ هُوَ الْأَعْمَشُ ، وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ شَيْخَيْنِ : شَقِيقٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ ، وَهَذَا الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمَرْأَةِ الْأَنْصَارِيَّةِ ، مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى أَزْوَاجِهِمَا وَأَيْتَامِ فِي حُجُورِهِمَا وَنَفَقَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى بَنِيهَا ، الْمُرَادُ بِهِ كُلُّهُ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ ، وَسِيَاقُ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ .




[ سـ :1743 ... بـ :1002]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً وَحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً ) فِيهِ : بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي بَاقِي الْأَحَادِيثِ إِذَا احْتَسَبَهَا ، وَمَعْنَاهُ أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى . فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَنْفَقَهَا ذَاهِلًا ، وَلَكِنْ يَدْخُلُ الْمُحْتَسِبُ ، وَطَرِيقُهُ فِي الِاحْتِسَابِ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَطْفَالِ أَوْلَادِهِ وَالْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى حَسَبِ أَحْوَالِهِمْ . وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِمْ ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ إِلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيُنْفِقُ بِنِيَّةِ أَدَاءِ مَا أُمِرَ بِهِ ، وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :1744 ... بـ :1003]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَوْ رَاهِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ نَعَمْ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ : قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاهِبَةٌ أَوْ رَاغِبَةٌ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : ( رَاغِبَةٌ ) بِلَا شَكٍّ . وَفِيهَا : وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ . صِلِي أُمَّكِ . قَالَ الْقَاضِي : الصَّحِيحُ ( رَاغِبَةٌ ) بِلَا شَكٍّ . قَالَ : قِيلَ : مَعْنَاهُ رَاغِبَةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ وَكَارِهَةٌ لَهُ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ طَامِعَةٌ فِيمَا أَعْطَيْتُهَا . وَحَرِيصَةٌ عَلَيْهِ . وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ( قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي رَاغِبَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ ، وَهِيَ رَاغِمَةٌ مُشْرِكَةٌ ) فَالْأَوَّلُ : ( رَاغِبَةٌ ) بِالْبَاءِ أَيْ طَامِعَةٌ طَالِبَةٌ صِلَتِي . وَالثَّانِيَةُ : بِالْمِيمِ مَعْنَاهُ كَارِهَةٌ لِلْإِسْلَامِ سَاخِطَتُهُ ، وَفِيهِ : جَوَازُ صِلَةِ الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ ، وَأُمُّ أَسْمَاءَ اسْمُهَا ( قَيْلَةُ ) وَقِيلَ : ( قَتِيلَةُ ) بِالْقَافِ وَتَاءِ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ، وَهِيَ قَيْلَةُ بِالْقَافِ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقَ ، وَهُوَ قَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ أَمْ مَاتَتْ عَلَى كُفْرِهَا ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى مَوْتِهَا مُشْرِكَةٌ .