فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ يَوْمَ النَّفْرِ وَالصَّلَاةِ بِهِ

باب اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ يَوْمَ النَّفْرِ وَالصَّلَاةِ بِهِ
[ سـ :2396 ... بـ :1310]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ

( بَابُ اسْتِحْبَابِ نُزُولِ الْمُحَصَّبِ يَوْمَ النَّفَرِ )

" وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَا بَعْدَهَا بِهِ "

ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَحَادِيثَ فِي نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ يَوْمَ النَّفَرِ ، وَهُوَ الْمُحَصَّبُ ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ وَالْخُلَفَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ ، وَأَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا لَا يَنْزِلَانِ بِهِ ، وَيَقُولَانِ : هُوَ مَنْزِلٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا مَقْصُودٌ ، فَحَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُهُ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَبِيتَ بِهِ بَعْضَ اللَّيْلِ أَوْ كُلَّهُ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَ ( الْمُحَصَّبُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ( وَالْحَصْبَةُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ ، وَ ( الْأَبْطَحُ ) وَالْبَطْحَاءُ وَخَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ اسْمٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَأَصْلُ الْخَيْفِ كُلُّ مَا انْحَدَرَ عَنِ الْجَبَلِ وَارْتَفَعَ عَنِ الْمِيلِ .




[ سـ :2398 ... بـ :1311]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ إِذَا خَرَجَ وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ح وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَاه أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ : ( أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ ) أَيْ أَسْهَلَ لِخُرُوجِهِ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ .




[ سـ :2401 ... بـ :1313]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو رَافِعٍ لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْزِلَ الْأَبْطَحَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مِنًى وَلَكِنِّي جِئْتُ فَضَرَبْتُ فِيهِ قُبَّتَهُ فَجَاءَ فَنَزَلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَكَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ثُمَّ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ : قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ) كَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى وَهِيَ رِوَايَةُ قُتَيْبَةَ وَزُهَيْرٍ قَالَا فِيهَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ ، وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ فَفِيهَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَكْمَلُ مِنْ رِوَايَةِ ( عَنْ ) لِأَنَّ ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ يُحْتَجُّ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَفِي الْعَنْعَنَةِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ ، وَإِنْ كَانَ قَائِلُهَا غَيْرَ مُدَلِّسٍ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ ، وَفِي بَعْضِهَا : قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْ صَالِحٍ قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ ، وَالصَّوَابُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى ، وَكَذَا نَقَلَهَا الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ هِيَ الصَّوَابُ .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَالْقَافِ ، وَهُوَ مَتَاعُ الْمُسَافِرِ وَمَا يَحْمِلُهُ عَلَى دَوَابِّهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ .




[ سـ :2402 ... بـ :1314]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ ) أَمَّا الْخَيْفُ : فَسَبَقَ بَيَانُهُ وَضَبْطُهُ ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ تَحَالَفُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَيْهِ ، وَهُوَ تَحَالُفُهُمْ عَلَى إِخْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى هَذَا الشِّعْبِ ، وَهُوَ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ ، وَكَتَبُوا بَيْنَهُمُ الصَّحِيفَةَ الْمَشْهُورَةَ ، وَكَتَبُوا فِيهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْبَاطِلِ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَالْكُفْرِ ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ كُفْرٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَاطِلٍ ، وَتَرَكَتْ مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ فَجَاءَ إِلَيْهِمْ أَبُو طَالِبٍ فَأَخْبَرَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَوَجَدُوهُ كَمَا أَخْبَرَ ، وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَكَانَ نُزُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الظُّهُورِ بَعْدَ الِاخْتِفَاءِ ، وَعَلَى إِظْهَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .