فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

باب مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
[ سـ :4649 ... بـ :2475]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيانٍ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ

قَوْلُهُ : ( مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ ) مَعْنَاهُ مَا مَنَعَنِي الدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ . وَمَعْنَى ضَحِكَ تَبَسَّمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ . وَفَعَلَ ذَلِكَ إِكْرَامًا وَلُطْفًا وَبَشَاشَةً . فَفِيهِ اسْتِحْبَابُ هَذَا اللُّطْفِ لِلْوَارِدِ ، وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِجَرِيرٍ .




[ سـ :4651 ... بـ :2476]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ وَالشَّامِيَّةِ فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ

قَوْلُهُ : ( ذُو الْخَلَصَةَ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ . هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ . وَحَكَى الْقَاضِي أَيْضًا ضَمَّ الْخَاءِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ ، وَحَكَى أَيْضًا فَتْحَ الْخَاءِ وَسُكُونَ اللَّامِ ، وَهُوَ بَيْتٌ فِي الْيَمَنِ كَانَ فِيهِ أَصْنَامٌ يَعْبُدُونَهَا .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ ، وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : ( الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ ) بِغَيْرِ وَاوٍ . هَذَا اللَّفْظُ فِيهِ إِيهَامٌ ، وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَا الْخَلَصَةَ كَانُوا يُسَمُّونَهَا الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةَ ، وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ الْكَرِيمَةُ الَّتِي بِمَكَّةَ تُسَمَّى الْكَعْبَةَ الشَّامِيَّةَ ، فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا لِلتَّمْيِيزِ . هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَيَتَأَوَّلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ ، وَتَقْدِيرُهُ : يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ ، وَيُقَالُ لِلَّتِي بِمَكَّةَ الشَّامِيَّةُ . وَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ بِحَذْفِ الْوَاوِ فَمَعْنَاهُ : كَأَنْ يُقَالَ هَذَانِ اللَّفْظَانِ أَحَدُهُمَا لِمَوْضِعٍ ، وَالْآخَرُ لِلْآخَرِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ ) فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : ذِكْرُ الشَّامِيَّةِ وَهَمٌ وَغَلَطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهُ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَالْوَهَمُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ، بَلْ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ هَذَا اللَّفْظِ ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ قَوْلِهِمْ : الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ وَالشَّامِيَّةُ ، وَوُجُودُ هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ .




[ سـ :4652 ... بـ :2476]
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جَرِيرُ أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ بَيْتٍ لِخَثْعَمَ كَانَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ قَالَ فَنَفَرْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي فَقَالَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا قَالَ فَانْطَلَقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُبَشِّرُهُ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ مِنَّا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْنَاهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ فَجَاءَ بَشِيرُ جَرِيرٍ أَبُو أَرْطَاةَ حُصَيْنُ بْنُ رَبِيعَةَ يُبَشِّرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( فَنَفَرْتُ ) أَيْ خَرَجْتُ لِلْقِتَالِ .

قَوْلُهُ : ( تُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ ، وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ ، وَقَدَّرَ الْبَصْرِيُّونَ فِيهِ حَذْفًا أَيْ كَعْبَةَ الْجِهَةِ الْيَمَانِيَّةِ . وَالْيَمَانِيَةُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَحُكِيَ تَشْدِيدِهَا ، وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ .

قَوْلُهُ : ( كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ ) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ مَطْلِيٌّ بِالْقَطِرَانِ لِمَا بِهِ مِنَ الْجَرَبِ ، فَصَارَ أَسْوَدَ لِذَلِكَ ، يَعْنِي صَارَتْ سَوْدَاءَ مِنْ إِحْرَاقِهَا . وَفِيهِ النِّكَايَةُ بِآثَارِ الْبَاطِلِ ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي إِزَالَتِهِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ الْبَشِيرِ بِالْفُتُوحِ وَنَحْوِهَا .

قَوْلُهُ : ( فَجَاءَ بَشِيرُ جَرِيرٍ أَبُو أَرْطَاةَ حُصَيْنُ بْنُ رَبِيعَةَ ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( حُصَيْنُ ) بِالصَّادِ ، وَفِي أَكْثَرِهَا ( حُسَيْنُ ) بِالسِّينِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي الْوَجْهَيْنِ . قَالَ : وَالصَّوَابُ الصَّادُ ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسْخَةِ ابْنِ مَاهَانَ .