فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا

باب قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً
[ سـ :4748 ... بـ :2547]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ قَالَ عَبْدٌ أَخْبَرَنَا وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : الرَّاحِلَةُ النَّجِيبَةُ الْمُخْتَارَةُ مِنَ الْإِبِلِ لِلرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ ، فَهِيَ كَامِلَةُ الْأَوْصَافِ فَإِذَا كَانَتْ فِي إِبِلٍ عُرِفَتْ . قَالَ : وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ مُتَسَاوُونَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ فِي النَّسَبِ ، بَلْ هُمْ أَشْبَاهٌ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ . وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ : الرَّاحِلَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْجَمَلُ النَّجِيبُ وَالنَّاقَةُ النَّجِيبَةُ . قَالَ : وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ فَهَّامَةٌ وَنَسَّابَةٌ . قَالَ : وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ غَلَطٌ ، بَلْ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الزَّاهِدَ فِي الدُّنْيَا الْكَامِلَ فِي الزُّهْدِ فِيهَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ جِدًّا كَقِلَّةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ ، هَذَا كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ ، وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ قُتَيْبَةَ ، وَأَجْوَدُ مِنْهُمَا قَوْلُ آخَرِينَ أَنَّ مَعْنَاهُ الْمَرْضِيُّ الْأَحْوَالُ مِنَ النَّاسِ الْكَامِلُ الْأَوْصَافُ الْحَسَنُ الْمَنْظَرُ الْقَوِيُّ عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْأَسْفَارِ . سُمِّيَتْ رَاحِلَةً لِأَنَّهَا تَرْحَلُ أَيْ يُجْعَلُ عَلَيْهَا الرَّحْلُ فَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٌ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ، أَيْ : مَرْضِيَّةٍ . وَنَظَائِرِهِ .