فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ)
أَيْ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ وَمَنْ مَوْصُولَةٌ وَكَأَنَّهُ ضَمَّنَهَا مَعْنَى الشَّرْطِ فَعَطَفَ عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَعَطَفَ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ قَلِيلٌ وَكَانَ نَسَقُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ مَنْ صُرِعَ فَمَاتَ أَوْ مَنْ يُصْرَعْ فَيَمُوتُ وَقَدْ سَقَطَ لَفْظُ فَمَاتَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَخْرُجْ من بَيته مُهَاجرا الْآيَةَ أَيْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ بِقَصْدِ الْجِهَادِ إِذَا خَلَصَتِ النِّيَّةُ فَحَالَ بَيْنَ الْقَاصِدِ وَبَيْنَ الْفِعْلِ مَانع فَإِن قَوْله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقَتْلٍ أَوْ وُقُوعٍ مِنْ دَابَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتُنَاسِبُ الْآيَةُ التَّرْجَمَةَ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ كَانَ مُسْلِمًا مُقِيمًا بِمَكَّةَ فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تَعَالَى أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا قَالَ لِأَهْلِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ أَخْرِجُونِي إِلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجُوهُ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ فَنَزَلَتْ وَاسْمُهُ ضَمْرَةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ  وَقَعَ وَجَبَ لَيْسَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَثَبَتَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ قَالَ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ أَيْ وَجَبَ ثَوَابُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أُمِّ حَرَامٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ شَرْحَهُ يَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَالشَّاهِدُ مِنْهُ



[ قــ :2672 ... غــ :2799] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ مَعَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَأَنَّهُمْ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَقَولُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقُرِّبَتْ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّة لتركبها فركبتها فصرعتها قَالَ بن بطال وروى بن وَهْبٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا مَنْ صُرِعَ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ.

قُلْتُ هُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ أَنَّ حُكْمَ الرَّاجِعِ مِنَ الْغَزْوِ حُكْمُ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ فِي الثَّوَابِ وَيحيى الْمَذْكُور فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ بن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَفِي الْإِسْنَادِ تَابِعِيَّانِ هُوَ وَشَيْخُهُ وَصَحَابِيَّانِ أَنَسٌ وَخَالَتُهُ وَقَولُهُ فِيهِ أَوَّلُ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ