فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعا

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ هَلْ يُقَالُ)

كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَلِلسَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي هَلْ يَقُولُ أَيِ الْإِنْسَانُ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا أَيْ جَائِزًا بِالْإِضَافَةِ وَبِغَيْرِ الْإِضَافَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَمَنْ رَآهُ بِزِيَادَةِ الضَّمِيرِ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى حَدِيثٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ الْمَدَنِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرَ رَمَضَانَ أَخْرَجَهُ بن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَضَعَّفَهُ بِأَبِي مَعْشَرٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ أَشْبَهُ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ مِنْ طَرِيقَيْنِ ضَعِيفَيْنِ وَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ لِجَوَازِ ذَلِكَ بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ انْتَهَى وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ لِذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ بَابٌ الرُّخْصَةُ فِي أَنْ يُقَالَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ رَمَضَانُ ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَقُولَنَّ أحدكُم صمت رَمَضَان ولأقمته كُله وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً وَقَدْ يُتَمَسَّكُ لِلتَّقْيِيدِ بِالشَّهْرِ بِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ حَيْثُ قَالَ شَهْرُ رَمَضَانَ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ لَفْظِ شَهْرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَدَمِ جَزْمِ الْمُصَنِّفِ بِالْحُكْمِ وَنُقِلَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْكَرَاهِيَة وَعَن بن الْبَاقِلَّانِيِّ مِنْهُمْ وَكَثِيرٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الشَّهْرِ فَلَا يُكْرَهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْجَوَازِ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الشَّهْرِ رَمَضَانَ فَقِيلَ لِأَنَّهُ تُرْمَضُ فِيهِ الذُّنُوبُ أَيْ تُحْرَقُ لِأَنَّ الرَّمْضَاءَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَقِيلَ وَافَقَ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ زَمَنًا حَارًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ.

     وَقَالَ  لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَوَصَلَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَفِيهِ تَمَامُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَوَصَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ



[ قــ :1814 ... غــ :1898] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ هُوَ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي غَيْمَانَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ الْأَصْبَحِيُّ عَمُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبُوهُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ أَدْرَكَ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ كَذَا أَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِتَمَامِهِ مِثْلَ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الثَّانِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ جَمَعَ الْمَتْنَ بِإِسْنَادَيْنِ وَذَكَرَ مَوْضِعَ الْمُغَايَرَةِ وَهُوَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ





[ قــ :1815 ... غــ :1899] قَوْله حَدثنِي بن أَبِي أَنَسٍ هُوَ أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ شَيْخُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ شُيُوخِ الزُّهْرِيِّ بِحَيْثُ أَدْرَكَهُ تَلَامِذَةُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ كَإِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ وَهَذَا الْإِسْنَادُ يُعَدُّ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ وَقَدْ تَأَخَّرَ أَبُو سُهَيْلٍ فِي الْوَفَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ بَيَّنَ النَّسَائِيُّ أَنَّ مُرَادَ الزُّهْرِيِّ بِابْنِ أَبِي أَنَسٍ نَافِعٌ هَذَا فَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقَيْلٍ عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَهُ من طَرِيق صَالح عَن بن شِهَابٍ فَقَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَرْسَلَهُ وَحَذَفَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أُوَيْسِ بْنِ أَبِي أويس عديل بني تيم عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّسَائِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ .

     قَوْلُهُ  مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَيْ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ آلُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَدِ الْعَشَرَةِ وَكَانَ أَبُو عَامِرٍ وَالِدُ مَالِكٍ قَدْ قَدِمَ مَكَّةَ فَقَطَنَهَا وَحَالَفَ عُثْمَانَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخَا طَلْحَةَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ وَكَانَ مَالِكٌ الْفَقِيهُ يَقُولُ لَسْنَا مَوَالِيَ آلِ تَيْمٍ إِنَّمَا نَحْنُ عَرَبٌ مِنْ أَصْبَحَ وَلَكِنَّ جَدِّي حَالَفَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ يَحْتَمِلُ أَن يكون المُرَاد من الشَّيَاطِين مسترقوا السَّمْعِ مِنْهُمْ وَأَنَّ تَسَلْسُلَهُمْ يَقَعُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ دُونَ أَيَّامِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُنِعُوا فِي زَمَنِ نُزُولِ الْقُرْآنِ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ فَزِيدُوا التَّسَلْسُلَ مُبَالَغَةً فِي الْحِفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ لَا يَخْلُصُونَ مِنَ افْتِتَانِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالصِّيَامِ الَّذِي فِيهِ قَمْعُ الشَّهَوَاتِ وَبِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالشَّيَاطِينِ بَعْضُهُمْ وهم المردة مِنْهُم وَترْجم لذَلِك بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَوْرَدَ مَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ زَادَ أَبُو صَالِحٍ فِي رِوَايَتِهِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كل لَيْلَة لفظ بن خُزَيْمَةَ وَقَولُهُ صُفِّدَتْ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ ثَقِيلَةٌ مَكْسُورَةٌ أَيْ شُدَّتْ بِالْأَصْفَادِ وَهِيَ الْأَغْلَالُ وَهُوَ بِمَعْنَى سُلْسِلَتْ وَنَحْوُهُ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُله عَلامَة للْمَلَائكَة لدُخُول الشَّهْر وَتَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ وَلِمَنْعِ الشَّيَاطِينِ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعَفْوِ وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَقِلُّ إِغْوَاؤُهُمْ فَيَصِيرُونَ كَالْمُصَفَّدِينَ قَالَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَة يُونُس عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتْحُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ عِبَارَةً عَمَّا يَفْتَحُهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَذَلِكَ أَسْبَابٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَغَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ عِبَارَةً عَنْ صَرْفِ الْهِمَمِ عَنِ الْمَعَاصِي الْآيِلَةِ بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ وَتَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ عِبَارَةً عَنْ تَعْجِيزِهِمْ عَنِ الْإِغْوَاءِ وَتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ فَمِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالْأَصْلُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ بِدَلِيلِ مَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ غَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ لِإِقَامَةِ هَذَا مَقَامَ هَذِهِ فِي الرِّوَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَجَزَمَ التُّورِبِشْتِيُّ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ بِالِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ وَعِبَارَتُهُ فَتْحُ أَبْوَابِ السَّمَاءِ كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَإِزَالَةِ الْغَلْقِ عَنْ مَصَاعِدِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ تَارَةً بِبَذْلِ التَّوْفِيقِ وَأُخْرَى بِحُسْنِ الْقَبُولِ وَغَلْقُ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِ أَنْفُسِ الصُّوَّامِ عَنْ رِجْسِ الْفَوَاحِشِ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الْبَوَاعِثِ عَنِ الْمَعَاصِي بِقَمْعِ الشَّهَوَاتِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ فَائِدَةُ فَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ تَوْقِيفُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى اسْتِحْمَادِ فِعْلِ الصَّائِمِينَ وَأَنَّهُ مِنَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ وَفِيهِ إِذَا عَلِمَ الْمُكَلَّفُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ مَا يَزِيدُ فِي نَشَاطِهِ وَيَتَلَقَّاهُ بِأَرْيَحِيَّةٍ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنِ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ أَوِ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِين وهم المردة لاكلهم كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوِ الْمَقْصُودُ تَقْلِيلُ الشُّرُورِ فِيهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوع ذَلِك فِيهِ أقل من غَيره اذلا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّةِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ فِي تَصْفِيدِ الشَّيَاطِينِ فِي رَمَضَانَ إِشَارَة إِلَى رَفْعِ عُذْرِ الْمُكَلَّفِ كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ قَدْ كُفَّتِ الشَّيَاطِينُ عَنْكَ فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ





[ قــ :1816 ... غــ :1900] .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَيْتُمُوهُ أَيِ الْهِلَالَ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى الْحُكْمِ وَكَذَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِذِكْرِ الْهِلَالِ فِيهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُبُوتَ ذِكْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهْرٍ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ إِلَخْ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْمَذْكُورِ أَبُو صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ كَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدثنِي اللَّيْث حَدثنِي عقيل عَن بن شِهَابٍ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِهِلَالِ رَمَضَانَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا الْحَدِيثَ وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِلَالِ رَمَضَانَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ ذكرته أَن شَاءَ الله تَعَالَى