فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها

( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ دُبُرَ الصَّلَاةِ)
زَادَ الْحَمَوِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَقَبْلَهَا وَالْأَرْجَحُ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْبَابِ فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَان أَن مُطلق قَول بن عُمَرَ صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ فِي السَّفَرِ أَيْ يَتَنَفَّلُ الرَّوَاتِبَ الَّتِي قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَ لَا يزِيد فِي السّفر على رَكْعَتَيْنِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنْ نَفْيِ الْإِتْمَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِخْبَارُ عَنِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْقَصْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ لَا يَزِيدُ نَفْلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الثَّانِي رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي أخرجه المُصَنّف وَلَفظه صَحِبت بن عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلُهُ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ.

قُلْتُ يُسَبِّحُونَ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ فَذَكَرَ الْمَرْفُوعَ كَمَا سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجَابُوا عَن قَول بن عُمَرَ هَذَا بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ مُحَتَّمَةٌ فَلَوْ شُرِعَتْ تَامَّةً لَتَحَتَّمَ إِتْمَامُهَا.
وَأَمَّا النَّافِلَةُ فَهِيَ إِلَى خِيرَةِ الْمُصَلِّي فَطَرِيقُ الرِّفْقِ بِهِ أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً وَيُخَيَّرُ فِيهَا اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُرَادَ بن عُمَرَ بِقَوْلِهِ لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَصَلَاةِ الرَّاتِبَةِ لَكَانَ الْإِتْمَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ لَكِنَّهُ فُهِمَ مِنَ الْقَصْرِ التَّخْفِيفُ فَلِذَلِكَ كَانَ لَا يُصَلِّي الرَّاتِبَةَ وَلَا يُتِمُّ



[ قــ :1063 ... غــ :1101] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّد هُوَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَفْصٌ هُوَ بن عَاصِم أَي بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ



[ قــ :1064 ... غــ :110] وَيَحْيَى شَيْخُ مُسَدِّدٍ هُوَ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  وَأَبَا بَكْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَيْ أَنَّهُ كَذَلِكَ صَحِبَهُمْ وَكَانُوا لَا يَزِيدُونَ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَفِي ذِكْرِ عُثْمَانَ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي آخر أمره يتم الصَّلَاة كَمَا تقدم قَرِيبا فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ أَوِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَنَفَّلُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ وَلَا فِي آخِرِهِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُتِمُّ إِذَا كَانَ نَازِلًا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ سَائِرًا فَيَقْصُرُ فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالسَّفَرِ وَهَذَا أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَأْوِيل عُثْمَان