فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان وفيه مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

( قَولُهُ بَابُ قِصَّةِ الْبَيْعَةِ)
أَيْ بَعْدَ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  وَالِاتِّفَاقُ عَلَى عُثْمَانَ زَادَ السَّرَخْسِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَمَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ



[ قــ :3530 ... غــ :3700] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ هُوَ الْأَزْدِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِطُولِهِ قَدْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَيْضا أَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَرِوَايَته عِنْد بن أبي شيبَة والْحَارث وبن سَعْدٍ وَفِي رِوَايَتِهِ زَوَائِدُ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ حُصَيْنٍ وَرَوَى بَعْضَ قِصَّةِ مَقْتَلِ عُمَرَ أَيْضًا أَبُو رَافع وَرِوَايَته عِنْد أبي يعلى وبن حبَان وَجَابِر وَرِوَايَته عِنْد بن أَبِي عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرِوَايَتُهُ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ وَمَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ وَسَأَذْكُرُ مَا فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِأَيَّامٍ أَيْ أَرْبَعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  بِالْمَدِينَةِ أَيْ بَعْدَ أَنْ صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ وَفِيهِ قِصَّةُ صُهَيْبٍ وَيَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بِالِاتِّفَاقِ .

     قَوْلُهُ  وَوَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كَيْفَ فَعَلْتُمَا أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ الْأَرْضُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا هِيَ أَرْضُ السَّوَادِ وَكَانَ عُمَرُ بَعَثَهُمَا يَضْرِبَانِ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ وَعَلَى أَهْلِهَا الْجِزْيَةُ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ انْظُرَا أَيْ فِي التَّحْمِيلِ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَذَرِ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ النَّظَرَ .

     قَوْلُهُ  قَالَا حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَوْ شِئْتُ لَأَضْعَفْتُ أَرْضِي أَيْ جَعَلْتُ خَرَاجَهَا ضِعْفَيْنِ.

     وَقَالَ  عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ لَقَدْ حَمَّلْتُ أَرْضِي أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ لَئِنْ زِدْتُ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ دِرْهَمَيْنِ وَعَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا مِنْ طَعَامٍ لَأَطَاقُوا ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَقَائِمٌ أَيْ فِي الصَّفِّ نَنْتَظِرُ صَلَاةَ الصُّبْح قَوْله مابيني وَبَيْنَهُ أَيْ عُمَرَ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا رَجُلَانِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ اسْتَوُوا حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ أَيْ فِي الصُّفُوفِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهِمْ أَيْ فِي أَهْلِهَا خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ حُصَيْنٍ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ تَأَخَّرَ بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ فَقَالَ اسْتَوُوا حَتَّى لَا يَرَى خَلَلًا ثُمَّ يَتَقَدَّمُ وَيُكَبِّرُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ شَهِدْتُ عُمَرَ يَوْمَ طُعِنَ فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إِلَّا هَيْبَتُهُ وَكَانَ رَجُلًا مَهِيبًا وَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ وَكَانَ عُمَرُ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ بِوَجْهِهِ فَإِنْ رَأَى رَجُلًا مُتَقَدِّمًا مِنَ الصَّفِّ أَوْ مُتَأَخِّرًا ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  قَتَلَنِي أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَتَقَدَّمَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَطَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَقَالَ قَتَلَنِي الْكَلْبُ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَتَأَخَّرَ عُمَرُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ طَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ فَرَأَيْتُ عُمَرَ قَائِلًا بِيَدِهِ هَكَذَا يَقُولُ دُونَكُمُ الْكَلْبُ فَقَدْ قَتَلَنِي وَاسْمُ أَبِي لُؤْلُؤَةَ فَيْرُوز كَمَا سَيَأْتِي فروى بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ عُمَرُ لَا يَأْذَنُ لِسَبْيٍ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلَامًا عِنْدَهُ صَانِعًا وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالًا تَنْفَعُ النَّاسَ إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ فَأَذِنَ لَهُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ كُلَّ شهر مائَة فَشكى إِلَى عُمَرَ شِدَّةَ الْخَرَاجِ فَقَالَ لَهُ مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي جَنْبِ مَا تَعْمَلُ فَانْصَرَفَ سَاخِطًا فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ فَمَرَّ بِهِ الْعَبْدُ فَقَالَ أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عَابِسًا فَقَالَ لَأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَا فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فَقَالَ تَوَعَّدَنِي الْعَبْدُ فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ وَسَطُهُ فَكَمَنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي الْغَلَسِ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ الصِّفَاقَ وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ يَسْتَغِلُّهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ أَيْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَقِيَ عُمَرَ فَقَالَ إِنَّ الْمُغِيرَةَ أَثْقَلَ عَلَيَّ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ وَمِنْ نِيَّةِ عُمَرَ أَنْ يَلْقَى الْمُغِيرَةَ فَيُكَلِّمَهُ فَيُخَفِّفَ عَنْهُ فَقَالَ الْعَبْدُ وَسِعَ النَّاسَ عَدْلُهُ غَيْرِي وَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ فَاصْطَنَعَ لَهُ خِنْجَرًا لَهُ رَأْسَانِ وَسَمَّهُ فَتَحَرَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ حَتَّى قَامَ عُمَرُ فَقَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَلَمَّا كَبَّرَ طَعَنَهُ فِي كَتِفِهِ وَفِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ رَأَيْتُ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ وَلَا أَرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي وَفِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فَمَا مَرَّ إِلَّا تِلْكَ الْجُمْعَةُ حَتَّى طعن وَعند بن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فَحَدَّثْتُهَا أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَحَدَّثَتْنِي أَنَّهُ يَقْتُلُنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَعَاجِمِ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كتاب الْمَدِينَة من حَدِيث بن عُمَرَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ بِأَبِي لُؤْلُؤَةَ الْبَيْتَ لِيُصْلِحَ لَهُ ضَبَّةً لَهُ فَقَالَ لَهُ مُرِ الْمُغِيرَةَ أَنْ يَضَعَ عَنِّي مِنْ خَرَاجِي قَالَ إِنَّكَ لَتَكْسِبُ كَسْبًا كَثِيرًا فَاصْبِرْ الْحَدِيثُ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ طَعْنَتَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الثَّالِثَةَ الَّتِي قَتَلَتْهُ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مَعَهُ وَهُوَ ثَالِث عشر زَاد بن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعَلَى عُمَرَ إِزَارٌ أَصْفَرُ قَدْ رَفَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَلَمَّا طُعِنَ قَالَ وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا .

     قَوْلُهُ  مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ أَيْ وَعَاشَ الْبَاقُونَ وَوَقَفْتُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ عَلَى كُلَيْبِ بْنِ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ وَلَهُ وَلِإِخْوَتِهِ عَاقِلٍ وَعَامِرٍ وَإِيَاسٍ صُحْبَةٌ فَرُوِّينَا فِي جُزْءِ أَبِي الْجَهْمِ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ إِلَى بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عُمَرَ صَادِرًا مِنَ الْحَجِّ فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ فَدَفَنَهَا كُلَيْبٌ اللَّيْثِيُّ فَشَكَرَ لَهُ ذَلِكَ عُمَرُ.

     وَقَالَ  أَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ فَطَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ لَمَّا طَعَنَ عُمَرَ فَمَاتَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ عمر وكليب وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عُمَرَ فَطَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ كُلَيْبَ بْنَ الْبُكَيْرِ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا وَقَعَ فِي ذَيْلِ الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ فَتْحُونَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى الْأُمَوِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُقَالُ لَهُ حِطَّانُ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ طَرَحَ عَلَيْهِ برنسا وَهَذَا أصح مِمَّا رَوَاهُ بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ قَالَ طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ نَفَرًا فَأَخَذَ أَبَا لُؤْلُؤَةَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ وَهَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ الزُّهْرِيَّانِ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ وَطَرَحَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ خَمِيصَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ عَلَى ان الْكل اشْتَركُوا فِي ذَلِك وروى بن سَعْدٌ عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ احْتَزَّ رَأْسَ أَبِي لؤلؤة قَوْله وَتَنَاول عمر يَد عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ أَيْ لِلصَّلَاةِ بِالنَّاسِ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ بِأَقْصَرَ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وَإِذَا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَزَاد فِي رِوَايَة بن شهَاب الْمَذْكُورَة ثُمَّ غَلَبَ عُمَرَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ فَاحْتَمَلْتُهُ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَهُ فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَتِهِ حَتَّى أَسْفَرَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَا إِسْلَامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصلى وَفِي رِوَايَة بن سعد من طَرِيق بن عمر قَالَ فَتَوَضَّأ وَصلى الصُّبْح فَقَرَأَ فِي الأولى وَالْعصر وَفِي الثَّانِيَة قل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ قَالَ وَتَسَانَدَ إِلَيَّ وَجُرْحُهُ يثغب دَمًا إِنِّي لِأَضَعُ أُصْبُعِي الْوُسْطَى فَمَا تَسُدُّ الفتق قَوْله فَلَمَّا انصرفوا قَالَ يَا بن عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ عُمَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ اخْرُجْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَعَنْ مَلَأٍ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا فَقَالُوا مَعَاذَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا وَلَا اطَّلَعْنَا وَزَادَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّ لَهُ ذَنْبًا إِلَى النَّاسِ لَا يُعلمهُ فَدَعَا بن عَبَّاسٍ وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُدْنِيهِ فَقَالَ أُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ عَنْ مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ هَذَا فَخَرَجَ لَا يَمُرُّ بِمَلَأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَهُمْ يَبْكُونَ فَكَأَنَّمَا فَقَدُوا أَبْكَارَ أَوْلَادِهِمْ قَالَ بن عَبَّاسٍ فَرَأَيْتُ الْبِشْرَ فِي وَجْهِهِ .

     قَوْلُهُ  الصَّنَعَ بِفَتْح الْمُهْملَة وَالنُّون وَفِي رِوَايَة بن فُضَيْل عَن حُصَيْن عِنْد بن أبي شيبَة وبن سَعْدٍ الصَّنَاعُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ رَجُلٌ صَنَعُ الْيَدِ وَاللِّسَانِ وَامْرَأَةٌ صَنَاعُ الْيَدِ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ الصَّنَاعُ وَالصَّنَعُ يَقَعَانِ مَعًا عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَجْعَلٌ مِيتَتِي بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ أَيْ قِتْلَتِي وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَنِيَّتِي بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  رَجُلٌ يَدَّعِي الْإِسْلَام فِي رِوَايَة بن شِهَابٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجُّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لَهُ قَطُّ وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ يُحَاجُّنِي يَقُول لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا قَتَلَ مُتَعَمِّدًا تُرْجَى لَهُ الْمَغْفِرَةُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُغْفَرُ لَهُ أَبَدًا وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَة النِّسَاء وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَحِفْ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالَ عُمَرُ لاتعجلوا عَلَى الَّذِي قَتَلَنِي فَقِيلَ إِنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا مِنْ عَمَلِ أَصْحَابِكَ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا عِلْجٌ مِنَ السَّبْيِ فَغَلَبْتُمُونِي وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ مَنْ أَصَابَنِي قَالُوا أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَاسْمُهُ فَيْرُوزُ قَالَ قَدْ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْهَا مِنْ عُلُوجِهِمْ أَحَدًا فَعَصَيْتُمُونِي وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَرَوَى عمر بن شبة من طَرِيق بن سِيرِينَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعُمَرَ لما قَالَ لاتدخلوا عَلَيْنَا مِنَ السَّبْيِ إِلَّا الْوُصَفَاءَ إِنَّ عَمَلَ الْمَدِينَةِ شَدِيدٌ لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِالْعُلُوجِ .

     قَوْلُهُ  ان شِئْت فعلت قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ عمر لايأمر بِقَتْلِهِمْ .

     قَوْلُهُ  كَذَبْتَ هُوَ عَلَى مَا أُلِفَ مِنْ شِدَّةِ عُمَرَ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ فَهِمَ من بن عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا أَيْ قَتَلْنَاهُمْ فَأَجَابَهُ بِذَلِكَ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ كَذَبْتَ فِي مَوْضِعِ أَخْطَأْتَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّوْا لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ قَتله وَلَعَلَّ بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا أَرَادَ قَتْلَ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ زَادَ فِي حَدِيث أبي رَافع لينْظر ماقدر جُرْحِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّبِيبُ فَقَالَ أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ النَّبِيذُ فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَقَالَ هَذَا صَدِيدٌ ائْتُونِي بِلَبَنٍ فَأُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَقَالَ الطَّبِيبُ أَوْصِ فَإِنِّي لَا أَظُنُّكَ إِلَّا مَيِّتًا مِنْ يَوْمِكَ أَوْ مِنْ غَدٍ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ جُرْحِهِ وَهِيَ أَصْوَبُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ فَخَرَجَ النَّبِيذُ فَلَمْ يُدْرَ أَهُوَ نَبِيذٌ أَمْ دَمٌ وَفِي رِوَايَتِهِ فَقَالُوا لَا بَأْسَ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ إِنْ يَكُنِ الْقَتْل بَأْسا فقد قتلت وَفِي رِوَايَة بن شهَاب قَالَ فَأَخْبرنِي سَالم قَالَ سَمِعت بن عُمَرَ يَقُولُ فَقَالَ عُمَرُ أَرْسِلُوا إِلَى طَبِيبٍ يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي قَالَ فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَشُبِّهَ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ قَالَ فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ أَبْيَضَ فَقَالَ اعْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقَنِي وَلَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَذَّبْتُهُ وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهَا فَخَرَجَ مُشَاشُ اللَّبَنِ مِنَ الْجُرْحَيْنِ فَعَرَفَ أَنَّهُ الْمَوْتُ فَقَالَ الْآنَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ وَمَا ذَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْ أَكُونَ رَأَيْتُ إِلَّا خَيْرًا تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالنَّبِيذِ الْمَذْكُورِ تَمَرَاتٌ نُبِذَتْ فِي مَاءٍ أَيْ نُقِعَتْ فِيهِ كَانُوا يصنعون ذَلِك لَا ستعذاب الْمَاءِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ فِي الْأَشْرِبَةِ .

     قَوْلُهُ  وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابر عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ تَسْمِيَةِ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَنَّهُ أَجَابَهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ غَيْرَهُ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ أَثْنَى عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  لَهُ هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ وَأَجَابَهُ بِنَحْوِ ذَلِك وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ وَعند بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ثُمَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ ثُمَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَكُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بَكَوْا وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الْجِزْيَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أبي إِسْحَاق عِنْد بن سَعْدٍ وَأَتَاهُ كَعْبٌ أَيْ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَا تَمُوتُ إِلَّا شَهِيدًا وَإِنَّكَ تَقُولُ مِنْ أَيْنَ وَإِنِّي فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ .

     قَوْلُهُ  وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ حُصَيْنٍ السَّابِقَةِ فِي الْجَنَائِزِ وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة سماك الْحَنَفِيّ عَن بن عَبَّاس عِنْد بن سَعْدٍ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ هُنَا لِلشَّابِّ فَلَوْلَا أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِنَّهُ مِنَ الْأَنْصَارِ لَسَاغَ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُبْهَمُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَكِنْ لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْمُثْنِينَ مَعَ اتِّحَادِ جَوَابِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّ فِي قِصَّةِ هَذَا الشَّابِّ أَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ رَأَى عُمَرُ إِزَارَهُ يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَلم يَقع ذَلِك فِي قصَّة بن عَبَّاس وَفِي إِنْكَاره على بن عَبَّاسٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَابَةِ فِي الدِّينِ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمَوْتِ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَقَولُهُ مَا قَدْ عَلِمْتُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكَ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن مَسْعُودٍ فَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ حَدِيثِهِ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَزَادَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ .

     قَوْلُهُ  وَقَدَمٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا فَالْأَوَّلُ بِمَعْنَى الْفَضْلِ وَالثَّانِي بِمَعْنَى السَّبْقِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ شَهَادَةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا قَدْ عَلِمْتُ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى صُحْبَةٍ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن جَرِيرٍ ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ .

     قَوْلُهُ  لَا عَلَيَّ وَلَا لِي أَيْ سَوَاءً بِسَوَاءٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْقَى لِثَوْبِكَ بِالنُّونِ ثُمَّ الْقَافِ لِلْأَكْثَرِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ النُّونِ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُبَارك بن فضَالة قَالَ بن عَبَّاسٍ وَإِنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا أَلَيْسَ قَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِزَّ اللَّهُ بِكَ الدِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ إِذْ يَخَافُونَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا أَسْلَمْتَ كَانَ إِسْلَامُكَ عِزًّا وَظَهَرَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَهَاجَرْتَ فَكَانَتْ هِجْرَتُكَ فَتْحًا ثُمَّ لَمْ تَغِبْ عَنْ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ قُبِضَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ وَوَازَرْتَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبْتَ مَنْ أَدْبَرَ بِمَنْ أَقْبَلَ ثُمَّ قُبِضَ الْخَلِيفَةُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ وُلِّيتَ بِخَيْرِ مَا وَلِيَ النَّاسُ مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ وَجَبَا بِكَ الْأَمْوَالَ وَنَفَى بِكَ الْعَدُوَّ وَأَدْخَلَ بِكَ عَلَى أَهْلِ بَيت من سَيُوسِعُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ ثُمَّ خَتَمَ لَكَ بِالشَّهَادَةِ فَهَنِيئًا لَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ تَغُرُّونَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَشْهَدُ لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ أَيْضًا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَذَكَرَ لَهُ فِعْلَ عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَخَشْيَتِهِ مِنْ رَبِّهِ فَقَالَ هَكَذَا الْمُؤْمِنُ جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَةً وَالْمُنَافِقُ جَمْعَ إِسَاءَةً وَعِزَّةً وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ إِنْسَانًا ازْدَادَ إِحْسَانًا إِلَّا وَجَدْتُهُ ازْدَادَ مَخَافَةً وَشَفَقَةً وَلَا ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ عِزَّةً .

     قَوْلُهُ  يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ مَاذَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عُمَرَ إِذَا مُتُّ فدفنتني ان لاتغسل رَأْسَكَ حَتَّى تَبِيعَ مِنْ رِبَاعِ آلِ عُمَرَ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَتَضَعَهَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَسَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ أَنْفَقْتُهَا فِي حِجَجٍ حَجَجْتُهَا وَفِي نَوَائِبَ كَانَتْ تَنُوبُنِي وَعرف بِهَذَا جِهَة دين عمر قَالَ بن التِّينِ قَدْ عَلِمَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَرَامَةُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يتعجل من عمله شَيْء فِي الدُّنْيَا وَوَقَعَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ أَنَّ دَيْنَ عُمَرَ كَانَ سِتَّةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ وَفَّى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ وَمِثْلُهُ يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رَهْطَهُ وَقَولُهُ وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ هُمُ الْبَطْنُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ وَقُرَيْشٌ قَبِيلَتُهُ وَقَولُهُ لَا تَعْدُهُمْ بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَا تَتَجَاوَزُهُمْ وَقَدْ أَنْكَرَ نَافِعٌ مَوْلَى بن عُمَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَى عُمَرَ دَيْنٌ فَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ نَافِعًا قَالَ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ عَلَى عُمَرَ دَيْنٌ وَقَدْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ ورثته مِيرَاثه بِمِائَة الف انْتهى وَهَذَا لاينفي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الدَّيْنِ عَنْهُ فَلَعَلَّ نَافِعًا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ لَمْ يُقْضَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ للْمُؤْمِنين أَمِيرا قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَمَا أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ إِشَارَةً بِذَلِكَ إِلَى عَائِشَةَ حَتَّى لَا تُحَابِيهِ لِكَوْنِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مايخالف ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ هَذَا النَّفْيُ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بن التِّينِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّ سُؤَالَهُ لَهَا بِطَرِيقِ الطَّلَبِ لَا بِطَرِيقِ الْأَمْرِ .

     قَوْلُهُ  وَلَأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي اسْتُدِلَّ بِهِ وباستئذان عمر لَهَا على ذَلِك على أَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ الْبَيْتَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلِ الْوَاقِعُ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ بِالسُّكْنَى فِيهِ وَالْإِسْكَانِ وَلَا يُورَثُ عَنْهَا وَحُكْمُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُعْتَدَّاتِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تقدم شَيْء من هَذَا فِي آخر الْجَنَائِزِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِ عَائِشَةَ لَأُوثِرَنَّهُ عَلَى نَفْسِي وَبَيْنَ قَوْلِهَا لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَا تَدْفِنِّي عِنْدَهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ وُسْعٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا إِمْكَانُ ذَلِكَ بَعْدَ دَفْنِ عُمَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا لَأُوثِرَنَّهُ عَلَى نَفْسِي الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ لَامْتَنَعَ عَلَيْهَا الدَّفْنُ هُنَاكَ لِمَكَانِ عُمَرَ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا بِخِلَافِ أَبِيهَا وَزَوْجِهَا وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ أَمْ لَا وَلِهَذَا كَانَتْ تَقُولُ بَعْدَ أَنْ دُفِنَ عُمَرُ لَمْ أَضَعْ ثِيَابِي عَنِّي مُنْذُ دفن عمر فِي بَيْتِي أخرجه بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنْهَا فِي حَدِيثٍ لَا يَثْبُتُ أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ عَاشَتْ بَعْدَهُ أَنْ تُدْفَنَ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ لَهَا وَأَنَّى لَكِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَّا قَبْرِي وَقَبْرُ أَبِي بكر وَعمر وَعِيسَى بن مَرْيَمَ وَفِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ إِنَّ قُبُورَ الثَّلَاثَةِ فِي صُفَّةِ بَيْتِ عَائِشَةَ وَهُنَاكَ مَوْضِعُ قَبْرٍ يُدْفَنُ فِيهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .

     قَوْلُهُ  ارْفَعُونِي أَيْ مِنَ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ كَانَ مُضْطَجِعًا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقْعِدُوهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ لم اقف على اسْمه وَيحْتَمل انه بن عَبَّاسٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ الْمُبَارَكِ أَنَّ بن عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بن عمر قَالَ بن عَبَّاسٍ فَوَضَعْتُهُ مِنْ فَخِذِي عَلَى سَاقِي فَقَالَ أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ فَوَضَعْتُهُ حَتَّى وَضَعَ لِحْيَتَهُ وَخَدَّهُ بِالْأَرْضِ فَقَالَ وَيْلَكَ عُمَرُ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ .

     قَوْلُهُ  مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَقَولُهُ إِذَا مُتُّ فَاسْتَأْذن ذكر بن سَعْدٍ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَخْشَى أَنْ تَكُونَ أَذِنَتْ فِي حَيَاتِهِ حَيَاءً مِنْهُ وَأَنْ تَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يُكْرِهَهَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ .

     قَوْلُهُ  وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ أَيْ بِنْتُ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ أَيْ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ فَمَكَثَتْ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَبَكَتْ وَذكر بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ لَا صَبْرَ لي على مَا اسْمَع احرج عَلَيْك بِمَالي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَنْدُبِينَنِي بَعْدَ مَجْلِسِكِ هَذَا فَأَمَّا عَيْنَيْكِ فَلَنْ أَمْلِكَهُمَا .

     قَوْلُهُ  فَوَلَجْتُ دَاخِلًا لَهُمْ أَيْ مَدْخَلًا كَانَ فِي الدَّارِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ سَيَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر وروى بن شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ أَنَّ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ قَالَ لِعُمَرَ حِينَ وَقَفَ لَمْ يُوَلِّ أحدا بعده يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مايمنعك أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُطْعَنَ إِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ .

     قَوْلُهُ  مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَوِ الرَّهْطِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي .

     قَوْلُهُ  فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَان الخ وَقع عِنْد بن سعد من رِوَايَة بن عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَفِيهِ.

قُلْتُ لِسَالِمٍ أَبَدَأُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَبْلَهُمَا قَالَ نَعَمْ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الرُّوَاةَ تَصَرَّفُوا لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ وَاقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى السِّتَّةِ مِنَ الْعَشَرَةِ لَا إِشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَمِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَدْ مَاتَ قبل ذَلِك واما سعيد بن زيد فَهُوَ بن عَمِّ عُمَرَ فَلَمْ يُسَمِّهِ عُمَرُ فِيهِمْ مُبَالَغَةً فِي التَّبَرِّي مِنَ الْأَمْرِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَة الْمَدَائِنِي بِأَسَانِيدِهِ أَنَّ عُمَرَ عَدَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ فِيمَنْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَدَائِنِي بِأَسَانِيدِهِ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَرَبَ لِي فِي أُمُورِكُمْ فَأَرْغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِي .

     قَوْلُهُ  وقَال يَشْهَدُكُمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيّ من طَرِيق الْمَدَائِنِي بِأَسَانِيدِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اسْتَخْلِفْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ الله بِهَذَا وَأخرج بن سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ مُرْسَلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ نَحْوَهُ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ قَاتَلَكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا أَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ .

     قَوْلُهُ  كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ أَيْ لِابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى فِي الْخِلَافَةِ أَرَادَ جَبْرَ خَاطِرِهِ بِأَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمُشَاوَرَةِ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي لَا مِنْ كَلَامِ عُمَرَ فَلَمْ أَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ تَهَيَّأَ لَهُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ مَعَ الِاحْتِمَال وَذكر الْمَدَائِنِي أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ على رَأْي وَثَلَاثَة عَلَى رَأْيٍ فَحَكِّمُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَإِنْ لَمْ تَرْضَوْا بِحُكْمِهِ فَقَدِّمُوا مَنْ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ أَصَابَتِ الْإِمْرَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ الْإِمَارَةُ سَعْدًا يَعْنِي بن أبي وَقاص وَزَاد الْمَدَائِنِي وَمَا أَظُنُّ أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ فَإِنْ وَلِيَ عُثْمَانُ فَرَجُلٌ فِيهِ لِينٌ وَإِنْ وَلِيَ عَلِيٌّ فَسَتَخْتَلِفُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَإِنْ وَلِيَ سَعْدٌ وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ الْوَالِي ثُمَّ قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَ بِكُمُ الْإِسْلَامَ فَاخْتَرْ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَاسْتَحِثَّ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ حَتَّى يَخْتَارُوا رَجُلًا مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  وقَال أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَسَعْدًا وَالزُّبَيْرَ وَكَانَ طَلْحَةُ غَائِبًا قَالَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ غَيْرَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَقَالَ يَا عَلِيُّ لَعَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يَعْلَمُونَ لَكَ حَقَّكَ وَقَرَابَتَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِهْرَكَ وَمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ فَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيهِ ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ فَقَالَ يَا عُثْمَانُ فَذَكَرَ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ فَإِنْ وَلَّوْكَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيهِ وَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِي صُهَيْبًا فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا وَلْيَحُلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فِي بَيْتٍ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَمَنْ خَالَفَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ إِنْ تُوَلُّوهَا الْأَجْلَحَ يَسْلُكْ بِهِمُ الطَّرِيقَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مَا يَمْنَعُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَا الْفَصْلُ عَلَى فَوَائِدَ عَدِيدَةٍ وَلَهُ شَاهد من حَدِيث بن عمر أخرجه بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ دَخَلَ الرَّهْطُ عَلَى عُمَرَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَ النَّاسِ شِقَاقًا فَإِنْ كَانَ فَهُوَ فِيكُمْ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَيْكُمْ وَكَانَ طَلْحَةُ يَوْمَئِذٍ غَائِبًا فِي أَمْوَالِهِ قَالَ فان كَانَ قومكم لايؤمرون إِلَّا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ فَلَا يَحْمِلْ قَرَابَتَهُ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ قُومُوا فَتَشَاوَرُوا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَمْهِلُوا فَإِنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ فَلْيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلَاثًا فَمَنْ تَأَمَّرَ مِنْكُمْ عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ .

     قَوْلُهُ  بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ هُمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَالْأَنْصَارُ سَيَأْتِي ذكرهم فِي بَاب مُفْرد وَقَوله الَّذين تبوؤا الدَّار أَيْ سَكَنُوا الْمَدِينَةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَقَولُهُ وَالْإِيمَانَ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ضُمِّنَ تَبَوَّءُوا مَعْنَى لَزِمَ أَو عَامل نَصبه مَحْذُوف تَقْدِيره وَاعْتَقَدُوا أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ لِشِدَّةِ ثُبُوتِهِ فِي قُلُوبِهِمْ كَأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِمْ وَكَأَنَّهُمْ نَزَلُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ أَيْ عَوْنُ الْإِسْلَامِ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ أَيْ يغيظون الْعَدو بكثرتهم وقوتهم قَوْله وان لايؤخذ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ أَيْ إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ أَيِ الَّتِي لَيْسَتْ بِخِيَارٍ وَالْمُرَادُ بِذِمَّةِ اللَّهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْقِتَالِ مِنْ وَرَائِهِمْ أَيْ إِذَا قَصَدَهُمْ عَدُوٌّ لَهُمْ وَقَدِ اسْتَوْفَى عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ جَمِيعَ الطَّوَائِفِ لِأَنَّ النَّاسَ إِمَّا مُسْلِمٌ وَإِمَّا كَافِرٌ فَالْكَافِرُ إِمَّا حَرْبِيٌّ وَلَا يُوصَى بِهِ وَإِمَّا ذِمِّيُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ وَالْمُسْلِمُ إِمَّا مُهَاجِرِيٌّ وَإِمَّا أَنْصَارِيٌّ أَوْ غَيْرُهُمَا وَكُلُّهُمْ إِمَّا بَدَوِيٌّ وَإِمَّا حَضَرِيٌّ وَقَدْ بَيَّنَ الْجَمِيع وَوَقع فِي رِوَايَة الْمَدَائِنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَةَ مَنْ يَلِي أَمْرَكُمْ وَأَعِينُوهُ وَأَدُّوا إِلَيْهِ الْأَمَانَةَ وَقَولُهُ وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ أَيْ مِنَ الْجِزْيَةِ .

     قَوْلُهُ  فَانْطَلَقْنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَانْقَلَبْنَا أَيْ رَجَعْنَا .

     قَوْلُهُ  فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْقُبُورِ الْمُكَرَّمَةِ الثَّلَاثَةِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ قَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَرَاءَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرَ عُمَرَ وَرَاءَ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ إِنَّ قَبْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمٌ إِلَى الْقِبْلَةِ وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ وَقَبْرَ عُمَرَ حِذَاءَ مَنْكِبَيْ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَقِيلَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رِجْلَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلَيْ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَذِكْرُ أَدِلَّتِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن هُوَ بن عَوْفٍ .

     قَوْلُهُ  اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ فِي الِاخْتِيَار ليقل الِاخْتِلَاف كَذَا قَالَ بن التِّين وَفِيه نظر وَصرح الْمَدَائِنِي فِي رِوَايَتِهِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ حَضَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا عِنْدَ وَصِيَّةِ عُمَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَضَرَ بَعْدَ أَنْ مَاتَ وَقَبْلَ أَنْ يَتِمَّ أَمر الشورى وَهَذَا أصح مِمَّا رَوَاهُ الْمَدَائِنِي أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ بُويِعَ عُثْمَان قَوْله وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام بِالرَّفْعِ فِيهِمَا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَيْهِ رَقِيبٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفسه أَي معتقده زَاد الْمَدَائِنِي فِي رِوَايَةٍ فَقَالَ عُثْمَانُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ.

     وَقَالَ  عَلِيٌّ أَعْطِنِي مَوْثِقًا لَتُؤْثِرَنَّ الْحَقَّ ولاتخصن ذَا رَحِمٍ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ أَعْطُونِي مَوَاثِيقَكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعِيَ عَلَى مَنْ خَالَفَ .

     قَوْلُهُ  فَأُسْكِتَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ كَأَنَّ مُسْكِتًا أَسْكَتَهُمَا وَيَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَهُوَ بِمَعْنَى سَكَتَ وَالْمُرَادُ بِالشَّيْخَيْنِ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا هُوَ عَلِيٌّ وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَوَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ بن فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ .

     قَوْلُهُ  وَالْقِدَمُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفتحهَا وَقد تقدم زَاد الْمَدَائِنِي أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ صُرِفَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْكَ فَلَمْ تَحْضُرْ مَنْ كُنْتَ تَرَى أَحَقَّ بِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ قَالَ عُثْمَانَ .

     قَوْلُهُ  مَا قَدْ عَلِمْتَ صِفَةٌ أَوْ بَدَلٌ عَنِ الْقِدَمِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ زَاد الْمَدَائِنِي أَنَّهُ قَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لِعَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ سَعْدًا أَشَارَ عَلَيْهِ بِعُثْمَانَ وَأَنَّهُ دَارَ تِلْكَ اللَّيَالِيَ كُلَّهَا عَلَى الصَّحَابَةِ وَمَنْ وَافَى الْمَدِينَةَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ لَا يَخْلُو بِرَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَّا أَمَرَهُ بِعُثْمَانَ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ قِصَّةَ الشُّورَى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَسَاقَهَا نَحْوَ هَذَا وَأَتَمَّ مِمَّا هُنَا وَسَأَذْكُرُ شَرْحَ مَا فِيهَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قِصَّةِ عُمَرَ هَذِهِ مِنَ الْفَوَائِدِ شَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَنَصِيحَتُهُ لَهُمْ وَإِقَامَتُهُ السُّنَّةَ فِيهِمْ وَشِدَّةُ خَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ وَاهْتِمَامُهُ بِأَمْرِ الدِّينِ أَكْثَرَ مِنِ اهْتِمَامِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْمَدْحِ فِي الْوَجْهِ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ غُلُوٌّ مُفْرِطٌ أَوْ كَذِبٌ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَنْهَ عُمَرُ الشَّابَّ عَنْ مَدْحِهِ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ أَمَرَهُ بِتَشْمِيرِ إِزَارِهِ وَالْوَصِيَّةُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَالِاعْتِنَاءُ بِالدَّفْنِ عِنْدَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمَشُورَةُ فِي نَصْبِ الْإِمَامِ وَتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّ الْإِمَامَةَ تَنْعَقِدُ بِالْبَيْعَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ بِالتَّأَمُّلِ وَاللَّهُ الْمُوفق.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَوْلِيَةِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يَجْعَلِ الْأَمْرَ شُورَى إِلَى سِتَّةِ أَنْفُسٍ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ عُمَرَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ جَعْلُ عُمَرَ الْخِلَافَةَ فِي سِتَّةٍ وَوَكَلَ ذَلِكَ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَصْنَعْ ماصنع أَبُو بَكْرٍ فِي اجْتِهَادِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ لَا يَرَى جَوَازَ وِلَايَةِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ فَصَنِيعُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَا السِّتَّةِ كَانَ عِنْدَهُ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ وَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ أَفْضَلِيَّةُ بَعْضِ السِّتَّةِ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ كَانَ يَرَى جَوَازَ وِلَايَةِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ فَمَنْ وَلَّاهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ مُمْكِنًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ يَدْخُلُ فِيهِ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ صَنِيعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْتِخْلَافِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَصَنِيعُ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ صَرَّحَ فَتِلْكَ طَرِيقٌ تَجْمَعُ التَّنْصِيصَ وَعَدَمَ التَّعْيِينِ وَإِنْ شِئْتَ قُلْ تَجْمَعُ الِاسْتِخْلَافَ وَتَرْكَ تَعْيِينِ الْخَلِيفَةِ وَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ لَا أَتَقَلَّدُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا لِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ مِمَّنْ يَسْتَخْلِفُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ لَا بِطَرِيقِ التَّفْصِيلِ فَعَيَّنَهُمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ فِي ذَلِكَ وَالْمُنَاظَرَةِ فِيهِ لِتَقَعَ وِلَايَةُ مَنْ يَتَوَلَّى بَعْدَهُ عَنِ اتِّفَاقٍ مِنْ مُعْظَمِ الْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ بِبَلَدِهِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْهِجْرَةِ وَبِهَا مُعْظَمُ الصَّحَابَةِ وَكُلُّ مَنْ كَانَ سَاكِنًا غَيْرَهُمْ فِي بَلَدٍ غَيْرِهَا كَانَ تَبَعًا لَهُمْ فِيمَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ