فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حديث

( قَولُهُ بَابُ حَدِيثِ الْإِفْكِ)
قَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ إِيرَادِهِ هُنَا لِمَا ذَكَرَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ قِصَّةَ الْإِفْكِ كَانَتْ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ .

     قَوْلُهُ  الْإِفْكُ وَالْأَفْكُ بِمَنْزِلَةِ النَّجِسِ وَالنَّجَسِ أَيْ هُمَا فِي الِاسْمِ لُغَتَانِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ وَبِفَتْحِهِمَا مَعًا وَقَولُهُ بِمَنْزِلَةِ أَي نَظِير ذَلِك النَّجس وَالنَّجس فِي الضَّبْطِ وَكَوْنِهِمَا لُغَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ إِفْكُهُمْ وَأَفَكُهُمْ أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى بَلْ ضَلُّوا عَنْهُم وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون فَقُرِئَ فِي الْمَشْهُورِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَبِضَمِّ الْكَافِ.
وَأَمَّا بِالْفَتَحَاتِ فَقُرِئَ بِالشَّاذِّ وَهُوَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ بِثَلَاثِ فَتَحَاتٍ فِعْلًا مَاضِيًا أَي صرفهم ووراء ذَلِك قراآت أُخْرَى فِي الشَّوَاذِّ كَالْمَشْهُورِ لَكِنْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ عَن بن عَبَّاسٍ وَمِثْلُ الثَّانِي لَكِنْ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَهُوَ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ بِصِيغَةِ التَّكْبِيرِ وَبِالْمَدِّ أَوَّلُهُ وَفتح الْفَاء وَالْكَاف وَهُوَ عَن بن الزُّبَيْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَوْعَبُ فِي مَوْضِعِهِ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ قَالَ أَفَكَهُمْ أَيْ جَعَلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا يُقَالُ مَعْنَاهُ صَرَفَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ يؤفك عَنهُ من أفك أَيْ يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ الْإِفْكِ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحٍ وَهُوَ بن كيسَان عَن بن شِهَابٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيق فليح عَن بن شِهَابٍ وَذَكَرْتُ أَنِّي أُورِدُ شَرْحَهُ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ النُّورِ وَسَأَذْكُرُ هُنَاكَ مَعَ شَرْحِهِ بَيَانَ مَا اخْتلفُوا فِيهِ من أَلْفَاظ وَسِيَاقِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذكر المُصَنّف بعد سِيَاقه قِصَّةِ الْإِفْكِ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْجُعْفِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الصَّنْعَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ حِفْظِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِمْلَاءَ قَدْ يَقَعُ مِنَ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَيِ بن مَرْوَانَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَقَالَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَلِيٌّ.

قُلْتُ لَا كَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَزَادَ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ وَعَلْقَمَةُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ قَالَ فَمَا كَانَ جزمه وَفِي تَرْجَمَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حِلْيَةِ أَبِي نُعَيْمٍ من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم فَقَالَ نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ وَكَيْفَ أَخْبَرَكَ.

قُلْتُ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بن أبي سَلُولَ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ النُّورِ مُسْتَلْقِيًا فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّ الَّذِينَ جاؤوا بالافك عصبَة مِنْكُم حَتَّى بلغ وَالَّذِي تولى كبره جَلَسَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ أَلَيْسَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَاذَا أَقُولُ لَئِنْ.

قُلْتُ لَا لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَلْقَى مِنْهُ شَرًّا وَلَئِنْ.

قُلْتُ نَعَمْ لَقَدْ جِئْتُ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ.

قُلْتُ فِي نَفْسِي لَقَدْ عَوَّدَنِي اللَّهُ عَلَى الصِّدْقِ خَيْرًا.

قُلْتُ لَا قَالَ فَضَرَبَ بِقَضِيبِهِ عَلَى السَّرِيرِ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ فَمَنْ حَتَّى رَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا.

قُلْتُ لَكِنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ



[ قــ :3938 ... غــ :4142] .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكَ أَيْ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ مَخْزُومِيٌّ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ زُهْرِيٌّ يَجْمَعُهُمَا مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ رَهْطِ الْوَلِيدِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا كَذَا فِي نُسَخِ الْبُخَارِيِّ بِكَسْرِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ بِفَتْحِ اللَّامِ .

     قَوْلُهُ  فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِعِ الْمُرَاجَعَةُ فِي ذَلِكَ وَقَعَتْ مَعَ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ فِيمَا أَحْسَبُ وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ فَخَالَفَهُ فَرَوَاهُ بِلَفْظِ مُسِيئًا كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَيْنِ وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ وَقَعَتْ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَقَولُهُ فَلَمْ يَرْجِعْ أَيْ لَمْ يُجِبْ بِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَلَمْ يَرْجِعِ الزُّهْرِيُّ إِلَى الْوَلِيدِ.

قُلْتُ وَيُقَوِّي رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّزَّاق مَا فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ أَنَّ عَلِيًّا أَسَاءَ فِي شأني وَالله يغْفر لَهُ انْتهى.

     وَقَالَ  بن التِّينِ .

     قَوْلُهُ  مُسَلِّمًا هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضُبِطَ أَيْضًا بِفَتْحِهَا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرِوَايَةُ الْفَتْحِ تَقْتَضِي سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ وَرِوَايَةُ الْكسر تَقْتَضِي تَسْلِيمه لذَلِك قَالَ بن التِّينِ وَرُوِيَ مُسِيئًا وَفِيهِ بُعْدٌ.

قُلْتُ بَلْ هُوَ الْأَقْوَى مِنْ حَيْثُ نَقْلِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ النَّسَفِيَّ رَوَاهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ مُسِيئًا قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ عَنِ الْفَرْبَرِيِّ.

     وَقَالَ  الْأَصِيلِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ مُسَلِّمًا كَذَا قَرَأْنَاهُ وَالْأَعْرَفُ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا نَسَبَتْهُ إِلَى الْإِسَاءَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا بَلْ ضَيَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ.

     وَقَالَ  لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي مَكَانِهِ وَتَوْجِيهُ الْعُذْرِ عَنْهُ وَكَأَنَّ بَعْضَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ النَّاصِبَةِ تَقَرَّبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِهَذِهِ الْكِذْبَةِ فَحَرَّفُوا قَوْلَ عَائِشَةَ إِلَى غَيْرِ وَجْهِهِ لِعِلْمِهِمْ بِانْحِرَافِهِمْ عَنْ عَلِيٍّ فَظَنُّوا صِحَّتَهَا حَتَّى بَيَّنَ الزُّهْرِيُّ لِلْوَلِيدِ أَنَّ الْحَقَّ خِلَافُ ذَلِكَ فَجَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا وَقَدْ جَاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ أَيْضًا فَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ حَدثنَا عَمِّي قَالَ دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ يَا سُلَيْمَانُ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مَنْ هُوَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ قَالَ كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ فَدخل الزُّهْرِيّ فَقَالَ يَا بن شهَاب من الَّذِي تولى كبره قَالَ بن أُبَيٍّ قَالَ كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ فَقَالَ أَنَا أكذب لَا أبالك وَاللَّهِ لَوْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ الْكَذِبَ مَا كَذَبْتُ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَسَعِيدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَذَكَرَ لَهُ قِصَّةً مَعَ هِشَامٍ فِي آخِرِهَا نَحْنُ هَيَّجْنَا الشَّيْخَ هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :3939 ... غــ :4143] قَوْله عَن حُصَيْن هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي وَائِلٍ هُوَ شَقِيقُ بْنِ سَلَمَةَ الْأَسَدِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَسْمِيَتُهَا وَقد اسْتَشْكَلَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ مَعَ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْرُوقٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنَ الْيَمَنِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ قَالَ الْخَطِيبُ لَا نَعْلَمُهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ غَيْرَ حُصَيْنٍ وَمَسْرُوقٌ لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ رُومَانَ وَكَانَ يُرْسِلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهَا وَيَقُولُ سُئِلَتْ أُمُّ رُومَانَ فَوَهَمَ حُصَيْنٌ فِيهِ حَيْثُ جَعَلَ السَّائِلَ لَهَا مَسْرُوقًا أَوْ يَكُونُ بَعْضُ النَّقَلَةِ كَتَبَ سُئِلَتْ بِأَلِفٍ فَصَارَتْ سَأَلْتُ فَقُرِئَتْ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ إِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَدْ رَوَاهُ عَن حُصَيْن على الصَّوَاب يَعْنِي بالعنعنة قَالَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الِاتِّصَالِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِلَّةٌ انْتَهَى وَقَدْ حَكَى الْمِزِّيُّ كَلَامَ الْخَطِيبِ هَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي الْأَطْرَافِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بَلْ أَقَرَّهُ وَزَاد أَنه روى عَن مَسْرُوق عَن بن مَسْعُودٍ عَنْ أُمِّ رُومَانَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ كَذَا قَالَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاذَّةٌ وَهِيَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بَعْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّ عُمْدَةَ الْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي دَعْوَى الْوَهَمِ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ أُمَّ رُومَانَ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقيل سنة خمس وَقيل سِتّ وَهُوَ شَيْء ذكره الْوَاقِدِيّ وَلَا يتعقب الْأَسَانِيدُ الصَّحِيحَةُ بِمَا يَأْتِي عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِيهِ ضَعْفٌ أَنَّ أُمَّ رُومَانَ مَاتَتْ سَنَةَ سِتٍّ فِي ذِي الْحَجَّةِ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى رَدِّ ذَلِكَ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أُمَّ رُومَانَ فِي فَصْلِ مَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَاتَتْ أُمُّ رُومَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ سِتٍّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَحَدِيثُ مَسْرُوقٍ أَسْنَدُ أَيْ أَقْوَى إِسْنَادًا وَأَبْيَنُ اتِّصَالًا انْتَهَى وَقَدْ جَزَمَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ بِأَنَّ مَسْرُوقًا سَمِعَ مِنْ أُمِّ رُومَانَ وَلَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَمَاعُهُ مِنْهَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ لِأَنَّ مَوْلِدَ مَسْرُوقٍ كَانَ فِي سَنَةِ الْهِجْرَةِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبِهَانِيُّ عَاشَتْ أُمُّ رُومَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْخَطِيبُ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَالزُّبَيْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا نزلت آيةالتخيير بَدَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَةَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكِ أَمْرًا فَلَا تَفْتَاتِي فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَعْرِضِيهِ عَلَى أَبَوَيْكِ أَبِي بَكْرٍ وَأُمِّ رُومَانَ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ تَسْمِيَةِ أُمِّ رُومَانَ وَآيَةُ التَّخْيِيرِ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ اتِّفَاقًا فَهَذَا دَالٌّ على تَأَخّر مَوْتِ أُمِّ رُومَانَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَالزُّبَيْرُ أَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ أَضْيَافِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَامْرَأَتَيَّ وَخَادِمٌ وَفِيهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ قَالَتْ لَهُ أُمِّي احْتَبَسْتَ عَنْ أَضْيَافِكَ الْحَدِيثَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ إِنَّمَا هَاجَرَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَهِجْرَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي سنة سبع فِي قَول بن سَعْدٍ وَفِي قَوْلِ الزُّبَيْرِ فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهُ رَوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ خَرَجَ فِي فِئَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَبْلَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكُونُ أُمُّ رُومَانَ تَأَخَّرَتْ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَاهُ فِيهِ وَفِي بَعْضِ هَذَا كِفَايَةٌ فِي التَّعَقُّبِ عَلَى الْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَا تَعَقَّبُوهُ عَلَى هَذَا الْجَامِعِ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ تَلْقَى كَلَامَ الْخَطِيبِ بِالتَّسْلِيمِ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ وَالسُّهَيْلِيُّ وبن سَيِّدِ النَّاسِ وَتَبِعَ الْمِزِّيُّ الذَّهَبِيَّ فِي مُخْتَصَرَاتِهِ وَالْعَلَائِيَّ فِي الْمَرَاسِيلِ وَآخَرُونَ وَخَالَفَهُمْ صَاحِبُ الْهَدْيِ.

قُلْتُ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ رُومَانَ مِنْ قِصَّةِ الْإِفْكِ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَوَجْهَ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :3940 ... غــ :4144] .

     قَوْلُهُ  عَن بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ الله قَوْله عَن عَائِشَة فِي رِوَايَة بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ .

     قَوْلُهُ  كَانَتْ تَقْرَأُ إِذْ تَلِقُونَهُ أَيْ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّ الْقَافِ مُخَفَّفًا وَقَدْ فُسِّرَ فِي الْخَبَرِ حَيْثُ قَالَ وَتَقُولُ الْوَلَقُ الْكَذِبُ وَالْوَلَقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ بَعْدَهَا قَافٌ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ هُوَ الْإِسْرَاع فِي الْكَذِب قَوْله قَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا.

قُلْتُ لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَشْهُورَةَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ مِنَ التَّلَقِّي وَإِحْدَى التَّاءَيْنِ فِيهِ مَحْذُوفَةٌ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الرَّابِعُ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي حَسَّانَ ذَكَرَهُ بِأَلْفَاظٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّور وَقَوله





[ قــ :3941 ... غــ :4145] .

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن عُقْبَةَ أَيِ الطَّحَّانُ الْكُوفِيُّ يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَقَدْ عُرِفَ نَسَبُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْآخَرِينَ وَسَيَأْتِي لَهُ ذِكْرٌ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَشَيْخُهُ عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ بَصْرِيٌّ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ شَيْخٌ آخَرُ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ مَسْرُوقٍ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدهَا حسان يَأْتِي شَرحه أَيْضا فِي تَفْسِيرِ النُّورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى