فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب سهام الفرس

( قَولُهُ بَابُ سِهَامِ الْفَرَسِ)
أَيْ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَارِسُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِسَبَبِ فَرَسِهِ



[ قــ :2736 ... غــ :2863] .

     قَوْلُهُ  وقَال مَالِكٌ يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ جَمْعُ بِرْذَوْنٍ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُرَادُ الْجُفَاةُ الْخِلْقَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَأَكْثَرُ مَا تُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَلَهَا جَلَدٌ عَلَى السَّيْرِ فِي الشِّعَابِ وَالْجِبَالِ وَالْوَعْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ الْعَرَبِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  لقَوْله تَعَالَى وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها قَالَ بن بَطَّالٍ وَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِالْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ بِرُكُوبِ الْخَيْلِ وَقَدْ أَسْهَمَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُ الْخَيْلِ يَقَعُ عَلَى الْبِرْذَوْنِ وَالْهَجِينِ بِخِلَافِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكَأَنَّ الْآيَةَ اسْتَوْعَبَتْ مَا يُرْكَبُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لِمَا يَقْتَضِيهِ الِامْتِنَانُ فَلَمَّا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْبِرْذَوْنِ وَالْهَجِينِ فِيهَا دَلَّ عَلَى دُخُولِهَا فِي الْخَيْلِ.

قُلْتُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْهَجِينَ لِأَنَّ مَالِكًا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ فِي الْمُوَطَّإِ وَفِيهِ وَالْهَجِينِ وَالْمُرَادُ بِالْهَجِينِ مَا يَكُونُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ عَرَبِيًّا وَالْآخَرُ غَيْرَ عَرَبِيٍّ وَقِيلَ الْهَجِينُ الَّذِي أَبُوهُ فَقَطْ عَرَبِيٌّ.
وَأَمَّا الَّذِي أَمُّهُ فَقَطْ عَرَبِيَّةٌ فَيُسَمَّى الْمُقْرَفُ وَعَنْ أَحْمَدَ الْهَجِينُ الْبِرْذَوْنُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِي الْحُكْمِ وَقَدْ وَقَعَ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَفِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَّنَ الْهَجِينَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَرَّبَ الْعِرَابَ فَجَعَلَ لِلْعَرَبِيِّ سَهْمَيْنِ وَلِلْهَجِينِ سَهْمًا وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ قَالَ أَغَارَتِ الْخَيْلُ فَأَدْرَكَتِ الْعِرَابُ وَتَأَخَّرَتِ البراذن فَقَامَ بن الْمُنْذِرِ الْوَادِعِيُّ فَقَالَ لَا أَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ كَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ فَقَالَ هَبِلَتِ الْوَادِعِيَّ أُمُّهُ لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ أَمْضُوهَا عَلَى مَا قَالَ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَسْهَمَ لِلْبَرَاذِينِ دُونَ سِهَامِ الْعِرَابِ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ وَمِنَّا الَّذِي قَدْ سَنَّ فِي الْخَيْلِ سُنَّةً وَكَانَتْ سَوَاءً قَبْلَ ذَاكَ سِهَامُهَا وَهَذَا مُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَقَدْ أَخَذَ أَحْمَدُ بِمُقْتَضَى حَدِيثِ مَكْحُولٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَالْجَمَاعَةِ وَعَنْهُ إِنْ بَلَغَتِ الْبَرَاذِينُ مَبَالِغَ الْعَرَبِيَّةِ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فُضِّلَتِ الْعَرَبِيَّةُ وَاخْتَارَهَا الْجَوْزَجَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنِ اللَّيْثِ يُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ وَالْهَجِينِ دُونَ سَهْمِ الْفَرَسِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسِ هُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ لَا لِأَكْثَرَ وَفِي ذَلِكَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ أَسْهَمَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَرَسَيَّ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَلِي سَهْمًا فَأَخَذْتُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ يُسْهَمُ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ بَالِغًا مَا بلغت ولصاحبه سَهْما أَيْ غَيْرَ سَهْمَيِ الْفَرَسِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا أَيْ غَيْرَ سَهْمَيِ الْفَرَسِ فَيَصِيرُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنَّ نَافِعًا فَسَّرَهُ كَذَلِكَ وَلَفْظُهُ إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ يَتَبَيَّنُ أَنْ لَا وَهْمَ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وبن نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ وَهِمَ فِيهِ الرَّمَادِيُّ وَشَيْخُهُ.

قُلْتُ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ بِسَبَبِ فَرَسِهِ سَهْمَيْنِ غَيْرَ سَهْمه الْمُخْتَص بِهِ وَقد رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَمُسْنَدِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ للْفرس وَكَذَلِكَ أخرجه بن أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ لَهُ عَنِ بن أَبِي شَيْبَةَ وَكَأَنَّ الرَّمَادِيَّ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَقَدْ أخرجه أَحْمد عَن أبي أُسَامَة وبن نُمَيْرٍ مَعًا بِلَفْظِ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ نَعِيمُ بْنُ حَمَّاد عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلَ رِوَايَةِ الرَّمَادِيِّ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَقد رَوَاهُ عَليّ بن الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ نُعَيْمٍ عَن بن الْمُبَارَكِ بِلَفْظِ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَعْضُ مَنِ احْتَجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إِنْ لِلْفَرَسِ سَهْمًا وَاحِدًا وَلِرَاكِبِهِ سَهْمٌ آخَرُ فَيَكُونُ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ فَقَطْ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثُ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ بِالْجِيمِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ قَالَ فَأَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَلَوْ ثَبَتَ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَالْجَمْعُ بَين الرِّوَايَتَيْنِ أولى وَلَا سِيمَا والاسانيد الأولة أثْبَتُ وَمَعَ رُوَاتِهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ سَهْمًا فَكَانَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِقَرَابَتِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ انْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ بِذَلِكَ دُونَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أُفَضِّلَ بَهِيمَةً عَلَى مُسْلِمٍ وَهِيَ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ السِّهَامَ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّهَا لِلرَّجُلِ.

قُلْتُ لَوْ لَمْ يَثْبُتِ الْخَبَرُ لَكَانَتِ الشُّبْهَةُ قَوِيَّةً لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ فَلَوْلَا الْفَرَسُ مَا ازْدَادَ الْفَارِسُ سَهْمَيْنِ عَنِ الرَّاجِلِ فَمَنْ جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْفَرَسِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَقَدْ تُعُقِّبَ هَذَا أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالْإِنْسَانِ فَلَمَّا خَرَجَ هَذَا عَنِ الْأَصْلِ بِالْمُسَاوَاةِ فَلْتَكُنِ الْمُفَاضَلَةُ كَذَلِكَ وَقَدْ فَضَّلَ الْحَنَفِيَّةُ الدَّابَّةَ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَقَالُوا لَوْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ أَدَّاهَا فَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا لَمْ يُؤَدِّ فِيهِ إِلَّا دُونَ عَشَرَةِ آلْافِ دِرْهَمٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْخَبَرِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَا قَالَ فَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْ عمر وَعلي كالجمهور وَاسْتدلَّ لِلْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْفَرَسَ يَحْتَاجُ إِلَى مُؤْنَةٍ لِخِدْمَتِهَا وَعَلَفِهَا وَبِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الْغِنَى فِي الْحَرْبِ مَا لَا يَخْفَى وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ إِذَا حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَقَاتَلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ يُسْهَمُ لَهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذْ لَمْ يُرِدْ هُنَا صِيغَةَ عُمُومٍ وَاسْتَدَلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا وَسَيَأْتِي فِي مَكَانِهِ وَفِي الْحَدِيثِ حَضٌّ عَلَى اكْتِسَابِ الْخَيْلِ وَاتِّخَاذِهَا لِلْغَزْوِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ وَإِعْلَاءِ الْكَلِمَةِ وَإِعْظَامِ الشَّوْكَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوكُمْ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ وَمَعَهُ فَرَسٌ فَمَاتَ قَبْلَ حُضُورِ الْقِتَالِ فَقَالَ مَالِكٌ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَرَسِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ وَالْبَاقُونَ لَا يُسْهَمُ لَهُ إِلَّا إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ فَلَوْ مَاتَ الْفَرَسُ فِي الْحَرْبِ اسْتَحَقَّ صَاحِبُهُ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ اسْتَمَرَّ اسْتِحْقَاقُهُ وَهُوَ لِلْوَرَثَةِ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ وَصَلَ إِلَى مَوْضِعِ الْقِتَالِ فَبَاعَ فَرَسَهُ يُسْهَمُ لَهُ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ مِمَّا غَنِمُوا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْمُشْتَرِي مِمَّا بَعْدَهُ وَمَا اشْتَبَهَ قُسِّمَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ دَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ رَاجِلًا لَا يُقْسَمُ لَهُ إِلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ وَلَوِ اشْتَرَى فَرَسًا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي غُزَاةِ الْبَحْرِ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ خَيْلٌ فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يُسْهَمُ لَهُ تَكْمِيلٌ هَذَا الْحَدِيثُ يَذْكُرُهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي مَسَائِلِ الْقِيَاسِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيمَاءِ أَيْ إِذَا اقْتَرَنَ الْحُكْمُ بِوَصْفِ لَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لِلتَّعْلِيلِ لَمْ يَقَعْ الِاقْتِرَانُ فَلَمَّا جَاءَ سِيَاقٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا دَلَّ على افْتِرَاق الحكم