فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

( قَولُهُ بَابُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ)
سَيَأْتِي بَيَانُهُمْ وَأَنَّهُمْ مَنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ أَوْ كَانَ يَتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إِسْلَامَ نُظَرَائِهِ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَغَيْرَهُمْ أَيْ غَيْرَ الْمُؤَلَّفَةِ مِمَّنْ تَظْهَرُ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي إِعْطَائِهِ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ أَيْ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَالْفَيْءِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي إِعْطَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤَلَّفَةِ مِنَ الْخُمُسِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ إِلَى الْإِمَامِ يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَرَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ لِغَيْرِ الْمُقَاتِلِينَ قَالَ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِدَلِيلِ الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ الثَّابِتَةِ وَاخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَيْنَ كَانَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْخُمُسِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ قِيلَ لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ شَيْءٌ صَرِيحٌ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ نَفْسِ الْخُمُسِ .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ حُنَيْنٍ وَسَيَأْتِي هُنَاكَ مَوْصُولًا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبِهِمْ الْحَدِيثَ ثُمَّ أَوْرَدَ فِي الْبَابِ تِسْعَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ قِصَّتُهُ مَعَ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ثَانِيهَا حَدِيث بن عُمَرَ فِي نَذْرِ عُمَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِيهِ وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ وَهُوَ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ



[ قــ :3002 ... غــ :3144] .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ بن عُمَرَ وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ نَقَلَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَوْصُولا وَهُوَ عِنْد مُسلم وبن خُزَيْمَةَ لَكِنْ فِي الْقِصَّةِ الثَّالِثَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعُمْرَةِ الْجِعِرَّانَة لَا فِي جَمِيعِ الْحَدِيثِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ مَعْمَرًا وَصَلَهُ أَيْضًا عَنْ أَيُّوبَ وَرِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَصَلَهَا فِي الْمَغَازِي وَهُوَ فِي قِصَّةِ النَّذْرِ فَقَطْ وَذَكَرَ فِي الْمَغَازِي أَيْضًا أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَاهُ مَوْصُولًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا أَيْضًا هُنَاكَ وَأَنَّهُ أَيْضًا فِي النَّذْرِ فَقَطْ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالنَّذْرِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالَّذِي قَدَّمْتُهُ اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا الْجُرْجَانِيَّ فَقَالَ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ هُنَا وَهُوَ فِي الْمَغَازِي وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ مَوْصُولٌ وَحَمَّادٌ أَثْبَتُ فِي أَيُّوبَ مِنْ جَرِيرٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ الْمَوْصُولَةُ فَهِيَ فِي قِصَّةِ النَّذْرِ فَقَطْ دُونَ قِصَّةِ الْجَارِيَتَيْنِ قَالَ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ حَدِيثَ الْجَارِيَتَيْنِ فَوَصَلَهُ عَنْهُ قَوْمٌ وَأَرْسَلَهُ آخَرُونَ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ سُؤَالَهُ لِذَلِكَ وَقَعَ وَهُوَ بِالْجِعِرَّانَةِ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ إِلَى الطَّائِفِ .

     قَوْلُهُ  وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ أَيْ مِنْ هَوَازِنَ لَمْ أَرَ مَنْ سَمَّاهُمَا وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَوْصُولًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّذْرِ قَالَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَكِفَ فَلَمْ أَعْتَكِفْ حَتَّى كَانَ بَعْدَ حُنَيْنٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي جَارِيَةً فَبَيْنَا أَنَا مُعْتَكِفٌ إِذْ سَمِعْتُ تَكْبِيرًا الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّبْيِ سَتَأْتِي صِفَةُ ذَلِكَ فِي الْمَغَازِي وَفِي هَذَا السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَنَظَرَ أَوْ سَأَلَ عَنْ سَبَبِ سَعْيِهِمْ فِي السِّكَكِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ لِعُمَرَ وَفِي رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ الْمَذْكُورَةِ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا السَّبْيُ أَسْلَمُوا فَأَرْسَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وَالْجَارِيَةُ فَأَرْسَلَهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْأَخْذُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ تَنْبِيهٌ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ وَحَكَى بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَ الْعَيْنِ مُثَنَّاةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مِيمٌ مَكْسُورَةٌ وَهُوَ تَصْحِيفٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَافِعٌ وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو النُّعْمَانِ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ مُسلم وبن خُزَيْمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِع ذكر عِنْد بن عُمَرَ عُمْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ فَقَالَ لَمْ يَعْتَمِرْ مِنْهَا وَقد ذكرت فِي أَبْوَاب الْعمرَة الْأَحَادِيث الْوَارِد فِي اعْتِمَارِهِ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ فِي بَابِ مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فِي غَزْوِهِ أَيْضًا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْتُ فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ سَبَبَ خَفَاءِ عُمْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ قَالَ بن التِّين لَيْسَ كل مَا علمه بن عُمَرَ حَدَّثَ بِهِ نَافِعًا وَلَا كُلُّ مَا حَدَّثَ بِهِ نَافِعًا حَفِظَهُ.

قُلْتُ وَهَذَا يَرُدُّهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ بن عُمَرَ كَانَ يَعْرِفُهَا وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهَا نَافِعًا ودلت رِوَايَة مُسلم على أَن بن عُمَرَ كَانَ يَنْفِيهَا قَالَ وَلَيْسَ كُلُّ مَا علمه بن عُمَرَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فِيهِ نِسْيَانٌ انْتَهَى وَهَذَا أَيْضًا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ عَرَفَ بِهَا وَنَسِيَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا لَا هُوَ وَلَا عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ النَّمَرِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمِيمِ





[ قــ :3003 ... غــ :3145] .

     قَوْلُهُ  أَخَافُ ظَلَعَهُمْ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةِ وَاللَّامِ وَبِالْمُهْمَلَةِ أَيِ اعْوِجَاجَهُمْ وَجَزَعَهُمْ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ بِوَزْنِهِ وَأَصْلُ الظَّلَعِ الْمَيْلُ وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مَرَضِ الْقَلْبِ وَضَعْفِ الْيَقِينِ .

     قَوْلُهُ  وَالْغَنَاءُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ النُّونِ وَمَدٍّ وَهُوَ الْكِفَايَةُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ بِلَفْظِ ضِدِّ الْفَقْرِ وَقَولُهُ بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ الَّتِي قَالَهَا فِي حَقِّهِ وَهِيَ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُ فِي أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْغَنَاءِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَالْمَعْنَى لَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النَّعَمِ بَدَلًا مِنَ الْكَلِمَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي لِي أَوْ يَكُونُ لِي ذَلِكَ وَتُقَالُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي حَقِّي .

     قَوْلُهُ  زَادَ أَبُو عَاصِمٍ عَن جرير هُوَ بن حَازِمٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي أَوَاخِرِ الْجُمُعَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَدْ يُعَلِّقُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِيهِ وَاسِطَةٌ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ أَبَا عَاصِمٍ شَيْخُهُ وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُ هَذَا هُنَا وَلَمَّا سَاقَهُ مَوْصُولًا أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عَاصِمٍ وَاسِطَةً .

     قَوْلُهُ  أَوْ بِسَبْيٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِشَيْءٍ وَهُوَ أَشْمَلُ رَابِعُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي عَطِيَّةِ الْمُؤَلَّفِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ذَكَرَهُ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فَقَدْ ذَكَرَهُ هُنَاكَ مِنْ أَرْبَعَة أوجه عَن أنس خَامِسُهَا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَإِبْرَاهِيمَ فِي إِسْنَاده هُوَ بن سعد وَصَالح هُوَ بن كَيْسَانَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ فِي بَابِ الشَّجَاعَةِ فِي الْحَرْبِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى بَعْضِ شَرْحِ الْمَتْنِ وَقَولُهُ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ أَيْ مَرْجِعَهُ كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَوَقَعَ لِغَيْرِهِ هُنَا مُقْبِلًا وَهُوَ مَنْصُوب على الْحَال والسمرة بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ مُتَفَرِّقَةُ الرَّأْسِ قَلِيلَةُ الظِّلِّ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ وَالشَّوْكِ صُلْبَةُ الْخشب قَالَه بن التِّينِ.

     وَقَالَ  الْقَزَّازُ وَالْعِضَاهُ شَجَرُ الشَّوْكِ كَالطَّلْحِ وَالْعَوْسَجِ وَالسِّدْرِ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ السَّمُرَةُ هِيَ الْعِضَاهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ وَرَقُ السَّمُرَةِ أَثْبَتُ وَظِلُّهَا أَكْثَفُ وَيُقَالُ هِيَ شَجَرَةُ الطَّلْحِ وَاخْتُلِفَ فِي وَاحِدَةِ الْعِضَاهِ فَقِيلَ عَضَةٌ بِفَتْحَتَيْنِ مِثْلُ شَفَةٍ وَشِفَاهُ وَالْأَصْلُ عَضْهَةٌ وَشَفَهَةٌ فَحُذِفَتِ الْهَاءُ وَقِيلَ وَاحِدُهَا عِضَاهَةٌ





[ قــ :3006 ... غــ :3148] .

     قَوْلُهُ  فَخَطَفَتْ رِدَاءَهُ فِي مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ حَتَّى عَدَلُوا بِنَاقَتِهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَمر بسمرات فانتهسن بظهره وَانْتَزَعْنَ رِدَاءَهُ فَقَالَ نَاوِلُونِي رِدَائِي فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَفِيهِ فَنَزَلَ وَنَزَلَ النَّاسُ مَعَهُ فَأَقْبَلَتْ هَوَازِنُ فَقَالُوا جِئْنَا نَسْتَشْفِعُ بِالْمُؤْمِنِينَ إِلَيْكَ وَنَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهِ ذَمُّ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ الْبُخْلُ وَالْكَذِبُ وَالْجُبْنُ وَأَنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا وَفِيهِ مَا كَانَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحِلْمِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَسَعَةِ الْجُودِ وَالصَّبْرِ عَلَى جُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَفِيهِ جَوَازُ وَصْفِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ بِالْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَخَوْفِ ظَنِّ أَهْلِ الْجَهْلِ بِهِ خِلَافَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْفَخْرِ الْمَذْمُومِ وَفِيهِ رِضَا السَّائِلِ لِلْحَقِّ بِالْوَعْدِ إِذَا تَحَقَّقَ عَنِ الْوَاعِدِ التَّنْجِيزُ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ إِنْ شَاءَ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَرْبِ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ سَادِسُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَبَذَ رِدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَنَجْرَانُ بِنُونٍ وَجِيمٍ وَزْنُ شَعْبَانَ بَلْدَةٌ مَشْهُورَةٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْأَدَبِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بعطاء سابعها حَدِيث بن مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعُيَيْنَةُ بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ مُصَغرًا هُوَ بن حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ ثَامِنُهَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ وَقَولُهُ





[ قــ :3009 ... غــ :3151] .

     وَقَالَ  أَبُو ضَمْرَةَ هُوَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَهِشَامٌ هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْغَرَضُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانُ فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ أَبَا ضَمْرَةَ خَالَفَ أَبَا أُسَامَةَ فِي وَصْلِهِ فَأَرْسَلَهُ ثَانِيَتُهُمَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ تَعْيِينَ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ فَأَقْطَعَ الزُّبَيْرَ مِنْهَا وَبِذَلِكَ يَرْتَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا أَدْرِي كَيْفَ أَقْطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُهَا قَدْ أَسْلَمُوا رَاغِبِينَ فِي الدِّينِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَبْلُغُهُ الْمَأْمَنُ مِنْ أَرْضِهِمْ فَأَقْطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شَاءَ مِنْهُ تاسعها حَدِيث بن عُمَرَ فِي مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَفِيهِ قِصَّةُ إِجْلَاءِ عُمَرَ لَهُمْ بِاخْتِصَارٍ وَقَدْ مَرَّ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَقَولُهُ فِيهِ نَتْرُكُكُمْ مِنَ التَّرْكِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نُقِرُّكُمْ مِنَ التَّقْرِيرِ وَقَوله



[ قــ :3010 ... غــ :315] هُنَا وَكَانَتِ الْأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ كَذَا للْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بن السَّكَنِ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

     وَقَالَ  بن أَبِي صُفْرَةَ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ صَحِيحٌ أَيْضًا قَالَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا أَيْ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى فَتْحِ أَكْثَرِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ الْيَهُودُ أَنْ يُصَالِحُوهُ فَكَانَتْ لِلْيَهُودِ فَلَمَّا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوا لَهُ الْأَرْضَ كَانَتْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ثَمَرَةِ الْأَرْضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمُفْتَتَحَةِ وَغَيْرِ الْمُفْتَتَحَةِ وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهِ عَلَيْهَا غَلَبَتُهُ لَهُمْ فَكَانَ حِينَئِذٍ بَعْضُ الْأَرْضِ لِلْيَهُودِ وَبَعْضُهَا لِلرَّسُولِ وللمسلمين.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ أَحَادِيثُ الْبَابِ مُطَابِقَةٌ لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا هَذَا الْأَخِيرَ فَلَيْسَ فِيهِ لِلْعَطَاءِ ذِكْرٌ وَلَكِنْ فِيهِ ذِكْرُ جِهَاتٍ مُطَابِقَةٍ لِلتَّرْجَمَةِ قَدْ عُلِمَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ أَنَّهَا كَانَتْ جِهَاتُ عَطَاءٍ فَبِهَذِهِ الطَّرِيق تدخل تَحت التَّرْجَمَة وَالله أعلم