فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب



[ قــ :3208 ... غــ :3361] قَوْله تَابع أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْحِيدِ وَفِي غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ قَبْلَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا مَا صُورَتُهُ يَزِفُّونَ النَّسَلَانُ فِي الْمَشْيِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْبَاقِينَ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَوَهِمَ مَنْ وَقَعَ عِنْدَهُ بَابُ يَزِفُّونَ النَّسَلَانُ فَإِنَّهُ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي وَقَولُهُ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ يَقَعُ عِنْدَهُمْ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ وَتَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَاضِحٌ فَإِنَّ الْكُلَّ مِنْ تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَوْمِهِ حِينَ كَسَّرَ أَصْنَامَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون قَالَ مُجَاهِد الوزيف النسلان أخرجه الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَإِذَا هِيَ فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ مُسْتَقْبَلَ بَابِ الْبَهْوِ صَنَمٌ عَظِيمٌ إِلَى جَنْبِهِ أَصْغَرُ مِنْهُ بَعْضُهَا إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ جَعَلُوا طَعَامًا بَيْنَ يَدَيِ الْأَصْنَامِ وَقَالُوا إِذَا رَجَعْنَا وَجَدْنَا الْآلِهَةَ بَرَّكَتْ فِي طَعَامِنَا فَأَكَلْنَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِم إِبْرَاهِيم قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مالكم لَا تنطقون فَأَخَذَ حَدِيدَةً فَبَقَرَ كُلَّ صَنَمٍ فِي حَافَّتَيْهِ ثُمَّ عَلَّقَ الْفَأْسَ فِي الصَّنَمِ الْأَكْبَرِ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمَّا رَجَعُوا جَمَعُوا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَطَبَ حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَتَمْرَضُ فَتَقُولُ لَئِنْ عَافَانِي اللَّهُ لَأَجْمَعَنَّ لِإِبْرَاهِيمَ حَطَبًا فَلَمَّا جَمَعُوا لَهُ وَأَكْثَرُوا مِنَ الْحَطَبِ وَأَرَادُوا إِحْرَاقَهُ قَالَتِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالْمَلَائِكَةُ رَبَّنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ يُحْرَقُ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ وَإِنْ دَعَاكُمْ فَأَغِيثُوهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْوَاحِدُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَا الْوَاحِدُ فِي الْأَرْضِ لَيْسَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ يَعْبُدُكَ غَيْرِي حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ انْتَهَى وَأَظُنُّ الْبُخَارِيَّ إِنْ كَانَتِ التَّرْجَمَةُ مَحْفُوظَةً أَشَارَ إِلَى هَذَا الْقَدْرِ فَإِنَّهُ يُنَاسِبُ قَوْلَهُمْ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ أَنْتَ خَلِيلُ اللَّهِ مِنَ الْأَرْضِ الحَدِيث الثَّانِي عشر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ إِسْمَاعِيلَ وَزَمْزَمَ سَاقَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ الْأُولَى





[ قــ :309 ... غــ :336] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ زِيَادَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَزِيَادَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ النَّسَائِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ وَهْبٌ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَوَضَحَ أَنَّ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ كَانَ إِذَا رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ وَذَكَرَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَإِذَا رَوَاهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَيْضًا قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَتَيْتُ سَلَامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَأَنْكَرَهُ إِنْكَارًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ لِي فَأَبُوكَ مَا يَقُولُ.

قُلْتُ يَقُولُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ قَدْ غَلِطَ إِنَّمَا هُوَ أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ انْتَهَى وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ لِأَيُّوبَ فِيهِ عِدَّةُ طُرُقٍ فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ مِنْ كِبَارِ الْحُفَّاظِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَيُّوبَ نُبِّئْتُ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير عَن بن عَبَّاس وَلم يَذْكُرْ أُبَيًّا وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَحَدُهُمَا هَكَذَا وَالْآخَرُ قَالَ فِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَرَى وَقَدْ عَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِخْرَاجَهُ رِوَايَةَ أَيُّوبَ لِاضْطِرَابِهَا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اعْتِمَادَ الْبُخَارِيِّ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مَقْرُونًا بِأَيُّوبَ فَرِوَايَةُ أَيُّوبَ إِمَّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ قَدْحًا لِثِقَةِ الْجَمِيعِ فَظَهَرَ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَى ثِقَاتٍ حُفَّاظٍ إِنْ كَانَ بِإِثْبَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأُبَيِّ بْنَ كَعْب فَلَا كَلَام وَإِن كَانَ بإسقا طهما فَأَيُّوبُ قَدْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأما بن عَبَّاسٍ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْمَعهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَعْتَمِدِ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ الْخَالِصِ كَمَا تَرَى وَقَدْ سَبَقَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَرَدَّ كَلَامَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِنَحْوِ هَذَا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فِي تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ الطَّرِيق الثَّانِيَة قَوْله.

     وَقَالَ  الْأنْصَارِيّ حَدثنَا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِي قَالَ إِنِّي وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ مَا هَكَذَا حَدثنِي بن عَبَّاسٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَهِيَ تُرْضِعُهُ مَعَهَا شَنَّةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ انْتَهَى هَكَذَا سَاقَهُ مُخْتَصَرًا مُعَلَّقًا وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ فَارُوقٍ الْخَطَّابِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا أَيْضًا وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله الْأنْصَارِيّ وَزَاد فِي رِوَايَته أبي وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعُثْمَانُ بْنُ حَبَشِيٍّ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْأَنْصَارِيِّ كَذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جُعْشُمٍ كِلَاهُمَا عَنِ بن جريج فَبين فِيهِ سَبَب قَول سعيد بن جُبَير مَا هَكَذَا حَدثنِي بن عَبَّاس وَلَفظه عَن بن جريج عَن كثير بن كَثِيرٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي أُنَاسٍ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِأَعْلَى الْمَسْجِدِ لَيْلًا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير سلوني قبل أَن لَا تَرَوْنِي فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ فَأَكْثَرُوا فَكَانَ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ أَنْ قَالَ رَجُلٌ أَحَقُّ مَا سَمِعْنَا فِي الْمَقَامِ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا ينزل بِمَكَّة حَتَّى يرجع فقربت إِلَيْهِ امْرَأَةُ إِسْمَاعِيلَ الْمَقَامَ فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَيْهِ لَا يَنْزِلُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَيْسَ هَكَذَا حَدثنَا بن عَبَّاسٍ وَلَكِنْ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَأَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ عَن بن أَبِي عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ سَلُونِي فَإِنِّي قَدْ أَوْشَكْتُ أَنْ أَذْهَبَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ فَأَكْثَرَ النَّاسُ مَسْأَلَتَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَقَامَ هُوَ كَمَا كُنَّا نَتَحَدَّثُ قَالَ وَمَا كُنْتَ تَتَحَدَّثُ قَالَ كُنَّا نَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ جَاءَ عَرَضَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةُ إِسْمَاعِيلَ النُّزُولَ فَأَبَى أَنْ يَنْزِلَ فَجَاءَتْهُ بِذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَتْهُ لَهُ فَقَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرٍ





[ قــ :310 ... غــ :3364] .

     قَوْلُهُ  أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوسط وَوَقع فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ النُّطُقُ بِضَمِّ النُّونِ وَالطَّاءِ وَهُوَ جَمْعُ مِنْطَقٍ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ كَانَتْ وَهَبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِإِسْمَاعِيلَ فَلَمَّا وَلَدَتْهُ غَارَتْ مِنْهَا فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ فَاتَّخَذَتْ هَاجَرُ مِنْطَقًا فَشَدَّتْ بِهِ وَسَطَهَا وَهَرَبَتْ وَجَرَّتْ ذَيْلَهَا لِتُخْفِيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ وَيُقَالُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ شَفَعَ فِيهَا.

     وَقَالَ  لِسَارَةَ حَلِّلِي يَمِينَكِ بِأَنْ تَثْقُبِي أُذُنَيْهَا وَتَخْفِضِيهَا وَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقع فِي رِوَايَة بن علية عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ أول مَا أحدث الْعَرَبُ جَرَّ الذُّيُولِ عَنْ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَيُقَالُ إِنَّ سَارَةَ اشْتَدَّتْ بِهَا الْغَيْرَةُ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ إِلَى مَكَّةَ لِذَلِكَ وروى بن إِسْحَاق عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا بَوَّأَ لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ وَأُمِّهِ قَالَ وَحُمِلُوا فِيمَا حُدِّثْتُ عَلَى الْبُرَاقِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى وَضَعَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَوَضَعَهُمَا .

     قَوْلُهُ  عِنْدَ دَوْحَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ .

     قَوْلُهُ  فَوْقَ الزَّمْزَمِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَوْقَ زَمْزَمَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ أَمْرِهَا فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ أَيْ مَكَانَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ بُنِيَ .

     قَوْلُهُ  وَسِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ السِّقَاءُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قِرْبَةٌ صَغِيرَةٌ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرٍ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَمَعَهَا شَنَّةٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهِيَ الْقِرْبَةُ الْعَتِيقَةُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ أَيْ ولي رَاجعا إِلَى الشَّام وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَانْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ بِالشَّامِ وَتَرَكَ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ عِنْدَ الْبَيْتِ .

     قَوْلُهُ  فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيل فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَأَدْرَكَتْهُ بِكَدَاءَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهَا نَادَتْهُ ثَلَاثًا فَأَجَابَهَا فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَتْ لَهُ مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَقَالَتْ لَنْ يُضَيِّعَنَا وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقَالَتْ حَسْبِي وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرٍ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ فَقَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَقَولُهُ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ بِفَتْحِ الْكَافِ مَمْدُودٌ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ مِنْهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ الْبَنِيَّةِ بِالْمُوَحَّدَةِ بدل الْمُثَلَّثَة وَهُوَ تَصْحِيف وَضبط بن الْجَوْزِيِّ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ.

     وَقَالَ  هِيَ الَّتِي بِأَسْفَلَ مَكَّةَ عِنْدَ قُعَيْقِعَانَ قَالَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ نَزَلُوا بِأَسْفَلَ مَكَّةَ.

قُلْتُ وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَانِعٍ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ فَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ .

     قَوْلُهُ  رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذريتي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتِّلَاوَةِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ زَادَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَفِي رِوَايَةٍ وَكَانَ إِسْمَاعِيل حِينَئِذٍ بن سَنَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَلَمَّظُ وَهِيَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ أَيْضًا وَمَعْنَى يَتَلَبَّطُ وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ يَتَمَرَّغُ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ الْأَرْضَ وَيَقْرَبُ مِنْهَا رِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَلَمَّا ظَمِئَ إِسْمَاعِيلُ جَعَلَ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِعَقِبَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ يَشْهَقُ وَيَعْلُو صَوْتُهُ وَيَنْخَفِضُ كَالَّذِي يُنَازِعُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ عَمِيقٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ تَسْتَغِيثُ رَبَّهَا وَتَدْعُوهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ أَيِ الَّذِي أَصَابَهُ الْجَهْدُ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُشِقُّ .

     قَوْلُهُ  سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا سُعِيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَتَفَقَّدُ إِسْمَاعِيلَ وَتَنْظُرُ مَا حَدَثَ لَهُ بَعْدَهَا.

     وَقَالَ  فِي رِوَايَتِهِ فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَنَفْسُهَا بِالرَّفْعِ الْفَاعِلُ أَيْ لَمْ تَتْرُكْهَا نَفْسُهَا مُسْتَقِرَّةً فَتُشَاهِدَهُ فِي حَالِ الْمَوْتِ فَرَجَعَتْ وَهَذَا فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ صَهٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةٌ كَأَنَّهَا خَاطَبَتْ نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَهَا اسْكُتِي وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وبن جُرَيْجٍ فَقَالَتْ أَغِثْنِي إِنْ كَانَ عِنْدكَ خَيْرٌ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ لِلْأَكْثَرِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ قِيلَ وَلَيْسَ فِي الْأَصْوَاتِ فَعَالٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ غَيْرُهُ وَحَكَى بن الْأَثِيرِ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا المستغيث وَحكى بن قر قَول كَسْرَهُ أَيْضًا وَالضَّمُّ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَغِثْنِي .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا هِيَ بِالْملكِ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وبن جُرَيْجٍ فَإِذَا جِبْرِيلُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَنَادَاهَا جِبْرِيلُ فَقَالَ مَنْ أَنْتِ قَالَتْ أَنَا هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فَإِلَى مَنْ وَكَلَكُمَا قَالَتْ إِلَى اللَّهِ قَالَ وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ .

     قَوْلُهُ  فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ تُعَيِّنُ أَنَّ ذَلِك كَانَ بعقبه وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَرَكَضَ جِبْرِيلُ بِرِجْلِهِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ففحص الأَرْض بِأُصْبُعِهِ فنبعت زَمْزَم.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ فَزَعَمَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّهَا هَمْزَةُ جِبْرِيلَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى ظهر المَاء فِي رِوَايَة بن جريج فَفَاضَ المَاء وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ وَهِيَ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ وقاف أَيْ تَفَجَّرَ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ تَجْعَلُهُ مِثْلَ الْحَوْضِ وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِرُ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني من رِوَايَة بن نَافِعٍ تَحْفِنُ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَجَعَلَتْ تَفْحَصُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهَا .

     قَوْلُهُ  وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا هُوَ حِكَايَةُ فِعْلِهَا وَهَذَا مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَجَعَلَتْ تَحْبِسُ الْمَاءَ فَقَالَ دَعِيهِ فَإِنَّهَا رُوَاءٌ .

     قَوْلُهُ  لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ زَمْزَم شكّ من الرَّاوِي وَفِي رِوَايَة بن نَافِع لَو تركته وَهَذَا الْقدر صرح بن عَبَّاسٍ بِرَفْعِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيثِ مَرْفُوعٌ .

     قَوْلُهُ  عَيْنًا مَعِينًا أَيْ ظَاهِرًا جَارِيًا عَلَى وَجه الأَرْض وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا فَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  مَعِينًا صِفَةُ الْمَاءِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ وَمَعِينٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إِنْ كَانَ مِنْ عَانَهُ فَهُوَ بِوَزْنِ مفعل وَأَصله معيون فحذفت الْوَاو وَأَن كَانَ من المعن وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الطَّلَبِ فَهُوَ بِوَزْنِ فَعِيلٍ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ كَانَ ظُهُورُ زَمْزَمَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ مَحْضَةً بِغَيْرِ عَمَلِ عَامِلٍ فَلَمَّا خَالَطَهَا تَحْوِيطُ هَاجَرَ دَاخَلَهَا كَسْبُ الْبَشَرِ فَقَصُرَتْ عَلَى ذَلِكَ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَوْجِيهِ تَذْكِيرِ مَعِينٍ مَعَ أَن الْمَوْصُوف وَهُوَ الْمعِين مؤنث قَوْله لاتخافوا الضَّيْعَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْهَلَاكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ لَا تَخَافِي أَنْ يَنْفَدَ الْمَاءُ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْوَازِعِ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ لَا تَخَافِي عَلَى أَهْلِ هَذَا الْوَادِي ظَمَأً فَإِنَّهَا عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا ضِيفَانُ اللَّهِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَقَالَتْ بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتُ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يَبْنِيهِ زَاد بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَأَشَارَ لَهَا إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَدَرَةٌ حَمْرَاءُ فَقَالَ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْعَتِيقُ وَاعْلَمِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَرْفَعَانِهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ بِالْمُوَحَّدَةِ ثمَّ الْمُثَنَّاة وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الطُّوفَانِ رُفِعَ الْبَيْتُ وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ يَحُجُّونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ مَكَانَهُ حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَأَعْلَمَهُ مَكَانَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى آدَمَ فَأَمَرَهُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ فَبَنَاهُ آدَمُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالطَّوَافِ بِهِ وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ أَوَّلُ النَّاسِ وَهَذَا أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ آدَمَ أَوَّلُ مَنْ بني الْبَيْت وَقِيلَ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَهُ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ شِيثُ بْنُ آدَمَ وَالْأول أثبت وَسَيَأْتِي مزِيد لذَلِك آخِرَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ أَيْ هَاجَرُ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى الْحَالِ الْمَوْصُوفَةِ وَفِيهِ اشعار بِأَنَّهَا كَانَت تغتذي بِمَاءِ زَمْزَمَ فَيَكْفِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ثُمَّ قَافٌ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَلِطُونَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَمْ لَا .

     قَوْلُهُ  مِنْ جرهم هُوَ بن قَحْطَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بن سَام بن نوح وَقيل بن يقطن قَالَ بن إِسْحَاقَ وَكَانَ جُرْهُمٌ وَأَخُوهُ قَطُورَا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ تَبَلْبُلِ الْأَلْسُنِ وَكَانَ رَئِيسُ جُرْهُمٍ مِضَاضُ بْنُ عَمْرٍو وَرَئِيسُ قَطُورَا السَّمَيْدَعُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ جُرْهُمٌ وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَكَانَتْ جُرْهُمٌ يَوْمَئِذٍ بِوَادٍ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ وَقِيلَ إِنَّ أَصْلَهُمْ مِنَ الْعَمَالِقَةِ .

     قَوْلُهُ  مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَدَاءَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ فِي أَعْلَى مَكَّةَ.
وَأَمَّا الَّذِي فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَبِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ يَعْنِي فَيَكُونُ الصَّوَابُ هُنَا بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا مَانع أَن يدخلوها من الْجِهَة العلياء وَيَنْزِلُوا مِنَ الْجِهَةِ السُّفْلَى .

     قَوْلُهُ  فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ هُوَ الَّذِي يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ وَيَتَرَدَّدُ وَلَا يَمْضِي عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ رَسُولًا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْأَجِيرِ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى مُرْسِلِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ لِأَنَّهُ يَجْرِي مُسْرِعًا فِي حَوَائِجِهِ وَقَولُهُ جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي هَلْ أَرْسَلُوا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَأَرْسَلُوا رَسُولًا وَيَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ لِقَوْلِهِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ بِالْإِرْسَالِ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَلْفَى ذَلِكَ بِالْفَاءِ أَيْ وَجَدَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ضِدَّ الْوَحْشَةِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ أَيْ تُحِبُّ جِنْسَهَا .

     قَوْلُهُ  وَشَبَّ الْغُلَامُ أَيْ إِسْمَاعِيلُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَنَشَأَ إِسْمَاعِيلُ بَيْنَ وِلْدَانِهِمْ .

     قَوْلُهُ  وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ لِسَانَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا وَفِيهِ تَضْعِيفٌ لِقَوْلِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ وَبِهَذَا الْقَيْدِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ فَتَكُونُ أَوَّلِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيَانِ لَا الْأَوَّلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ فَيَكُونُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ أَصْلَ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ جُرْهُمٍ أَلْهَمَهُ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ الْفَصِيحَةَ الْمُبِينَةَ فَنَطَقَ بِهَا وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا حَكَاهُ بن هِشَامٍ عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قَطَامِيٍّ إِنَّ عَرَبِيَّةَ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ أَفْصَحُ مِنْ عَرَبِيَّةِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَبَقَايَا حِمْيَرَ وَجُرْهُمٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَوَّلِيَّةُ فِي الْحَدِيثِ مُقَيَّدَةٌ بِإِسْمَاعِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّةِ إِخْوَتِهِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ فَإِسْمَاعِيلُ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ.

     وَقَالَ  بن دُرَيْدٍ فِي كِتَابِ الْوِشَاحِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يُوَافِقُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَرَبَ كُلَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْفَسَهُمْ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِلَفْظِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مِنَ النَّفَاسَةِ أَيْ كَثُرَتْ رَغْبَتُهُمْ فِيهِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَنِسَهُمْ بِغَيْرِ فَاءٍ مِنَ الْأُنْسِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ أَنْفَسَهُمْ أَيْ رَغْبَتَهُمْ فِي مُصَاهَرَتِهِ لِنَفَاسَتِهِ عِنْدَهُمْ.

     وَقَالَ  بن الْأَثِيرِ أَنْفَسَهُمْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ تَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ رَغَّبَهُمْ فِيهِ إِذْ صَارَ نَفِيسًا عِنْدَهُمْ .

     قَوْلُهُ  زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ حَكَى الْأَزْرَقِيُّ عَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهَا عُمَارَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أُسَامَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ أَنَّهَا بِنْتُ صَدًى وَلَمْ يُسَمِّهَا وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّ اسْمَهَا جُدَّى بِنْتُ سَعْدٍ وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّ اسْمَهَا حُبَّى بِنْتُ أَسْعَدَ بن عملق وَعند الفاكهي عَن بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوَّجَهَا مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَمَاتَتْ هَاجَرُ أَيْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ قَوْله فجَاء إِبْرَاهِيم بعد مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَقَدِمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَدْ مَاتَتْ هَاجَرُ .

     قَوْلُهُ  يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ يَتَفَقَّدُ حَالَ مَا تَرَكَهُ هُنَاكَ وَضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِالسُّكُونِ.

     وَقَالَ  التَّرِكَةُ بِالْكَسْرِ بَيْضُ النَّعَامِ وَيُقَالُ لَهَا التَّرِيكَةُ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا حِينَ تَبِيضُ تَتْرُكُ بَيْضَهَا وَتَذْهَبُ ثُمَّ تَعُودُ تَطْلُبُهُ فَتَحْضُنُ مَا وَجَدَتْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَمْ غَيْرُهُ وَفِيهَا ضَرَبَ الشَّاعِرُ الْمَثَلَ بِقَوْلِهِ كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالْعَرَاءِ وَحَاضِنَةٍ بيض أُخْرَى صباحا قَالَ بن التِّينِ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِذَبْحِهِ كَانَ عِنْدَمَا بَلَغَ السَّعْيَ وَقَدْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ تَرَكَ إِسْمَاعِيلَ رَضِيعًا وَعَادَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمَأْمُورُ بِذَبْحِهِ لَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ فِي خِلَالِ ذَلِكَ بَيْنَ زَمَانِ الرَّضَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ نَفْيُ هَذَا الْمَجِيءِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَاءَ وَأُمِرَ بِالذَّبْحِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ مَجِيئِهِ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ فِي خَبَرٍ آخَرَ فَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَزُورُ هَاجَرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى الْبُرَاقِ يَغْدُو غَدْوَةً فَيَأْتِي مَكَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَقِيلُ فِي مَنْزِلِهِ بِالشَّامِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ نَحْوَهُ وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَزُورُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ عَلَى الْبُرَاقِ فَعَلَى هَذَا فَقَوله فجَاء إِبْرَاهِيم بعد مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ أَيْ بَعْدَ مَجِيئِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا أَيْ يَطْلُبَ لَنَا الرِّزْقَ وَفِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ وَكَانَ عَيْشُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْدَ يَخْرُجُ فَيَتَصَيَّدُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ يَرْعَى مَاشِيَتَهُ وَيَخْرُجُ مُتَنَكِّبًا قَوْسَهُ فَيَرْمِي الصَّيْدَ وَفِي حَدِيث بن إِسْحَاقَ وَكَانَتْ مَسَارِحُهُ الَّتِي يَرْعَى فِيهَا السِّدْرَةَ إِلَى السِّرِّ مِنْ نَوَاحِي مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ.

     وَقَالَ  هَلْ عِنْدَكِ ضِيَافَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَقَالَ لَهَا هَل من منزل قَالَت لَا هَا اللَّهِ إِذَنْ قَالَ فَكَيْفَ عَيْشُكُمْ قَالَ فَذَكَرَتْ جَهْدًا فَقَالَتْ أَمَّا الطَّعَامُ فَلَا طَعَامَ.
وَأَمَّا الشَّاءُ فَلَا تُحْلَبُ إِلَّا الْمَصْرَ أَيِ الشَّخْبَ.
وَأَمَّا الْمَاءُ فَعَلَى مَا تَرَى مِنَ الْغِلَظِ انْتَهَى وَالشَّخْبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ السَّيَلَانُ .

     قَوْلُهُ  جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ كَالْمُسْتَخِفَّةِ بِشَأْنِهِ .

     قَوْلُهُ  عَتَبَةَ بَابِكَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كِنَايَةً عَنِ الْمَرْأَةِ وَسَمَّاهَا بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الصِّفَاتِ الْمُوَافِقَةِ لَهَا وَهُوَ حِفْظُ الْبَابِ وَصَوْنُ مَا هُوَ دَاخِلَهُ وَكَوْنُهَا مَحَلَّ الْوَطْءِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ تَغْيِيرَ عَتَبَةِ الْبَابِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كَأَنْ يَقُولَ مَثَلًا غَيَّرْتُ عَتَبَةَ بَابِي أَوْ عَتَبَةُ بَابِي مُغَيَّرَةٌ وَيَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَيَقَعُ أُخْبِرْتُ بِذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَتَمَامُهُ التَّفْرِيعُ على شرع من قبلنَا إِذا حَكَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ .

     قَوْلُهُ  وَتَزَوَّجَ مِنْهُمُ امْرَأَةً أُخْرَى ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَتَبِعَهُ الْمَسْعُودِيُّ ثُمَّ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ اسْمَهَا سَامَةُ بِنْتُ مُهَلْهَلِ بْنِ سَعْدٍ وَقِيلَ اسْمُهَا عَاتِكَةُ وَرَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ كِتَابِ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّهَا بَشَامَةُ بِنْتُ مُهَلْهَلِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ وَهِيَ مَضْبُوطَةٌ بَشَامَةُ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ قَالَ وَقِيلَ اسْمُهَا جَدَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ مِضَاضٍ وَحَكَى بن سعد عَن بن إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهَا رِعْلَةُ بِنْتُ مِضَاضِ بْنِ عَمْرو الجرهمية وَعَن بن الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا رِعْلَةُ بِنْتُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ جُرْهُمٍ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُخْتَلِفِ أَنَّ اسْمَهَا السَّيِّدَةُ بِنْتُ مِضَاضٍ وَحَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَنَظَرَ إِسْمَاعِيل إِلَى بِنْتِ مِضَاضِ بْنِ عَمْرٍو فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْجَوَّانِيُّ أَنَّ اسْمَهَا هَالَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَقِيلَ الْحَنْفَاءُ وَقِيلَ سَلْمَى فَحَصَلْنَا مِنَ اسْمِهَا عَلَى ثَمَانِيَة أَقْوَال وَمن اسْم أَبِيهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ .

     قَوْلُهُ  نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ نَحْنُ فِي خَيْرِ عَيْشٍ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ فِي لَبَنٍ كَثِيرٍ وَلَحْمٍ كَثِيرٍ وَمَاءٍ طَيِّبٍ .

     قَوْلُهُ  مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ ذَكَرَ اللَّبَنَ مَعَ اللَّحْمِ وَالْمَاءِ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فِي طَعَامِ أَهْلِ مَكَّةَ وَشَرَابِهِمْ بَرَكَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يَخْلُوَانِ بالتثنية قَالَ بن الْقُوطِيَّةِ خَلَوْتُ بِالشَّيْءِ وَاخْتَلَيْتُ إِذَا لَمْ أَخْلِطْ بِهِ غَيْرَهُ وَيُقَالُ أَخْلَى الرَّجُلُ اللَّبَنَ إِذَا لَمْ يَشْرَبْ غَيْرَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ لَيْسَ أَحَدٌ يَخْلُو عَلَى اللَّحْمِ وَالْمَاءِ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا اشْتَكَى بَطْنَهُ وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ نَحْوَهُ فَقَالَتِ انْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَاطْعَمْ وَاشْرَبْ قَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ النُّزُولَ قَالَتْ فَإِنِّي أَرَاكَ أَشْعَثَ أَفَلَا أَغْسِلُ رَأْسَكَ وَأَدْهُنُهُ قَالَ بَلَى إِنْ شِئْتِ فَجَاءَتْهُ بِالْمَقَامِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَبْيَضُ مِثْلُ الْمَهَاةِ وَكَانَ فِي بَيْتِ إِسْمَاعِيلَ مُلْقًى فَوَضَعَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا شِقَّ رَأْسِهِ وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ فَغَسَلَتْ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ فَلَمَّا فَرَغَ حَوَّلَتْ لَهُ الْمَقَامَ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا بِرَأْسِهِ فَغَسَلَتْ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرَ فَالْأَثَرُ الَّذِي فِي الْمَقَامِ مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقِبِ وَالْأُصْبُعِ وَعِنْدَ الفاكهي من وَجه آخر عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاس أَن سارة داخلتها غيرَة فَقَالَ لَهَا إِبْرَاهِيمُ لَا أَنْزِلُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ وَنَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ .

     قَوْلُهُ  هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَلْ جَاءَكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَيْخٌ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَطْيَبُهُمْ رِيحًا .

     قَوْلُهُ  يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا صَلَاحُ الْمَنْزِلِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ أُمْسِكَكِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَلَقَدْ كُنْتِ عَلَيَّ كَرِيمَةً وَقَدِ ازْدَدْتِ عَلَيَّ كَرَامَةً فَوَلَدَتْ لِإِسْمَاعِيلَ عَشَرَةَ ذُكُورٍ زَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَأْتِي عَلَى الْبُرَاقِ يَعْنِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ وَأُعْجِبَ إِبْرَاهِيمُ بِجَدَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ .

     قَوْلُهُ  يَبْرِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنَّبْلُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ السَّهْمُ قَبْلَ أَنْ يُرَكَّبَ فِيهِ نَصْلُهُ وَرِيشُهُ وَهُوَ السَّهْمُ الْعَرَبِيُّ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُصْلِحُ بَيْتًا لَهُ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ هُوَ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ .

     قَوْلُهُ  دَوْحَةُ هِيَ الَّتِي نَزَلَ إِسْمَاعِيلُ وَأُمُّهُ تَحْتَهَا أَوَّلَ قُدُومِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ .

     قَوْلُهُ  فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ يَعْنِي مِنَ الِاعْتِنَاقِ وَالْمُصَافَحَةِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ بَكَيَا حَتَّى أَجَابَهُمَا الطَّيْرُ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَبَاعَدَ لِقَاؤُهُمَا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ أَنَّ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِائَةَ سَنَةٍ وَعُمُرُ إِسْمَاعِيلَ ثَلَاثِينَ سَنَةً .

     قَوْلُهُ  وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأُعِينُكَ بِالْفَاءِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ قَالَ أنْ أفعل بِنصب اللَّام قَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَبْنِي أَو لَا وَحْدَهُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُعِينَهُ إِسْمَاعِيلُ قَالَ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ الثَّانِي مُتَأَخِّرًا بَعْدَ الْأَوَّلِ.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَن يكون أَمَرَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَأَنَّ إِسْمَاعِيلَ يُعِينُهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْمَاعِيلَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ الْبَيْتَ وَتُعِينَنِي وَتَخَلَّلَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَبْنِيَ الْبَيْتَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَتُعِينَنِي قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلِلْفَاكِهِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ فَبَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُمَا يَعْنِي فِي مُشَارَكَتِهِمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ نَزَلَ الْجُرْهُمِيُّونَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ .

     قَوْلُهُ  رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ الْقَوَاعِدُ الَّتِي رَفَعَهَا إِبْرَاهِيمُ كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ الْقَوَاعِدَ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَفَعَ الْقَوَاعِدَ الَّتِي كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ قَالَ قَالَ آدَمُ يَا رَبِّ إِنِّي لَا أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَة قَالَ بن لِي بَيْتًا ثُمَّ احْفُفْ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ بَيْتِيَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَأَبِي جَهْمٍ فَبَلَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْأَسَاسِ أَسَاسَ آدَمَ وَجَعَلَ طُولَهُ فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضَهُ فِي الْأَرْضِ يَعْنِي دَوْرَهُ ثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَكَانَ ذَلِك بذراعهم زَاد أَبُو جَهْمٍ وَأَدْخَلَ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ زَرْبًا لِغَنَمِ إِسْمَاعِيلَ وَإِنَّمَا بَنَاهُ بِحِجَارَةٍ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ سَقْفًا وَجَعَلَ لَهُ بَابًا وَحَفَرَ لَهُ بِئْرًا عِنْدَ بَابِهِ خِزَانَةً لِلْبَيْتِ يُلْقَى فِيهَا مَا يُهْدَى لِلْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنِ اتَّبِعِ السَّكِينَةَ فَحَلَّقَتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَأَنَّهَا سَحَابَةٌ فَحَفَرَا يُرِيدَانِ أَسَاسَ آدَمَ الْأَوَّلَ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْحَاكِمِ رَأَى عَلَى رَأْسِهِ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْغَمَامَةِ فِيهِ مِثْلَ الرَّأْسِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم بن عَلَى ظِلِّي أَوْ عَلَى قَدْرِي وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ وَإِذْ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت الْآيَةَ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ يَعْنِي الْمَقَامَ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ زَادَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُومُ عَلَى الْمَقَامِ يَبْنِي عَلَيْهِ وَيَرْفَعُهُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الرُّكْنُ وَضَعَهُ يَوْمَئِذٍ مَوْضِعَهُ وَأَخَذَ الْمَقَامَ فَجَعَلَهُ لَاصِقًا بِالْبَيْتِ فَلَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ جَاءَ جِبْرِيلُ فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ تِلْكَ الْمَوَاقِفَ وَحَجَّهُ إِسْحَاقُ وَسَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِالشَّامِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْحَجَرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ فَأَجَابَهُ مَنْ آمَنَ وَمَنْ كَانَ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى الْوَادِي يَطْلُبُ حَجَرًا فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَدْ كَانَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حِينَ غَرِقَتِ الْأَرْضُ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ فَرَأَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ قَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا مَنْ جَاءَكَ بِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَنْ لَمْ يَكِلْنِي إِلَيْك وَلَا إِلَى حجرك وَرَوَاهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ وَأَنَّهُ كَانَ بِالْهِنْدِ وَكَانَ يَاقُوتَةً بَيْضَاءَ مِثْلَ الثَّغَامَةِ وَهِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُعْجَمَةِ طَيْرٌ أَبْيَضُ كَبِيرٌ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ وَاللَّهِ مَا بَنَيَاهُ بِقِصَّةٍ وَلَا مَدَرٍ وَلَا كَانَ لَهُمَا مِنَ السَّعَةِ وَالْأَعْوَانِ مَا يَسْقُفَانِهِ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي كُلَّ يَوْمٍ سَافًا وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ كَانَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ حِرَاءَ وَثُبَيْرٍ وَلُبْنَانَ وَجَبَلِ الطُّورِ وجبل الْخمر قَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ جَبَلُ الْخَمْرِ يَعْنِي بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أنَّ آدَمَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ حِرَاءَ وَطُورِ زِيتَا وَطُورِ سَيْنَاءَ وَالْجُودِيِّ وَلُبْنَانَ وَكَانَ رَبَضُهُ مِنْ حِرَاءَ ومِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَّهُ أَسَّسَ الْبَيْتَ مِنْ سِتَّةِ أَجْبُلٍ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ وَمِنَ الطُّورِ وَمِنْ قُدْسٍ وَمِنْ وَرْقَانَ وَمِنْ رَضْوَى وَمِنْ أُحُدٍ الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ





[ قــ :311 ... غــ :3365] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ هُوَ الْعَقَدِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ يَعْنِي سَارَةَ مَا كَانَ يَعْنِي مِنْ غَيْرَةِ سَارَةَ لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ وَقَدْ مَضَتْ بَقِيَّةُ شَرْحِ الْحَدِيثِ ضِمْنَ الَّذِي قَبْلَهُ الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ قَوْله





[ قــ :31 ... غــ :3366] عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَاد وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ هُوَ بن يزِيد بن شريك وَفِي رِوَايَة لمُسلم وبن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ كُنْتُ أَنَا وَأَبِي نَجْلِسُ فِي الطَّرِيقِ فَيَعْرِضُ عَلَيَّ الْقُرْآنَ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَسَجَدَ فَقُلْتُ تَسْجُدُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ بِضَمِّ اللَّامِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ وَهِيَ ضَمَّةُ بِنَاءٍ لِقَطْعِهِ عَنِ الْإِضَافَةِ مِثْلُ قَبْلُ وَبَعْدُ وَالتَّقْدِيرُ أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ مَصْرُوفًا وَغَيْرَ مَصْرُوفٍ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَيٌّ بِالتَّنْوِينِ وَتَرْكِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاس للَّذي ببكة وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْتِ بَيْتُ الْعِبَادَةِ لَا مُطْلَقُ الْبُيُوتِ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عَن عَليّ أخرجه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وبن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَبْلَهُ قَالَ كَانَتِ الْبُيُوتُ قَبْلَهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى يَعْنِي مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قِيلَ لَهُ الْأَقْصَى لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَوْضِعُ عِبَادَةٍ وَقِيلَ لِبُعْدِهِ عَنِ الْأَقْذَارِ وَالْخَبَائِثِ وَالْمُقَدَّسُ الْمُطَهَّرُ عَنْ ذَلِكَ قَوْله أَرْبَعُونَ سنة قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بَنَى الْكَعْبَةَ وَسُلَيْمَانَ بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَبَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ انْتَهَى وَمُسْتَنَدُهُ فِي أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى خِلَالًا ثَلَاثًا الْحَدِيثَ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ عُمَيْرَةَ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْتَدَأَ بِبِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي لَأَقْضِي بِنَاءَهُ عَلَى يَدِ سُلَيْمَانَ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ قَالَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى أَوَّلِ الْبِنَاءِ وَوَضْعِ أَسَاسِ الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ وَلَا سُلَيْمَانُ أَوَّلَ مَنْ بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَقَدْ رُوِينَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ آدَمُ ثُمَّ انْتَشَرَ وَلَدُهُ فِي الْأَرْضِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ قَدْ وَضَعَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ بَنَى إِبْرَاهِيمُ الْكَعْبَةَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّ الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَن إِبْرَاهِيم وَسليمَان لما بنيا المسجدين ابتدا وَضْعَهُمَا لَهُمَا بَلْ ذَلِكَ تَجْدِيدٌ لِمَا كَانَ اسسه غَيرهمَا قلت وَقد مَشى بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِي هَذَا الْخَبَرِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيْنَ إِسْمَاعِيلَ وَدَاوُدَ أَلْفَ سَنَةٍ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَكَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً وَهَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ لِطُولِ الزَّمَانِ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَيْتَ وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ قِصَّةَ دَاوُدَ فِي قَتْلِ جَالُوتَ كَانَتْ بَعْدَ مُوسَى بِمُدَّةٍ وَقَدْ تَعَقَّبَ الْحَافِظُ الضياء بِنَحْوِ مَا أجَاب بِهِ بن الْجَوْزِيِّ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى أَوَّلَ مَا وَضَعَ بِنَاءَهُ بَعْضُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ قَبْلَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ثُمَّ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ فَزَادَا فِيهِ وَوَسَّعَاهُ فَأُضِيفَ إِلَيْهِمَا بِنَاؤُهُ قَالَ وَقَدْ يُنْسَبُ هَذَا الْمَسْجِدُ إِلَى إِيلِيَاءَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ بَانِيهِ أَوْ غَيْرُهُ وَلَسْتُ أُحَقِّقُ لِمَ أُضِيفَ إِلَيْهِ.

قُلْتُ الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا مُوَجَّهٌ وَقَدْ رَأَيْتُ لِغَيْرِهِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسَّسَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ الْمَلَائِكَةُ وَقِيلَ سَامُ بْنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يَكُونُ مَا وَقَعَ مِمَّنْ بَعْدَهُمَا تَجْدِيدًا كَمَا وَقَعَ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ يَكُونُ الْوَاقِعُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ أَوْ يَعْقُوبَ أَصْلًا وَتَأْسِيسًا وَمِنْ دَاوُدَ تَجْدِيدًا لِذَلِكَ وَابْتِدَاءَ بِنَاءٍ فَلَمْ يَكْمُلْ عَلَى يَدِهِ حَتَّى أَكْمَلَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَام لَكِن الِاحْتِمَال الَّذِي ذكره بن الْجَوْزِيِّ أَوْجَهُ وَقَدْ وَجَدْتُ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ آدَمَ هُوَ الَّذِي أسس كلا من المسجدين فَذكر بن هِشَامٍ فِي كِتَابِ التِّيجَانِ أَنَّ آدَمَ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالسَّيْرِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنْ يَبْنِيَهُ فَبَنَاهُ وَنَسَكَ فِيهِ وَبِنَاءُ آدَمَ لِلْبَيْتِ مَشْهُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ الْبَيْتَ رُفِعَ زَمَنَ الطُّوفَانِ حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَرَوَى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ وَضَعَ اللَّهُ الْبَيْتَ مَعَ آدَمَ لَمَّا هَبَطَ فَفَقَدَ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ وَتَسْبِيحَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ يَا آدَمُ إِنِّي قَدْ أَهْبَطْتُ بَيْتًا يُطَافُ بِهِ كَمَا يُطَافُ حَوْلَ عَرْشِي فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ فَخَرَجَ آدَمُ إِلَى مَكَّةَ وَكَانَ قَدْ هَبَطَ بِالْهِنْدِ وَمُدَّ لَهُ فِي خَطْوِهِ فَأَتَى الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمَّا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَاتَّخَذَ فِيهِ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ لِيَكُونَ قِبْلَةً لبَعض ذُريَّته وَأما ظن الْخطابِيّ أَن إيليا اسْمُ رَجُلٍ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ اسْمُ الْبَلَدِ فَأُضِيفَ إِلَيْهِ الْمَسْجِدُ كَمَا يُقَالُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدُ مَكَّةَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ إيليا مَدِينَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ مَدُّ آخِرِهِ وَقَصْرُهُ وَحَذْفُ الْيَاءِ الْأُولَى قَالَ الْفَرَزْدَقُ لوى بن أبي الرقراق عَيْنَيْهِ بعد مَا دَنَا مِنْ أَعَالِي إِيلِيَاءَ وَغَوْرَا وَعَلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُقَالَ إِنَّهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ بَانِيهَا كَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَهْ بِهَاءٍ سَاكِنَةٍ وَهِيَ هَاءُ السَّكْتِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ أَيْ فِي فِعْلِ الصَّلَاةِ إِذَا حَضَرَ وَقْتُهَا زَادَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي آخِرِهِ وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ أَيْ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَفِي جَامِعِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَإِنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ أَيْ صَالِحَةٌ لِلصَّلَاةِ فِيهَا وَيُخَصُّ هَذَا الْعُمُومُ بِمَا وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ مَوْصُولًا وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مُعَلَّقًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَذِكْرُ أُحُدٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُمَا ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَّهُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَوْصُولًا هُنَاكَ الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ أَيْضًا





[ قــ :314 ... غــ :3368] .

     قَوْلُهُ  وقَال إِسْمَاعِيلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ مَالِكٍ كمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ فَقَالَ بَدَلَ قَوْلِ عبد الله بن يُوسُف أَن أبي بَكْرٍ أَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ وَأَبُو بَكْرٍ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ هُوَ الصِّدِّيقُ وَقَدْ سَاقَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ إِسْمَاعِيلَ فِي التَّفْسِيرِ وَلَفْظُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ الْوَاقِعُ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ نَسَبَهُ لِجَدِّهِ وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ ذِكْرَ هَذَا التَّعْلِيقِ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الدَّعَوَاتِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :315 ... غــ :3369] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الدَّعَوَاتِ أَيْضًا وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي أَوَاخِرِ تَفْسِيرِ الْأَحْزَابِ وَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَهِمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فَعَزَا رِوَايَةَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ هَذِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَاغْتَرَّ بِذَلِكَ شَيْخُنَا بن الْمُلَقَّنِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا أَحَالَ بِشَرْحِهِ عَلَى الصَّلَاةِ.

     وَقَالَ  تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ شَيْخَهُ مُغْلَطَايْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ صَنَعَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَصْلًا وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عشر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي التَّعْوِيذِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ





[ قــ :317 ... غــ :3371] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا جَرِيرٌ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ فَرَّقَهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ هُوَ بن الْمُعْتَمِر عَن الْمنْهَال هُوَ بن عَمْرٍو وَالْإِسْنَادُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كُوفِيُّونَ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بَدَلَ سَعِيدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَن بن عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَفْصٍ الْأَبَّارِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ فَحَمَلَ رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَالصَّوَابُ التَّفْصِيلُ وَلِذَلِكَ لَمْ يُخَرِّجْ رِوَايَةَ الْأَبَّارِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ أَبَاكُمَا يُرِيدُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَمَّاهُ أَبًا لِكَوْنِهِ جَدًّا عَلَى .

     قَوْلُهُ  بِكَلِمَاتِ اللَّهِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا كَلَامُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقِيلَ أَقْضِيَتُهُ وَقِيلَ مَا وَعَدَ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبك الحسني على بني إِسْرَائِيل وَالْمُرَادُ بِهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض الْمُرَادُ بِالتَّامَّةِ الْكَامِلَةُ وَقِيلَ النَّافِعَةُ وَقِيلَ الشَّافِيَةُ وَقِيلَ الْمُبَارَكَةُ وَقِيلَ الْقَاضِيَةُ الَّتِي تَمْضِي وَتَسْتَمِرُّ وَلَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ وَلَا يَدْخُلهَا نَقْصٌ وَلَا عَيْبٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ أَحْمَدُ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَعِيذُ بِمَخْلُوقٍ .

     قَوْلُهُ  مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ يَدْخُلُ تَحْتَهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ .

     قَوْلُهُ  وَهَامَّةٍ بِالتَّشْدِيدِ وَاحِدَةُ الْهَوَامِّ ذَوَاتِ السَّمُومِ وَقِيلَ كُلُّ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ فَأَمَّا مَا لَا يَقْتُلُ سُمُّهُ فَيُقَالُ لَهُ السَّوَامُّ وَقِيلَ الْمُرَادُ كُلُّ نَسَمَةٍ تَهُمُّ بِسُوءٍ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ دَاءٍ وَآفَةٍ تُلِمُّ بِالْإِنْسَانِ مِنْ جُنُونٍ وَخَبَلٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ أَصْلُهُ مِنْ أَلْمَمْتُ إِلْمَامًا وَإِنَّمَا قَالَ لَامَّةٌ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا ذَاتُ لمَم.

     وَقَالَ  بن الْأَنْبَارِيِّ يَعْنِي أَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتٍ بَعْدَ وَقْتٍ.

     وَقَالَ  لَامَّةٌ لِيُؤَاخِيَ لَفْظَ هَامَّةٍ لِكَوْنِهِ أخف على اللِّسَان