فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب مناقب فاطمة عليها السلام

( قَولُهُ بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ)
أَيْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَأُمُّهَا خَدِيجَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وُلِدَتْ فَاطِمَةُ فِي الْإِسْلَامِ وَقِيلَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ بَدْرٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَوَلَدَتْ لَهُ وَمَاتَتْ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقِيلَ بَلْ عَاشَتْ بَعْدَهُ ثَمَانِيَةً وَقِيلَ ثَلَاثَةً وَقِيلَ شَهْرَيْنِ وَقِيلَ شَهْرًا وَاحِدًا وَلَهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَقِيلَ إِحْدَى وَقِيلَ خَمْسٍ وَقِيلَ تِسْعٍ وَقِيلَ عَاشَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَسَيَأْتِي مِنْ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ فِي ذِكْرِ أُمِّهَا خَدِيجَةَ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَأَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَقْدِيمِ فَاطِمَةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ نِسَاءِ عَصْرِهَا وَمَنْ بَعْدَهُنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إِلَّا مَرْيَمَ وَأَنَّهَا رُزِئَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُنَّ مُتْنَ فِي حَيَاتِهِ فَكُنَّ فِي صَحِيفَتِهِ وَمَاتَ هُوَ فِي حَيَاتِهَا فَكَانَ فِي صَحِيفَتِهَا وَكُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ اسْتِنْبَاطًا إِلَى أَنْ وَجَدْتُهُ مَنْصُوصًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ آلَ عِمْرَانَ مِنَ التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ جَدَّتَهَا فَاطِمَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَنَاجَانِي فَبَكَيْتُ ثُمَّ نَاجَانِي فَضَحِكْتُ فَسَأَلَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَقَدْ عَلِمْتِ أَأُخْبِرُكِ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَتْنِي فَلَمَّا تُوُفِّيَ سَأَلَتْ فَقُلْتُ نَاجَانِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُعَارَضَةِ جِبْرِيلَ لَهُ بِالْقُرْآنِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهُ قَالَ أَحْسَبُ أَنِّي مَيِّتٌ فِي عَامِي هَذَا وَأَنَّهُ لَمْ تُرْزَأِ امْرَأَةٌ مِنْ نسَاء الْعَالمين مثل مارزئت فَلَا تَكُونِي دُونَ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ صَبْرًا فَبَكَيْتُ فَقَالَ أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ فَضَحِكْتُ.

قُلْتُ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلَكٌ.

     وَقَالَ  إِنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ ذِكْرِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَغَيْرِهَا مُشَارَكَةً لَهَا فِي ذَلِك



[ قــ :3591 ... غــ :3767] قَوْله عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَتَابَعَهُ اللَّيْثُ وبن لَهِيعَة وَغَيرهمَا رَوَاهُ أَيُّوب عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

     وَقَالَ  يَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ طَرِيقَ الْمِسْوَرِ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ بِلَا رَيْبٍ لِأَنَّ الْمِسْوَرَ قَدْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةً مُطَوَّلَةً قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ يَحْتَمِلُ ان يكون بن الزُّبَيْرِ سَمِعَ هَذِهِ الْقِطْعَةَ فَقَطْ أَوْ سَمِعَهَا مِنَ الْمِسْوَرِ فَأَرْسَلَهَا .

     قَوْلُهُ  بَضْعَةٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا أَيْضًا وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قِطْعَةُ لَحْمٍ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي اسْتَدَلَّ بِهِ السُّهَيْلِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّهَا فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهَا تَغْضَبُ مِمَّنْ سَبَّهَا وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ غَضَبِهَا وَغَضَبِهِ وَمَنْ أَغْضَبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفُرُ وَفِي هَذَا التَّوْجِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِفَضْلِهَا فِي تَرْجَمَةِ وَالِدَتِهَا خَدِيجَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّهَا أَفْضَلُ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ مَجِيءِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بِزَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ وَفِي آخِرِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُتَقَدِّمًا ثُمَّ وَهَبَ اللَّهُ لِفَاطِمَةَ مِنَ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ وَالْكَمَالِ مَا لَمْ يُشَارِكْهَا أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُطْلَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى تَقْرِيرُ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي تَرْجَمَةِ مَرْيَمَ مِنْ حَدِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَأْتِي أَيْضًا فِي تَرْجَمَةِ خَدِيجَةَ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى