فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع

(قَولُهُ بَابُ بَعْثِ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّقْيِيدِ بِمَا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ أَحَادِيثَ الْبَابِ أَنَّهُ رَجَعَ مِنَ الْيَمَنِ فَلَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَكِنَّ الْقَبْلِيَّةَ نِسْبِيَّةٌ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي الزَّكَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ مَتَى كَانَ بَعْثُهُ إِلَى الْيَمَنِ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ يُوصِيهِ وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ الْحَدِيثَ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ عَنْ مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ قَدْ بَعَثْتُكَ إِلَى قَوْمٍ رَقِيقَةٍ قُلُوبُهُمْ فَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَة



[ قــ :4108 ... غــ :4341] قَوْله حَدثنَا عبد الْملك هُوَ بن عُمَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى هَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ وَقَدْ عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِطَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ ظَاهِرُ الِاتِّصَالِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْأَشْرِبَةِ لَكِنِ الْغَرَضَ مِنْهُ إِثْبَاتُ قِصَّةِ بَعْثِ أَبِي مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ ثُمَّ قَوَّاهُ بِطَرِيقِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي الْحَدِيثَ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْإِهْلَالِ لَكِنَّهُ يُثْبِتُ أَصْلَ قِصَّةِ الْبَعْثِ الْمَقْصُودَةِ هُنَا أَيْضًا ثمَّ قوي قصَّة معَاذ بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَبِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُعَاذٍ وَالْمُرَادُ بِهَا أَيْضًا إِثْبَاتُ أَصْلِ قِصَّةِ بَعْثِ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْحَدِيثِ فِي مَعْنًى آخَرَ وَقَدِ اشْتَمَلَ الْبَابُ عَلَى عِدَّةِ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَصْلُ الْبَعْثَ إِلَى الْيَمَنِ وَسَيَأْتِي فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى سَبَبُ بَعْثِهِ إِلَى الْيَمَنِ وَلَفْظُهُ قَالَ أَقْبَلْتُ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَكِلَاهُمَا سَأَلَ يَعْنِي أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فَقَالَ لَنْ نَسْتَعْمِلَ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ .

     قَوْلُهُ  وَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ الْمِخْلَافُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ فَاءٌ هُوَ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُوَ الْكُورَةُ وَالْإِقْلِيمُ وَالرُّسْتَاقُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَآخِرُهَا قَافٌ وَكَانَتْ جِهَةُ مُعَاذٍ الْعُلْيَا إِلَى صَوْبِ عَدَنَ وَكَانَ مِنْ عَمَلِهِ الْجَنَدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالنُّونِ وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ مَشْهُورٌ إِلَى الْيَوْمِ وَكَانَتْ جِهَةُ أَبِي مُوسَى السُّفْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ مَعْنَى الثَّانِي مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِأَن الْحَقِيقِيَّة أَنْ يُقَالَ بَشِّرَا وَلَا تُنْذِرَا وَآنِسَا وَلَا تُنَفِّرَا فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيَعُمَّ الْبِشَارَةَ وَالنِّذَارَةَ وَالتَّأْنِيسَ وَالتَّنْفِيرَ.

قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ النُّكْتَةَ فِي الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الْبِشَارَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَبِلَفْظِ التَّنْفِيرِ وَهُوَ اللَّازِمُ وَأَتَى بِالَّذِي بَعْدَهُ عَلَى الْعَكْسِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يُنْفَى مُطْلَقًا بِخِلَافِ التَّنْفِيرِ فَاكْتَفَى بِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ الْإِنْذَارُ وَهُوَ التَّنْفِيرُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ إِنْ أَنْذَرْتُمْ فَلْيَكُنْ بِغَيْرِ تَنْفِيرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لينًا .

     قَوْلُهُ  إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا كَذَا فِيهِ وَلِلْأَكْثَرِ إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ وَكَانَ قَرِيبًا أَحْدَثَ أَيْ جَدَّدَ بِهِ الْعَهْدَ لِزِيَارَتِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى زَادَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ انْزِلْ .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ مَعَ شَرْحِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي مُدَّةِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَقَولُهُ أَيْمَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَرْكِ إِشْبَاعِهَا لُغَةٌ وَأَخْطَأَ مَنْ ضَمَّهَا وَأَصْلُهُ أَيِ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ دَخَلَتْ عَلَيْهَا مَا وَقَدْ سُمِعَ أَيْمَ هَذَا بِالتَّخْفِيفِ مِثْلَ إِيشَ هَذَا فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنْ أَيْمَ وَالْهَمْزُ مِنْ إِيشَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ هُوَ اسْمُ أَبِي مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا بِالْفَاءِ ثُمَّ الْقَافِ أَيْ أُلَازِمُ قِرَاءَتَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَحِينًا بَعْدَ حِينٍ مَأْخُوذٌ مِنْ فَوَاقِ النَّاقَةِ وَهُوَ أَنْ تُحْلَبَ ثُمَّ تُتْرَكَ سَاعَةً حَتَّى تَدِرَّ ثُمَّ تُحْلَبُ هَكَذَا دَائِمًا .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ لَعَلَّهُ أَرْبِي وَهُوَ الْوَجْهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَوْ جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ وَلَكِنِ الَّذِي جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ صَحِيحٌ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ جَزَّأَ اللَّيْلَ أَجْزَاءً جُزْءًا لِلنَّوْمِ وَجُزْءًا لِلْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى تَخْطِئَةِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُوَجَّهَةِ بِمُجَرَّدِ التَّخَيُّلِ .

     قَوْلُهُ  فَاحْتَسَبْتُ نَوْمَتِي كَمَا احْتَسَبْتُ قَوْمَتِي كَذَا لَهُمْ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَحْتَسِبُ بِغَيْرِ الْمُثَنَّاةِ فِي آخِرِهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ فِي الرَّاحَةِ كَمَا يَطْلُبُهُ فِي التَّعَبِ لِأَنَّ الرَّاحَةَ إِذَا قُصِدَ بِهَا الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ حَصَّلَتِ الثَّوَابَ تَنْبِيهٌ كَانَ بَعْثُ أَبِي مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ غَزْوَةَ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ عَالِمًا فَطِنًا حَاذِقًا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُوَلِّهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِمَارَةَ وَلَوْ كَانَ فَوَّضَ الْحُكْمَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَوْصِيَتِهِ بِمَا وَصَّاهُ بِهِ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ.
وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ فَطَعَنُوا فِيهِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي التَّحْكِيمِ بِصِفِّينَ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي وَصْفُهُ بِذَلِكَ وَغَايَةُ مَا وَقَعَ مِنْهُ أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَدَّاهُ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَة من أهل بدر وَنَحْوهم لِمَا شَاهَدَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِصِفِّينَ وَآلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ (

الحَدِيث الثَّانِي)
قَوْله حَدثنَا إِسْحَاق هُوَ بن مَنْصُور وخَالِد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وَالشَّيْبَانِيُّ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ .

     قَوْلُهُ  الْبِتْعُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَقَدْ ذُكِرَ تَفْسِيرُهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رَاوِيهِ وَأَنَّهُ نَبِيذُ الْعَسَلِ وَيَأْتِي شَرْحُ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ 



[ قــ :4109 ... غــ :4343] رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ يَعْنِي أَنَّهُمَا رَوَيَاهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بِدُونِ ذِكْرِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأما رِوَايَة جرير وَهُوَ بن عَبْدِ الْحَمِيدِ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أبي بردة عَن أبي مُوسَى بِهِ وَأما رِوَايَة عبد الْوَاحِد وَهُوَ بن زِيَاد فوصلها ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ عَنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ بن إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا مُطَوَّلًا فِيهِ قِصَّةُ بَعْثِهِمَا وَذِكْرُ الْأَشْرِبَةِ وَقِصَّةُ الْيَهُودِيِّ وَسُؤَالُ مُعَاذٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ أَوَّلًا.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ.

     وَقَالَ  وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَالْعَقَدِيَّ وَوَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ أَرْسَلُوهُ عَنْ شُعْبَةَ وَأَنَّ وَكِيعًا وَالنَّضْرَ وَهُوَ بن شُمَيْلٍ وَأَبَا دَاوُدَ وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ رَوَوْهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْصُولًا فَأَمَّا رِوَايَةُ الْعَقَدِيِّ وَهُوَ أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَحْكَامِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَوَصَلَهَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ وَكِيعٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْجِهَادِ مُخْتَصرا وأوردها بن أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ مُطَوَّلًا وَهِيَ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَدَبِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ فَوَصَلَهَا كَذَلِكَ فِي مُسْنَدِهِ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ فَرَّقَهُ حَدِيثَيْنِ وَلِذَلِكَ وَصَلَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ



( الْحَدِيثُ الثَّالِثُ)


[ قــ :4111 ... غــ :4346] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ هُوَ النَّرْسِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجياني رَوَاهُ بن السَّكَنِ وَالْأَكْثَرُ هَكَذَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ يَعْنِي الْجُرْجَانِيَّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ وَلَمْ يَنْسِبْهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ النَّرْسِيُّ وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَجَزَمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ.
وَأَمَّا الدِّمْيَاطِيُّ فَضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَعَيَّنَ أَنَّهُ الرَّقَّامُ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ وَالصَّوَاب النَّرْسِي قَوْله عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَعْدَهَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ وَهُوَ مُدْلِجِيٌّ بَصْرِيٌّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ شَيْخِ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ فِيهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى



( الْحَدِيثُ الرَّابِعُ)


[ قــ :411 ... غــ :4347] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي حِبَّانُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثمَّ نون بن مُوسَى وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي بَعَثَهُ فِيهِ وَمَا فِيهِ مِنَ اخْتِلَافٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ مَعَ بَقِيَّةِ شَرْحِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ طَوَّعَتْ طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ وَقَعَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفسه قتل أَخِيه عَلَى عَادَتِهِ فِي تَفْسِيرِ اللَّفْظَةِ الْغَرِيبَةِ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا وَافَقَتْ لَفْظَةً مِنَ الْحَدِيثِ وَالَّذِي وَقَعَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا فَإِن عِنْد بعض رُوَاته كَمَا ذكره بن التِّينِ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَقَدْ قَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فَطَاوَعَتْ لَهُ نَفسه قَالَ بن التِّينِ إِذَا امْتَثَلَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَإِذَا وَافَقَهُ فَقَدْ طَاوَعَهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الطَّوْعُ نَقِيضُ الْكُرْهِ وَطَاعَ لَهُ انْقَادَ فَإِذَا مَضَى لِأَمْرِهِ فَقَدْ أَطَاعَهُ.

     وَقَالَ  يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ طَاعَ وَأَطَاعَ بِمَعْنَى.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِيُّ أَيْضًا مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ طَاعَ لَهُ يَطُوعُ طَوْعًا فَهُوَ طَائِعٌ بِمَعْنَى أَطَاعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَاعَ وَأَطَاعَ اسْتُعْمِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا إِمَّا بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِثْلَ بَدَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَأَبْدَأَهُ أَوْ دَخَلَتِ الْهَمْزَةُ لِلتَّعْدِيَةِ وَفِي اللَّازِمِ لِلصَّيْرُورَةِ أَوْ ضَمَّنَ الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ مَعْنَى فِعْلٍ آخَرَ لَازِمٍ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فَسَرُّوا أَطَاعَ بِمَعْنَى لَانَ وَانْقَادَ وَهُوَ اللَّائِقُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هُنَا وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الرُّبَاعِيِّ التَّعَدِّيَ وَفِي الثُّلَاثِيِّ اللُّزُومَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ دَعْوَى فَعَلَ وَأَفْعَلَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ لِكَوْنِهِ قَلِيلًا وَأَوْلَى مِنْ دَعْوَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ زَائِدَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ فِي الزَّكَاةِ وَقَولُهُ بَعْدَ ذَلِكَ طُعْتُ طِعْتُ وَأَطَعْتُ الأولى بِالضَّمِّ وَالثَّانِيَةُ بِالْكَسْرِ وَالثَّالِثَةُ بِالْفَتْحِ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ فِي أَوله

( الْحَدِيثُ الْخَامِسُ)


[ قــ :4113 ... غــ :4348] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ هُوَ الْأَوْدِيُّ وَهُوَ مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ مُعَاذًا لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ هُوَ مَوْصُولٌ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ كَانَ بِالْيَمَنِ لَمَّا قَدِمَهَا مُعَاذٌ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ أَيْ حَصَلَ لَهَا السُّرُورُ وَكَنَّى عَنْهُ بِقَرَّتْ عَيْنُهَا أَيْ بَرَدَتْ دَمْعَتُهَا لِأَنَّ دَمْعَةَ السُّرُورِ بَارِدَةٌ بِخِلَافِ دَمْعَةِ الْحُزْنِ فَإِنَّهَا حَارَّةٌ وَلِهَذَا يُقَالُ فِيمَنْ يُدْعَى عَلَيْهِ أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ تَقْرِيرُ مُعَاذٍ لِهَذَا الْقَائِلِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكِ أَمْرِهِ بِالْإِعَادَةِ وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ إِمَّا بِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ يُعْذَرُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَوْ كَانَ الْقَائِلُ خَلْفَهُمْ وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فَذَكَرَهُ الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا وَلَيْسَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُنَافَاةٌ لِأَنَّ مُعَاذًا إِنَّمَا قَدِمَ الْيَمَنَ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الصَّلَاةِ وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَالِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مَا يُوضح ذَلِك