فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته

( الْحَدِيثُ الْخَامِسُ)


[ قــ :4191 ... غــ :4431] .

     قَوْلُهُ  يَوْمُ الْخَمِيسِ هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ عَكْسُهُ وَقَولُهُ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ إِرَادَةِ تَفْخِيمِ الْأَمْرِ فِي الشِّدَّةِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْهُ زَادَ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَّبَ دَمْعُهُ الْحَصَى وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَتَّى رَأَيْتُهَا عَلَى خَدَّيْهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ وبكاء بن عَبَّاسٍ يُحْتَمَلُ لِكَوْنِهِ تَذَكَّرَ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ فَتَجَدَّدَ لَهُ الْحُزْنُ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مَا فَاتَ فِي مُعْتَقَدِهِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ رَزِيَّةٌ ثُمَّ بَالَغَ فِيهَا فَقَالَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْجَوَابُ عَمَّنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ كَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ زَادَ فِي الْجِهَادِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ ابْتِدَاءَ مَرَضِهِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَمَّا حُضِرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَفِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ تَجَوُّزٌ فَإِنَّهُ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ .

     قَوْلُهُ  كِتَابًا قِيلَ هُوَ تَعْيِينُ الْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَنْ تَضِلُّوا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا تَضِلُّونَ وَتَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَن يكون مدرجا من قَول بن عَبَّاسٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ بِهَمْزَةٍ لِجَمِيعِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ فَقَالُوا هَجَرَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَاكَ فَقَالُوا هَجَرَ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَادَ هَجَرَ مَرَّتَيْنِ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَى أَهَجَرَ أَفَحَشَ يُقَالُ هَجَرَ الرَّجُلُ إِذَا هَذَى وَأَهْجَرَ إِذَا أَفْحَشَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا وَقَدْ تَكَلَّمَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَطَالُوا وَلَخَصَّهُ الْقُرْطُبِيُّ تَلْخِيصًا حَسَنًا ثُمَّ لَخَّصْتُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ هَجَرَ الرَّاجِحُ فِيهِ إِثْبَاتُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَبِفَتَحَاتٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ قَالَ وَلِبَعْضِهِمْ أَهُجْرًا بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمِرٍ أَيْ قَالَ هُجْرًا وَالْهُجْرُ بِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُونِ الْهَذَيَانُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَقَعُ مِنْ كَلَامِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَنْتَظِمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا ينْطق عَن الْهوى وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أَقُولُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا إِلَّا حَقًّا وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ تَوَقَّفَ فِي امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِإِحْضَارِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَيْفَ تَتَوَقَّفُ أَتَظُنُّ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ يَقُولُ الْهَذَيَانَ فِي مَرَضِهِ امْتَثِلْ أَمْرَهُ وَأَحْضِرْهُ مَا طَلَبَ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ قَالَ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ شَكٍّ عَرَضَ لَهُ وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنْ لَا يُنْكِرَهُ الْبَاقُونَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَلَوْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ لَنُقِلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالَ ذَلِك صدر عَن دهش وَحَيْرَةٍ كَمَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنْهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ اشْتَدَّ وَجَعُهُ فَأَطْلَقَ اللَّازِمَ وَأَرَادَ الْمَلْزُومَ لِأَنَّ الْهَذَيَانَ الَّذِي يَقَعُ لِلْمَرِيضِ يَنْشَأُ عَنْ شِدَّةِ وَجَعِهِ وَقِيلَ قَالَ ذَلِكَ لِإِرَادَةِ سُكُوتِ الَّذِينَ لَغَطُوا وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ وَيُفْضِي فِي الْعَادَةِ إِلَى مَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  أَهَجَرَ فِعْلًا مَاضِيًا مِنَ الْهَجْرِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيِ الْحَيَاةَ وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً لِمَا رَأَى مِنْ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ.

قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ ثَالِثِ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْقُرْطُبِيُّ وَيَكُونُ قَائِلُ ذَلِكَ بَعْضَ مَنْ قَرُبَ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَانَ يَعْهَدُ أَنَّ مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ قَدْ يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ تَحْرِيرِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَهُ لِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ وَلِهَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا مَا شَأْنه يهجر استفهموه وَعَن بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ لَيَهْجُرُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ ذَلِكَ اسْتَفْهِمُوهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِفْهَامِ أَيِ اخْتَبِرُوا أَمْرَهُ بِأَنْ يَسْتَفْهِمُوهُ عَنْ هَذَا الَّذِي أَرَادَهُ وَابْحَثُوا مَعَهُ فِي كَوْنِهِ الأولى أَولا وَفِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَاخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ من يَقُول قربوا يكْتب لكم مَا يشْعر بِأَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ مُصَمِّمًا عَلَى الِامْتِثَالِ وَالرَّدِّ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنْهُمْ وَلَمَّا وَقَعَ مِنْهُمُ الِاخْتِلَافُ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكَةُ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ عِنْدَ وُقُوعِ التَّنَازُعِ وَالتَّشَاجُرِ وَقَدْ مَضَى فِي الصِّيَامِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُهُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَرَأَى رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فَرُفِعَتْ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِنَّمَا جَازَ لِلصَّحَابَةِ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ صَرِيحِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَامِرَ قَدْ يُقَارِنُهَا مَا يَنْقُلُهَا مِنَ الْوُجُوبِ فَكَأَنَّهُ ظَهَرَتْ مِنْهُ قَرِينَةٌ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى التَّحَتُّمِ بَلْ عَلَى الِاخْتِيَارِ فَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمْ وصمم عمر علىالامتناع لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنَ الْقَرَائِنِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَازِمٍ وَعَزْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَّا بِالْوَحْيِ وَإِمَّا بِالِاجْتِهَادِ وَكَذَلِكَ تَرْكُهُ إِنْ كَانَ بِالْوَحْيِ فَبِالْوَحْيِ وَإِلَّا فَبِالِاجْتِهَادِ أَيْضًا وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ مِنْ قُوَّةِ فِقْهِهِ وَدَقِيقِ نَظَرِهِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكْتُبَ أُمُورًا رُبَّمَا عَجَزُوا عَنْهَا فَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ لِكَوْنِهَا مَنْصُوصَةً وَأَرَادَ أَنْ لَا يَنْسَدَّ بَابُ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنْكَارَ عَلَى عُمَرَ إِشَارَةٌ إِلَى تَصْوِيبِهِ رَأْيَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ إِلَى قَوْلَهُ تَعَالَى مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّخْفِيفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى مَا هُوَ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْكَرْبِ وَقَامَتْ عِنْدَهُ قَرِينَةٌ بِأَنَّ الَّذِي أَرَادَ كِتَابَتَهُ لَيْسَ مِمَّا لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَمْ يَتْرُكْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ اخْتِلَافِهِمْ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّ الرَّزِيَّةَ إِلَخْ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ قَطْعًا.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَتَوَهَّمْ عُمَرُ الْغَلَطَ فِيمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ كِتَابَتَهُ بَلِ امْتِنَاعُهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا رَأَى مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَرْبِ وَحُضُورِ الْمَوْتِ خَشِيَ أَنْ يَجِدَ الْمُنَافِقُونَ سَبِيلًا إِلَى الطَّعْنِ فِيمَا يَكْتُبُهُ وَإِلَى حَمْلِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ فِيهَا بِوُقُوعِ بَعْضِ مَا يُخَالِفُ الِاتِّفَاقَ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ تَوَقُّفِ عُمَرَ لَا أَنَّهُ تَعَمَّدَ مُخَالَفَةَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا جَوَازَ وُقُوعِ الْغَلَطِ عَلَيْهِ حَاشَا وَكَلَّا وَقد تقدم شرح حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِلْمِ وَقَولُهُ وَقَدْ ذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَنْهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ أَيْ يُعِيدُونَ عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ وَيَسْتَثْبِتُونَهُ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ يَرُدُّونَ عَنْهُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ عَلَى مَنْ قَالَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى دَعُونِي فَالَّذِي أُعَايِنُهُ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِي بَعْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ أَنَّ الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُرَاقَبَةِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ اللَّهِ وَالتَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي تَسْأَلُونَنِي فِيهِ مِنَ الْمُبَاحَثَةِ عَنِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَإِنَّ امْتِنَاعِي مِنْ أَنْ أَكْتُبَ لَكُمْ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ.

قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ أَيِ الَّذِي أَشَرْتُ عَلَيْكُمْ بِهِ مِنَ الْكِتَابَةِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِهَا بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى الَّذِي قَبْلَهُ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ اخْتِبَارًا وَامْتِحَانًا فَهَدَى اللَّهُ عُمَرَ لِمُرَادِهِ وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ بن بطال عمر أفقه من بن عَبَّاس حَيْثُ اكْتفى بِالْقُرْآنِ وَلم يكتف بن عَبَّاسٍ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ إِطْلَاقَ ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّ قَوْلَ عُمَرَ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ عَنْ بَيَانِ السُّنَّةِ بَلْ لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنَ الْقَرِينَةِ وَخَشِيَ مِنَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى كِتَابَةِ الْكِتَابِ مِمَّا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فَرَأَى أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْقُرْآنِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا خشيه وَأما بن عَبَّاسٍ فَلَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ لَمْ يَكْتَفِ بِالْقُرْآنِ مَعَ كَوْنِهِ حَبْرَ الْقُرْآنِ وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِتَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ وَلَكِنَّهُ أَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَشَرْحُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَأَوْصَاهُمْ بِثَلَاثٍ أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَهُ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا مُتَحَتِّمًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُهُ لِوُقُوعِ اخْتِلَافِهِمْ وَلَعَاقَبَ اللَّهُ مَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَبْلِيغِهِ وَلَبَلَّغَهُ لَهُمْ لَفْظًا كَمَا أَوْصَاهُمْ بِإِخْرَاجِ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَاشَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَيَّامًا وَحَفِظُوا عَنْهُ أَشْيَاءَ لَفْظًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُهَا مَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَقَوله أجيزوا الْوَفْدَ أَيْ أَعْطُوهُمْ وَالْجَائِزَةُ الْعَطِيَّةُ وَقِيلَ أَصْلُهُ أَنَّ نَاسًا وَفَدُوا عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَقَالَ أَجِيزُوهُمْ فَصَارُوا يُعْطُونَ الرَّجُلَ وَيُطْلِقُونَهُ فَيَجُوزُ عَلَى الْقَنْطَرَةِ مُتَوَجِّهًا فَسُمِّيَتْ عَطِيَّةُ مَنْ يَقْدَمُ عَلَى الْكَبِيرِ جَائِزَةً وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي إِعْطَاءِ الشَّاعِرِ عَلَى مَدْحِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَولُهُ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ أَيْ بِقَرِيبٍ مِنْهُ وَكَانَتْ جَائِزَةُ الْوَاحِدِ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا .

     قَوْلُهُ  وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أَو قَالَ فنسيتها يحْتَمل أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ثُمَّ وَجَدْتُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ قَائِل ذَلِك هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَفِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ سُلَيْمَانُ أَي بن أَبِي مُسْلِمٍ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا أَوْ سَكَتَ عَنْهَا وَهَذَا هُوَ الْأَرْجَحُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الثَّالِثَةُ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْآنِ وَبِه جزم بن التِّينِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ بَلْ هُوَ تَجْهِيزُ جَيْشِ أُسَامَة وَقواهُ بن بَطَّالٍ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي تَنْفِيذِ جَيْشِ أُسَامَةَ قَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا فَإِنَّهَا ثَبَتَتْ فِي الْمُوَطَّأِ مَقْرُونَةً بِالْأَمْرِ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا .

     قَوْلُهُ  الصَّلَاةَ وَمَا ملكت أَيْمَانكُم قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة





[ قــ :419 ... غــ :443] فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ أَيْ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  فِيهَا فَقَالَ قومُوا زَاد بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ قُومُوا عَنِّي



( الْحَدِيثُ السَّادِسُ)


[ قــ :4193 ... غــ :4433] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَوَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ .

     قَوْلُهُ  دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا مَضَتْ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْحَبًا بِبِنْتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَن عاشه قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَمَّا مَرِضَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ تُقَبِّلُهُ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَتَانِ عَلَى أَن الَّذِي سارهابه أَوَّلًا فَبَكَتْ هُوَ إِعْلَامُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهُ مَيِّتٌ من مَرضه ذَلِك وَاخْتلفَا قيمًا سَارَّهَا بِهِ ثَانِيًا فَضَحِكَتْ فَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَنه إِخْبَار إِيَّاهَا بِأَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ وَفِي رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ إِخْبَارُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَجَعَلَ كَوْنَهَا أَوَّلَ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ مَضْمُومًا إِلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَإِنَّ حَدِيثَ مَسْرُوقٍ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَاتٍ لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ فَمَا زَادَهُ مَسْرُوقٌ قَوْلُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأَفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَيَّ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَأَنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجْلَى وَأَنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِي وَقَوْلُهَا كَأَنَّ مِشْيَتَهَا هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ وَقَوْلُهَا مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي الْكُسُوفِ وَأَنَّ التَّقْدِيرَ مَا رَأَيْتُ كَفَرَحِ الْيَوْمِ فَرَحًا أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرَحًا كَفَرَحٍ رَأَيْتُهُ الْيَوْمَ وَقَوْلُهَا حَتَّى تُوُفِّيَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَلَمْ تَقُلْ لِي شَيْئًا حَتَّى تُوُفِّيَ وَقَدْ طَوَى عُرْوَةُ هَذَا كُلَّهُ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَضَحِكَتْ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ سَارَّنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا رَأَتْ بُكَاءَهَا وَضَحِكَهَا قَالَتْ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَعْقَلُ النِّسَاءِ فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْجَزْمُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ بِأَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ فَفِيهَا أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارُهُ بِأَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ سَبَبًا لِبُكَائِهَا أَوْ ضَحِكِهَا مَعًا بِاعْتِبَارَيْنِ فَذَكَرَ كُلٌّ مِنَ الرَّاوِيَيْنِ مَا لم يذكرهُ الآخر وَقد روىالنسائي مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ الْبُكَاءِ أَنَّهُ مَيِّتٌ وَفِي سَبَبِ الضَّحِكِ الْأَمْرَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا أَنَّ سَبَبَ الْبُكَاءِ مَوْتُهُ وَسَبَبَ الضَّحِكِ أَنَّهَا سَيِّدَةُ النِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْهَا أَنَّ سَبَبَ الْبُكَاءِ مَوْتُهُ وَسَبَبَ الضَّحِكِ لِحَاقُهَا بِهِ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمَ ذُرِّيَّةً مِنْكِ فَلَا تَكُونِي أَدْنَى امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ صَبْرًا وَفِي الْحَدِيثِ إِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَانَتْ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بعده حَتَّى من أَزوَاجه



( الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ عَائِشَةَ)
ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَة عَن سعد وَهُوَ بن إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ أَوْرَدَهُ عَالِيًا مُخْتَصَرًا وَنَازِلًا تَامًّا ثُمَّ أَوْرَدَهُ أَتَمَّ مِنْهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ فَأَمَّا الرِّوَايَةُ النَّازِلَةُ فَإِنَّهُ سَاقَهَا مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْعَالِيَةُ فَأَخْرَجَهَا عَنْ مُسلم وَهُوَ بن إِبْرَاهِيمَ وَلَفْظُهُ مُغَايِرٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَضَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَهَذَا الْقَدْرُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أَصَابَتْهُ بُحَّةٌ فَجَعَلْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم من النَّبِيين الْآيَةَ قَالَتْ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اقْتَصَرَ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ وَقَدِ اقْتَصَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى تَخْرِيجِ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ دُونَ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ مِثْلُ غُنْدَرٍ قَوْلُهَا



[ قــ :4194 ... غــ :4435] .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلَمْ تُصَرِّحْ عَائِشَةُ بِذِكْرِ مَنْ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَصَرَّحَتْ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَحِيحٌ يَقُولُ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُحَيَّى أَوْ يُخَيَّرُ وَهُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي هَلْ قَالَ يُحَيَّى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا أُخْرَى أَوْ يُخَيَّرُ كَمَا فِي رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ مَا مِنْ نَبِيٍّ يُقْبَضُ إِلَّا يَرَى الثَّوَابَ ثُمَّ يُخَيَّرُ وَلِأَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوَيْهِبَةَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَالْخُلْدَ ثُمَّ الْجَنَّةَ فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ طَاوُسٍ رَفَعَهُ خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَبْقَى حَتَّى أَرَى مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي وَبَيْنَ التَّعْجِيلِ فَاخْتَرْتُ التَّعْجِيلَ تَنْبِيهٌ فَهْمُ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى أَنَّهُ خُيِّرَ نَظِيرُ فَهْمِ أَبِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُرَادَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَكَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ شَيْءٌ يَعْرِضُ فِي الْحَلْقِ فَيَتَغَيَّرُ لَهُ الصَّوْتُ فَيَغْلُظُ تَقُولُ بَحِحْتُ بِالْكَسْرِ بُحًّا وَرَجُلٌ أَبَحُّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهِ خِلْقَةً .

     قَوْلُهُ  مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم فِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَالَ مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء إِلَى قَوْله رَفِيقًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عِنْد النَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ فَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى الْأَسْعَدَ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّفِيقَ الْمَكَانُ الَّذِي تَحْصُلُ الْمُرَافَقَةُ فِيهِ مَعَ الْمَذْكُورِينَ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَةِ عَبَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ بَعْدَ هَذَا قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي الرفيق الْأَعْلَى حَتَّى قبض وَفِي رِوَايَة بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

     وَقَالَ  فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّفِيقَ تَغْيِيرٌ مِنَ الرَّاوِي وَأَنَّ الصَّوَابَ الرَّقِيعُ بِالْقَافِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ السَّمَاءِ.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِيُّ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى الْجَنَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى الْجَنَّةُ وَقِيلَ بَلِ الرَّفِيقُ هُنَا اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَمَا فَوْقَهُ وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَمَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَقَدْ ختمت بقوله وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا وَنُكْتَةُ الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالْإِفْرَادِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَهَا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّهَيْلِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ كَمَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ فَعَزْوُهُ إِلَيْهِ أَوْلَى قَالَ وَالرَّفِيقُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ ذَاتٍ كَالْحَكِيمِ أَوْ صِفَةَ فِعْلٍ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَضْرَةُ الْقُدْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي آيَةِ النِّسَاءِ وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ رَفِيقًا تَعَاوُنُهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَارْتِفَاقُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ وَقَدْ غَلَّطَ الْأَزْهَرِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَلَا وَجْهَ لِتَغْلِيطِهِ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي غَلَّطَهُ بِهَا وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  مَعَ الرَّفِيقِ أَوْ فِي الرَّفِيقِ لِأَنَّ تَأْوِيلَهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِاللَّهِ سَائِغٌ قَالَ السُّهَيْلِيُّ الْحِكْمَةُ فِي اخْتِتَامِ كَلَامِ الْمُصْطَفَى بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ كَوْنُهَا تَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ وَالذِّكْرَ بِالْقَلْبِ حَتَّى يُسْتَفَادَ مِنْهُ الرُّخْصَةُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَمْنَعُهُ مِنَ النُّطْقِ مَانِعٌ فَلَا يَضُرُّهُ إِذَا كَانَ قَلْبُهُ عَامِرًا بِالذِّكْرِ انْتَهَى مُلَخَّصًا .

     قَوْلُهُ  فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَقُلْتُ إِذًا لَا يَخْتَارُنَا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَعِنْدَ أَبِي الْأَسْوَدِ فِي الْمَغَازِي عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَخَيَّرَهُ تَنْبِيهٌ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْتَرْضِعٌ عِنْدَ حَلِيمَةَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَآخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ جَلَالُ رَبِّي الرَّفِيعُ



( الْحَدِيثُ الثَّامِن حَدِيث عَائِشَة فِي السِّوَاك)


[ قــ :4197 ... غــ :4438] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ جَزَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بن يحيى الذهلي وَسقط عِنْد بن السَّكَنِ فَصَارَ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَفَّانَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَعَفَّانُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ قَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ قَلِيلًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ .

     قَوْلُهُ  وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سواك رطب فِي رِوَايَة بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً فَأَخَذْتُهَا فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  يَسْتَنُّ بِهِ أَيْ يَسْتَاكُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُهُ مِنَ السَّنِّ أَيْ بِالْفَتْحِ وَمِنْهُ الْمِسَنُّ الَّذِي يُسَنُّ عَلَيْهِ الْحَدِيدُ .

     قَوْلُهُ  فَأَبَدَّهُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ مَدَّ نَظَرُهُ إِلَيْهِ يُقَالُ أَبْدَدْتُ فُلَانًا النَّظَرَ إِذَا طَوَّلْتُهُ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَمَدَّهُ بِالْمِيمِ .

     قَوْلُهُ  فَقَضِمْتُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَضَغْتُهُ وَالْقَضْمُ الْأَخْذُ بِطَرَفِ الْأَسْنَانِ يُقَالُ قَضِمَتِ الدَّابَّةُ بِكَسْرِ الضَّادِ شَعِيرَهَا تَقْضَمُ بِالْفَتْحِ إِذَا مَضَغَتْهُ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْأَكْثَرَ رَوَوْهُ بِالصَّادِ الْمُهْملَة أَي كَسرته أَو قطعته وَحكى بن التِّينِ رِوَايَةً بِالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِنْ كَانَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهَا فَطَيَّبْتُهُ تَكْرَارا وَإِنْ كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ فَلَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى كَسَرْتُهُ لِطُولِهِ أَوْ لِإِزَالَةِ الْمَكَانِ الَّذِي تَسَوَّكَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ لَيَّنْتُهُ ثُمَّ طَيَّبْتُهُ أَيْ بِالْمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ طَيَّبْتُهُ تَأْكِيدًا لِلَيَّنْتُهُ وَسَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ فَقُلْتُ آخُذُهُ لَكَ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَدْخَلْتُهُ فِي فِيهِ فَاشْتَدَّ فَتَنَاوَلْتُهُ فَقُلْتُ أُلَيِّنُهُ لَكَ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَمَلُ بِالْإِشَارَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَقُوَّةُ فِطْنَةِ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  وَنَفَضْتُهُ بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَقَولُهُ فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ أَيْ مِنَ السِّوَاكِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ وَرَأْسُهُ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَإِنَّ اللَّهَ جَمَعَ رِيقِي وَرِيقَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالْحَاقِنَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ مَا سَفَلَ مِنَ الذَّقَنِ وَالذَّاقِنَةُ مَا عَلَا مِنْهُ أَوِ الْحَاقِنَةُ نُقْرَةُ التَّرْقُوَةِ هُمَا حَاقِنَتَانِ وَيُقَالُ إِنَّ الْحَاقِنَةَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ التَّرْقُوَةِ وَالْحَلْقِ وَقِيلَ مَا دُونَ التَّرْقُوَةِ مِنَ الصَّدْرِ وَقِيلَ هِيَ تَحْتَ السُّرَّةِ.

     وَقَالَ  ثَابِتٌ الذَّاقِنَةُ طَرَفُ الْحُلْقُومِ وَالسَّحْرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الصَّدْرُ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الرِّئَةُ وَالنَّحْرُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَوْضِعُ النَّحْرِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ هُوَ مَا بَيْنَ الثَّدْيَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا بَيْنَ الْحَاقِنَةِ وَالذَّاقِنَةِ هُوَ مَا بَيْنَ السَّحْرِ وَالنَّحْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ وَرَأْسُهُ بَيْنَ حَنَكِهَا وَصَدْرِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهَا وَهَذَا لايغاير حَدِيثَهَا الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَنَّ رَأْسَهُ كَانَ عَلَى فَخِذِهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا رَفَعَتْهُ مِنْ فَخِذِهَا إِلَى صَدْرِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ مَا أخرجه الْحَاكِم وبن سَعْدٍ مِنْ طُرُقٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَكُلُّ طَرِيقٍ مِنْهَا لَا يَخْلُو مِنْ شِيعِيٍّ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَيْتُ بَيَانَ حَالِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ التَّعَصُّبِ قَالَ بن سَعْدٍ ذِكْرُ مَنْ قَالَ تُوُفِّيَ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَسَاقَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ سَأَلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ عَلِيًّا مَا كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَقَالَ كَعْبٌ كَذَلِكَ آخِرُ عَهْدِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي سَنَدِهِ الْوَاقِدِيُّ وَحَرَمُ بْنُ عُثْمَانَ وَهُمَا مَتْرُوكَانِ وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ادْعُوا إِلَيَّ أَخِي فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ ادْنُ مِنِّي قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَنِدًا إِلَيَّ وَإِنَّهُ لِيُكَلِّمُنِي حَتَّى نَزَلَ بِهِ وَثَقُلَ فِي حِجْرِي فَصحت يَا عَبَّاس أدركني فَإِنِّي هَالِكٌ فَجَاءَ الْعَبَّاسُ فَكَانَ جَهْدُهُمَا جَمِيعًا أَنْ أَضْجَعَاهُ فِيهِ انْقِطَاعٌ مَعَ الْوَاقِدِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ فِيهِ لِينٌ وَبِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فِيهِ انْقِطَاعٌ وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ مَاتَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَالِانْقِطَاعُ وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي غطفان سَأَلت بن عَبَّاسٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ قَالَ فَقُلْتُ فَإِنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سحرِي ونحرى فَقَالَ بن عَبَّاسٍ لَقَدْ تُوُفِّيَ وَإِنَّهُ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَخِي الْفَضْلُ وَأَبَى أَبِي أَنْ يَحْضُرَ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَسُلَيْمَانُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَأَبُو غَطَفَانَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ اسْمُهُ سَعْدٌ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ طَرِيقِ حَبَّة الْعَدنِي عَنْ عَلِيٍّ أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي فَسَالَتْ نَفْسُهُ وَحَبَّةُ ضَعِيفٌ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَلِيٌّ آخِرُهُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ آخِرَ الرِّجَالِ بِهِ عَهْدًا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ آخِرَهُمْ عَهْدًا بِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى مَالَ فَلَمَّا مَالَ ظَنَّ أَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّهَ فَأَسْنَدَتْهُ عَائِشَةُ بَعْدَهُ إِلَى صَدْرِهَا فَقُبِضَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بن بابنوس بِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ غَيْرَ مَهْمُوزٍ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ الْمَفْتُوحَةِ نُونٌ مَضْمُومَةٌ ثُمَّ وَاوٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ فَبَيْنَمَا رَأْسُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَنْكِبِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ نَحْوَ رَأْسِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثُغْرَةِ نَحْرِي فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي وَظَنَنْتُ أَنه غشي عَلَيْهِ فسجيته ثوبا ا



حَدِيث الثَّالِث)
وَقَالَ يُونُس هُوَ بن يَزِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَهَذَا قَدْ وَصَلَهُ الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

     وَقَالَ  الْبَزَّارُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ أَيْ بِوَصْلِهِ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي عَنِ الزُّهْرِيِّ لَكِنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَهُ شَاهِدَانِ مُرْسَلَانِ أَيْضًا أَخْرَجَهُمَا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرَائِبُ الْحَدِيثِ لَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَالْآخَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَلِلْحَاكِمِ مَوْصُولٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مُبَشِّرٍ قَالَتْ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَتَّهِمُ بِنَفْسِكَ فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُ بِابْنِي إِلَّا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَ بِخَيْبَرَ وَكَانَ ابْنُهَا بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ مَاتَ فَقَالَ وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ غَيْرَهَا وَهَذَا أَوَان انْقِطَاع أبهرى وروى بن سَعْدٍ عَنْ شَيْخِهِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي قِصَّةِ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّتْ لَهُ بِخَيْبَرَ فَقَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ وَجَعَلَ يَقُولُ مَا زِلْتُ أَجِدُ أَلَمَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا بِخَيْبَرَ عِدَادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ وَتُوُفِّيَ شَهِيدًا انْتَهَى وَقَولُهُ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  وَتُوُفِّيَ شَهِيدًا وَقَولُهُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ أَيْ أَحُسُّ الْأَلَمَ فِي جَوْفِي بِسَبَبِ الطَّعَامِ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَقَصَ مِنْ لَذَّةِ ذَوْقِهِ.
وَتَعَقَّبَهُ بن التِّينِ وَقَولُهُ أَوَانَ بِالْفَتْحِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأَبْهَرُ عِرْقٌ مُسْتَبْطِنٌ بِالظَّهْرِ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ إِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ إِنَّ الْقَلْبَ مُتَّصِلٌ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَالِ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّتْ بِخَيْبَرَ فِي غَزْوِهِ خَيْبَرَ مُفَصَّلًا الْحَدِيثُ الْرَّابِعُ حَدِيثُ عَائِشَةَ



[ قــ :4198 ... غــ :4439] قَوْله اشْتَكَى أَي مرض وَنَفث أَي تفل بِغَيْرِ رِيقٍ أَوْ مَعَ رِيقٍ خَفِيفٍ .

     قَوْلُهُ  بِالْمُعَوِّذَاتِ أَيْ يَقْرَؤُهَا مَاسِحًا لِجَسَدِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا وَوَقع فِي رِوَايَة مَالك عَن بن شِهَابٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِلَفْظِ فَقَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ الْمُعَوِّذَاتِ وَسَيَأْتِي فِي الطِّبِّ قَوْلُ مَعْمَرٍ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ.

قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ كَيْفَ يَنْفُثُ قَالَ يَنْفُثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ هَذِهِ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ وَفِي رِوَايَةِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا ثُمَّ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَوِّذَاتِ سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَجَمَعَ إِمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي يَقَعُ التَّعَوُّذُ بِهَا مِنَ السُّورَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَوِّذَاتِ هَاتَانِ السُّورَتَانِ مَعَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ تَغْلِيبًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .

     قَوْلُهُ  وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَأَمْسَحَ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَأَمْسَحَ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَاب من طَرِيق بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ.

     وَقَالَ  فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فَأَفَاقَ وَهِيَ تَمْسَحُ صَدْرَهُ وَتَدْعُو بِالشِّفَاءِ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَسَأَذْكُرُ الْكَلَامَ عَلَى الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ



( الحدجيث الْحَادِي عَشَرَ)


[ قــ :401 ... غــ :444] .

     قَوْلُهُ  لَمَّا ثَقُلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ فِي وَجَعِهِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ .

     قَوْلُهُ  اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاء وَذكر بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ هِيَ الَّتِي خَاطَبَتْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُنَّ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الِاخْتِلَافُ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ دُخُولَهُ بَيْتَهَا كَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ وَفِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَذَكَرْتُ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ طَرَفًا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ الَّذِي كَانَ يتكىء عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْعَبَّاسِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ فَخَرَجَ بَيْنَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ وَفِي أُخْرَى رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أُسَامَةُ وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أُسَامَة وَالْفضل وَعند بن حِبَّانَ فِي آخِرِهِ بَرِيرَةُ وَنُوبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُون الْوَاو ثمَّ مُوَحدَة ضَبطه بن مَاكُولَا وَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ اسْمُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَجَزَمَ سَيْفٌ فِي الْفتُوح بِأَنَّهُ عبد وَعند بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الْفَضْلُ وَثَوْبَانُ وَجَمَعُوا بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا بِأَنَّ خُرُوجَهُ تَعَدَّدَ فَيَتَعَدَّدُ مَنِ اتَّكَأَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ تَنَاوَبُوا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  فِي بَيْتِي وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنِسَائِهِ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بُيُوتَكُنَّ فَإِذَا شِئْتُنَّ أَذِنْتُنَّ لِي وَسَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَيْنَ أَنَا غَدًا يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ وَكَانَ أَوَّلُ مَا بَدَأَ مَرَضُهُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ .

     قَوْلُهُ  مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْعَدَدِ أَنَّ لَهُ خَاصِّيَّةً فِي دَفْعِ ضَرَرِ السُّمِّ وَالسِّحْرِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ هَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ وَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ نَجَاسَةَ سُؤْرِ الْكَلْبِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ مِنْهُ سَبْعًا إِنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ السُّمَيَّةِ الَّتِي فِي رِيقِهِ وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ وَلِلنَّسَائِيِّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُصَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ الْقَوْلُ لِمَنْ بِهِ وَجَعٌ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي النَّسَائِيّ م مَنْ قَالَ عِنْدَ مَرِيضٍ لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ عِنْد بن أبي شيبَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيْنَ أكون فاكررها فَعَرَفَتْ أَزْوَاجُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ عَائِشَةَ فَقُلْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْنَا أَيَّامَنَا لِأُخْتِنَا عَائِشَةَ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ يَقُولُ أَيْنَ أَنَا حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ وَأَذِنَ لَهُ نِسَاؤُهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي وَقَولُهُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُحَدِّثُ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ هُوَ مَقُولُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مَوْصُولٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي مَرَضِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  فِيهِ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ آخِرُ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَلَعَلَّهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عِنْدَهُ اخْتِلَافُهُمْ وَلَغَطُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

     وَقَالَ  لَهُمْ قُومُوا فَلَعَلَّهُ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِفَّةً فَخَرَجَ وَقَولُهُ





[ قــ :40 ... غــ :4443] وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ إِلَخْ هُوَ مَقُولُ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا وَمَوْصُولٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا فَصَلَ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ مَا هُوَ عِنْدَ شَيْخِهِ عَنِ بن عَبَّاس وَعَائِشَة مَعًا وَعَن عَائِشَة فَقَط





[ قــ :403 ... غــ :4445] قَوْله رَوَاهُ بن عمر وَأَبُو مُوسَى وبن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ لَا إِلَى جَمِيعِ الْحَدِيثِ فَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَصَلَهُ أَيْضًا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَرْجَمَةِ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْإِمَامَةِ أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَائِشَة





[ قــ :405 ... غــ :4447] قَوْله حَدثنِي إِسْحَاق هُوَ بن رَاهَوَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ أَخَوَيْهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا مَعْنَى لِتَوَقُّفِ الدِّمْيَاطِيِّ فِيهِ فَإِنَّ الْإِسْنَادَ صَحِيحٌ وَسَمَاعُ الزُّهْرِيِّ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ ثَابِتٌ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ شُعَيْبٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيق صَالح عَن بن شِهَابٍ فَصَرَّحَ أَيْضًا بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيّ عَن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَفِي الْإِسْنَادِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ وَصَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ .

     قَوْلُهُ  بَارِئًا اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَرَأَ بِمَعْنَى أَفَاقَ مِنَ الْمَرَضِ .

     قَوْلُهُ  أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا هُوَ كِنَايَةٌ عَمَّنْ يَصِيرُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَمُوتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَتَصِيرُ أَنْتَ مَأْمُورًا عَلَيْكَ وَهَذَا مِنْ قُوَّةِ فِرَاسَةِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَأَرَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَبِضَمِّهَا بِمَعْنَى الظَّنِّ وَهَذَا قَالَهُ الْعَبَّاسُ مُسْتَنِدًا إِلَى التَّجْرِبَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْت وَذكر بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا الْأَمْرُ أَيِ الْخِلَافَةُ وَفِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ عِنْد بن سعد فنسأله من يسْتَخْلف فَإِن اسْتحْلف مِنَّا فَذَاكَ .

     قَوْلُهُ  فَأَوْصَى بِنَا فِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا فَحُفِظْنَا مِنْ بَعْدِهِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ عَلِيٌّ وَهَلْ يَطْمَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ غَيْرُنَا قَالَ أَظُنُّ وَاللَّهِ سَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَيْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْهِمْ بِمَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ .

     قَوْلُهُ  لَا أَسْأَلُهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا اطلبها مِنْهُ وَزَاد بن سَعْدٍ فِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ فِي آخِرِهِ فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ تُبَايِعْكَ النَّاسُ فَلم يفعل وَزَاد عبد الرَّزَّاق عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ الشَّعْبِيُّ لَوْ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَهُ عَنْهَا كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ بِسَنَد جيد عَن بن أَبِي لَيْلَى قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ لَقِيَنِي الْعَبَّاسُ فَذَكَرَ نَحْوَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِاخْتِصَارٍ وَفِي آخِرهَا قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا لَيْتَنِي أَطَعْتُ عَبَّاسًا يَا لَيْتَنِي أَطَعْتُ عَبَّاسًا.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَانَ مَعْمَرٌ يَقُولُ لَنَا أَيُّهُمَا كَانَ أَصْوَبَ رَأْيًا فَنَقُولُ الْعَبَّاسُ فَيَأْبَى وَيَقُولُ لَوْ كَانَ أَعْطَاهَا عَلِيًّا فَمَنَعَهُ النَّاسُ لَكَفَرُوا