فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]

( قَولُهُ بَابُ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله)
قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ تُرْجَعُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ بِفَتْحِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ



[ قــ :4293 ... غــ :4544] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَعَاصِمٌ هُوَ بن سُلَيْمَان الْأَحول قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ كَذَا قَالَ عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَخَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ عَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِلَفْظِ كَانَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَاتُ الرِّبَا وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا كَذَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَن يجمع بَين قولي بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ جَاءَ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَجَاءَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَزَادَ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ يَقُولُونَ إِنَّهُ مَكَثَ بَعْدَهَا تِسْعَ لَيَالٍ وَنَحْوَهُ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ فَقِيلَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَبْعًا وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ هِيَ خِتَامُ الْآيَاتِ الْمُنْزَلَةِ فِي الرِّبَا اذهى مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهِنَّ.
وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ آخَرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة فَيجمع بَينه وَبَين قَول بن عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا جَمِيعًا فَيَصْدُقُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا آخِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآخِرِيَّةُ فِي آيَةِ النِّسَاءِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوَارِيثِ مَثَلًا بِخِلَافِ آيَةِ الْبَقَرَةِ وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمَا فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى مَعْنَى الْوَفَاةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لخاتمة النُّزُول وَحكى بن عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَاشَ بعد نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة أحدا وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَقِيلَ سَبْعًا.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح أَنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَسَأَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي تَفْسِيرِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالْآخِرِيَّةِ فِي الرِّبَا تَأَخُّرُ نُزُولُ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَأَمَّا حُكْمُ تَحْرِيمِ الرِّبَا فَنُزُولُهُ سَابِقٌ لِذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ فِي أَثْنَاءِ قِصَّةِ أُحُدٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة الْآيَة