فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} [هود: 102]

( قَوْله بَاب قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
الْكَاف فِي ذَلِك لتشبيه الْأَخْذ الْمُسْتَقْبل بِالْأَخْذِ الْمَاضِي وأتى بِاللَّفْظِ الْمَاضِي مَوضِع المضارعة على قِرَاءَة طَلْحَة بن مصرف وَأخذ بِفتْحَتَيْنِ فِي الأول كالثاني مُبَالغَة فِي تحَققه قَوْله الرفد المرفود العون الْمعِين رفدته أعنته كَذَا وَقع فِيهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة الرفد المرفود العون الْمعِين يُقَال رفدته عِنْد الْأَمِير أَي أعنته قَالَ الْكرْمَانِي وَقع فِي النُّسْخَة الَّتِي عندنَا العون الْمعِين وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ التَّفْسِير المعان فَأَما أَن يكون الْفَاعِل بِمَعْنى الْمَفْعُول أَو الْمَعْنى ذُو إِعَانَة .

     قَوْلُهُ  تَرْكَنُوا تَمِيلُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا لَا تعدلوا إِلَيْهِم وَلَا تميلوا يُقَال ركنت إِلَى قَوْلك أَي أردته وقبلته وروى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أنس لَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا لَا ترضوا أَعْمَالهم قَوْله فلولا كَانَ فَهَلا كَانَ سقط هَذَا وَالَّذِي قبله من رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّة مجازه فَهَلا كَانَ من الْقُرُون وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله فلولا قَالَ فِي حرف بن مَسْعُود فَهَلا قَوْله أترفوا أهلكوا هُوَ تَفْسِير باللازم أَي كَانَ الترف سَببا لاهلاكهم.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّبَعَ الَّذين ظلمُوا مَا أترفوا فِيهِ أَيْ مَا تَجَبَّرُوا وَتَكَبَّرُوا عَن أَمر الله وصدوا عَنهُ .

     قَوْلُهُ  زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ إِلَخْ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ



[ قــ :4431 ... غــ :4686] .

     قَوْلُهُ  أَنْبَأَنَا بَرِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ وَوَقَعَ لِغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بَدَلَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أصوب لِأَن بريد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَأَبُو بُرْدَةَ جَدُّهُ لَا أَبُوهُ لَكِنْ يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْأَبَ عَلَيْهِ مَجَازًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ أَي بمهله وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي وَرُبَّمَا قَالَ يُمْهِلُ وَرَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ قَالَ يُمْلِي وَلَمْ يَشُكَّ.

قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ يُمْلِي وَلَمْ يَشُكَّ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ لَمْ يُخَلِّصْهُ أَيْ إِذَا أَهْلَكَهُ لَمْ يَرْفَعْ عَنْهُ الْهَلَاكَ وَهَذَا عَلَى تَفْسِيرِ الظُّلْمِ بِالشِّرْكِ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَإِنْ فُسِّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَيُحْمَلُ كُلٌّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَقِيلَ مَعْنَى لَمْ يُفْلِتْهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الظَّالِمَ إِذَا صُرِفَ عَنْ مَنْصِبِهِ وَأُهِينَ لَا يَعُودُ إِلَى عِزِّهِ وَالْمُشَاهَدُ فِي بَعْضِهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ على مَا قَدمته وَالله أعلم