فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا)
أَيْ بِالْحُكْمِ أَوْ بِحَالِ الْمَقُولِ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عُمَرُ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِنَّهُ نَافَقَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُنَافِقٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَة الممتحنة ثمَّ ذكر حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حَيْثُ طَوَّلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَفَارَقَهُ الرَّجُلُ فصلى وَحده فَقَالَ معَاذ أَنه مُنَافِق وَقد تقدم شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَبُوهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَولُهُ



[ قــ :5777 ... غــ :6106] فَتَجَوَّزُ رَجُلٌ بِالْجِيمِ وَالزَّاي للْجَمِيع وَحكى بن التِّينِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ انْحَازَ فصلى وَحده





[ قــ :5778 ... غــ :6107] قَوْله حَدثنِي إِسْحَاق هُوَ بن رَاهَوَيْهِ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ هُوَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحِمْصِيُّ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ كَثِيرًا بِلَا وَاسِطَةٍ وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ مَعَ شَرْحِهِ وَوَجْهُ دُخُوله فِي هَذَا الْبَاب وَاضح قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَالِفِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى بِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَدِيمَ حَالُهُ عَلَى مَا قَالَ فَيُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ حُبُوطِ عَمَلِهِ فِيمَا نَطَقَ بِهِ مِنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ قَالَ وَمِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَنَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ فِي حَالَةِ الزِّنَا خَاصَّةً انْتَهَى.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِطْلَاقٌ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَعْلِيمُ مَنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ فَحَلَفَ بِذَلِكَ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى مَا يُكَفِّرُ عَنْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرْشَدَ مَنْ تَلَفَّظَ بِشَيْءٍ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّلَفُّظُ بِهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى مَا يَرْفَعُ الْحَرَجَ عَنِ الْقَائِلِ أَنْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ قَاصِدًا إِلَى مَعْنَى مَا قَالَ وَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْجِيهَ هَذَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَمُنَاسَبَةِ الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ لِمَنْ قَالَ أُقَامِرُكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْمَالِ فِي الْبَاطِل فَأمر بأخراجه فِي الْحق ثمَّ ذكر المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ فِي حَلِفِ عُمَرَ بِأَبِيهِ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَصَدَ بِذِكْرِهِ هُنَا الْإِشَارَةَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ حلف عمر بذلك قبل أَن يسمع النَّهْيُ كَانَ مَعْذُورًا فِيمَا صَنَعَ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى نَهْيهِ وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَ أَنَّ حَقَّ أَبِيهِ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ لِعَبْدِهِ أَن يحلف بِغَيْرِهِ وَالله أعلم