فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ)
أَيْ مَا حُكْمُهُ وَالْمُرَادُ بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ أَنْ يَتَعَاطَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عَادَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ وَاللَّطْخُ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ الرَّمْيُ بِالشَّرِّ يُقَالُ لُطِخَ فُلَانٌ بِكَذَا أَيْ رُمِيَ بِشَرٍّ وَلَطَخَهُ بِكَذَا مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا لَوَّثَهُ بِهِ وَبِالتُّهَمَةِ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ مَنْ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَحَقَّقَ فِيهِ وَلَوْ عَادَةً وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَفِي آخِرِهِ تَصْرِيحُ سُفْيَانَ حَيْثُ قَالَ



[ قــ :6493 ... غــ :6854] حَفِظْتُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ مُسْتَوْفًى وَقَولُهُ إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ كَذَا وَقَعَ بِالْكِنَايَةِ وَبِالِاكْتِفَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَتَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ بَيَانُهُ مِنْ طَرِيق بن جريج عَن بن شِهَابٍ وَلَفْظُهُ إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا وَكَذَبَتْ عَلَيْهِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي الْأُولَى فَهُوَ صَادِقٌ فِي الثَّانِيَةِ وَعُرِفَ مِنْهُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلزَّوْجِ كَأَنَّهُ قَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ فَزَوْجُهَا كَاذِبٌ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أسود فَزَوجهَا صَادِق ثَانِيهمَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي اللِّعَانِ أَيْضًا أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ مُخْتَصَرَةٍ ثُمَّ مُطَوَّلَةٍ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بِإِسْقَاطِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنَ السَّنَدِ وَهُوَ غَلَطٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى أَيْضًا فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَقَولُهُ





[ قــ :6494 ... غــ :6855] مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ بَدَلَ مِنْ وَقَولُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ





[ قــ :6495 ... غــ :6856] ذَكَرَ التَّلَاعُنَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا .

     قَوْلُهُ  تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السوء فِي رِوَايَة عُرْوَة عَن بن عَبَّاس بِسَنَد صَحِيح عِنْد بن مَاجَهْ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلَانَةً فَقَدْ ظَهَرَ فِيهَا الرِّيبَةَ فِي مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فَكَأَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إِبْهَامَهَا سَتْرًا عَلَيْهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ وَلَوْ كَانَ مُتَّهَمًا بِالْفَاحِشَةِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَعْنَى تُظْهِرُ السُّوءَ أَنَّهُ اشْتَهَرَ عَنْهَا وَشَاعَ وَلَكِنْ لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَلَا اعْتَرَفَتْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بالاستفاضة وَقد أخرج الْحَاكِم من طَرِيق بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَقْعَدَ جَارِيَتَهُ وَقَدِ اتَّهَمَهَا بِالْفَاحِشَةِ عَلَى النَّارِ حَتَّى احْتَرَقَ فَرْجُهَا هَلْ رَأَيْتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ لَا قَالَ فَاعْتَرَفَتْ لَكَ قَالَ لَا قَالَ فَضَرَبَهُ.

     وَقَالَ  لَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لإيقاد مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ لَأَقَدْتُهَا مِنْكَ قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرَو بْنَ عِيسَى شَيْخَ اللَّيْثِ وَفِيهِ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَذَا قَالَ فَأَوْهَمَ أَنَّ لِغَيْرِهِ كَلَامًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْمِيزَانِ فَقَالَ لَا يُعْرَفُ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْحُ فِيمَا رَوَاهُ بَلْ يتَوَقَّف فِيهِ