فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من استعان عبدا أو صبيا

( قَولُهُ بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالنُّونِ وَلِلنَّسَفِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ اسْتَعَارَ بِالرَّاءِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَمُنَاسَبَةُ الْبَابِ لِلْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ وَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ دِيَةُ الْحُرِّ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مُعَلِّمِ كُتَّابٍ بِالتَّنْكِيرِ .

     قَوْلُهُ  ابْعَثْ إِلَيَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  صُوفًا وَلَا تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا كَذَا لِلْجُمْهُورِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ ثَقِيلَةٌ وَذَكَرَهُ بن بَطَّالٍ بِلَفْظِ إِلَّا بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ وَشَرَحَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عَكْسُ مَعْنَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَن أم سَلمَة وَكَأَنَّهُ مُنْقَطع بَين بن الْمُنْكَدِرِ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي خِدْمَتِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِالْتِمَاسِ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَتِهِ لَهُ وَأَبُو طَلْحَةَ كَانَ زَوْجَ أُمِّ أَنَسٍ وَعَنْ رَأْيِهَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا اشْتَرَطَتْ أُمُّ سَلَمَةَ الْحُرَّ لِأَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَنِ اسْتَعَانَ حُرًّا لَمْ يَبْلُغْ أَوْ عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَا مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا دِيَةُ الْحُرِّ فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

قُلْتُ وَفِي الْفَرْقِ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ وَنَقَلَ بن التِّين مَا قَالَ بن بَطَّالٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْمَلُ فِعْلُ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى أَنَّهَا أُمُّهُمْ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا إِنَّمَا اشْتَرَطَتْ أَنْ لَا يَكُونَ حُرًّا لِأَنَّهَا أُمٌّ لَنَا فَمَالُنَا كَمَالِهَا وَعَبِيدُنَا كَعَبِيدِهَا.
وَأَمَّا أَوْلَادُنَا فَاجْتَبَتْهُمْ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّ غَرَضُهَا مِنْ مَنْعِ بَعْثِ الْحُرِّ إِكْرَامُ الْحُرِّ وَإِيصَالُ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهِ فِي ذَلِكَ لَا تَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهَا لَوْ هَلَكَ بِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِخْدَامِ الْأَحْرَارِ وَأَوْلَادِ الْجِيرَانِ فِيمَا لَا كَبِيرَ مَشَقَّةٍ فِيهِ وَلَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْوَصَايَا



[ قــ :6546 ... غــ :6911] قَوْله عَن عبد الْعَزِيز هُوَ بن صُهَيْبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْسُوبًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَمُنَاسَبَةُ أَثَرِ أُمِّ سَلَمَةَ لِقِصَّةِ أَنَسٍ أَنَّ فِي كُلِّ مِنْهُمَا اسْتِخْدَامَ الصَّغِيرِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْعُرْفِ السَّائِغِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ الْعَبِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِرِضَا السَّادَةِ بِاسْتِخْدَامِ عَبِيدِهِمْ فِي الْأَمْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَحْرَارِ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِمْ بِالْخِدْمَةِ كَمَا يُتَصَرَّفُ فِي الْعَبِيدِ.
وَأَمَّا قِصَّةُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَفَالَةِ أُمِّهِ فَرَأَتْ لَهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يَخْدُمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْصِيلِ النَّفْعِ الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ فَأَحْضَرَتْهُ وَكَانَ زَوْجُهَا مَعَهَا فَنَسَبَ الْإِحْضَارَ إِلَيْهَا تَارَةً وَإِلَيْهِ أُخْرَى وَهَذَا صَدَرَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَوَّلَ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ حُسْنِ الْخُلُقِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَاضِحًا وَكَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ فِي إِحْضَارِ أَنَسٍ قِصَّةٌ أُخْرَى وَذَلِكَ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ هُنَاكَ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ الْتَمِسْ لِي غُلَامًا يَخْرُجُ مَعِي فَأَحْضَرَ لَهُ أَنَسًا وَقَدْ بَيَّنْتُ وَجْهَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ أَيْضًا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْخِدْمَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْإِعَانَةِ وَقَولُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا كَذَا وَقَعَ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ وَهُوَ فِي الاثبات وَاضح واما النَّفْي فَقَالَ بن التِّينِ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَلُمْهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ عَلَى شَيْءٍ فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ تَجَوُّزًا عَنْهُ وَحِلْمًا وَلَا لَامَهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ خَشْيَةً مِنْ أَنَسٍ أَنْ يُخْطِئَ فِيهِ لَوْ فَعَلَهُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ هَذَا هَكَذَا لِأَنَّهُ كَمَا صَفَحَ عَنْهُ فِيمَا فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ صَفَحَ عَنْهُ فِيمَا لَمْ يَفْعَلْهُ خَشْيَةَ وُقُوعِ الْخَطَإِ مِنْهُ وَلَوْ فَعَلَهُ نَاقِصًا عَنْ إِرَادَتِهِ لَصَفَحَ عَنْهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَخْفَى تكلفه وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق بن جريج قَالَ أَخْبرنِي إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ رَاوِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ لِمَ لَمْ تَفْعَلْهُ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الاصاغر فان بن علية مَشْهُور بالرواية عَن بن جريج فروى بن جريج هُنَا عَن تِلْمِيذه