فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه

( قَولُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ)
وَقَولُهُ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى مِنَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى تَرْجِيحِ بَعْضِ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهَا وَقَدْ ذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَة الْمَائِدَة وترجيح بن الْمُنِيرِ أَنَّهُ فِي كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِيهِ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي سَاقَهَا فِي الْبَابِ تُؤَيِّدُهُ وَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ إِلَى أَنْ تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسْأَلَةُ فِي جَوَابِهِ وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَعْدٍ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ أُمِنَ وُقُوعُهُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدٍ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ.

     وَقَالَ  سَنَدُهُ صَالِحٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يَنْسَى شَيْئًا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا كَانَ رَبك نسيا وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَآخَرُ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْغَافِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَضَى فِي قصَّة اللّعان من حَدِيث بن عُمَرَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَلِمُسْلِمٍ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً بِالْمَدِينَةِ مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا فَاسْتَمَرَّ بِتِلْكَ الصُّورَةِ لِيُحَصِّلَ الْمَسَائِلَ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صِفَةِ الْوَفْدِ إِلَى اسْتِمْرَارِ الْإِقَامَةِ فَيَصِيرَ مُهَاجِرًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالنَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ غَيْرُ الْأَعْرَابِ وُفُودًا كَانُوا أَوْ غَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء الْآيَةَ كُنَّا قَدِ اتَّقَيْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيًّا فَرَشَوْنَاهُ بُرْدًا وَقُلْنَا سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي يَعْلَى عَنِ الْبَرَاءِ إِنْ كَانَ لَيَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ أُرِيدَ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّيْءِ فَأَتَهَيَّبُ وَإِنْ كُنَّا لَنَتَمَنَّى الْأَعْرَابَ أَيْ قُدُومَهُمْ لِيَسْأَلُوا فيسمعوهم أَجْوِبَةَ سُؤَالَاتِ الْأَعْرَابِ فَيَسْتَفِيدُوهَا.
وَأَمَّا مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ أَسْئِلَةِ الصَّحَابَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُهُ أَوْ مَا لَهُمْ بِمَعْرِفَتِهِ حَاجَةٌ رَاهِنَةٌ كَالسُّؤَالِ عَنِ الذَّبْحِ بِالْقَصَبِ وَالسُّؤَالِ عَنْ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ إِذَا أَمَرُوا بِغَيْرِ الطَّاعَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْمَلَاحِمِ وَالْفِتَنِ وَالْأَسْئِلَةِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ كَسُؤَالِهِمْ عَنِ الْكَلَالَةِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْيَتَامَى وَالْمَحِيضِ وَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِالْآيَةِ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ أَخَذُوهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَثْرَةَ السُّؤَالِ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بِمَا يَشُقُّ فَحَقُّهَا أَنْ تُجْتَنَبَ وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فِي أَوَائِلِ مُسْنَدِهِ لِذَلِكَ بَابًا وَأَوْرَدَ فِيهِ عَنِ جمَاعَة مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ آثَارًا كَثِيرَةً فِي ذَلِكَ مِنْهَا عَن بن عُمَرَ لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَلْعَنُ السَّائِلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ وَعَنْ عُمَرَ أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ لَنَا فِيمَا كَانَ شُغْلًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يَقُولُ كَانَ هَذَا فَإِنْ قِيلَ لَا قَالَ دَعُوهُ حَتَّى يَكُونَ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَنْ عَمَّارٍ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَرْفُوعا وَمن طَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ رَفَعَهُ لَا تُعَجِّلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَفْعَلُوا لَمْ يَزَلْ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ إِذَا قَالَ سُدِّدَ أَوْ وُفِّقَ وَإِنْ عَجَّلْتُمْ تَشَتَّتَ بِكُمُ السُّبُلُ وَهُمَا مُرْسَلَانِ يُقَوِّي بَعْضٌ بَعْضًا وَمِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ عَنْ أَشْيَاخِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَا يَزَالُ فِي أُمَّتِي مَنْ إِذَا سُئِلَ سُدِّدَ وَأُرْشِدَ حَتَّى يَتَسَاءَلُوا عَمَّا لَمْ يَنْزِلْ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبَحْثَ عَمَّا لَا يُوجَدُ فِيهِ نَصٌّ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْحَثَ عَنْ دُخُولِهِ فِي دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى اخْتِلَافِ وُجُوهِهَا فَهَذَا مَطْلُوبٌ لَا مَكْرُوهٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ فَرْضًا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ ثَانِيهُمَا أَنْ يُدَقِّقَ النَّظَرَ فِي وُجُوهِ الْفُرُوقِ فَيُفَرِّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ بِفَرْقٍ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي الشَّرْعِ مَعَ وُجُودِ وَصْفِ الْجَمْعِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقَيْنِ بِوَصْفٍ طَرْدِيٍّ مَثَلًا فَهَذَا الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَرَأَوْا أَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الزَّمَانِ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَمِثْلُهُ الْإِكْثَارُ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى مَسْأَلَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَهِيَ نَادِرَةُ الْوُقُوعِ جِدًّا فَيَصْرِفُ فِيهَا زَمَانًا كَانَ صَرْفُهُ فِي غَيْرِهَا أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا إِنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ إِغْفَالُ التَّوَسُّعِ فِي بَيَانِ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ فِي كَثْرَةِ السُّؤَالِ الْبَحْثُ عَنْ أُمُورٍ مُغَيَّبَةٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْإِيمَانِ بِهَا مَعَ تَرْكِ كَيْفِيَّتِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَكُونُ لَهُ شَاهِدٌ فِي عَالَمِ الْحِسِّ كَالسُّؤَالِ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ وَعَنِ الرُّوحِ وَعَنْ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالنَّقْلِ الصِّرْفِ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوقِعُ كَثْرَةُ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي الشَّكِّ وَالْحِيرَةِ وَسَيَأْتِي مِثَالُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ وَهُوَ ثَامِنُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِثَالُ التَّنَطُّعِ فِي السُّؤَالِ حَتَّى يُفْضِيَ بِالْمَسْئُولِ إِلَى الْجَوَابِ بِالْمَنْعِ بَعْدَ أَنْ يُفْتَى بِالْإِذْنِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ السِّلَعِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْأَسْوَاقِ هَلْ يُكْرَهُ شِرَاؤُهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ قَبْلِ الْبَحْثِ عَنْ مَصِيرِهَا إِلَيْهِ أَوْ لَا فَيُجِيبُهُ بِالْجَوَازِ فَإِنْ عَادَ فَقَالَ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ غَصْبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَقْتُ قَدْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُجِيبَهُ بِالْمَنْعِ وَيُقَيِّدُ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ وَإِنْ تَرَدَّدَ كُرِهَ أَوْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَوْ سَكَتَ السَّائِلُ عَنْ هَذَا التَّنَطُّعِ لَمْ يَزِدِ الْمُفْتِي عَلَى جَوَابِهِ بِالْجَوَازِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمَنْ يَسُدُّ بَابَ الْمَسَائِلِ حَتَّى فَاتَهُ مَعْرِفَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فَإِنَّهُ يَقِلُّ فَهْمُهُ وَعِلْمُهُ وَمَنْ تَوَسَّعَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ وَتَوْلِيدِهَا وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَقِلُّ وُقُوعُهُ أَوْ يَنْدُرُ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ وَالْمُغَالَبَةُ فَإِنَّهُ يُذَمُّ فِعْلُهُ وَهُوَ عَيْنُ الَّذِي كَرِهَهُ السَّلَفُ وَمَنْ أَمْعَنَ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ مُحَافِظًا عَلَى مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَحَصَّلَ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَعَنْ مَعَانِي السُّنَّةِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ مِنْهَا فَإِنَّهُ الَّذِي يُحْمَدُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ عَمَلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى حَدَثَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَعَارَضَتْهَا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ وَتَوَلَّدَتِ الْبَغْضَاءُ وَتَسَمَّوْا خُصُومًا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينٍ وَاحِدٍ وَالْوَاسِطُ هُوَ الْمُعْتَدِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ يَجُرُّ إِلَى عَدَمِ الِانْقِيَادِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ تَقْسِيمُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ.
وَأَمَّا الْعَمَلُ بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّشَاغُلُ بِهِ فَقَدْ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي أَيِّهِمَا أَوْلَى وَالْإِنْصَافُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا زَادَ عَلَى مَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ فَرْضُ عَيْنٍ فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ قُوَّةً عَلَى الْفَهْمِ وَالتَّحْرِيرِ فَتَشَاغُلُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَتَشَاغُلِهِ بِالْعِبَادَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي وَمَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ قُصُورًا فَإِقْبَالُهُ عَلَى الْعِبَادَةِ أَوْلَى لِعُسْرِ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَوْ تَرَكَ الْعِلْمَ لَأَوْشَكَ أَنْ يُضَيِّعَ بَعْضَ الْأَحْكَامِ بِإِعْرَاضِهِ وَالثَّانِي لَوْ أَقْبَلَ عَلَى الْعِلْمِ وَتَرَكَ الْعِبَادَةَ فَاتَهُ الْأَمْرَانِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْأَوَّلِ لَهُ وَإِعْرَاضِهِ بِهِ عَنِ الثَّانِي وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ ثُمَّ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ بَعْضُهَا يَتَعَلَّقُ بِكَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَبَعْضُهَا يَتَعَلَّقُ بِتَكْلِيفِ مَا لَا يَعْنِي السَّائِلَ وَبَعْضُهَا بِسَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي وَكَذَا الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْخَامِسُ



[ قــ :6897 ... غــ :7289] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ بن أَبِي أَيُّوبَ كَذَا وَقَعَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي نُعَيْمٍ وَهُوَ الْخُزَاعِيُّ الْمِصْرِيُّ يُكْنَى أَبَا يَحْيَى وَاسْمُ أَبِي أَيُّوبَ مِقْلَاصٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ كَانَ سَعِيدٌ ثِقَةً ثَبْتًا.

     وَقَالَ  بن يُونُس كَانَ فَقِيها وَنقل عَن بن وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ كَانَ فَهِمًا.

قُلْتُ وَرِوَايَته عَن عقيل وَهُوَ بن خَالِدٍ تَدْخُلُ فِي رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ فَإِنَّهُ مِنْ طَبَقَتِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ معمر وَيُونُس وبن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم بن سعد كلهم عَن بن شِهَابٍ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ثمَّ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ عَظِيمًا ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ جُرْمًا لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ نَفْسَهُ جُرْمٌ قَالَ وَقَولُهُ فِي الْمُسْلِمِينَ أَيْ فِي حَقِّهِمْ .

     قَوْلُهُ  عَنْ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَمْرٍ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يُحَرَّمْ زَادَ مُسْلِمٌ عَلَى النَّاسِ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَقَّرَ عَنْهُ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ بَالَغَ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ وَالِاسْتِقْصَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَحُرِّمَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَزَادَ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَلَى النَّاسِ وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ الْأَمْرِ فَيَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَلَالٌ فَلَا يَزَالُونَ يَسْأَلُونَهُ عَنهُ حَتَّى يحرم عَلَيْهِم قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَتَمَسَّكُ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ فِي أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَهُوَ فَاعِلُ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ كُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِهِ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْذِيرِ مِمَّا ذَكَرَ فَعِظَمُ جُرْمِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْكَارِهِينَ لِفِعْلِهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ لَا يُنْكِرُونَ إِمْكَانَ التَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ وُجُوبَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّرُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ إِنْ سُئِلَ عَنْهُ فَقَدْ سَبَقَ الْقَضَاءُ بِذَلِكَ لَا أَنَّ السُّؤَالَ عِلّة للتَّحْرِيم.

     وَقَالَ  بن التِّينِ قِيلَ الْجُرْمُ اللَّاحِقُ بِهِ إِلْحَاقُ الْمُسْلِمِينَ الْمَضَرَّةَ لِسُؤَالِهِ وَهِيَ مَنْعُهُمُ التَّصَرُّفَ فِيمَا كَانَ حَلَالًا قَبْلَ مَسْأَلَتِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْمُرَادُ بِالْجُرْمِ هُنَا الْحَدَثُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْإِثْمِ الْمُعَاقَبِ عَلَيْهِ لِأَنَّ السُّؤَالَ كَانَ مُبَاحًا وَلِهَذَا قَالَ سَلُونِي.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ هَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ بَلْ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالتَّيْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُرْمِ الْإِثْمُ وَالذَّنْبُ وَحَمَلُوهُ عَلَى مَنْ سَأَلَ تَكَلُّفًا وَتَعَنُّتًا فِيمَا لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ إِلَيْهِ وَسَبَبُ تَخْصِيصِهِ ثُبُوتُ الْأَمْرِ بِالسُّؤَالِ عَمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى فاسألوا أهل الذّكر فَمَنْ سَأَلَ عَنْ نَازِلَةٍ وَقَعَتْ لَهُ لِضَرُورَتِهِ إِلَيْهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا عَتْبَ فَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرِ بِالسُّؤَالِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ مَخْصُوصٌ بِجِهَةٍ غَيْرِ الْأُخْرَى قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ عَمِلَ شَيْئًا أَضَرَّ بِهِ غَيْرَهُ كَانَ آثِمًا وَسَبَكَ مِنْهُ الْكِرْمَانِيُّ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ السُّؤَالُ لَيْسَ بِجَرِيمَةٍ وَلَئِنْ كَانَتْ فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ وَلَئِنْ كَانَتْ فَلَيْسَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الشَّيْءِ بِحَيْثُ يَصِيرُ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مُبَاحٍ هُوَ أَعْظَمُ الْجُرْمِ لِأَنَّهُ صَارَ سَبَبًا لِتَضْيِيقِ الْأَمْرِ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ فَالْقَتْلُ مَثَلًا كَبِيرَةٌ وَلَكِنْ مَضَرَّتُهُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْمَقْتُولِ وَحْدَهُ أَوْ إِلَى مَنْ هُوَ مِنْهُ بِسَبِيلٍ بِخِلَافِ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَضَرَرُهَا عَامٌّ لِلْجَمِيعِ وَتَلَقَّى هَذَا الْأَخِيرُ مِنَ الطِّيبِيِّ اسْتِدْلَالًا وَتَمْثِيلًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ أَنَّ السُّؤَالَ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا صَارَ كَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَيَتَرَتَّبٌ عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَيَتَعَدَّى ضَرَرُهُ بِعِظَمِ الْإِثْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْحَجِّ أَفِي كُلِّ عَامٍ لَوْ.

قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ ثُمَّ تَرَكْتُمْ لَضَلَلْتُمْ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَوْ تَرَكْتُمُوهُ لَكَفَرْتُمْ وَبِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِثْلُهُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْكُفْرِ إِمَّا عَلَى مَنْ جَحَدَ الْوُجُوبَ فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِمَّا عَلَى مَنْ تَرَكَ مَعَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ عِظَمُ الذَّنْبِ بِحَيْثُ يَجُوزُ وَصْفُ مَنْ كَانَ السَّبَبُ فِي وُقُوعِهِ بِأَنَّهُ وَقَعَ فِي أَعْظَمِ الذُّنُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :6898 ... غــ :790] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا إِسْحَاق هُوَ بن مَنْصُورٍ لِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ إِنَّمَا يَقُولُ أَنَا وَلِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ عَفَّانَ وَلَوْ كَانَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ لَمَا عَدَلَ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  اتَّخَذَ حُجْرَةً بِالرَّاءِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي بِالزَّايِ وَهُمَا بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  مِنْ صَنِيعِكُمْ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ صُنْعِكُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ فَذَكَرَ أَبْوَابَ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَسَاقَهُ هُنَاكَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ وُهَيْبٍ وَتَقَدَّمَتْ سَائِرُ فَوَائِدِهِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي مَعْنَاهُ فِي بَابِ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُفْهَمُ مِنْ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعُوا مِنْ تَكَلُّفِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِيهِ مِنَ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ الْحَدِيثُ الثَّالِث وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الرَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ عُرِفَ مِنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُرَادَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا تسألوا عَن أَشْيَاء وَمِنْهَا سُؤَالُ مَنْ سَأَلَ أَيْنَ نَاقَتِي وَسُؤَالُ مَنْ سَأَلَ عَنِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَسُؤَالُ مَنْ سَأَلَ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ وَسُؤَالُ مَنْ سَأَلَ عَنِ الْحَجِّ أَيَجِبُ كُلَّ عَامٍ وَسُؤَالُ مَنْ سَأَلَ أَنْ يُحَوِّلَ الصَّفَا ذَهَبًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَغَيْرِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ فِي الدَّعَوَاتِ وَفِي الْفِتَنِ سَأَلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفُوهُ بِالْمَسْأَلَةِ وَمَعْنَى أَحْفُوهُ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ أَكْثَرُوا عَلَيْهِ حَتَّى جَعَلُوهُ كَالْحَافِي يُقَالُ أَحْفَاهُ فِي السُّؤَالِ إِذَا أَلَحَّ عَلَيْهِ





[ قــ :6899 ... غــ :791] .

     قَوْلُهُ  وقَال سَلُونِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْم حتم صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقْتَ وُقُوعِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَلَفْظُهُ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي بَيَّنَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ اسْمَهُ وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ سَبَبَ سُؤَالِهِ قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى أَيْ خَاصَمَ دُعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَذَكَرْتُ اسْمَ السَّائِلِ الثَّانِي وَأَنَّهُ سَعْدٌ وَإِنِّي نَقَلْتُهُ مِنْ تَرْجَمَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالح من تمهيد بن عَبْدِ الْبَرِّ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ بَعْدَ حَدِيثَيْنِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مُدْخَلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّارُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ كَأَنَّهُمْ أَبْهَمُوهُ عَمْدًا لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ ولِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي فِرَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فِي الْجَنَّةِ أَنَا قَالَ فِي الْجَنَّةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الآخر وَنقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُهُ وَلَوْ سَأَلَنِي عَنْ أَبِيهِ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَذَكَرَ فِيهِ عِتَابَ أُمِّهِ لَهُ وَجَوَابَهُ وَذَكَرَ فِيهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَسَأَلَ عَنِ الْحَجِّ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ فَقَامَ سَعْدٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَقَالَ مَنْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْتَ سَعْدُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى شَيْبَةَ وَفِيهِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَقَالَ أَيْنَ أَنَا قَالَ فِي النَّارِ فَذَكَرَ قِصَّةَ عُمَرَ قَالَ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء الْآيَةَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِيلَ.

     وَقَالَ  وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَتَّضِحُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ سَبَبُ نُزُولِ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ فَإِنَّ الْمُسَاءَةَ فِي حَقِّ هَذَا جَاءَتْ صَرِيحَةً بِخِلَافِهَا فِي حَقِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ فَإِنَّهَا بِطَرِيقِ الْجَوَازِ أَيْ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ فَبَيَّنَ أَبَاهُ الْحَقِيقِيَّ لَافْتَضَحَتْ أُمُّهُ كَمَا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ أُمُّهُ حِينَ عَاتَبَتْهُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَضَبِ بَيَّنَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ فَهِمُوا ذَلِكَ فَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي وَزَادَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ الْمَاضِيَةِ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ فغطوا رؤوسهم لَهُم حنين زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ زَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتِهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَفِي مُرْسَلِ السُّدِّيِّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ.

     وَقَالَ  رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا فَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْجَمَةِ مُرَاقَبَةُ الصَّحَابَةِ أَحْوَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشِدَّةُ إِشْفَاقِهِمْ إِذَا غَضِبَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ يَعُمُّ فَيَعُمَّهُمْ وَإِدْلَالُ عُمَرَ عَلَيْهِ وَجَوَازُ تَقْبِيلِ رِجْلِ الرَّجُلِ وَجَوَازُ الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَبُرُوكُ الطَّالِبِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَكَذَا التَّابِعُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَتْبُوعِ إِذَا سَأَلَهُ فِي حَاجَةٍ وَمَشْرُوعِيَّةُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ عِنْدَ وُجُودِ شَيْءٍ قَدْ يَظْهَرُ مِنْهُ قَرِينَةُ وُقُوعِهَا وَاسْتِعْمَالُ الْمُزَاوَجَةِ فِي الدُّعَاءِ فِي قَوْلِهِ اعْفُ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وَإِلَّا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ قَبْلَ ذَلِك قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ فَقَالَ مَا أَدْرِي أَنَهَى عَنِ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ أَوْ عَنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ الْمَالَ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ لَا حَيْثُ يَجُوزُ وَلَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ قَالَ وَقِيلَ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الشَّيْءِ وَيُلِحُّونَ فِيهِ إِلَى أَنْ يُحَرَّمَ قَالَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةُ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ وَالْأُغْلُوطَاتِ وَالتَّوْلِيدَاتِ كَذَا قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْإِلْمَامُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ





[ قــ :6900 ... غــ :79] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيل وَعبد الْملك هُوَ بن عُمَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَتَبَ إِلَيْهِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَفْرَدَ كَثِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ أَحَدَ الْحَدِيثَيْنِ عَنِ الْآخَرِ وَالْغَرَضُ مِنْ إِيرَادِهِ هُنَا أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ.

     وَقَالَ  وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي الْمُرَادِ بِكَثْرَةِ السُّؤَالِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْمَالِ أَوْ بِالْأَحْكَامِ أَوْ لِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ لَكِنْ فِيمَا لَيْسَ لِلسَّائِلِ بِهِ احْتِيَاجٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فِي الدَّعَوَاتِ وَالثَّانِي فِي الرِّقَاقِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ





[ قــ :690 ... غــ :793] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ قَرَأَ فَاكِهَة وَأَبا فَقَالَ مَا الْأَبُّ ثُمَّ قَالَ مَا كُلِّفْنَا أَوْ قَالَ مَا أُمِرْنَا بِهَذَا.

قُلْتُ هُوَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ ثَابِتٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ قَوْلِهِ وَفَاكِهَةً وَأَبا مَا الْأَبُّ فَقَالَ عُمَرُ نُهِينَا عَنِ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ وَهَذَا أَوْلَى أَنْ يُكْمَلَ بِهِ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَوْلَى مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ عَنْ أَنَسٍ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعُ رِقَاعٍ فَقَرَأَ وَفَاكِهَة وَأَبا فَقَالَ هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْأَبُّ ثُمَّ قَالَ مَهْ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ بِهَذَا السَّنَدِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بَدَلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.

     وَقَالَ  بَعْدَ قَوْلِهِ فَمَا الْأَبُّ ثُمَّ قَالَ يَا بن أُمِّ عُمَرَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَدْرِيَ مَا الْأَبُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ سَمِعَ مِنَ الْحَمَّادَيْنِ لَكِنَّهُ اخْتَصَّ بِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَإِذَا أَطْلَقَ قَوْلَهُ حَدَّثَنَا حَمَّاد فَهُوَ بن زَيْدٍ وَإِذَا رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ نَسَبَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَأَبًّا قَالَ كُلُّ هَذَا قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الْأَبُّ ثُمَّ رَمَى عَصًا كَانَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ اتَّبِعُوا مَا بُيِّنَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ اتَّبِعُوا مَا بُيِّنَ لَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَفِي لَفْظٍ مَا بُيِّنَ لَكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِهِ وَمَا لَا فَدَعُوهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ فَاكِهَةً وَأَبًّا فَلَمَّا رَآهُمْ عُمَرُ يَقُولُونَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالدِّرَّةِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا فَقِيلَ مَا الْأَبُّ فَقِيلَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي أَوْ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إِذَا.

قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِمَا لَا أَعْلَمُ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ النَّخَعِيِّ وَالصِّدِّيقِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سُئِلَ عَنِ الْأَبِّ مَا هُوَ فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا لَكِنَّ أَحَدَهُمَا يُقَوِّي الْآخَرَ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَرَأَ عُمَرُ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ كَذَا فَقَالَ عُمَرُ دَعُونَا مِنْ هَذَا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنَا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أنس كَذَلِك وَقد جَاءَ ان بن عَبَّاسٍ فَسَّرَ الْأَبَّ عِنْدَ عُمَرَ فَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير قَالَ كَانَ عمر يدني بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَ الْقِصَّةِ الْمَاضِيَةِ فِي تَفْسِيرِ إِذا جَاءَ نصر الله وَفِي آخِرِهَا.

     وَقَالَ  تَعَالَى أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صبا إِلَى قَوْلِهِ وَأَبًّا قَالَ فَالسَّبْعَةُ رِزْقٌ لِبَنِي آدَمَ وَالْأَبُّ مَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْأَبُّ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ وَلَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ وَأَخْرَجَ عَنْ عِدَّةٍ مِنَ التَّابِعِينَ نَحْوَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ الْأَبُّ الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ وَهَذَا أخرجه بن أبي حَاتِم بِلَفْظ وَفَاكِهَة وَأَبا قَالَ الثِّمَارُ الرَّطْبَةُ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ وَالْيَابِسَةُ فَقَدْ أَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ الْأَبُّ الْحَشِيشُ لِلْبَهَائِمِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ أَبٌّ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ الْأَبُّ كُلُّ شَيْءٍ أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ سِوَى الْفَاكِهَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنَ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْأَبَّ مُطْلَقُ الْمَرْعَى وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ لَهُ دَعْوَةٌ مَيْمُونَةٌ رِيحُهَا الصَّبَا بِهَا يُنْبِتُ اللَّهُ الْحَصِيدَةَ وَالْأَبَا وَقِيلَ الْأَبُّ يَابِسُ الْفَاكِهَةِ وَقِيلَ إِنَّهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ خَفَاؤُهُ عَلَى مِثْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ تَنْبِيهٌ فِي إِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي آخِرِ الْبَابِ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ أُمِرْنَا وَنُهِينَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَلَوْ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ وَحَذَفَ الْقِصَّةَ الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الثَّالِثِ وَكَذَا الرَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ الرَّابِعِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَسَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ مَعْمَرٍ وَفِي بَابِ وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ شُعَيْبٍ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَوَقَعَ هُنَا فَأَكْثَرَ الْأَنْصَارُ الْبُكَاءَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ فَأَكْثَرَ النَّاسُ وَهِيَ الصَّوَابُ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ هُنَا فَذَكَرَ السَّاعَةَ وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا وَزَادَ هُنَا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مُدْخَلِي إِلَخْ وَوَقَعَ هُنَا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدٌ نَبِيًّا وَوَقَعَ هُنَا فَسَكَتَ حِينَ قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى وَسَقَطَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ قَالَ الْمُبَرِّدُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَفْلَتَ مِنْ مُعْضِلَةٍ أَوْلَى لَكَ أَيْ كِدْتَ تَهْلِكَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ مُوسَى عَنْهُ وَأَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ





[ قــ :6905 ... غــ :796] قَوْله وَرْقَاء بقاف مَمْدُود هُوَ بن عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ وَشَيْخُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن هُوَ بن مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو طُوَالَةَ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ .

     قَوْلُهُ  لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي يَسْأَلُونَ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا وَهُوَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَيْضًا يَأْتِي الشَّيْطَانُ الْعَبْدَ أَوْ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ فَيَقُولَ اللَّهُ وَلِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَلَقَنَا وَلَهُ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْهُ حَتَّى يَقُولُوا اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَفِي رِوَايَةِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الله عز وَجل ان أمنك لَا تَزَالُ تَقُولُ مَا كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ وَلِلْبَزَّارِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَقُولُونَ كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَمن كَانَ قَبْلُهُ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ .

     قَوْلُهُ  هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَفْعُولًا وَالْمَعْنَى حَتَّى يُقَالَ هَذَا الْقَوْلُ وَأَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ هَذَا الْأَمْرُ قَدْ عُلِمَ وَعَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ يَعْنِي رِوَايَةَ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ هَذَا اللَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَوْ هَذَا مُبْتَدأ وَالله عطف بَيَان وَخلق الْخَلْقَ خَبَرُهُ قَالَ الطِّيبِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَكِنَّ تَقْدِيرَهُ هَذَا مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ وَهُوَ شَيْءٌ وَكُلُّ شَيْءٍ مَخْلُوقٌ فَمَنْ خَلَقَهُ فَيَظْهَرُ تَرْتِيبُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ عَلَى مَا قَبْلَهَا .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فِي رِوَايَةِ بَدْءِ الْخَلْقِ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ وَزَادَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّه وَزَاد فِي أُخْرَى وَرُسُله وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقُولُوا اللَّهُ أحد الله الصَّمد السُّورَةَ ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ لِيَسْتَعِذْ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ الْأَوَّلِ وَزَادَ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَنِي نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَذَكَرَ سُؤَالَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ رَمَاهُمْ بِالْحَصَا.

     وَقَالَ  صَدَقَ خَلِيلِي وَلَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صدق الله وَرَسُوله قَالَ بن بَطَّالٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَمِّ كَثْرَةِ السُّؤَالِ لِأَنَّهَا تُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ كَالسُّؤَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَنْشَأُ إِلَّا عَنْ جَهْلٍ مُفْرِطٍ وَقَدْ وَرَدَ بِزِيَادَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَ الصَّحَابِيُّ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا الشَّيْءَ يَعْظُمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ مَا نُحِبُّ أَنَّ لَنَا الدُّنْيَا وَأَنَّا تَكَلَّمْنَا بِهِ فَقَالَ أوقد وَجَدْتُمُوهُ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالْأَمْرِ لَأَنْ أَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ ثُمَّ نَقَلَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادَ بِصَرِيحِ الْإِيمَانِ هُوَ الَّذِي يَعْظُمُ فِي نُفُوسِهِمْ إِنْ تَكَلَّمُوا بِهِ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ قَبُولِ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَعَاظَمْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى أَنْكَرُوهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَسْوَسَةَ نَفْسَهَا صَرِيحُ الْإِيمَانِ بَلْ هِيَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ وَكَيْدِهِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا الشَّيْءَ أَيِ الْقَبِيحَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَقَولُهُ يَعْظُمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ أَيْ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ أَنْ نَعْتَقِدَهُ وَقَولُهُ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ أَيْ عِلْمُكُمْ بِقَبِيحِ تِلْكَ الْوَسَاوِسِ وَامْتِنَاعُ قَبُولِكُمْ وَوُجُودُكُمُ النَّفْرَةَ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى خُلُوصِ إِيمَانِكُمْ فَإِنَّ الْكَافِرَ يُصِرُّ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الْمُحَالِ وَلَا يَنْفِرُ عَنْهُ وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ أَيْ يَتْرُكُ التَّفَكُّرَ فِي ذَلِكَ الْخَاطِرِ وَيَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ إِذَا لَمْ يَزُلْ عَنْهُ التَّفَكُّرُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ بِاسْتِغْنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا يُوَسْوِسُهُ الشَّيْطَانُ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَحْتَاجُ لِلِاحْتِجَاجِ وَالْمُنَاظَرَةِ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ فَمَهْمَا عُورِضَ بِحُجَّةٍ يَجِدْ مَسْلَكًا آخَرَ مِنَ الْمُغَالَطَةِ وَالِاسْتِرْسَالِ فَيُضَيِّعِ الْوَقْتَ إِنْ سَلِمَ مِنْ فِتْنَتِهِ فَلَا تَدْبِيرَ فِي دَفْعِهِ أَقْوَى مِنَ الْإِلْجَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فاستعذ بِاللَّه الْآيَةَ.

     وَقَالَ  فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ فَلْيَقُلِ اللَّهُ الْأَحَدُ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ مُنَبِّهَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا أَمَّا أَحَدٌ فَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ وَلَا مِثْلَ فَلَوْ فُرِضَ مَخْلُوقًا لَمْ يَكُنْ أَحَدًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّوْحِيدِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ .

     قَوْلُهُ  صَرِيحُ الْإِيمَانِ يَعْنِي الِانْقِطَاعُ فِي إِخْرَاجِ الْأَمْرِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَلَا بُدَّ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ إِيجَابِ خَالِقٍ لَا خَالِقَ لَهُ لِأَنَّ الْمُتَفَكِّرَ الْعَاقِلَ يَجِدُ لِلْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا خَالِقًا لِأَثَرِ الصَّنْعَةِ فِيهَا وَالْحَدَثِ الْجَارِي عَلَيْهَا وَالْخَالِقُ بِخِلَافِ هَذِهِ الصِّفَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهَا خَالِقٌ لَا خَالِقَ لَهُ فَهَذَا هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ لَا الْبَحْثُ الَّذِي هُوَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْحيرَة.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ فَإِنْ قَالَ الْمُوَسْوِسُ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَخْلُقَ الْخَالِقُ نَفْسَهُ قِيلَ لَهُ هَذَا يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا لِأَنَّكَ أَثْبَتَّ خَالِقًا وَأَوْجَبْتَ وُجُودَهُ ثُمَّ قُلْتَ يَخْلُقُ نَفْسَهُ فَأَوْجَبْتَ عَدَمَهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فَاسِدٌ لِتَنَاقُضِهِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ يَتَقَدَّمُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِ فِعْلِهِ فَيَسْتَحِيلُ كَون نَفسه فعلا لَهُ قَالَ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي حَلِّ هَذِهِ الشُّبْهَةِ وَهُوَ يُفْضِي إِلَى صَرِيحِ الْإِيمَانِ انْتَهَى مُلَخَّصًا مُوَضَّحًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَعَزْوُهُ إِلَيْهِ أَوْلَى وَلَفْظُهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَأخرج بعده من حَدِيث بن مَسْعُودٍ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَسْوَسَةِ فَقَالَ تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ وَحَدِيثُ بن عَبَّاس أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حبَان.

     وَقَالَ  بن التِّينِ لَوْ جَازَ لِمُخْتَرِعِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُخْتَرِعٌ لَتَسَلْسَلَ فَلَا بُدَّ مِنَ الِانْتِهَاءِ إِلَى مُوجِدٍ قَدِيمٍ وَالْقَدِيمُ مَنْ لَا يَتَقَدَّمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَصِحُّ عَدَمُهُ وَهُوَ فَاعِلٌ لَا مَفْعُولٌ وَهُوَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ ثَبَتَ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ بِالدَّلِيلِ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ وَالطَّرِيقُ إِلَيْهَا بِالسُّؤَالِ عَنْهَا مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّهَا مُقَدِّمَتُهَا لَكِنْ لَمَّا عُرِفَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْخَالِقَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ بِالْكَسْبِ الَّذِي يُقَارِبُ الصِّدْقَ كَانَ السُّؤَالُ عَنْ ذَلِكَ تَعَنُّتًا فَيَكُونُ الذَّمُّ يَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَإِلَّا فَالتَّوَصُّلُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ عَنْهُ صَرِيحُ الْإِيمَانِ إِذْ لَا بُد من الِانْقِطَاع إِلَى من يَكُونُ لَهُ خَالِقٌ دَفْعًا لِلتَّسَلْسُلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْوُجُوبِ يَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَيُقَالُ إِنَّ نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ الرَّشِيدِ فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ صَاحِبِ الْهِنْدِ وَأَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ هَلْ يَقْدِرُ الْخَالِقُ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ فَسَأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ فَبَدَرَ شَابٌّ فَقَالَ هَذَا السُّؤَالُ مُحَالٌ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ مُحْدَثٌ وَالْمُحْدَثُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الْقَدِيمِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يُقَالَ يَقْدِرُ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ أَوْ لَا يَقْدِرُ كَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ فِي الْقَادِرِ الْعَالِمِ يَقْدِرُ أَنْ يصير عَاجِزا جَاهِلا الحَدِيث التَّاسِع حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي سُؤَالِ الْيَهُودِ عَنِ الرُّوحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ سُبْحَانَ وَقَولُهُ





[ قــ :6906 ... غــ :797] فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَامَ سَاعَةً فَنَظَرَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَتَأَخَّرْتُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ أَجَابَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَا وَقَعَ فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَسِيَرِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّ جَوَابَهُ تَأَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي سِيرَةِ بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى